تعزيز السيطرة على شرقي القدس

حجم الخط
0

لم تولد الخطة الحكومية لتعزيز السيطرة الاسرائيلية على شرقي القدس من فراغ، بل هي نتيجة تصور عام يميني يشترك فيه رئيس البلدية نير بركات ومتولي ملف القدس، نفتالي بينيت. وأساس هذا التصور هو تقليص الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ومسألة القدس الى مسائل اقتصاد وتربية وبنى تحتية. «إن الفرض الاساسي هو وجود صلة وثيقة بين مقدار ومستوى عنف السكان من شرقي القدس وبين مستوى الحياة في أحياء شرقي المدينة»، يقول الاعلان للصحافة من مكتب رئيس الوزراء. ويرى بينيت أن هذه الخطوة تدريب حي في الطريق الى تنفيذ خطته السياسية. فهو يؤمن بأنه يجب على اسرائيل أن تضم كل اراضي المنطقة ج وأن تلغي بذلك امكان انشاء دولة فلسطينية.
لكن الخطة الحكومية جاءت ايضا وبين يديها طلب أخذ يقوى من قبل سكان القدس للاندماج في دولة اسرائيل. فتوجه الجيل الشاب من القدس نحو اسرائيل يختلف جدا عن توجه آبائه. وقد عبر عن هذا المسار زيادة طلب الحصول على شهادة الثانوية العامة الاسرائيلية والجنسية، وزيادة عدد الطلاب الفلسطينيين في مؤسسات جامعية اسرائيلية وتعاون يتزايد ايضا بين الفلسطينيين وبلدية القدس وسلطات الدولة. وفي اماكن قضاء الفراغ والمجمعات التجارية في القدس يُرى من الفلسطينيين عدد أكبر مما كان من قبل في تاريخ المدينة الموحدة. وإن عوامل هذا المسار كثيرة لكن أهمها إتمام جدار الفصل الذي فصل القدس الشرقية عن جبهتها الاقتصادية والاجتماعية الداخلية الطبيعية، أعني قرى ومدن الضفة الغربية. وأفضت السنين الكثيرة التي مرت منذ كان احتلال شرقي المدينة واليأس من المسيرة السياسية الى نشوء جيل لا يعرف سوى المدينة الموحدة، ويطمح الى تحسين مستوى عيشه في الواقع الموجود بدل أن ينتظر خلاصا سياسيا.
وفي مقابل ذلك ينبغي ألا ننسى أن هذه المسارات تصاحبها مسارات مقابلة بل مضادة وهي ازدياد قوة الشعور القومي والحركات الاسلامية في شرقي المدينة. ففي الاشهر الاخيرة على أثر انهيار المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين وزيادة التوتر حول المسجد الاقصى، ارتفعت حالات العنف في شرقي المدينة. وفي آذار – نيسان من هذا العام تم احصاء 390 حالة رشق اسرائيليين بالحجارة في شرقي المدينة. وهذا العنف هو التفسير المعلن للحاجة الى الخطة. «أي أنه لو لم تكن حوادث عنف لربما ما كانت البلدية تهتم للسكان؟»، سألت أمس وبحق عضو المجلس البلدية لورا فيرتون.
إن هذا العنف ايضا هو الممهد لذراع الخطة الثانية التي قد تكون ايضا ذراعا أكثر حقيقة لأنها غير متعلقة بلجان اخرى أو بتعاون مع مؤسسات فلسطينية – إن ثلث الميزانية تقريبا مخصص لـ «زيادة الأمن الشخصي» في شرقي القدس. والقصد من ذلك، لازالة الشك، هو أمن اليهود في شرقي القدس ولا سيما المستوطنين الذين يسكنون في وسط الأحياء الفلسطينية. إن وزارة الاسكان تنفق اليوم على تأمين هذه الأحياء التي يعُد بعضها عائلات قليلا مبلغ 65 مليون شيكل كل سنة. أما أمن الفلسطينيين الشخصي ولا سيما اولئك الذين يسكنون الأحياء المقدسية خلف جدار الفصل ويعيشون في مناطق فوضى في واقع الامر فلا ينوي أحد تعزيزهم.

هآرتس 29/6/2014

نير حسون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية