لندن ـ ‘القدس العربي’: رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يحذر ويقول ان اسرائيل لها الحق في التدخل لمنع الاسلحة السورية، من الوقوع في الايدي الخطأ، مع زيادة التوتر في مرتفعات الجولان، وتراجع اعداد القوات السورية على الحدود. فيما يشن الرئيس السوري بشار الاسد هجوما على جيرانه الداعمين للمعارضة السورية ويقول لهم ان النار ستطالهم، وذلك عندما قام بموضعة الحرب السورية في سياق ‘الحرب الدولية على الارهاب’.
وقال ان الغرب الذي مول الحرب في افغانستان في السابق دفع الثمن غاليا. وفي الوقت نفسه يتسارع النقاش في الولايات المتحدة حول سورية، فالكونغرس استمع لشهادات كل من وزير الخارجية والدفاع ورئيس هيئة الاركان المشتركة، ومع ان مجمل الشهادات يعكس خلافا في التقييم الا ان هناك تحركات حثيثة نحو سيناريو ودور امريكي بارز، فمن جهة يرى جون كيري ان المعارضة تتقدم على الارض، وان واشنطن تنسق مع الدول التي تسلح المعارضة او تلك التي ستسلحها، فيما تحدث كل من من تشاك هاغل ومارتن ديمبسي عن مساعدات انسانية وامكانية لحماية مناطق آمنة. وقالا ان الوضع على الارض غير واضح وان هناك مخاطر من جمود على الساحة القتالية. ورغم ذلك فقد اعلن هاغل عن ارسال 200 من الجنود للاردن من اجل القيام بما اسماه ‘عمليات اعادة الاستقرار’ وتقديم المهام الانسانية للاجئين السوريين وللسيطرة على الاسلحة الكيماوية. ويبدو من اعلان هاغل ان واشنطن تعد الخطط للتدخل في سورية ان اقتضى الامر، فقد نظرت الصحف الامريكية لارسال هذا العدد الصغير على انه خطوات للتدخل في سورية.
ويعتقد ان القوة الجديدة التي اعلن عنها هاغل في مرافعته امام لجنة القوات المسلحة الى جانب ديمبسي، انها طليعة قوة من 20 الفا او اكثر ستنشر حالة قرر الرئيس باراك اوباما التدخل العسكري في سورية وتأمين ‘الاسلحة الكيماوية’.
وستقوم القوات الجديدة بانشاء مركز قيادة لها قرب في شمال الاردن قريبا من الحدود مع سورية، للمساعدة في عمليات الاغاثة الانسانية والتخطيط لعمليات عسكرية محتملة بما فيها عمليات تدخل سريع للقوات الامريكية حالة قرر البيت الابيض ان التدخل بات ضروريا حسبما نقلت صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’ عن مسؤول امريكي بارز. ومع ان البنتاغون ارسل انظمة وصواريخ باتريوت لتركيا لحمايتها من الصواريخ السورية الا انها في العام الماضي ارسلت 150 ضابطا وخبيرا عسكريا وامنيا للاردن، حيث اقاموا مركزا لهم في العاصمة عمان، من اجل اعداد الخطط لتدخل محتمل لتأمين السلاح الكيماوي وتنسيق عمليات نقل الاسلحة للمعارضة وتدريب مقاتليها.
وحسب مسؤولين فالقوات الموجودة الان سيعود بعض افرادها وسينضم اخرون بشكل لن يزيد عدد القوات عن 200، ويعتبر الاعلان اول خطوة تفصح عن نية للادارة لاحتمال تدخلها لان طبيعة الجنود الذين سيتم نشرهم هم من الوحدات النظامية ومن قوات الفرقة المدرعة الاولى المتمركزة في ‘فورت بلس’ في تكساس.
ويرى مسؤولون امريكيون ان تكثيف الجهود والتحضيرات نابع من عدم ظهور اشارة عن توقف الحرب الاهلية، ولتراجع الامال بالتوصل لتسوية سياسية تؤدي لرحيل الاسد عن السلطة.
ليس قرارا
وفي الوقت الذي اكد فيه هاغل على ان الاعلان لا يعبر عن قرار من باراك اوباما التدخل العسكري، حيث اشار الى ان الرئيس لا يزال قلقا من التدخل في سورية خاصة بعد ان اعلن عن سحب القوات من افغانستان بعد 12 عاما فيها، الا ان تصريحات المسؤولين الامريكيين تعكس عدم الوضوح.
وقال هاغل ان ‘التدخل العسكري هو خيار ولكنه يجب ان يكون الخيار الاخير’، مشيرا الى ان عملية نشر عسكري كبيرة ‘قد تورط امريكا في التزامات عسكرية غير واضحة، مهمة وطويلة’. ولكنه قال للكونغرس ان قرار تعزيز القوات الامريكية في الاردن جاء من اجل ‘تحسين الجاهزية للتدخل في عدد من السيناريوهات’.
وفي ثنايا حديث هاغل ومارتن ديمبسي تكمن مخاوف من ان المعارضة التي حققت انجازات كبيرة في الشمال والجنوب ليست متماسكة بما فيه الكفاية، فديمبسي الذي دعم خطة تسليح المعارضة التي تقدم بها مدير ‘سي اي ايه’ السابق ديفيد بترايوس، ودعمتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ووزير الدفاع السابق ليون بانيتا قال ‘رأيي العسكري هو انني اشعر بالقلق خاصة بعد ان شاهدنا صعود النصرة ورأينا صور الاسلحة التي في ايديهم’، مشيرا الى ان الوضع اصبح اكثر تعقيدا عما كان عليه الوضع في العام الماضي. ومع ذلك قال في رد على سؤال لجون ماكين، المرشح الجمهوري السابق، انهم مستعدون لتسليح المعارضة ان وجد الفصيل المناسب. وقال ان الجيش لديه استعدادات لتوفير الحماية لمنطقة عازلة تقام داخل الحدود السورية قرب الحدود مع تركيا او الاردن. ووصف ديمبسي وضع المعارضة بالغموض والمتشوش حيث قال’في الحقيقة فان الوضع اكثر تشوشا في جانب المعارضة اكثر منه قبل ستة اشهر’. كما انه ليس متأكدا ان كانت واشنطن قادرة الان على تحديد ‘الجماعات المناسبة لتسليحها’.
الموقف الاردني
وتقول صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’ ان استعداد الملك عبدالله الثاني لقبول تمركز وحدة صغيرة على اراضي بلاده يعكس مخاوفه من انتشار الازمة السورية وانتقالها الى الاردن. ويعتبر وجود هذه الوحدة تطورا في الموقف الاردني فعلى الرغم من انه من اكبر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة الا انه لم يسمح لها باقامة قواعد عسكرية على اراضيه حتى في اثناء غزو العراق، وظل موضوع القوات الامريكية الخاصة التي دخلت العراق من اراضيه سرا محكما. ولكن وفي ظل استمرار الحرب في سورية وتدفق مئات الالاف من اللاجئين جعل الاردن يوافق على وجود هذه الوحدة العسكرية الصغيرة، وبحسب مسؤولين امريكيين فانه قد يوافق على استقبال قوات كبيرة في المستقبل.
وستبدأ طليعة القوات الامريكية بالوصول للاردن نهاية الشهر الحالي، وسيصل معظم افرادها في شهر ايار (مايو) المقبل حيث سيتمركزون في منشأة عسكرية اردنية. ومعظم من سيصل اولا هم من الذين تلقوا تدريبات على المساعدة في العمل الاغاثي والانساني او الشؤون المدنية. وبحسب الصحيفة فقد اعدت البنتاغون خططا لزيادة العدد وارسال قوات عمليات خاصة لتأمين السلاح الكيماوي، ووحدات من سلاح الجو الامريكي لتوفير الحماية للمجال الجوي الاردني وفرق عسكرية مدربة على الحروب التقليدية قادرة على دخول سورية حالة قرر البيت الابيض التدخل. وفي سيناريو ينهار فيه نظام الاسد قبل التدخل فانه قد يتم ارسال فريق الشؤون المدنية الى سورية للمساعدة في اعادة الخدمات والامن.
المعارضة
وكان هاغل قد قال في شهادته ان سياسة الادارة في البحث عن تسوية في سورية وبناء قوة ما يطلق عليها المعارضة المعتدلة لم تعمل و ‘لم تحقق اهدافها، بشكل واضح’، و’لهذا السبب نواصل النظر في خيارات وطرق اخرى لتحقيق هذا’. وقال هاغل انه التقى مع اوباما يوم الثلاثاء الذي كان قلقا لنفس السبب وهو استمرار ‘الدمار الانساني’.
وسيزور هاغل المنطقة في نهاية الاسبوع الحالي حيث سيزور الاردن والسعودية واسرائيل ومصر والامارات العربية المتحدة. وسيتركز معظم الحديث في الجولة على الموضوع السوري. وفي اتجاه اخر قال ديمبسي انه ليس متأكدا ان كانت القوات الخاصة ستتمكن من تأمين الاسلحة الكيماوية السورية لان القوات السورية نقلت بعض العوامل الكيماوية حتى لا تقع في يد المقاتلين حيث قال ان الجيش ‘يقوم بنقل الاسلحة، خاصة ان المواقع المخزنة فيها كثيرة’. وفي رد على السناتور كارل ليفين، النائب الجمهوري عن امكانية اتخاذ خطوات للضغط على نظام الاسد قال ديمبسي ‘لا ارى ادخال قوات عسكرية سيؤدي لتحقيق النتائج التي نريدها’، مضيفا انه قد تؤدي الى زيادة الوضع سوءا.
كيري وقرارات جديدة
وكان كيري قد قدم للنواب تقييما عن الوضع في سورية حيث قدم شرحا ايجابيا للتعاون القريب بين واشنطن والائتلاف ووصف الاثر الايجابي الذي تركته شحنات الاسلحة على تعزيز وضع المقاومة السورية، مقترحا ان وصول هذه الاسلحة تم بمباركة امريكية حيث قال ان ‘سياسة الولايات المتحدة في الوقت الحالي عدم تقديم اسلحة ولكننا ننسق بشكل قريب مع اؤلئك الذين يسلحونهم’ اي المعارضة. وعكست شهادته في هذا الاتجاه ما قاله في الشهر الماضي اثناء زيارته للسعودية عن وجود جماعات يمكن الوثوق بها كي توصل الاسلحة للجماعات ‘المعتدلة والتي تحظى بشرعية’. وسيصل كيري اليوم الى اسطنبول للاجتماع مع المعارضة واصدقاء سورية حيث قال ان هناك قرارات سيتم اتخاذها لمساعدة المعارضة ومن اجل تحديد الطرق الناجعة والتي ستعجل رحيل الاسد، واكد ان المعارضة تحقق انجازات على الارض.
تصدير النفط
ويبدو ان المستوى السياسي الغربي متفائل ويتجه نحو تعزيز المناطق التي تقع تحت سيطرة المقاتلين وهو ما بدا في اتفاق اولي بين المسؤولين في دول الاتحاد الاوروبي ويقضي بتخفيف قيود الحظر على سورية بشكل يفتح الباب امام تصدير النفط السوري للدول الاوروبية، فيما يقول المسؤولون انه محاولة لمساعدة المناطق التي تسيطر عليها على بناء اقتصاد مستقر وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وسيمنح الاتفاق سكان المناطق الواقعة هذه حوافز للعمل وتشغيل منشآت النفط خاصة ان الحياة الاقتصادية متوقفة الان في هذه المناطق اي شمال وشرق البلاد. ومع ان سورية لا تعتبر من الدول الكبيرة المصدرة للبترول ولا يشكل نفطها الا نسبة 1 بالمئة من حجم النفط العالمي الا انه يعتبر من اهم مصادر الدخل القومي وكانت الدول الاوروبية هي المستورد الرئيسي له قبل ان تفرض عقوبات على النظام مع بداية الانتفاضة. وقد ادت العقوبات والحرب الى انهيار الاقتصاد الوطني حيث تراجعت نسبة الصادرات من 7.2 مليار دولار في عام 2011 الى 185 مليون دولار في العام الماضي وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة ‘الوطن’ الموالية للنظام. ويرى جوشوا لانديز من جامعة اوكلاهوما ان العقوبات الاقتصادية عامل مهم في انهيار الاقتصاد وسبب في تدفق اللاجئين في داخل والى خارج سورية هو فقدان الامن والفقر ونقص الطعام وعليه فان دفع الاقتصاد هو المفتاح لمنع هروب السوريين للخارج. وقال لانديز فيما نقلت عنه ‘نيويورك تايمز’ ان ‘الغرب يقول انه يستهدف النظام، ولكن من السهل القول ان النظام يطعم جنوده والشعب هو الذي يجوع’. وقالت الصحيفة ان الاتفاق ينص على ان تقوم كل دولة عضو في الاتحاد الاوروبي اتباع اجراءات وتعليمات واضحة وان تستشير الائتلاف الوطني السوري قبل القيام باية خطوات. ولا تقتصر التحضيرات على تعزيز الوضع الاقتصادي بل على صورة و’رواية التاريخ’ لسورية ما بعد الاسد.
كتابة التاريخ
ففي الكتب المدرسية الجديدة التي وزعت على مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا تم تعديل معلومة تاريخية ظل طلاب المدارس السورية يقرأونها طوال العقود الماضية، وهي ان لواء الاسكندورنة ودولة هتاي هي جزء من سورية الطبيعية. لكن لجان المقرر التعليمي التابعة للمعارضة قررت الاعتراف بملكية تركيا لهذه المناطق فالخرائط في الكتب المدرسية الجديدة تؤكد على هوية الاقليم التركية. ويعتبر هذا واحدا من التغيرات التي حدثت على المقرر التعليمي لسورية ‘الجديدة’، حيث عمد معدو المقررات الدراسية لتقديم رواية مختلفة عن سورية، وحذف الرواية التي اكدت على ايديولوجية البعث والقومية العربية. وتنقل صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’ عن مدير مدرسة قوله ‘ان استخدمنا نفس كتب النظام فلا معنى اذا للثورة’، واضاف ان الثورة قامت ‘لمواجهة عملية غسيل دماغ التلاميذ وهو ان الاسد هو المنقذ والقائد’.