أنقرة- “القدس العربي”: تتزايد التكهنات والتوقعات حول مصير عدد من الشخصيات البارزة في التركيبة السياسية التركية الحالية، وذلك مع اقتراب إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن التعديل الوزاري المنتظر، والذي يمكن أن يطال عددا من الوزراء البارزين ومنهم وزيرا الداخلية والخارجية بالإضافة إلى رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية.
والشهر الماضي، وأثناء انعقاد المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي أفرز لجنة مركزية جديدة لقيادة الحزب، أكد مسؤول كبير بالحزب قرب إجراء تعديل وزاري في حكومة أردوغان، وذلك عقب أشهر من التكهنات والتسريبات حول نية أردوغان إجراء تعديل وزاري، في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتوجه لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى في المنطقة.
وقال ماهر أونال، نائب رئيس الحزب وأبرز المقربين من أردوغان في لقاء تلفزيوني، “عندما يبدأ الحديث عن التغيير، وحتما عندما يتغير جزء تكون هناك حركة في النظام بأكمله”، مضيفا “بالنظر إلى 2023، سيكون هناك تعديل جديد في الفريق وليس في الحزب فقط. سنرى ذلك في الأيام القليلة المقبلة”.
وعقب تأكيد التكهنات عن نية أردوغان إجراء تعديل وزاري، انتقل الحديث عن حجم التعديل والوزارات التي سيطالها، إذ يسود تكتم كبير من قبل الرئيس والطاقم المحيط به باستثناء بعض التكهنات الصحافية التي تشير إلى تضارب كبير ونقص حاد في المعلومات عن طبيعة التعديل الذي يسود الغموض موعده أيضاً، إلا أن الكثير من المصادر باتت تجمع على أنه بات قريباً وربما يعلن عنه خلال الأيام المقبلة.
وعلى الرغم من الغموض الكبير حول الأسماء المتوقع تغييرها في الحكومة، إلا أن السياق العام للتغيير ودوافعه يعطي انطباعاً مهماً حول الوزارات التي سيشملها التغيير والشخصيات التي قد تخرج من الحكومة والشخصيات الجديدة التي قد تدخلها قريباً، لكن الكثير من المصادر التي تحدثت لـ”القدس العربي” وأعطتها تصوراً عن المداولات الجارية، رفضت الجزم بأي من معلوماتها وأكدت وجود تكتيم واسع على الاستعدادات لإعلان التعديل الوزاري إلى جانب إمكانية حصول تغيير في الخطة في الساعات الأخيرة.
وفي إطار التوجه نحو سياسة خارجية جديدة تعتمد على الدبلوماسية وتقليل الخلافات في المنطقة والعالم بعيداً عن القوة الخشنة التي سادت السياسة التركية في السنوات الأخيرة، يتوقع كثيرون أن يشمل التعديل بدرجة أساسية وزير الخارجية وذلك من خلال خروج مولود جاوش أوغلو لتحل مكانه شخصية أكثر دبلوماسية وخبرة قادرة على تحقيق خطوات سريعة في جهود تركيا بتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وبناء علاقات جيدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة والنجاح في مهمة إعادة رسم خريطة التحالفات مع الدول المطلة على البحر المتوسط والنجاح في مهمة إعادة ترتيب العلاقات مع مصر ودول الخليج.
يتوقع كثيرون أن يشمل التعديل بدرجة أساسية وزير الخارجية وذلك من خلال خروج مولود جاوش أوغلو لتحل مكانه شخصية أكثر دبلوماسية قادرة على تحقيق خطوات سريعة في جهود تركيا بتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا ومصر والخليج
وفي هذا الإطار، يبرز اسم إبراهيم قالن، الناطق باسم الرئاسة التركية وأحد أهم وأبرز الدبلوماسيين الأتراك، وهو المخول بالاتصالات مع الجانب الأمريكي وكبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، ويوصف في تركيا بأنه أحد أهم راسمي سياسات الرئاسة، إذ تجمع التكهنات على إمكانية توليه منصب وزير الخارجية أو استحداث منصب أعلى له في هيكلية الرئاسة التركية لمتابعة الملفات المهمة المتعلقة بالدبلوماسية مع المقبلة مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وحتى دول المنطقة.
ولتحقيق تقدم في ملف الدبلوماسية الخارجية وخاصة مع الإدارة الأمريكية الجديدة والاتحاد الأوروبي، تشير الكثير من التكهنات إلى أن التعديل قد يشمل وزير الداخلية القوي سليمان صويلو واستبداله بشخصية تستطيع التعامل مع العديد من الملفات الداخلية بدبلوماسية أكثر تأخذ بعين الاعتبار الانتقادات الخارجية الأخيرة المتعلقة بالتعامل مع المعارضة وملف حزب الشعوب الديمقراطي والتظاهرات والملفات الحقوقية وغيرها.
وتقول مصادر إن التقدير في الرئاسة التركية يتمحور حول أن صويلو الذي يعتبر الوزير الأقوى في الحكومة وحقق نجاحاً كبيراً في السنوات الماضية لا سيما فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب والقضاء على خطر تنظيم “الدولة” في تركيا وتوجيه ضربة تاريخية لحزب العمال الكردستاني لم يعد مثالياً للمرحلة المقبلة التي يسعى فيها أردوغان لتغليب الدبلوماسية وتعزيز الحريات والديمقراطية. لكن صويلو القوي داخل الحزب أيضاً في حال خروجه من الوزارة لا بد من أن يتولى منصباً أكبر وهو ما يدفع الكثيرون للتكهن أنه – في حال خروج صويلو من الداخلية – فإنه ربما يصبح نائباً ثانياً للرئيس إلى جانب نائب الرئيس الحالي فؤاد أوقطاي، في حين تستبعد مصادر أخرى تغيير صويلو من الداخلية تحت أي ظرف.
كما يتوقع أن يشمل التعديل المقبل رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية فخر الدين ألطون، وقد زادت هذه التكهنات مع الإعلان عن تعيين مدير جديد لوكالة الأناضول التركية الرسمية خلفاً للمدير السابق شينول كازانجي، الذي يتوقع أن يتولى رئاسة الاتصال في التعديل الجديد خلفاً لألطون، فيما ذهب آخرون للحديث عن إمكانية تولى ألطون منصباً آخراً لم يحدد بعد.
وإلى جانب ذلك، أشارت العديد من الصحف التركية إلى أن التعديلات ربما تشمل أيضاً وزارات التعليم والصحة والأسرة وهي أنباء لم تؤكدها أي مصادر مقربة من الحزب أو الحكومة، في حين لا يتوقع أن تشمل التغييرات وزير الدفاع الحالي خلوصي أقار.
ولم يجر أي تعديل واسع على طاقم حكومة أردوغان الحالية التي تشكلت لأول مرة بموجب النظام الرئاسي الجديد منتصف عام 2018، باستثناء وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق الذي قدم استقالته نهاية العام الماضي وعين أردوغان لطفي علوان مكانه، والتغيير الذي طال قبل ذلك وزير المواصلات والبنى التحتية.