تعظيم سلام للسوريين!

لا شك أن الكارثة السورية غير مسبوقة في العصر الحديث، وقد وصفتها الأمم المتحدة نفسها بأنها أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، فقد نجح نظام الأسد في تشريد أكثر من نصف الشعب السوري داخلياً وخارجياً من خلال سياسة مغولية وحشية ممنهجة ومدروسة، بدليل أن بشار الأسد نفسه قد اعترف في أحد خطاباته أن سوريا أصبحت الآن أكثر تجانساً بعد أن طرد نصف شعبها. وقد اعترف هذا المعتوه بذلك حرفياً. ولا ننسى نصيحة عصام زهر الدين الشهيرة التي أودعته إياها المخابرات السورية عندما نصح السوريين الذين تركوا سوريا بعدم العودة إلى الوطن لأن النظام وآلة القتل الأمنية ستكون لهم بالمرصاد.
وعلى الرغم من أن الرئيس المجرم اعتبر الذين بقوا في سوريا متجانسين ومن مؤيديه، إلا أنه لم ينسهم من جرائمه وتنكيله، فها هم السوريون في الداخل يعانون أسوأ كارثة معيشية في العالم بعد أن وصل أكثر من تسعين بالمائة منهم إلى تحت خط الفقر العالمي بعد انهيار الليرة المنظم، وبعد أن بات النظام يحاصرهم بلقمة عيشهم تطبيقاً لأوامر أسياده ومشغليه الخارجيين الذين سلطوه على الشعب السوري منذ عقود لتدمير سوريا وتهجير شعبها مقابل الفوز بكرسي السلطة والمليارات. لكن السوريين أبوا إلا أن يتحدوا استراتيجية التهجير والتدمير والتفقير والإذلال والتنكيل الأسدية المفضوحة. وبدل أن يستلموا ويلطموا ويندبوا حظهم العاثر في بلاد اللجوء، بدأوا يواجهون العالم بالإنجازات والنجاحات في عقر ديار الغرب نفسه. وإذا أردتم التعرف على وضع السوريين في ألمانيا وغيرها من بلاد اللجوء كالخليج وغيره من البلاد العربية، فقط انظروا إلى نتائج الطلاب والطالبات السوريات التي أصبحت حديث وسائل الإعلام الغربية قبل العربية.
«طالب سوري من أبناء محافظة دير الزور على المرتبة الأولى في الثانوية العامة في إحدى الولايات الألمانية، متفوقاً على جميع أقرانه من الألمان والأجانب». هكذا كان العنوان في صحيفة ألمانية.
وذكرت مصادر محلية العام الماضي مثلاً أن الطالب «عمر أيمن طايس الوكاع» حصل على المرتبة الأولى في الثانوية العامة بفرعها العلمي في ولاية «نيدرزاكسن» الألمانية (هانوفر) متفوقاً حتى على الطلاب الألمان، وهو من أبناء بلدة «موحسن» في دير الزور. وسبق أن حقق الطلاب السوريون في دول اللجوء تفوقاً وتميزاً على زملائهم أصحاب البلاد، وتمكنوا من إحراز مراكز متقدمة في مدارسها وجامعاتها. وشهد العام الدراسي الماضي الكثير من النماذج، فقد نال الطالبان «علاء الفراج» و«يامن أبو نبوت» من مدينة درعا المرتبة الأولى على مستوى الكويت والسعودية في امتحانات الثانوية العامة، كما حصلت الطالبة «أميرة الحمد» المنحدرة من مدينة دير الزور على المركز الأول في امتحانات الشهادة الإعدادية في مدينة «هانو« غربي ألمانيا. وحقق الطالب «محمد خليل» إنجازاً علمياً غير مسبوق للسوريين في تركيا، وذلك بعد حصوله على العلامة التامة في الشهادة المتوسطة وتفوُّقه على زملائه الأتراك والأجانب. تجدر الإشارة بالمقابل إلى أن الحرب التي شنها نظام الأسد على الشعب السوري حرمت ملايين الأطفال السوريين من التعليم، وبلغ عددهم حسب منظمة رعاية الطفولة والأمومة «اليونيسيف» ملايين الأطفال.

كل دول العالم التي حل بها اللاجئون السوريون تتغنى بنجاحاتهم ومآثرهم، بينما استهدف طاغية الشام منذ بدء الثورة الشاب السوري الواعد بالقتل والسحل والتعذيب للقضاء على كل العقول النيرة

ولم يختلف العام الحالي عن العام الماضي، فقد أبهر الطلاب السوريون العالم مرة أخرى في بلاد اللجوء بإنجازاتهم العظيمة. وقد حاز الطالب السوري عمر مجاهد الترمانيني هذا العام على العلامة التامة في امتحانات الشهادة الثانوية في دولة قطر. وقد أحرز أربعة طلاب وطالبات سوريات المراكز الاولى من العشرة الأوائل على مستوى الدولة. وكذلك في ألمانيا، فقد سلطت الصحف الألمانية الضوء على قصة ثلاث شقيقات سوريات لاجئات يقمن في مدينة كولونيا هربن من رعب القصف الأسدي، ونجحن في اجتياز امتحان الشهادة الثانوية بامتياز، مما جعل الصحافة الألمانية تقول: «يمكن لألمانيا أن تفخر بهن». لاحظوا أن كل دول العالم التي حل بها اللاجئون السوريون تتغنى بنجاحاتهم ومآثرهم، بينما استهدف طاغية الشام منذ بدء الثورة الشاب السوري الواعد بالقتل والسحل والتعذيب للقضاء على كل العقول النيرة، لأنه يجد في الناجحين والمتفوقين ألد أعدائه. وقد لاحظنا في بداية الثورة كيف كانت مخابرات الأسد تعتقل الطلاب ثم تقتلهم وتحرقهم لدى المخابرات الجوية غربي دمشق.
ولا يقتصر النجاح السوري على طلاب وطالبات المدراس في بلاد اللجوء، فقد أثبت رجال الأعمال والحرفيون والمهنيون والصناعيون السوريون جدارتهم في كل البلدان التي وصلوا إليها، فقد غدت المطاعم السورية المطاعم المفضلة للكثير من شعوب العالم. أما المصانع التي انتقلت من سوريا إلى الخارج فقد أبدعت في منتوجاتها، وأصبحت تنافس وتتفوق على المصانع المحلية في الدول العربية. وقد شاهدنا بعض الزعماء العرب يفتتح بنفسه المصانع السورية العملاقة. وبينما نجح طاغية الشام مثلاً في مصادرة أملاك رجلي الأعمال السوريين الشهيرين معتز الخياط ورامز الخياط، فقد حقق آل الخياط نجاحات عظيمة في دولة قطر وبلدان عربية وأجنبية كثيرة، وأصبحوا مضرباً للمثل في التفوق والنجاح والإبداع والإعمار والصناعة والإنسانية.
آه كم أتذكر كلمات والدي الكريم عندما قال لي ذات يوم: «يا ولدي لو بقيت في سوريا الأسد لما وظفوك حارساً على باب التلفزيون السوري.»
لا يسعك أخيراً إلا أن ترفع رأسك عالياً وأنت تشاهد تفوق السوريين في كل مكان. وقد صدق وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري عندما قال في جلسة خاصة: «ربما أراد البعض أن يشتت شمل السوريين، لكنه نسي أن السوريين أينما حلوا ينجحون ويبدعون ويهيمنون ويسيطرون على أغلب مناحي الحياة في البلدان التي وصلوا إليها». تعظيم سلام وتحية إجلال وإكبار لأبناء وبنات بلدي السوريين والسوريات الذين يبدعون ويتفوقون عالمياً رغم مآسي اللجوء. ولا عزاء لبغل الشام الذي نصبوه أصلاً كي يدمر سوريا ويشرّد شعبها، لكن إرادة الله وإبداع السوريين وعزيمتهم أقوى من البغل ومن مشغليه…عاشت سوريا والسوريون ويسقط طاغية سوريا الذليل الذي نجح فقط في الاستقواء بالغزاة والمحتلين على الشعب السوري العظيم….وطبعاً في إنجاب ما بات يسميه السوريون «جحش الرياضيات الشهير».

كاتب واعلامي سوري
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول AMMAR:

    تعظيم سلام للسوريين!

  2. يقول هارون:

    شكراً دكتور ولكن هذا غيض من فيض وتأمل يرعاك الله

  3. يقول Mohamad Abdullah:

    مقال رائع ويتحدث عن الوقائع والحقيقة

  4. يقول عربي سوري:

    الدكتور المشاكس العنيد فيصل شكراً جزيلاً.

  5. يقول زياد رحايله:

    فكر اخ فيصل البلد الي فيهى اصوليلت متعدده لاممكن ؟تعيش صح ثانين انته بتحكي عن اصل مختلف عن شعب مختلف تمامن عن قوميات تلك دول الخليج مثلن ممكن دول العربيه ممكن انما دول غربيه لك انت تتخيل ماذا من الممكن حصوله

  6. يقول Yaser fazaa:

    الف مليون تحية وإجلال لإخواننا السوريين والله انهم فى مصر افضل من المصريين انغيهم

  7. يقول محمد الشامي:

    كانت المنظومة التعليمية في سورية والعراق متفوقة عن بقية العرب لعدة أسباب التعليم باللغة الام وثانيا صعوبة النجاح وثالثا تحليل خوارزميات المنتجات المصنعة من قبل الطلبة وقد كان هناك تخصص في سورية يجمع بين ثالوث العلم الذي تقوم عليه كافة الاختراعات والصناعات وهو ر ف ك اي رياضيات و فيزياء وكيمياء و هؤلاء الطلبة المهجرين تأسسوا في مراحلهم الاولى في المدارس السورية لذلك أبدعوا لقد كان الاطباء والمهدسون والمحامون العرب الذين تخرجوا من جامعات سورية يحققون المراكز الاولى في اختبارات الامتياز والدكتور فيصل هو خريج دمشق

    1. يقول نصيب الأسد:

      بالعكس فالسوريون لهم نصيب الأسد في الإساءة إلى اللغة العربية وتشويهها أما العراقيون فهم مبدعون حقا وأطبائهم الأكثر كفاءة

    2. يقول ملاحظة:

      للتاريخ أقول إن الطلبة الأقل تحصيلا في تونس في العقود الفارطة كانوا يتوجهون إلى الجامعات السورية لمواصلة تعليمهم الجامعي أما المتفوقون فينتسبون إلى فرنسا وكندا

  8. يقول سامى عبد القادر:

    مقال مُبهج وجميل وسط عواصف الإحباط العربية التى لا تنتهى … وأنا والله شاهد عيان على تفوق الطلبة العرب عامة والسوريين خاصة فى مدارس وجامعات أمريكا وكندا … ما شاء الله, شيئ يثلج الصدر من ناحية, ويؤجج مشاعر الأسى من ناحية أخرى, على مصائر التخلف والإنهيار فى بلادنا العربية المحتلة “بجحاش الرياضيات الشهيرة” من كل صنف ولون, بينما يستفيد الغرب من نوابغنا الأفذاذ!!!
    .
    أما عن عبقرية السيدات السوريات الباهرة فى مجالات الطهى, فليحدث العالم كله ولا حرج … فالطعام السورى يقف على القمة وحده بلا منازع, ولو أننى مسئول عن لواءات جيش الكفتة المصرى, لأمرتهم بأخذ دروس فى الطهى من سيداتهم السوريات الفضليات, بدلاً من طبيخهم المهبب الذى يرسل آكليه من المصريين البؤساء إلى الدار الآخرة مع أول وجبة!!! … حتى فى دى فشلة بتوع الخيار الإستراتيجى

    1. يقول تعليق:

      جميل أن يفتخر كل شخص ببلده لكن لا للمبالغة لأن الكل يعلم أن العراقيين والتونسيين كانوا في السابق معروفون بتميز المنظومة التعليمية على مر عقود .. أما الأكل فالمطبخ المغربي والتركي متنوع ومتميز وشكرا

    2. يقول سامى عبد القادر:

      الأخ تعليق
      أين افتخارى ببلدى?!! … أنا وُلدت بمصر, فهل رأيتنى يوماً أفتخر بنظام العسكر الفاشل الذى اغتصب حكم مصر منذ ما يقرب من سبعة عقود, فدمرها وجعلها حصيداً كأن لم تغن بالأمس, كما يشهد بذلك العالم كله?!!
      .
      أنا افتخرت بما عاينته ورأيته بنفسى من تفوق الطلبة ((العرب عامة)), والسوريين خاصة فى أمريكا وكندا, حيث عشت وعملت لأكثر من ٣ عقود … ومفهوم أن التفوق الدراسى يتبعه تفوق فى مجالات العمل المميزة, ولأننى قريب بحكم عملى, وعمل أولادى فى مجالى الهندسة والطب, فأنا أفتخر قطعاً بما حققه ويحققه العرب عامة إذا ما أتيحت لهم فرصة المنافسة الشريفة فى أجواء الحرية بعيداً عن النُظم العربية القمعية المستبدة الفاشية الفاشلة السفاحة المجرمة, وعلى رأسهم النظامين المصرى والسورى
      .
      يا أخى الفاضل, لعلى أكون آخر إنسان يتعصب لمكان مولده أو للجنسيات التى يحملها … وإنما أنا مع الحق والعدل والرحمة وكرامة الإنسان حيث كانوا … وأدعوه سبحانه أن أظل كذلك حتى ألقاه

  9. يقول تعليق:

    تحية طيبة وبعد
    حينما زار الرئيس الفرنسي جنوب البلاد تفاجأ من أعداد الأطباء غير الفرنسيين، وخاصة العرب في أحد مراكز البحوث تفاجأ بشدة حين سأل الباحثين عن جنسياتهم، وظهر أن معظمهم لا ينحدرون من أصول فرنسية، وأنهم ينتمون إلى بلدان عربية وأخرى أفريقية، ومعظمها من المستعمرات الفرنسية السابقة. وظهر في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع وهو يقف إلى جانب راؤول ديدييه، ويسأل الأطباء والباحثين “من أي البلدان أنتم؟” ثم يتفاجأ أن الإجابات كانت: من المغرب والجزائر وتونس ولبنان، ومالي وبوركينا فاسو والسنغال.
    أي أن الحقيقة أن كل البلدان العربية فيها المبدعون في الداخل والخارج مع احترامي للسوريين والسوريات

  10. يقول خير وبركة وتميز:

    قرأت أيضا منذ سنوات مقالا مشابها لأحد الصحافيين الفلسطينيين يعظم فيه السلام للفلسطينيين وآخر مشابها لأحد الصحافيين المصريين يعظم فيه سلاما للمصريين وآخر لأحد الصحافيين السعوديين يعظم فيه سلاما لأبناء وطنه أي باختصار كل البلدان العربية خير وبركة ليس فقط السوريين

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية