تقارير بريطانية: المؤسسة العسكرية هي الأكثر تماسكا وحيادية في لبنان وتعاونها مع حزب الله يثير القلق

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ يعيش لبنان حالة من عدم الإستقرار التي نتجت عن استمرار قدوم اللاجئين من سوريا، والهجمات التي تقوم بها جماعات سنية انتقاما لمشاركة حزب الله اللبناني إلى جانب القوات السورية ونظام بشار الأسد، وشهد لبنان في الفترة الماضية تفخيخ 16 سيارة في مناطق الشيعة والسنة.
وفي كانون الأول/ديسمبر اغتيل سياسي سني معروف، واستهدفت الضاحية الجنوبية معقل حزب الله أكثر من مرة في الأشهر الماضية، وفي وقت بلغ عدد السوريين في لبنان مليون لاجئ مما يعني أن نسبتهم في البلاد أصبحت 20′.
ويقول ديفيد شينكر مدير البرنامج العربي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إنه في أقل من جيل منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية التي أدت إلى مقتل 200.000 شخص واستمرت 15 عاما يتجه لبنان إلى مرحلة من التقلقل، ويقول الكثيرون إنه لولا وجود مؤسسة الجيش اللبناني وتماسكها لكانت البلاد قد انحدرت نحو الفوضى. ولا يعرف كم هو الوقت الذي سيظل الجيش اللبناني يلعب هذا الدور الحيوي.

الحامي

ويعتبر الجيش في هذه المرحلة المنقذ للبلاد والحاجز الذي يمنع من انزلاق البلاد نحو الحرب الأهلية.
وانتشرت قواته في الأعوام الأخيرة في كل أنحاء لبنان حيث أقام حواجز ونقاط تفتيش تفصل بين الخطوط الطائفية، ويعمل كحاجز بين الجماعات المتقاتلة.
وطوال هذه الفترة وخلال قيامه بمهامه وجد الجيش نفسه وسط الحرب الدائرة بين السنة والشيعة وأصبح هدفا للقنابل والسيارة المفخخة. ويضيف شينكر في مقاله الذي نشرته صحيفة ‘لوس أنجليس تايمز’ أن الجيش هو الجهة الوحيدة في لبنان المتماسكة على خلاف أذرع الحكومة والمؤسسة السياسية التي تعاني من الإنقسامات والخلافات. ويعتبر الجيش مؤسسة وطنية تعكس تنوع المجتمع اللبناني وأديانه وطوائفه التي يعترف بها وهي 17 طائفة.
وعلى خلاف المخابرات العامة التي يسيطر عليها الشيعة وقوات الإستخبارات الداخلية التي يسيطر عليها السنة فالجيش لا يرتبط بطائفة مما يجعله يحظى بدعم شعبي.

شكوك

ورغم كل هذا ففي الفترة الأخيرة المفهوم العام عن حيادية الجيش بدأ يتغير ويهدد وضع المؤسسة العسكرية وبالتالي تماسكها.
وخلال العقدين الماضيين كانت مهمة الجيش القيام بدور غير مثير للجدل وهو تأمين المخميات الفلسطينية العشرة في لبنان، وفي بعض المرات مواجهة جماعات مرتبطة بالقاعدة. ورغم أن حزب الله يتمتع بقدرات عسكرية هائلة وترسانة ويعمل خارج المؤسسة العسكرية والدولة إلا أن الجيش لم يواجه الحزب خشية أن يؤدي إلى تمزيق وحدته بناء على الخطوط الطائفية.
وبعيدا عن الحساسيات الطائفية إلا أن الحرب الأهلية في سوريا وتداعياتها على لبنان بدأت تعقد من مهمة الجيش اللبناني التقليدية خاصة فيما يتعلق بحزب الله.
فدعم الحزب المفتوح للنظام السوري أثار سخط السنة وهناك إشارات عن توجهات نحو الراديكالية والتشدد بين أبناء الطائفة السنية المعروفة بضبط النفس.
وفي الوقت نفسه تقول تقارير إن مئاتا من المتطرفين المرتبطين بالقاعدة قطعوا الحدود من سوريا إلى لبنان.
ويرى الكاتب أن مشكلة الجيش الآن تنبع من انه وإن واصل تجنب أي عمليات عدائية مع حزب الله لكنه تبنى موقفا متشددا من الجماعات السنية مما دفع الكثيرين منهم للإستنتاج أن الجيش لم يعد مؤسسة وطنية محايدة.
ويضرب الكاتب هنا مثالا لما حدث في مدينة صيدا في حزيران/يونيو 2013 حيث اشتبكت قوات الجيش مع الشيخ أحمد الأسير، الناشط السلفي والذي كان من الناقدين الكبار لحزب الله.
وهزم الجيش اللبناني الذي نسق مع حزب الله الأسير في النهاية. هذا بالإضافة للتعاون في العمليات بين حزب الله والجيش في حملة اعتقالات وقتل مستهدف للسنة بمن فيهم رجال دين لأنهم يقدمون الدعم للمقاتلين السوريين وهو ما أثار غضب السنة.
وفي كانون الثاني/يناير وحده اعتقل الجيش 12 ناشطا سنيا وقتل اثنين منهما، وفي نفس الوقت مات شخص اتهم بتدبير التفجير على السفارة الإيرانية في السجن بسبب فشل كلوي، ولم يعتقل أي شيعي. ويرى الكاتب إن القاعدة لا تجذب قطاعا واسعا من سنة لبنان لكن أهل السنة يشعرون بالحنق للحصانة التي يتمتع بها حزب الله.
وينقل ما قاله النائب في البرلمان مصطفى علوش والذي قال ‘عندما يطبق القانون على طرف واحد فهذا يخلق شعورا بالظلم’.

جبهة النصرة ويبرود

ومع تزايد عدد القتلى في سوريا ولبنان فهذه المشاعر الحانقة في تصاعد. ويشير هنا إلى نشاط جبهة النصرة التي أصدرت الشهر الماضي بيانين ودعت فيهما السنة لترك الجيش اللبناني الذي يسيطر عليه حزب الله، وجاء فيهما أن الجيش اللبناني تحول لأداة في يد المشروع الشيعي.
وواصل البيان ‘إذا نظرت للمعتقلات تجد أن كل السجناء هم من السنة، هل اعتقل شيعي لأنه قاتل في سوريا؟’.
ولا يعرف أثر بيانات جبهة النصرة على 30′ من الجنود اللبنانيين السنة في الجيش، ولكن استمرار النظرة للجيش على أنه متحالف مع حزب الله ضد السنة سيؤدي إلى تعزيز المشاعر الطائفية فيه مما سيؤثر على معنويات الجنود إن لم يكن انضباطهم. وفي الوقت الحالي لا توجد أية أدلة عن تصدع داخل المؤسسة العسكري.
ومع تصاعد العنف الطائفي اليوم من الصعب تخيل مسار مختلف عن ذلك للقوات اللبنانية المسلحة.
وكانت السعودية قد تبرعت بثلاثة مليارات دولار أمريكي لتعزيز قوة الجيش اللبناني ولكن استمرار رؤية السنة للجيش كمؤسسة غير محايدة يعني فقدان قطاع واسع من سكان لبنان الثقة في مؤسسة ظل ينظر إليها كحام للأمة. وستكون هذه تراجيديا لبنانية خاصة.
وبدا تعاون حزب الله مع الجيش واضحا بعد سقوط بلدة يبرود الشهر الماضي في جبال القلمون، حيث دعا الحزب الجيش اللبناني لاحتواء تداعيات الحرب في شمال- شرق لبنان بعد فرار العديد من المقاتلين السوريين من يبرود والقلمون لبلدة عرسال التي تعتبر البلدة السنية التي يلجأ إليها المعارضون واللاجئون الهاربون من الحرب.
وكان أول رد على سقوط يبرود عملية انتحارية في بلدة نبي عثمان في سهل البقاع. وأعلنت جبهة النصرة مسؤوليتها عن العملية التي قالت إنها رد انتقامي سريع من حزب الله. واتخذ الجيش اللبناني بعد ذلك إجراءات حيث أقام نقاط التفتيش المؤيدة للبلدة والطرقات التي تقود إلى الحدود مع سوريا.
ونقلت صحيفة ‘كريستيان ساينس مونتيتور’ في حينه أن العديد من اللبنانيين السنة ينظرون للجيش اللبناني نظرة شك واتهموه بالتعامل مع حزب الله ويقارنون بين حملات الإعتقال التي يقوم بها الجيش ضد أي سني يحاول التسلل والقتال في سوريا وبين المقاتلين الشيعة التابعين لحزب الله ممن يذهبون علانية للقتال إلى جانب الجيش السوري.
في موضوع مختلف خصصت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ تقريرا لمراسلها بن هبارد من مخيم الزعتري في الأردن عن اقتباس قامت به مجموعة مسرحية لمسرحية ‘الملك لير’ لشكسبير، وشارك فيها 100 طفل، وكانت مواجهتهم الأولى مع شكسبير مع أنها لم تكن مع التراجيديا، لأن كل الأطفال هم من اللاجئين الذين فروا من الحرب الأهلية، وبعضهم شاهد بيته وهو يدمر، وآخرون فقدوا أقاربهم وأهاليهم في العنف، والكثير منهم لا يزال يعاني من مشاكل في النوم ويصرخون في الليل ويقفزون من فراشهم.
واليوم في مخيم الزعتري الذي يعيش في عزلة وفضاء مقفر بلا أشجار ومكان للفقر وعدم اليقين والملل.
ومعظم اللاجئين المسجلين في الأردن هم الأطفال والنساء وهناك 60.000 من الأطفال يعيشون في المخيم الذي يعتبر أكبر تجمع سكاني في الأردن أو مدينة من الخيام والبيوت المؤقتة. ومن بين هؤلاء قلة تذهب إلى المدارس حيث تعطلت الحياة الدراسية لمعظم اللاجئين منذ بداية الحرب الأهلية في عام 2011.
ويحذر الآباء وعمال الإغاثة من جيل ضائع في الحرب السورية، جيل يعيش رعب الحرب والعنف ويعاني من الإستغلال.
ومن هنا كان مشروع مسرحية ‘الملك لير’ محاولة امتد التحضير لها على أشهر من أجل منع حدوث هذا.
وينقل التقرير عن نوار بلبل، الممثل السوري الذي قام بإخراج العمل قوله ‘يهدف العمل لاضفاء نوع من المرح والضحك’ على الأطفال. وشارك بلبل في مسلسل ‘باب الحارة’ الشهير ووصف رحلته من الدراما التلفزيونية إلى مسرح الأطفال، وبدأت بالمشاركة في التظاهرات الأولى المعادية للحكومة والمطالبة بالإصلاح، حيث منعت الحكومة مسرحية له، وأخبره زميل يدعم الحكومة أن امامه خياران، الظهور في التلفزيون الرسمي وتصحيح موقفه أو مواجهة السجن ‘قلت له سأفكر في الموضوع وبعد ذلك بأسبوع كنت خارج البلاد’.
وفي العام الماضي انتقل للأردن حيث ساهم في توزيع المواد الإغاثية في مخيم الزعتري واكتشف ‘الكذبة الكبرى’ للمجتمع الدولي الذي فشل في وقف الحرب ‘هناك الكثير من الناس ممن يريدون العودة إلى بيوتهم ولكنهم ضحايا للقوى العظمى التي تتقاتل فيما بينها’.
وفي أثناء زيارته طلب منه الأطفال الذين التقاهم في المخيم العودة ولكنه عاد بمشروع مسرحية. وقد عرضت وسط حضور السكان المقيمين قريبا من المسرح الذي أقيم وحضروا وهم يحملون أبناءهم على أكتفاهم لمشاهدة العرض.
وعندما وصل الممثلون الصغار الى عبارة هاملت الشهيرة ‘نكون أو لا نكون’ صفق الحاضرون وبكت الفتيات والممثلون لأن هذه هي المرة الأولى التي يسمعون فيها صوت التصفيق، وخلف الفرحة البسيطة هناك مستقبل غامض وقصص عن أحياء وبلدات دمرتها قوات النظام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية