تقرير: أمريكا ضالعة بمؤامرة عالمية ضد تركيا تحت غطاء مكافحة الفساد
3 - يناير - 2014
حجم الخط
0
اسطنبول الأناضول: في الثلاثين من كانون الثاني/ديسمبر، عام 2008، قطع خطا الاتصالات اللذان يخدمان مصر، والسعودية، وقطر، والامارات المتحدة، والكويت، والبحرين، وباكستان، واللذان يمران في السواحل المصرية، وقيل حينها أن تركيا تأثرت أيضا، وزُعم أن الأمر مجرد ‘حادث’، تسببت فيه بعض السفن، وتكرر لاحقا مطلع شباط /فبراير من العام نفسه، عندما قطع الخط الواصل بين الكويت وعُمان، والمار عبر الخليج العربي، وفي اليوم نفسه قطع الخط الذي يمر من قناة السويس إلى السواحل السريلانكية، وجرى تمرير الأمر على أنه ‘حادث’ أيضا. وخلال خمسة أيام تعرضت خمسة كابلات ضوئية لـ ‘حوادث’ في دول الخليج العربي، وشهدت دول شمال أفريقيا مشاكل في اتصالات الهواتف، والانترنت، وتعطل نظام الانترنت إلى حد بعيد في إيران، أدى إلى توقف العمليات المصرفية بين إيران ودول آسيا، فقط دولتان لم تتأثرا حينها بهذه ‘الحوادث’، اسرائيل، والعراق. وبينما كانت المنطقة تحاول معرفة حقيقة الأمر، حركت روسيا سلاح الجو، لحماية خطوط الألياف الضوئية، في منطقة القطب الشمالي والأطلسي، وأُرسلت قاذفات استراتيجية، ومقاتلات إلى المنطقة، يومها كتبت أن الذي يجري جزء من ‘حرب معلوماتية’. منذ أشهر، والألسن تلوك فضائح التنصت، التي تتهم فيها وكالة الأمن القومي الأمريكي، وتشبعها نقاشا، وكانت تركيا من أقل الدول اهتماما بهذه الأزمة، التي كادت أن تحول الحلفاء إلى أعداء، إذاً نحن أمام قوة تحاول إحكام قبضتها على الكوكب، مهددة أمن الأفراد، والشركات، وحتى الدول. تبين أن الدول ـ وليس السياسيين ـ القادة، والشركات، وسائل الاعلام، والاجتماعات الصاخبة، والجلسات الموسعة، التي كانت تعقدها الأمم المتحدة، وحتى قمة العشرين، كانت عرضة للتنصت، إنه كيان استخباراتي، تغول ليغدو قوة تحاول تحييد الدول، والأنظمة الدولية، للسيطرة على كل شيء، وهؤلاء الذين جمعوا ‘قوة المعلومات’، ازدادوا قوة لدرجة أنهم باتوا قادرين على ابتزاز الدول، والقادة، والشركات، ليجبروهم على تنفيذ مآربهم. لقد حاولت بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، وفرنسا، واسبانيا، الحصول على إجابة حول الأمر، من الولايات المتحدة، وكان الجواب ‘نحن نتعقب المجموعات الإرهابية في مناطق النزاع من خلالكم’، صحيح أن الغضب عم العالم، من آسيا وحتى أمريكا اللاتينية، إلا أن أحدا لم يحرك ساكنا. عمليات التنصت جرت من خلال 90 بعثة دبلوماسية، حول العالم، وحوالي 90 زعيما كانوا هدفا لها، ولكن أين تركيا من كل ذلك، أي القادة، والشركات، والمؤسسات الحكومية، والاستراتيجية، والعسكرية جرى التنصت عليها، ومن قبل من؟ هل تضم السفارة الأمريكية في أنقرة، أو البعثة الدبلوماسية في اسطنبول، مركزا للتنصت كما في باقي الدول ؟ سئلت هذه الأسئلة مرارا، لكن ما من جواب … وإذا استطاع أحد الإجابة على سؤال ‘من وضع جهاز تنصت في مكتب رئيس الوزراء (رجب طيب أردوغان) عندها ستنكشف امتدادات عملية التنصت العالمية داخل تركيا، وعندئذ سيكون الجواب صادما. يتعين على تركيا رؤية هذه الخيانة. يرى بعض المحللين ماحدث مؤخرا في 17 من كانون الثاني / ديسمبر الماضي، والحديث الذي أثير حول ‘الدولة الموازية’، و’التحالف الانقلابي’ الموجه للإطاحة بالسلطة السياسية، يفتح الأعين على ما يجري. حيث يرون أن كياناً مد خطوطا للاتصالات موازية للخطوط التي تمتلكها مؤسسة الاتصالات الرسمية، وقام بعمليات تنصت من عدة ولايات، واستنسخ أسراراً الدولة التركية، وعشش في العديد من مؤسساتها، وعلى رأسها الأمن والقضاء، ويبتز بما لديه لدرجة التهديد بالانقلاب، ويدافع عن التنصت بحجة متابعة الحركات غير المشروعة. وليس معلوماً ما إذا كانت تركيا تدرك تماما مدى الخطر الذي يحدق بها، ولكن من المؤكد أن العدو يتجاوز مسألة تصفية الحسابات على الحكم، إلى مواجهة مع كافة فئات الشعب، ولا ينحصر الأمر في المواجهة بين حزب العدالة والتنمية، وبين جماعة ‘فتح الله كولن’، هناك من رهن تركيا لصالح مشروع سلطة عالمية، وعلى مدى سنوات ينشط تحت حمايتها، وانتقل بإشارة منها إلى مرحلة التنفيذ. ويرى عدد من المراقبين انه قد انكشف الغطاء عن امتدادات فضيحة وكالة الأمن القومي الأمريكي داخل تركيا، مع بروز الصدام بين الحزب الحاكم و’الجماعة’ وأن ما كان يحضر له عالميا على مدى سنوات، لم ير النور إلا اليوم، من خلال العملية الأولى، حيث لا يعتقد أن هذا التحرك ينحصر في الإطاحة بالحكومة، ولكن ربما كان هناك مشروع لتركيا جديدة مختلفة تماما. وقالت مصادر تركية إنه ليس فقط حزب العدالة والتنمية هو المستهدف، ولكن كل فرد، وكل سياسي، وكل شركة، وكل منظمة أهلية، إن القوى التي تقف وراء عملية الوكالة الأمريكية، هي نفسها التي تقف وراء الصدام بين الحزب والجماعة، وتقف خلف المحاولات الانقلابية، ومشروع هندسة السياسة والاقتصاد. من الممكن أن يضر المنافحون عن هذا التحرك بالدولة، وبالعديد من الأشخاص، والمؤسسات، ويظهروا على أنهم نجحوا في مبتغاهم، لكنهم سيعلمون عاجلا أم آجلا أنهم لم يكونوا سوى كومبارس، يلعب دورا ثانويا في مشهد الخيانة، وسيدفعون ثمنا باهظا عندها لأن الشعب لن يصفح عنهم. نعم لقد أميط اللثام عن الجزء المتعلق بتركيا من العملية الاستخباراتية، التي تنفذها وكالة الأمن القومي الأمريكي، على نطاق عالمي، ويتوقع أن المواجهة ستكون بعد اليوم في هذا المنحى.