كشف يوضح أسباب اغتيال سليماني.. وتقديرات إسرائيلية: عودة خامنئي للاتفاق تبددت بمجيء بايدن

حجم الخط
0

يعتقد جهاز الأمن الإسرائيلي أن الزعيم الأعلى في إيران، علي خامنئي، لم يقرر بعدُ تبني الصفقة النووية الجديدة مع الولايات المتحدة، والقرار النهائي في يديه، واحتمالية التوقيع مجدداً قد تتقلص كلما اقترب موعد أداء الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، لليمين في 5 آب القادم. وطلبت الإدارة الأمريكية في البداية ضمانات بالتوصل إلى اتفاق قبل تسلم رئيسي لمنصبه.

تم التوقيع على الاتفاق الأصلي بين الدول العظمى وإيران في العام 2015، لكن الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، انسحب منه في العام 2018. وبعد سنة على ذلك، بدأت إيران تخرق الاتفاق بصورة منهجية وتزيد كمية اليورانيوم المخصب الموجود لديهم، خلافاً لالتزامها. ومنذ بداية ولاية الرئيس بايدن، قبل نصف سنة تقريباً، تم عقد ست جولات محادثات بين إيران والدول العظمى. ولم يتم حتى الآن تحقيق اتفاق في هذه المحادثات، وتوصف الفجوة بين إيران وأمريكا بأنها كبيرة جداً.

كتب يونتان ليس، في “هآرتس” الأسبوع الماضي، بأن من هم في محيط رئيس الحكومة نفتالي بينيت، توصلوا إلى استنتاج بأن قدرة تأثير إسرائيل على موقف الولايات المتحدة حول التوصل إلى اتفاق جديد محدودة جداً، وأن الخيار فعلياً هو بين استئناف الاتفاق القديم واستمرار الوضع القائم دون اتفاق ملزم.

بعد أداء الحكومة الجديدة لليمين، سافر رئيس الأركان افيف كوخافي إلى واشنطن، وأجرى محادثات مع كبار الشخصيات في الإدارة الأمريكية، بين فيها تحفظات إسرائيل من طبيعة الاتفاق الآخذ في التبلور. مع ذلك، تركز إسرائيل الآن، من جهة، على محاولة تشديد الطلبات من إيران بعد انتهاء سريان مفعول الاتفاق الحالي في العام 2030، ومن جهة أخرى تركز على جهود زيادة التنسيق بينها وبين الولايات المتحدة في حالة حدوث خروقات إيرانية، وعلى بلورة رزمة التعويضات الأمريكية لجهاز الأمن هذا إذا ما عادت واشنطن إلى الاتفاق. يتوقع بينيت أن يسافر إلى الولايات المتحدة بدعوة من بايدن في نهاية الشهر الحالي أو في مطلع آب. ومؤخراً، كرس جزءاً كبيراً من وقته للنقاشات في المسألة الإيرانية.

تقدر إسرائيل أن خامنئي رحب بخسارة ترامب في الانتخابات، لأنه خشي من هجوم أمريكي مفاجئ ضد المنشآت النووية بعد قرار الرئيس بأمر اغتيال الجنرال قاسم سليماني، رئيس “فيلق القدس” في حرس الثورة الإيراني في كانون الثاني 2020 (كتب الصحافي مايكل بندر، في كتاب جديد صدر الأسبوع الماضي في أمريكا، أن ترامب أوضح بأنه قرر اغتيال الجنرال سليماني لتجنيد دعم سيناتورات صقوريين في الحزب الجمهوري قبل محاكمة العزل التي كانت تنتظره في الكونغرس).

إن تسلم بايدن لهذا المنصب بعث الأمل لدى إيران، سواء في أوساط المحافظين أو المعتدلين، وتبدد الخوف من هجوم أمريكا. وفي الوقت نفسه، يبدو أن إحساس الإلحاح لدى خامنئي تبدد، وربما يشعر الآن بأن لا حاجة ملحة للتوصل إلى اتفاق، رغم الضرر الكبير الذي تتسبب به العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترامب.

خامنئي (82 سنة) شخص يتمسك بالنظرة التاريخية طويلة المدى، ومستعد للتضحية والمرور بأوقات صعبة لضمان استقرار النظام. في هذه المرحلة، بعد 32 سنة على تعيينه كوريث للخميني، ينشغل أيضاً بطبيعة الإرث الذي سيتركه خلفه.

“يبدو أنه كان مسروراً من عقد صفقة تضمن تسهيلات اقتصادية والعودة إلى حضن الأمم”، قال مصدر أمني إسرائيلي. “لكنه لم يقرر بعد. فهناك أفضلية ثقافية، حتى دينية، في النظام الإيراني للتوصل إلى قرارات مهمة من خلال موافقة واسعة. ولكن سيتم التوقيع على الاتفاق عندما يكون واضحاً بأن هذا ما يريده خامنئي. فهو من يعطي الحكم الأخير، ويصعب التنبؤ بما سيحدث هناك. نعرف أنه لا يحب اتخاذ قرارات صعبة، ويفضل تأجيلها بقدر المستطاع والحفاظ على الغموض”.

الدول المشاركة في المفاوضات مع إيران كانت تفضل عقد صفقة خلال أقل من شهر، قبل دخول رئيسي إلى منصبه. ويتوقع رئيسي، الذي يعتبر صقراً مقارنة مع الرئيس التارك حسن روحاني، أن يعين عدداً كبيراً من الشخصيات الرفيعة في الحكومة الجديدة. وهذا الأمر يحتاج إلى فترة تكيف لقيادة طهران. ورغم أن القرار النهائي بيد خامنئي، إلا أنه لا يجب تجاهل وزن الرئيس في هذه العملية.

تعتبر إسرائيل سلوك خامنئي أثناء عملية الانتخابات الرئاسية في الشهر الماضي دليلاً على الثقة الزائدة. ففي الأسابيع التي سبقت الانتخابات، حدث شطب كاسح لمرشحين، بمن فيهم محافظون بارزون، بذريعة أنهم غير مخلصين بما فيه الكفاية للثورة الإسلامية. مع ذلك، فللنظام أسباب قلق ترتبط بابتعاد الجيل الشاب عن أفكار الثورة والانخفاض التاريخي في عدد المصوتين في الانتخابات وعدد الناخبين الكبير الذين وضعوا بطاقات بيضاء.

       لا تتوقف ولو للحظة

رغم تباطؤ محادثات فيينا، يواصل المشروع النووي الإيراني التقدم. وإيران تراكم المزيد من اليورانيوم المخصب، وتقصر الفترة التي تحتاجها لإنتاج القنبلة إذا ما قررت فعل ذلك. إن اتفاق 2015 أبقى إيران على بعد سنة من إنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب. وهذه الفترة قصرت مؤخراً لبضعة أشهر، وخلال ذلك فإن أجهزة الطرد المركزية التي تنتجها إيران أصبحت صغيرة ومتطورة أكثر. وستحتل النماذج المستقبلية حيزاً أقل، وسيكون بالإمكان تشغيلها في منشآت صغيرة، محمية وسرية أكثر تحت الأرض. والمعرفة والتجربة التي يراكمها علماء الذرة في إيران في هذه الأثناء هي ذخر لا يستطيع أي اتفاق مستقبلي القضاء عليها.

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة النووية، الأسبوع الماضي، بأن إيران بدأت في إنتاج يورانيوم معدني، وهو عنصر مهم للجوانب العسكرية في البرنامج النووي. وأقوال الوكالة تؤكد الادعاءات التي طرحتها إسرائيل في شباط الماضي. مع ذلك، وبعد الحصول على كمية يورانيوم مخصب بمستوى عال وبكمية كافية، ستكون إيران بحاجة إلى تطوير رأس نووي متفجر لصاروخ بالستي. وهي العملية التي يمكن أن تمتد لسنتين إضافيتين تقريباً.

باختصار، إيران قريبة من إنتاج الذرة بدرجة أقرب مما كانت في 2018 قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وهي خطوة اتخذها ترامب بتأثير من رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق، نتنياهو. وثمة خطوة أخرى لنتنياهو أثبتت نفسها، وهي أن الوثائق التي سرقتها إسرائيل من الأرشيف النووي الإيراني وفرت شهادات على خروقات لإيران منذ عشرين سنة تقريباً. ويمكن أنها عقدت أمور النظام مع المجتمع الدولي.

       ما زال الحساب مفتوحاً

تستمر أحداث أمنية كثيرة في المنطقة تزامناً مع جولات فيينا. يقف الإيرانيون من وراء هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على السعودية وقواعد عسكرية أمريكية في العراق وسوريا؛ وهاجمت الولايات المتحدة أهدافاً للمليشيات الشيعية في سوريا والعراق؛ وهاجمت إيران سفناً ذات ملكية إسرائيلية في المحيط الهندي رداً على هجمات مشابهة نسبت لإسرائيل على سفنها في البحر الأحمر؛ وفي نهاية الأسبوع الماضي حدث هجوم سايبر واسع على نظام القطارات في إيران.

تعتقد إسرائيل أن نشاطات إيران التي تنفذ في معظمها بواسطة مليشيات شيعية، يتوقع استمرارها دون صلة بالمحادثات في فيينا، لأن طهران لا تعتقد أن هذه النشاطات تعرض استمرار المحادثات للخطر.  ما يزال لإيران حساب مفتوح مع إسرائيل بسبب عدة عمليات تنسبها لها، على رأسها اغتيال عالم الذرة محسن فخري زادة، والتفجيرات المجهولة في المنشآت النووية في إيران. مع ذلك، إيران غير مستعجلة للانتقام، ويبدو أنها تفضل انتظار الفرصة المناسبة لتنفيذ عملية مناسبة. “إن تصور الوقت هناك أمر مرن جداً”، قال مصدر أمني. “لا يوجد إلحاح، كل شيء يتعلق باحتياجات النظام ودوافعه”.

في نهاية السنة الماضية، ظهر الميزان الإقليمي للإيرانيين سلبياً، وسبب لهم قلقاً ما. وهذا يرتبط بعدة تطورات، نبع بعضها من خطوات أمريكية، ونسب بعضها الآخر لإسرائيل، مثل: اغتيال سليماني وفخري زادة، وهجمات سلاح الجو في سوريا، وضغط العقوبات، وأضرار كورونا، واتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين. منذ ذلك الحين، من وجهة النظر الإيرانية، حدث تحسن واضح في القوة الإقليمية التي ينجحون في بثها: لم تحصل السعودية على دعم بايدن ومساعديه، وتعرضت لهجمات شديدة بالطائرات المسيرة من متمردين حوثيين في اليمن. وتعرضت الولايات المتحدة لهجمات في العراق، في حين واصلت إيران التقدم، سواء في المشروع النووي أو في تطوير السلاح.

بقلم: عاموس هرئيل

 هآرتس 13/7/2021

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية