تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رسم صورة قاتمة عن اوضاع المغرب خلال عام 2012: وضع اقتصادي هش ينبئ بالخطر
22 - أغسطس - 2013
حجم الخط
0
الرباط ـ ‘القدس العربي’ ـ من محمود معروف: عين العاهل المغربي الملك محمد السادس اول امس الاربعاء وزير المالية المستقيل نزار بركة، رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خلفا لشكيب بن موسى الذي عين في وقت سابق سفيرا في باريس. وقال بلاغ للقصر الملكي ان الملك محمد السادس استقبل نزار بركة وعينه رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي واعطاه توجيهاته لمواصلة قيام المجلس بالمهام الاستشارية الموكولة إليه في مختلف القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وتعزيز إسهامه الفعال في سبيل النهوض بأوراش التنمية البشرية والمستدامة. وقال الديوان الملكي ان الملك اشاد بـبما يتحلى به نزار بركة من تجربة واسعة، ومن خصال التجرد والكفاءة، وبما أبان عنه من تفان ونكران ذات وروح المسؤولية العالية، في مختلف المهام الحكومية والإدارية التي تقلدها’. ويعتبر نزار بركة من الكفاءات المغربية والقيادية الشابة بحزب الاستقلال وتولى في حكومة عباس الفاسي (2007 2012) كما تولى وزارة المالية والاقتصاد في حكومة بن كيران 2012 الى ان قدم استقالته في تموز/ يوليو الماضي التزاما منه بقرار الحزب الانسحاب من الحكومة. واستقبل الملك المغربي قبل تعيين بركة رئيسا للمجلس شكيب بن موسى الرئيس السابق الذي قدم له التقرير السنوي الذي ضم 109 صفحات حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للبلاد برسم سنة 2012، كما قدّم بنموسى أيضا الخطوط العريضة لمشروع النموذج التنموي الجهوي الجديد للأقاليم الجنوبية، مع تحديد مختلف المراحل المقبلة لبلورته. وقال بلاغ القصر الملكي ان الملك محمد السادس نوه بـبالجهود المخلصة التي بذلها شكيب بن موسى خلال رئاسته للمجلس، الذي اسس سنة 2011 وبالعمل الجاد الذي قدمه بمعية كافة مكوناته، وبإسهامه الفعال في مختلف القضايا التي تدخل في مجال اختصاصه، وذلك قبل التفرغ لمهامه الدبلوماسية بصفته سفيرا لدى الجمهورية الفرنسية’. وحسب الملخص الذي نشرته وكالة الانباء المغربية فان التقرير رسم صورة قاتمة عن الأوضاع المغربية خلال سنة 2012، خاصة في الجانب الاقتصادي الذي وصفه بـ’الهش’، والمحور الاجتماعي الذي قال إنه ‘يواجه تحديات كبيرة’، مقابل تشجيعه لبعض الخطوات في المجال البيئي. وذكر التقرير أن الوضعية الاقتصادية للمغرب سنة 2012 تنبئ بالخطر في ظل تراجع النمو الذي وصل إلى 2,7 بالمائة عكس سنة 2011 التي استقر فيها في 5 بالمائة، وعدم قدرة القطاعين العام والخاص على إحداث مناصب شغل كافية، ثم العجز المتفاقم في الميزانية الذي حيث بلغ 7,1 بالمائة عوض 6,1 بالمائة في السنة التي قبلها، وهو امستوى من العجز يصعب تحملهب كما ان الدين الجاري للخزينة ارتفع هو الآخر، وصار يمثل 57,8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام عوض 47 بالمائة التي سجلت سنة 2009، وأثار أيضا ارتفاع العجز في ميزان الأداءات إلى 9 بالمائة عوض 8 بالمائة خلال 2011، مقرّا بالهشاشة الخارجية التي حتّمت على المغرب الحصول على تسهيل من صندوق النقد الدولي. وأرجع المجلس هذه الوضعية الاقتصادية الحرجة لبلوغ تكاليف صندوق المقاصة 55 مليار درهم، والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها منطقة الأورو، إضافة لارتفاع أسعار المحروقات، وتسجيل محصول هزيل للحبوب وما واكبه من انخفاض القيمة المضافة للمواد الفلاحية، وتراجع وتيرة نمو الأنشطة غير الفلاحية، ثم التأخر في تبني قانون المالية، موضحا كذلك أن هذا الوضع الصعب جعل المغرب يتراجع في التصنيفات الاقتصادية الدولية، كتصنيف دوينغ بيزنيز التي انتقل فيه من الرتبة 93 إلى 97 بين 185 من البلدان رغم ارتفاع تدفق الاستثمارات الخارجية التي تبقى نقطة الضوء الوحيدة في الشق الاقتصادي. وقال تقرير المجلس الذي سلمه بنموسى للعاهل المغربي أن أكبر ورشتين على الصعيد الاجتماعي تم فتحهما هما إصلاح العدالة وتعميم نظام المساعدة الطبية راميد، ومن أصل الساكنة المُستهدفة، التي يصل تعدادها إلى 8,5 مليون مواطن، استفاد قرابة 5,1 مليون من التغطية الطبية خلال سنة 2012، كما حصل حوالى 2,7 مليون فرد على بطاقة راميد، إلا أن ذلك لم يستطع تعميم حالة الرّضا على المغاربة، خاصة وأن 38 بالمائة منهم لا يتمتعون لغاية اللحظة بالتغطية الطبية. وتحدث التقرير عن الحوار الثلاثي بين المشغلين والنقابات والحكومة وقال انه توقف خلال السنة موضوع التشخيص، إلا أنه يمكن اعتبار الوساطة الاجتماعية بين المشغلين وبعض النقابات، في حالة حدوث نزاعات شغل، خطوة على الطريق الصحيح.. ليبقى الرهان الأكبر اجتماعيا حسب التقرير هو التربية والتكوين، خاصة أن المغرب ما انفك يتراجع سنة بعد أخرى في مؤشر التربية المقدم من طرف الأمم المتحدة، والذي انتقل فيه من الرتبة 131 إلى الرتبة 146وذكر أن التعليم والقضاء على الفقر وتأمين الغذاء غير كاف حاليا، ودعا إلى إيجاد السكن بدل ما يعيشه المغاربة من اكتظاظ في مستقراتهم. واشاد التقرير بالاستراتيجية الصائبة مُتبعة في مجال تعبئة الموارد المائية بسبب الجفاف، وثمّنت ما يقوم به المغرب بخصوص الطاقات المتجددة، كالطاقة الشمسية التي ستتطور عبر توقيع الوكالة المغربية للطاقة الشمسية على عَقد استغلال مُجمع في ورزازات تبلغ طاقته الإنتاجية 160 ميغاوات، وأيضا الطاقة الريحية التي تمّ التعهد ببناء مُجمعات بمعدل 850 ميغاوات، رغم أن التقرير حثّ كذلك على ضرورة تطوير مشاريع من هذا النوع ذات الطاقة المتوسطة والصغيرة. واوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتقريره من أجل تجاوز الوضعية الحرجة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي بضرورة الرفع من قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات الخارجية، عبر تحسين مناخ الأعمال، والعمل على توفير الجودة بالمنظومة التربوية وآلية التكوين المهني ونظام الوقاية الاجتماعية، مقدما ثلاث محاور كبرى للنمو؛ أوّلها دعم حكامة الاستراتيجيات القطاعية والتموقع على المستوى الدولي بزيادة الاستثمار مع أوربا وبلدان الخليج وكذا دعم مبادرة مغرب الابتكار، وثانيها الرفع من مساهمة المقاولات الصغرى والمتوسطة، وثالثها تحسين محيط الأعمال والمناخ الاجتماعي عبر تبسيط المساطر الإدارية وجعل الإضراب آخر حل يمكن اللجوء إليه. واوصى بضرورة استغلال مؤهلات الجهات، من خلال التوطين الترابي للسياسات العمومية، وخلق شروط تنمية إندماجية عبر انخراط الشباب والنساء في الحياة الاقتصادية، مشددا على وجوب إصلاح أنظمة التقاعد والمنظومة الجبائية، إضافة إلى وضع حد للعجز التجاري والتوقف عن الاستدانة من أجل تمويل اشتغال الدولة وإلا فستفقد هذه الأخيرة سيادتها. من جهة اخرى نشرت منظمة اترانسبارنسيب الدولية تقريرا أعدته حول موضوع الفساد والرشوة، شمل بالدراسة أكثر من 100 دولة حول العالم من بينها المغرب كواحد من 11 دولة عربية شملها التقرير. افاد ان أكثر من 80 بالمائة من المغاربة يستغلون علاقاتهم مع موظفين حكوميين لقضاء مصالحهم الادارية. وقامت المنظمة بدراسة كل من الأحزاب والبرلمان واالشرطة والجيش والتعليم والصحة والدين والاعلام، بالاضافة الى المنظمات الحقوقية في علاقتها بالمواطنين، وخلصت الى نتيجة، مؤداها أن ربع مواطني العالم يدفعون الرشوة في المؤسسات المذكورة. ولم ينف ما يقارب الـ50 بالمائة من المواطنين المغاربة أنه سبق وان دفعوا رشوة في احدى المؤسسات الادارية، كما اعترف معظم المستجوبين العرب أنهم يشعرون بتنامي ظاهرة الرشوة في بلدانهم.