عمان-“القدس العربي”: تصطدم أي قراءة مبكرة لملف الانتخابات الأردنية المقبلة بسلسة حواجز ووقائع على الأرض تجعل التوقعات محسومة في بعض المفاصل وشبه مستحيلة في محطات أخرى.
يبدو هنا من الصعب مهما بلغ الأردنيون من القدرة على التشخيص والتحليل التوقع والتكهن وحتى القراءة المعمقة قبل حسم مسألة توقيت الانتخابات.
التوقيت بدوره مرتبط على نحو أو آخر بمدلول إقليمي ودولي، فالفرصة غير متاحة للحسم في الملفات الداخلية الأساسية قبل مراقبة نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لأنها فيما يبدو تؤثر في المعطيات مع أن لاعبين أساسيين في مربع القرار يرجحون سيناريو إسرائيلي يبتعد عن الحسم مجددا ويحتاج لانتخابات رابعة.
في كل حال الحسم في إسرائيل مفيد فقط للتوقيت في الأردن.
وما يشتم في دوائر القرار حتى اللحظة يعبر عن إرادة سياسية لوقف تكهنات بتأجيل الانتخابات حيث مارس الأردنيون استحقاقهم الانتخابي طوال الوقت في ظل أزمات عاتية في الإقليم والمنطقة وما يرشح حتى اللحظة عدم وجود حاجة لربط الانتخابات بالمسار الإقليمي إلا من حيث التوقيت على الأرجح.
يريد القرار أيضا وبوضوح الابتعاد عن المتتالية الهندسية السلبية، فالانتخابات المقبلة حتى تنجح تحتاج إلى استعداد خاص في مسارين حسم الأول منهما بتوجيه مرجعي وملكي مباشر بعنوان التصدي بلغة القانون للمال السياسي في الحملات الانتخابية.
ولم يحسم المسار الثاني بعد حيث شكل وهوية وملامح قانون الانتخاب.
التزام السلطات التنفيذية بالتوجيهات العلنية الخاصة بالمال السياسي يعني ضمنيا لو انجز عدم رؤية العديد من الوجوه الحالية في البرلمان المقبل ويعني الاتجاه فعلا نحو انتخابات أنظف من سابقاتها تحت عنوان التصدي للمال السياسي المؤثر والذي يتحدث عنه الأمريكيون تحديدا.
الحاجة ملحة ضمن المعطيات المتعلقة بالمتتالية إياها لنسبة اقتراع معقولة ومنطقية توحي بأن الأمل سياسيا لا يزال موجودا، الأمر الذي يستدعي خلافا للمرات السابقة رغبة ضمنية من دوائر القرار في الاستثمار زمنيا بتوقيت يناسب وجود المغتربين الأردنيين.
وهو خيار لو ظهر فعلا لاتضحت أكثر أزمة نسبة الاقتراع والتصويت وبرزت حاجة السلطة إلى تمكين المغتربين من المشاركة بصرف النظر عن اتجاهاتهم وميولهم السياسية. وهو خيار في السقف الزمني يؤشر على أن توقيت الانتخابات المرجح حتى اللحظة يبدأ من شهر تموز/يوليو المقبل وينتهي مع نهاية شهر اب/اغسطس.
وتدرس كل الاحتمالات ولا أدلة أأأو قرائن حتى اللحظة يمكن الرهان عليها في القول بإن سيناريو تمديد البرلمان الحالي جدي وحقيقي ويتجاوز مطامح شخصية عند أعضاء المجلس الحاليين في اتجاه مقاربة يحصلون فيها على سنة مجانا ذريعة الخوف من الإسلاميين واقتناصهم للمرحلة الصعبة وبذريعة التعاطي لسقف زمني أكبر مع مرحلة ما قبل نقابة المعلمين.
عمليا تنتهي الدورة العادية الحالية في الثلث الأول من شهر أيار/مايو المقبل.
وعمليا تحتاج الهيئة العليا لإدارة الانتخابات إلى 105 أيام يحددها القانون قبل ترسيم الموعد بدقة.
وفي الإشكال الزمني في منتصف الطريق ثمة شهر رمضان المبارك وعيدين إسلاميين وتفاصيلهما التي يستصعب الأردنيون تجاهلها عندما يتعلق الأمر بالانتخابات. وذلك في المرونة الوقتية يعني أن انتهاء دورة البرلمان الحالية في موعدها الدستوري وفي حال الرغبة في موسم انتخابي يشارك فيه المغتربون يبقي الخيار أمام صاحب الخيار لإجراء الانتخابات في نهاية شهر اب/اغسطس المقبل ما لم يكسب سيناريو التمديد حلفاء أقوياء جدد في مربع القرار.
أما إذا انتهت المشاورات بأن تجري الانتخابات في نهاية شهر تموز/يوليو أو على الأقل بداية شهر اب/اغسطس فالفرصة تكون متاحة لتطبيق توقعات رئيس مجلس الأعيان التي سمعتها “القدس العربي” منه مباشرة فيصل الفايز، حيث انتهاء ضمن الصلاحيات الملكية لدورة البرلمان في شهر اذار/مارس من دون الحاجة لأي تمديد وبعد انتهاء الحكومة الحالية من برنامج الحزم الاقتصادية، الأمر الذي يتيح إجراء الانتخابات خلال أربعة أشهر بموجب الاستحقاق الدستوري.
لا تتأثر هذه التراتبية الزمنية بعناصر سياسية محددة لها علاقة بالداخل. لكنها فيما يبدو وعلى الأرجح تتأثر بالرغبة الكامنة والمكتومة في ترقب نتائج الانتخابات الإسرائيلية حيث التصعيد في الصناديق الإسرائيلية لصالح اليمين المتشدد قد ينتهي بتخفيف الضغط عن اليمين الأردني الوطني أو حتى السياسي الإسلامي في تجربة تبقى دائما محفوفة بالمخاطر ومن الصعب توقع نتائجها دوما.