الدوحة: تمثل تقنية تبريد ملاعب كأس العالم في قطر 2022 إحدى أبرز قصص نجاح رحلة الإعداد لاستضافة البطولة، انطلاقاً من المكانة التي حظي بها كل من الابتكار والاستدامة، في صميم التحضيرات لتنظيم النسخة الأولى من المونديال في العالم العربي.
تتراوح درجة الحرارة في قطر بين 24-18 درجة مئوية خلال منافسات المونديال في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول / ديسمبر، وهي أجواء مثالية للاعبين والمشجعين، ورغم ذلك أوفت قطر بما تعهدت به، ووفرت للعالم تقنية تبريد مبتكرة للملاعب وحرصت على ألّا تُصدر لها براءة اختراع لإتاحة فرصة الاستفادة منها في جميع أنحاء العالم.
تقنية التبريد تطبق في 7 ملاعب مونديالية
يُعدّ إستاد خليفة الدولي أول الملاعب المونديالية التي شهدت تشغيل نظام التبريد الجديد، وذلك خلال افتتاحه في أيار/ مايو عام 2017، ثم طُبقت تقنية التبريد المبتكرة في ستة إستادات مونديالية أخرى، إلى جانب استخدامها في تبريد مجموعة من المرافق في أنحاء البلاد.
تتيح تقنية التبريد الجديدة استضافة المنافسات والأحداث الكبرى على مدار العام من خلال تبريد المرافق الرياضية، وكذلك تبريد مرافق أخرى مثل الأسواق والمزارع وهذا الأمر سيسهم في تعزيز الأمن الغذائي في البلاد.
تأتي التقنية المتطورة الموفرة للطاقة ثمرة لتنسيق الجهود بين اللجنة العليا للمشاريع والإرث من جهة وبين جامعة قطر من جهة أخرى، إذ نجح فريق من كلية الهندسة في الجامعة بقيادة أستاذ الهندسة الدكتور سعود عبد الغني في ابتكار تقنية التبريد، بعد إعلان فوز قطر باستضافة المونديال.
وقال الدكتور عبد الغني، مهندس تقنية تبريد إستادات كأس العالم في قطر إن دراسته لنيل درجة الدكتوراه تناولت تكييف الهواء في السيارة، ومنها انطلق في مشروعه لابتكار نظام تبريد يعمل على نطاق أوسع مصمم خصيصاً لملاعب المونديال.
وأضاف عبد الغني أن جميع إستادات المونديال زُودت بتقنية التبريد باستثناء إستاد 974 الذي يمكن تفكيكه بالكامل، ويمتاز بتهوية طبيعية نظراً لإطلالته على مياه الخليج العربي.
تختلف آلية عمل تقنية التبريد في الملاعب السبعة وفقاً لتصميمها، حيث جرى تعديلها بما يتلاءم مع المواصفات الخاصة بالتصميم والمزايا الفريدة التي يتصف بها كل إستاد.
كيف تعمل تقنية التبريد المبتكرة؟
بحسب عبد الغني، تُستخدم الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة اللازمة لتبريد الهواء، ثم يُدفع الهواء البارد إلى داخل الإستاد، ثم يسحب الهواء المبرّد من قبل، ليعاد تبريده مرة أخرى ثم تنقيته، قبل دفعه مجدداً في اتجاه المشجعين واللاعبين، عبر فوهات في جوانب أرضية الإستاد، وأسفل مقاعد الجمهور، كما تستخدم أنظمة العزل والتبريد التي تستهدف نقاطًا محددة في الإستاد، لجعل التقنية صديقة للبيئة قدر الإمكان.
ويوضح عبد الغني أن تبريد نقاط محددة يعني استهداف المناطق التي يوجد فيها الأفراد فقط، مثل أرضية الملعب والمدرجات، وبهذه التقنية سيتميز كل إستاد بهيكل أشبه ما يكون بحاجز يضم في داخله فقاعة باردة، وتعمل تقنية تدوير الهواء على تبريد الهواء وتنقيته ومن ثم دفعه نحو اللاعبين والمشجعين، ويجري تبريد كل إستاد للوصول إلى درجة حرارة تبلغ حوالي 20 درجة مئوية، مع تبريد في مواضع محددة يعزز التزام قطر الدولة المنظمة للمونديال بالاستدامة والمحافظة على البيئة.
كيف تستفيد دول العالم من تلك التقنية؟
في ضوء عدم إصدار براءة اختراع لحماية حقوق ابتكار التقنية؛ يمكن الاستفادة من تصميمها وتعديلها بما يناسب مختلف احتياجات قطاع الأعمال والدول وتطوير نظم تبريد مماثلة في أنحاء العالم.
في هذا السياق، يقول مبتكر تقنية التبريد: “هذه التقنية ستشكل نقلة نوعية من شأنها إحداث تغيير ملموس في الدول ذات الطقس الحار، ولهذا السبب جعلت قطر هذه التقنية متاحة للجميع لتحقيق الفائدة العامة بدون أن يترتب على ذلك أي كلفة، ويمكن تكييفها وتعديلها وفقاً لاحتياجات قطاع الأعمال والدول، وتعد إحدى الإنجازات المهمة التي تفخر قطر بتقديمها للعالم”.
تستخدم تلك التقنية في أنظمة تبريد مماثلة في عدد من الأماكن في قطر، بما فيها كتارا بلازا، ومزرعة في منطقة الخور لإنتاج الخضروات والفاكهة للاستهلاك المحلي.
وعبّر الدكتور عبد الغني عن سعادته بالاستفادة من تقنية التبريد في تعزيز الأمن الغذائي في قطر، منوهاً بالمزايا الكبيرة التي تشتمل عليها والتي تسهم في إحداث تغيير إيجابي في المساحات الخارجية لا سّيما الزراعية منها، “استخدمنا نظم التبريد القائمة على هذه التقنية في المزارع في قطر، وتمكّنا من تطوير طرق تبريد موفرة للطاقة لزراعة المحاصيل خلال أشهر الصيف، ما يعود بفائدة كبيرة على أفراد المجتمع”.
(د ب أ)