دور العرض السينمائي في الولايات المتحدة مهددة بالإفلاس

حسام عاصي
حجم الخط
0

لوس أنجليس – «القدس العربي»: للمرة الأولى في تاريخها، تُشل الولايات المتحدة الأمريكية أمام عدو، وهو فيروس كورونا غير المرئي، الذي أجبرها على إغلاق أبواب مؤسساتها وحجر مواطنيها في بيوتهم وحطم اقتصادها وفتك بأكثر من أربعين ألف مواطن من سكانها.
في الأيام الأخيرة، نشأ صراع على خلفية ذلك بين رئيسها الفيدرالي، دونالد ترامب، وحكام ولاياتها، الذين صاروا يتجاهلون كلامه ويرتبون في ما بينهم استراتيجية لمواجهة الفيروس، فرد ترامب عليهم بالإعلان عن خطة لإعادة فتح أمريكا وشجع الناس على التظاهر ضد حكام ولاياتهم.
وعندما خرج المواطنون الى الشوارع مطالبين بحريتهم وبفتح اقتصاد ولاياتهم، أعرب ترامب عن تأييده لهم عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
لكن ليس كل الحكام ضد ترامب، فبعضهم مثل حاكم ولاية جورجيا الجنوبية، برايان كيمب، لبى أوامره وأعلن عن نيته إعادة فتح الأماكن العامة في ولايته، من ضمنها دور السينما، مطلع الأسبوع المقبل. إلا أن دور العرض لم تحتف بمبادرته، رغم أنها تواجه جميعاً أزمة اقتصادية صعبة جعلتها تفصل جميع موظفيها، وفي الأسبوع الماضي، أعلنت شبكة دور العرض الأكبر في الولايات المتحدة والعالم، «أ أم سي» عن اقترابها من حافة الإفلاس.

تعول على إطلاق هوليوود لانتاجاتها الجديدة في أواخر الشهر المقبل

ولكي تفتح أبوابها مجدداً، يتعين على دور العرض أن تعيد إلى موظفيها وظائفهم، وأن تدربهم للعمل في واقع جديد؛ يفرض عليهم مراقبة الجمهور وحظر دخول من تظهر عليه أعراض المرض، وقد يتطلب الأمر منهم فحص حرارة جميع من يدخل دور السينما، فضلاً عن تعقيم مقاعد الصالة بين كل عرض وفرض مسافة مترين بين الزبون والآخر.
كما أن هناك مخاوف من قيام أي شخص من الجمهور برفع قضية ضد دار العرض للمطالبة بتعويضات إذا ما أصابه الفيروس. أما إذا لم يحضر الجمهور، فإن استثمارات وجهود التحضير ستذهب سدا، حيث أن الكثير من الناس ما زالوا يخشون الإصابة بالفيروس ولا يريدون المخاطرة بصحتهم وحياتهم من أجل مشاهدة فيلم بإمكانهم مشاهدته في بيوتهم بأمان.

تأجيل طرح الأفلام الجديدة

ومن أجل جذب الجمهور، لا بد من إغرائهم بأفلام جديدة. لكن استوديوهات هوليوود ما زالت مغلقة وقد أعلنت عن تأجيل إطلاق جميع أفلامها، حتى الـ 19 من شهر يونيو/ حزيران المقبل، إذ سيتم إطلاق أول فيلم هوليوودي من استوديو «يونيفيرسال»، وهو الفيلم الكوميدي، «ملك جزيرة ستاتين»، يليه فيلم الخيال العلمي للمخرج كريستوفر نولن، «تينيت»، في الـ 14 من شهر يوليو/تموز. كما أن إطلاق أي فيلم في دور العرض يحتاج إلى حملة ترويجية وإعلانية تكلف مئات ملايين الدولارات. لهذا لن تتجرأ الاستوديوهات على الاستثمار في مثل هذه الحملات، لأن لا أحد يعرف إذا كانت الجماهير مستعدة للخروج من بيوتها لارتياد دور السينما. وإن ثبت عدم استعدادها فستتكبد الاستوديوهات خسائر فادحة لن تستطيع تحملها خلال هذه الأزمة.
بعض دور العرض تريد أن تفحص رد فعل الجمهور من خلال عرض أفلام شعبية قديمة، مثل أفلام سلسلة هاري بوتر وحرب النجوم وجيمس بوند، لكي يطمئنوا استوديوهات هوليوود. لكن هذه التجربة فشلت في الصين، فعندما أعادت دور العرض الصينية فتح أبوابها بداية هذا الشهر بأفلام قديمة، لم تحضر الجماهير، التي يبدو أنها ما زالت في حالة هلع من الفيروس، ما جعل السلطات تعيد إغلاق دور العرض رغم إعلانها إحكام السيطرة على الوباء.

دور العرض تغلق أبوابها

في ظل هذه التحديات، فتح دور العرض أبوابها سيشكّل مجازفة خطيرة، وربما يسفر عن خسائر أكبر من الخسائر الراهنة. لهذا أعلنت ثاني أكبر شبكة دور عرض في الولايات المتحدة، «سينيمارك»، عن إبقاء دورها مغلقة حتى شهر أغسطس/آب المقبل، عندما تبدأ هوليوود بإطلاق أفلامها الضخمة مثل «المرأة الخارقة» و«الأرملة السوداء» و«مولان».
معضلة دور العرض تكشف عن أن قرار إعادة فتح الولايات المتحدة ليس بيد رئيسها أو حكام ولاياتها وإنما بيد عدوها غير المرئي، الذي طالما هو مستمر باصابة سكانها وقتل الآلاف منهم يومياً فإن الكثيرين لن يتجرأوا على الخروج من بيوتهم، وإذا استمر الناس في ملازمتهم بيوتهم فإن إعادة فتح الأعمال والمؤسسات سيكلفها خسارة أكبر من بقائها مغلقة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية