تكنولوجيا جديدة قادرة على تخزين طاقة الشمس لمدة 18 عاماً

حجم الخط
0

لندن-“القدس العربي”: تمكن العلماء من التغلب على واحدة من مشاكل الطاقة المزمنة والرئيسية في العالم والتي تؤثر على أسعارها وتكاليفها، وهي مشكلة التخزين، حيث لا يزال من غير الممكن تخزين الطاقة لمدد طويلة، خاصة الطاقة النظيفة أو المتجددة التي تعتبر رخيصة نسبياً، لكن تخزينها أو الاحتفاظ بها لفترة طويلة من الزمن هو أغلى ما فيها.

ويزداد الاعتماد بشكل مستمر على الطاقة الشمسية التي دخلت في العديد من مناحي الحياة، لكن الكثير من المنشآت تشكو من عدم القدرة على تخزين هذا النوع من الطاقة لمدد طويلة، فمثلاً لا يمكن الاحتفاظ بالطاقة الشمسية التي يتم توليدها صيفاً إلى حين حلول فصل الشتاء فيتم استخدامها، بل في كثير من الأحيان لا يمكن تخزين الطاقة الشمسية التي يتم توليدها نهاراً إلى الليل من أجل استخدامها.

وعانت صناعة الطاقة الشمسية من هذه المشكلة لفترة طويلة، لكن تكنولوجيا جديدة بدأت بالظهور مؤخراً لتتغلب على هذه المشكلة، حيث طور علماء في السويد سائلاً متخصصاً يسمى الوقود الشمسي الحراري، يمكنه تخزين الطاقة من الشمس لمدة تزيد عن عقد من الزمان.

وقال تقرير نشرته شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية “إن الوقود الحراري الشمسي يشبه بطارية قابلة لإعادة الشحن، ولكن بدلا من الكهرباء، يمكنك وضع ضوء الشمس في الداخل والحصول على الحرارة، عند الطلب”.

وحسب جيفري غروسمان، وهو مهندس يعمل بهذه المواد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، فان “السائل هو في الواقع جزيء في شكل سائل حيث أن العلماء من جامعة تشالمرز للتكنولوجيا، والسويد يعملون على تحسينه لأكثر من عام”.

ويتكون هذا الجزيء من الكربون والهيدروجين والنيتروجين، وعندما يصاب بأشعة الشمس، فإنه يفعل شيئاً غير عادي: يتم إعادة ترتيب الروابط بين ذراتها وتتحول إلى نسخة جديدة نشطة من نفسها، تسمى “أيزومر”.

ويتم التقاط الطاقة من الشمس بين الروابط الكيميائية القوية للأيزومر، وتبقى هناك حتى عندما يبرد الجزيء إلى درجة حرارة الغرفة.

وعندما تكون الطاقة مطلوبة – مثلا في الليل أو خلال الشتاء – يتم ببساطة سحب السائل من خلال محفز يعيد الجزيء إلى شكله الأصلي، مما يطلق طاقة في شكل حرارة.

ويقول أحد أعضاء الفريق البحثي الذي ابتكر هذه التكنولوجيا الثورية، وهو عالم المواد النانوية كاسبر موث بولسن، من جامعة تشالمرز: “يمكن تخزين الطاقة في هذا الأيزومر لمدة تصل إلى 18 عاماً”. ويضيف: “وعندما نأتي لاستخراج الطاقة واستخدامها، نحصل على زيادة دافئة أكبر مما تجرؤ على الأمل”.

وقد وضع النموذج الأولي لنظام الطاقة، على سطح مبنى الجامعة، ووضع السائل الجديد تحت الاختبار، ووفقا للباحثين، فإن النتائج جذبت انتباه العديد من المستثمرين.

ويتكون جهاز الطاقة المتجددة والخالي من الانبعاثات من عاكس مقعر مع أنبوب في المركز، يتتبع الشمس مثل طبق من نوع القمر الصناعي.

ويعمل النظام بطريقة دائرية، من خلال ضخ الأنابيب الشفافة، حيث يتم تسخين السائل من خلال أشعة الشمس، وتحويل جزيء “norbornadiene” إلى الأيزومرات الصائدة للحرارة، ثم يتم تخزين السائل في درجة حرارة الغرفة مع الحد الأدنى من فقدان الطاقة. وعندما تكون الطاقة مطلوبة يتم ترشيح السائل من خلال محفز خاص يحول الجزيئات إلى شكلها الأصلي ويسخن السائل بـ63 درجة مئوية.

ويقول الباحثون أنهم يأملون أن يتمكنوا من استخدام هذا الدفء في أنظمة التدفئة المنزلية، وتشغيل سخان المياه في المباني، وغسالة الصحون والملابس، وأكثر من ذلك بكثير قبل العودة إلى السطح مرة أخرى.

وقد وضع الباحثون السوائل عبر هذه الدورة أكثر من 125 مرة، حيث التقطوا الحرارة وأنزلوها دون حدوث أي ضرر كبير في الجزيء، حسب ما ذكرت الشبكة الأمريكية.

وقال الباحثون: “لقد حققنا العديد من التطورات الحاسمة في الآونة الأخيرة، واليوم لدينا نظام للطاقة خالية من الانبعاثات التي تعمل على مدار العام”.

وهم يعتقدون أنه يمكنهم الحصول على المزيد من الحرارة خارج هذا النظام، على الأقل 110 درجة مئوية أكثر، كما يقول موث بولسن: “هناك الكثير مما يجب القيام به. لقد حصلنا للتو على نظام للعمل. والآن نحتاج إلى ضمان تصميم كل شيء على النحو الأمثل”.

وحسب بولسن فإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها فإن هذه التكنولوجيا يمكن أن تكون متاحة للاستخدام التجاري في غضون 10 سنوات فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية