تنديد واسع بقمع طلاب كلية الطب المضربين والوضع مرشح للتصعيد في موريتانيا

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط –«القدس العربي»: واصلت الأحزاب والحركات السياسية والمدونون في موريتانيا، أمس، نشر بيانات وتدوينات التنديد بما وصف بـ «القمع الوحشي» الذي يتعرض له طلاب كلية الطب بجامعة نواكشوط العصرية المضربون منذ أيام للاستجابة لطلباتهم التي يعتبرونها «معقولة جداً».
وتستحوذ قضية قمع الطلاب حالياً على اهتمام الساحة السياسية الموريتانية، حيث عادت المعارضة بسببها، لتسخين لغة بياناتها ضد نظام الرئيس الغزواني بعد الهدنة التي منحت للرئيس إثر انتخابه قبل أكثر من عام.
وترابط شرطة مكافحة الشغب أمام كلية الطب شمال العاصمة نواكشوط بعد أن كانت قد فرقت قبل يومين تجمعاً طلابياً أمام الكلية وأخرجت الطلاب بالقوة من داخل الكلية، واعتقلت عدداً من نشطائهم.

ضربت الطلاب والطالبات دون رحمة

وأكد مصدر طلابي أمس «أن الشرطة اقتحمت حرم الكلية، وضربت الطلاب والطالبات دون رحمة، وهو ما خلف إصابات عديدة في صفوفهم، كما قامت بمطاردتهم لمسافات طويلة لإبعادهم عن محيط الكلية».
وأضاف «أن الشرطة أوقفت عشرة طلاب على الأقل، واقتادتهم إلى جهة مجهولة».
وحمل المصدر الطلابي عميد الكلية مسؤولية اقتحام الشرطة للحرم الجامعي، وأكد مضي الطلاب في الإضراب حتى الاستجابة لكامل الطلبات.
وأعلنت جامعة نواكشوط العصرية في بيان لها أمس «أنها ستتخذ الإجراءات القانونية والتنظيمية والتأديبية ضد من سمتهم «المشوشين والمحرضين ممن يتحملون، حسب بيانها، كامل المسؤولية عن أعمالهم حتى يعاقب كل شخص على تصرفاته ويتحمل مسؤولياته كاملة».
وأضافت الجامعة أنه «في يوم الإثنين السادس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني العام الحالي قامت مجموعة من طلاب كلية الطب بحركة احتجاجية داخل الكلية، وعلى إثر هذا الاحتجاج تم استقبال هذه المجموعة يوم الثلاثاء 17 نوفمبر من طرف نائب رئيس الجامعة المكلف بالشؤون الأكاديمية المفوض من طرف رئيس الجامعة، وعميد كلية الطب، بحضور رئيس مصلحة الشؤون الأكاديمية بالكلية، حيث قدم الطلاب عريضتهم المطلبية التي تشمل المطالب الأكاديمية والمطالب الخدمية والمطالب النقابية».
وتابعت الجامعة: «خلال الاجتماع المذكور، أوضح عميد كلية الطب أن النقاط المتعلقة بالمطالب الخدمية هي من اختصاص المركز الوطني للخدمات الجامعية، وقد ركز رده على الجوانب الأكاديمية مبرزاً أن بعض المطالب الأكاديمية يمكن طرحها على المجلس التربوي والعلمي والبحثي للكلية، بينما لا يمكن تغيير الأمور التي تخضع للنظم والقوانين المعمول بها في الجامعة».
وأضاف بيان الجامعة أن «مجموعة من الطلاب عادت من جديد لعرقلة سير الدروس، خاصة الدروس التي يقدمها أساتذة زوار أجانب لصالح السنة الأولى والثانية من السلك الأول».
واتهمت الجامعة «المضربين بعرقلة سير محاضرات أساتذة مادة الفيزيولوجيا وإتلاف بعض المعدات والممتلكات».
واعتبرت أن «هذه المسلكيات الخطيرة المصحوبة باعتداءات لفظية وجسدية لا يمكن تفسيرها إلا بوجود دوافع أخرى غير تلك المبينة في العريضة المطلبية».
وأكدت الجامعة أنها «ستبقى منفتحة أمام أي حوار يفضي إلى تحسين نوعية تكوين طلابها» ملتزمة «بتوفير الظروف الملائمة لتقديم مادة تعليمية وتدريبية نوعية وبالحرص على تقييم موضوعي».
وفي المقابل، أعلن طلاب كلية الطب بجامعة نواكشوط العصرية أنه «كان الأولى برئاسة الجامعة أن تسعى لتحقيق مطالب الطلاب بدل كتابة ما وصفوه ببيان «أمني» سيزيد الأمور تعقيداً وسيوصل الاحتقان لطريق مسدود».
وأكدوا في بيان وقعه ممثلهم محمد محمود سيدي محمد، أن «البيان الذي صدر اليوم باسم رئاسة الجامعة حمل مغالطات جسيمة للرأي العام بهدف شيطنة القضية الطلابية العادلة وصرف الأنظار عن الجريمة الوحشية التي قامت بها قوات الشرطة في الحرم الجامعي المصان، وأثخنت خلالها تنكيلاً وضرباً، أجساد الطلاب السلميين، والتي تم استدعاؤها من طرف الأمين العام للجامعة، وبمباركة عميد كلية الطب، ومسؤول الشؤون الطلابية».
وشدد الطلاب التأكيد على أنهم «لن يتراجعوا عن المطالبة بالحقوق، كما أن الطرد لا يخيفهم، ولن يثنيهم القمع أو الاعتقال عن مطالبهم المشروعة».واتهم الطلاب رئاسة الجامعة وعمادة الكلية «بتفضيل جمع جحافل الشرطة بدل جمع مجلس علمي تربوي تقف دونه ديكتاتورية العميد ومن خلفه الأمين العام للجامعة ووزير التعليم العالي».وذكر الطلاب بأن «مشاكل كلية الطب ليست وليدة اليوم، وإنما هي تراكمات سنوات من أحادية القرار واستفراد العميد الذي عين بمباركة وزير التعليم العالي ليحكم الكلية بقبضة من حديد» مؤكدين أنه «قابلهم كل مرة بسياسة التصامم ورفض الجلوس على طاولة الحوار».ونفى الطلاب بشكل قاطع «أن يكونوا قد اعتدوا على أي أستاذ لا بشكل لفظي أو جسدي» مضيفين أنهم «رددوا الشعارات داخل مبنى الكلية ونجحوا في كسب الرأي العام لصالح ما وصفوه بقضيتهم العادلة التي تعمل رئاسة الجامعة على تشويهها».وشدد الطلاب على أن «حراكهم مشروع، ومطالبهم قابلة للتنفيذ، لكن رئاسة الجامعة اختارت لغة التهديد بالطرد، ومحاولات التشويه دون سند» مردفين أن «الرأي العام وثق قمع الطلاب يوم السبت 5/12/2020 وهم يستقبلون العصي بصدور عارية، حيث تم تعذيبهم واعتقالهم والتنكيل بهم في الحرم الجامعي المصان، وما زالت آثار التعذيب موجودة على أجساد الطلاب الشرفاء الذين لا ذنب لهم سوى المطالبة بحقوق مشروعة».وقد حظي الحراك الطلابي بدعم واسع من الحركات الطلابية ومن عدد من الأحزاب السياسية، وبخاصة أحزاب المعارضة التقليدية. وأعلن الاتحاد العام للطلاب الموريتانيين في بيان له أمس أنه «تابع ببالغ الأسف ما تعرض له المتظاهرون في كلية الطب من طرف الشرطة بعد قمع وحشي للطلاب الدكاترة الذين دخلوا في إضرابات احتجاجية قبل أيام».
«إننا بهذه المناسبة، يضيف الاتحاد، نعلن تضامننا التام مع الطلاب الدكاترة ومساندتنا لهم حتى ينالوا حقوقهم غير منقوصة، مع تنديدنا بالقمع الوحشي الذي تعرض له الطلاب خلال وقفتهم السلمية، ورفضنا لاستخدام الأساليب المستهجنة والعنيفة ضد الطلاب. وفي هذا الإطار، نشدد على ضرورة إبعاد الشرطة عن الكلية كما نشجب الطريقة الهمجية التي يعاملون بها الطلاب».

مطالبهم المشروعة

ودعا الاتحاد «عميد كلية الطب إلى الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه خلال الوقفة الأولى للطلاب وفتح باب الحوار أمامهم حتى تتحقق كافة مطالبهم المشروعة التي يحاول العميد تجاهلها، مع ضرورة أخذ مطالب الطلاب بعناية تامة والسعي إلى تحقيقها في أسرع وقت ممكن من طرف الجهات الوصية على الملفات الأكاديمية والخدمية».وفي سياق متصل، أعلن حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض الذي كان مهادناً للرئيس غزواني «أن النظام القائم واصل سياسة أسلافه القمعية اتجاه الطلاب المتظاهرين والمطالبين بحقوق مشروعة وعادلة، حيث استخدمت الشرطة، مجدداً، عنفاً بشعاً لتفريق المحتجين وفض اعتصامهم السلمي».
«إننا في تكتل القوى الديمقراطية، يضيف البيان، وأمام هذا التطور الخطير في القضية الطلابية، ندين بشدة ما قامت به السلطات من تنكيل وقمع للطلاب، ونجدد تضامننا ووقوفنا معهم في نضالهم المشروع، حتى ينالوا حقوقهم كاملة غير منقوصة، كما نستنكر تعنت ومكابرة الجهات الوصية على التعليم، وتماديها في تجاهل مطالب الطلبة الملحة والعادلة، ونذكر النظام بأن مواجهة أصحاب المظالم بالقوة، عواقبها وخيمة، وهي مع ذلك دليل على العجز والفشل».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية