“تموز الضم” والبند 29: هكذا يمتلك نتنياهو المفتاح الفعلي بعيداً عن غانتس وترامب

حجم الخط
0

في نهاية فترة انتظار، وبمناسبة الانتخابات التي ترفض الانتهاء، أعطى بني غانتس في الأسبوع الماضي الإشارة لفتح سلسلة حملات ضد الضم. وهذا بعدما تبين أن في الاتفاق المكتوب بين ما تبقى من حزبه وحزب الليكود احتمالية عرض قانون لضم إسرائيلي رسمي في تموز المقبل.

البند 28 في الاتفاق يخفي ذلك بزخرفات كلامية: “رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل سيعملان معاً وبصورة منسقة للدفع باتفاقات سلام مع كل جيراننا”. أيضاً “في كل ما يتعلق بإعلان الرئيس ترامب”. ولكن رغم هذا النص عديم المعنى لكلمة “سلام” فإن البند 29 واضح – بدءاً من تموز يستطيع رئيس الحكومة أن يقدم للنقاش “الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه مع الولايات المتحدة بشأن فرض السيادة”. وعلى “أزرق أبيض” أن يمنع إعاقة الاقتراح في اللجان. صيغة قانون الضم تحتاج إلى مصادقة نتنياهو، الأمر الذي يمنحه القوة في البت هل سيكون هناك ضم، وإذا كان فكيف ذلك، ويمكنه أيضاً من أن يتخلى عن الفكرة لاحقاً. ولكن الحكومة القادمة من ناحية مبدئية، بالتأكيد لا تستبعد هذه الاحتمالية تماماً.

الاتفاق الذي وقع بين “أزرق أبيض” وبقايا حزب العمل هو اتفاق أكثر غرابة. مبادئه السياسية هي: 1- إعادة جثث الجنود والمدنيين المحتجزين في غزة “كشرط مسبق لكل اتفاق أو مشروع أو تسوية تتعلق بقطاع غزة”. 2- وضع أجندة جديدة أمام حماس” و”إعادة الردع الإسرائيلي أمام منظمات الإرهاب”. 3- “يعمل الطرفان معاً للحفاظ على اتفاقات السلام وعلى الاتفاقات الأمنية والسياسية لدولة إسرائيل”. الوزير المستقبلي ايتسيك شمولي قال إن الصياغة الأخيرة ستمنع الضم فعلياً، لأن خطوة كهذه في الغور ستخرق الاتفاق مع الأردن. هذا ظهر كتبرير ضعيف إزاء الغوص في تفاصيل التفاصيل في باقي البنود، مثل البند الذي يتناول الدفع قدماً لقانون التخليد الرسمي لذكرى بيرل كتسنلسون، وهي بادرة حسن نية رمزية مناسبة، حيث أيد كتسنلسون “تبادل السكان”، أي ترانسفير للفلسطينيين.

إن إطلاق صفقة القرن خلقت تشويشاً معيناً. “خطة ترامب للسلام عملت على شرعنة ضم جميع المستوطنات ومنطقة أخرى حولها، لكن رئيس الولايات المتحدة أوضح بأنه يجب على إسرائيل أن تفاوض بصورة متوازية مع الفلسطينيين والحفاظ لدولتهم المستقلة على المنطقة المتبقية. أما صهر الرئيس، غارد كوشنر، الذي ترأس الطاقم المسؤول عن الخطة، فقد برد حماسة المستوطنين من الضم في عدة مقابلات استهدفت تهدئة العالم العربي. نتنياهو نفسه تلقى ضربة من البيت الأبيض عندما تبجح بالمصادقة الفورية على الضم وتلقّى ضوءاً أحمر. كما هو متوقع، وبضغط من السفير الأمريكي في إسرائيل، دافيد فريدمان، حصل رئيس الحكومة على جائزة ترضية على شكل لجنة مشتركة إسرائيلية – أمريكية ستبدأ برسم الخرائط استعداداً للضم المستقبلي. تم تشكيل اللجنة حقاً والتقى أعضاؤها عدة مرات. ليس واضحاً حتى الآن كم تقدمت في عملها، لكن تسريبات عن نشاطها يجري تسريبها لوسائل الإعلام المتماهية مع المستوطنين من أجل الإشارة إليهم بأن الموضوع مستمر.

انشطر رد المجتمع الدولي على الخطة: في البداية دعم مبدئي لتحريك العملية السياسية، وبعد ذلك إدانة مركزة للضم. منذ ذلك الحين والعالم ينتظر التطورات بهدوء، وكان غانتس هو الأول الذي وفر ذلك. عند نشر الاتفاق الائتلافي قبل النقاش الدائم في الأمم المتحدة على إسرائيل والفلسطينيين، هطل يوم الخميس وابل من الإدانات الأشد من سابقاتها. وزير خارجية الاتحاد، جوزيف بوريل وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيرلندا ودول أوروبية أخرى، عرضوا موقفاً واضحاً ضد كل ضم أحادي الجانب، وسفير فرنسا في الأمم المتحدة أعطى إشارات لتداعياته على العلاقات مع إسرائيل عندما صرح بأن “خطوة كهذه لن تمر بصمت”. عدد من الدول تجري الآن فحص الخطوات التي يجب اتخاذها في حالة نفذت إسرائيل الضم الفعلي.

كالمعتاد، تلك الإدانات لم تحظ باهتمام واسع، أما النقاشات التي جرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول عملية الضم فهي النبأ المهم، نبأ الشخص الذي عض كلباً، أما موقف باقي العالم فيثير اهتماماً أقل؛ لأن كورونا قد سيطر على الخطاب، وأصبح عدم نجاح أوروبا الجريحة في الوصول إلى إجماع حول شؤون السياسة الخارجية، غير ذات أهمية في نظر الإسرائيليين، وربما لأن تلك التوبيخات الدبلوماسية من نوع “نحن ندين بشدة” استنفدت نفسها. في هذا السياق، يجدر التذكير بأن التأخير في إخلاء قرية الخان الأحمر الفلسطينية لا ينبع فقط من نزوة لدى نتنياهو، مثلما يعتقد عدد من رجال اليمين بالخطأ. القرية هي دليل على أن العالم بالتأكيد يمكنه ممارسة ضغط ناجع على إسرائيل عندما يريد.

إلى جانب الحملة الدبلوماسية، بدأت جمعيات إسرائيلية في زيادة نشاطها ضد الضم المتوقع قبل تموز. هذه المنظمات منقسمة إلى معسكرين، الذين يعتقدون بأن الضم قد حدث على الأرض  ولم يبق سوى قانون رسمي بمصادقة خطيرة بحكم القانون؛ والذين يعتقدون بأن الضم سيكون حداً فاصلاً سينهي حل الدولتين نهائياً. والطرفان في شرك: إذا مر الضم فعلى ماذا سيكون الصراع على الأرض في اليوم التالي. هل على حقوق متساوية للفلسطينيين في دولة واحدة؟

غانتس نفسه نشر هذا الأسبوع رسائل فهم بموجبها أن الولايات المتحدة لن تسمح بالضم. لذلك، أضيفت كما يبدو أقوال وزير الخارجية الأمريكي بومبيو، الذي أوضح بأن الأمر يتعلق بـ “قرار إسرائيلي”. من الواضح للجميع أن الولايات المتحدة لن تفرض الضم على إسرائيل، وبعد أن أوصى ترامب بحقن مواد التنظيف ضد كورونا، يجب التشكيك في امتلاكه موقفاً ثابتاً حول أي موضوع. مفتاح الضم كان ولا يزال لدى نتنياهو. بقي فقط أن نعرف هل سيذيبه مثلما فعل حتى الآن، حيث سيكون غانتس في دور الذريعة المناوبة، أم أن الإنذار حقيقي هذه المرة؟

بقلم: نوعا لنداو

 هآرتس 26/4/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية