تقدير إستراتيجيّ: سياسة خنق القطاع من قبل مصر وإسرائيل ستستمر سعيا لتفجير الأزمات الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة بوجه حماس

حجم الخط
2

الناصرة ـ ‘القدس العربي’ من زهير أندراوس: رأى تقدير إستراتيجيّ جديد جاء تحت عنوان: هدم الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية، خلفياته وتداعياته، أنّه كان للإجراءات القاسية وغير المسبوقة التي قام بها الجيش المصري، بعد الانقلاب العسكري، لتدمير الأنفاق وتشديد الحصار على قطاع غزة، آثار كبيرة في زيادة معاناة أبناء القطاع.
وهي إجراءات لا يظهر أنها تستهدف فقط حماية الأمن المصري، ولكنها تأتي في سياق أجندة تستهدف ‘الربيع العربي’ ومخرجاته، وتستهدف إضعاف الحكومة التي تقودها حماس في غزة، باعتبارها أحد تجليات ‘الإسلام السياسي’ الذي برز إثر الثورات والتغيرات في المنطقة.
وأضاف أنّه من المستبعد في المرحلة الحالية أن تحدث اجتياحات عسكرية مصرية أو إسرائيلية للقطاع، غير أنه على ما يبدو. وأكّد أنّ المصالح الوطنية والقومية والإنسانية تقتضي رفع الحصار عن قطاع غزة، وألا تستخدم معاناة الناس لفرض أجندات سياسية. وكما أن على قيادة حماس تأكيد عدم تدخلها في الشأن الداخلي المصري، فإن على قيادة السلطة في رام الله العمل الإيجابي لرفع الحصار، وعلى الطرفين تغليب المصالح العليا، من خلال تسريع إجراءات المصالحة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني.
وتابع أنّه على إثر الانقلاب العسكري في مصر، قام الجيش المصري بتشديد الحصار على قطاع غزة، بإجراءات غير مسبوقة. فدمر ما يقرب من 90′ من الأنفاق على الحدود، وفي خطوة متقدمة شرع الجيش المصري بإقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع غزة بعرض 500 متر، بهدف زيادة الضغط على القطاع المحاصر.
كل ذلك بمبررات وحجج أمنية، مما تسبب في تهجير كبير للتجمعات السكانية المتاخمة للحدود، علاوة على غلق المنطقة البحرية بين مصر وقطاع غزة، وملاحقة الصيادين الفلسطينيين في المنطقة، عبر استهدافهم بشكل مكثف من قبل خفر السواحل المصرية.
وزاد التقرير أنّه على الرغم من أنّ الطرفين الإسرائيلي والمصري يحاولان خفض الاهتمام الإعلامي بحجم وعمق التعاون الأمني بينهما في الوقت الراهن، إلا أن التقارير تشير أن التنسيق والتعاون الأمني بين الجانبين لم يكن من العمق والاتساع كما هو عليه الحال الآن.
بالإضافة إلى ذلك، قال التقدير الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أنّ الحصار أدّى الحصار الخانق بسبب تدمير الأنفاق إلى ارتفاع معدلات البطالة ومستوى الفقر إلى ما يزيد عن 40′ في قطاع غزة.
وفقد عشرات الآلاف من العمال أعمالهم، مشيرًا إلى أنّه لا شكّ أن هدم الأنفاق وما له من تأثيرات اقتصادية واجتماعية على قطاع غزة على مستوى الشعب والفصائل والحكومة، سيفرز تأثيرات سياسية بالغة على الواقع السياسي الفلسطيني، وقد بدت آثاره على المشهد الفلسطيني برمته، ومن أبرز هذه الآثار المحتملة: استخدام الحصار الناتج عن هدم الأنفاق حالياً من قبل السلطة الفلسطينية في الضغط على حماس، لمحاولة منعها من تصعيد معارضتها لمسار التفاوض، المرفوض من قبل شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني.
الضغط على برنامج المقاومة في قطاع غزة، لتكريس مفهوم عدم فاعليته كخيار منجز للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال. هدم الأنفاق هو انعكاس ميداني للتغيير الذي حدث في مصر على الواقع الفلسطيني، وقد ينعكس على خريطة القوى الفلسطينية، التي كانت قد انقلبت إيجاباً لصالح حركة حماس على إثر الربيع العربي.
يُتيح للسلطة الفلسطينية في رام الله المجال لرفع مكانتها لدى الشعب الفلسطيني، من خلال تدخلات عباس لدى سلطة الاحتلال، والقيادة المصرية الحالية لتخفيف الحصار عن غزة؛ لتعزيز الانطباع بشأن قدرة السلطة في رام الله وفاعلية دورها، مقابل عجز حماس والحكومة الفلسطينية في غزة.
ترى قيادات فتحاوية أن تشديد الحصار، ووجود نظام مصري جديد معادٍ لحماس، يتيح لفتح وللسلطة في رام الله أدوات ضغط جديدة، لفرض رؤية فتح على طريقة تنفيذ المصالحة، وعلى تنازل حماس عن إدارة قطاع غزة.
وواضح، زاد التقدير، أنّ أعمال الجيش المصري تجاه قطاع غزة ليست أحادية، وإنما تأتي في سياق أجندة سياسية دولية وإقليمية يجري تنفيذها في المنطقة، في إطارها العام تستهدف الانقلاب على الربيع العربي ومخرجاته، وفي الإطار الخاص تهدف لمحاصرة الحكومة الفلسطينية في غزة باعتبارها أحد تجليات تجارب ‘الإسلام السياسي’ الذي تغلب في المنطقة على إثر الربيع العربي، وباعتباره العمود الفقري لثورات التغيير العربية.
أما أبرز الأهداف فهي: زيادة الضغط الاجتماعي على الحكومة الفلسطينية في غزة بهدف إسقاطها، بتأليب الجماهير عليها، تكريس مقولة فشل ‘الإسلام السياسي’، من خلال إسقاط تجربة ‘حكم حماس’ في غزة باعتبارها أحد تجليات الظاهرة الإسلامية، ولحاجات مصرية داخلية، فالقيادة المصرية المؤقتة تريد من هذه الحملة على غزة تصدير الأزمة إلى الخارج، للتغطية على مآزق الوضع المصري الراهن، جهود الجيش في سيناء ومحاصرة غزة، يأتي ضمن عودة النظام المصري إلى ‘محور الاعتدال’ العربي، وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف أنّه لدى الجهات التي تستهدف قطاع غزة، وهي أطراف محلية فلسطينية وإقليمية ودولية، وجهات نظر متعددة من أجل إسقاط حكم حماس في غزة، وهي: وجهة نظر ترى أن الطريقة الأنسب لإسقاط الحكومة الفلسطينية في غزة هي الخنق تدريجياً والانتظار كي يؤتي الحصار أكله.
والهدف صناعة سخط شعبي في قطاع غزة من خلال الضغط الاقتصادي، لتثوير الناس على الحكومة. وشدّدّ التقدير على أنّ العامل الإسرائيلي هو محددٌ رئيسي في التعامل مع قطاع غزة، ولا شك أن الأطراف الخارجية يصعب عليها تجاوز المحددات الإسرائيلية، ويبدو أن دولة الاحتلال لا تفضل الاجتياح الآن، ولا الخنق الشديد، ريثما تستقر حالة الانقلاب في مصر، وخشية من أن تنفجر غزة في وجهها. وفي باب التوصيات قال التقدير إنّه على الأطراف الفلسطينية تغليب المصلحة الوطنية بالإسراع للتوصل لتوافق فلسطيني لإدارة معبر رفح وبالتنسيق المشترك مع مصر لإنهاء مأساة غزة إنسانياً، على أقل تقدير.
كما أنّه يجب على الحكومة الفلسطينية في غزة أن تجهد لإقناع كافة الأطراف الفلسطينية لإدارة القطاع على قاعدة الشراكة الوطنية، وأن تعمل على تعميق الحوار بين كافة المكونات السياسية لتمتين اللحمة الوطنية. وأن تضبط أداء المقاومة بالتوافق مع الفصائل الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو أشرف ـ تونس:

    ما أشبه الليل بالبارحة،إذ لافرق بين ما كان يقوم به كنز إسرائيل الإستراتيجي وما يجري اليوم.وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.والتاريخ لن يرحم،ولعنته لن تمحى.

  2. يقول يحي:

    منذ العام ٢٠٠٧ و حتي الآن ماذا فعلت حماس ؟ اين هي المقاومة المزعومة ؟

إشترك في قائمتنا البريدية