الجنوب السوري والحدود الأردنية السورية سيتحولان إلى ساحة ساخنة قريبا مع تنصل النظام السوري من التزاماته مع الأردن بمسألة وقف إرسال حبوب الكبتاغون وضبط الحدود وإبعاد الميليشيات الإيرانية.
ارتفعت حدة التوتر على الأراضي السورية بعد القصف المتبادل بين القوات الأمريكية والميليشيات الإيرانية، إضافة إلى ذلك القصف المجهول والذي يرجح أنه إسرائيلي من دون ان تعلن عنه تل أبيب كما جرت العادة.
وبلغ التوتر أشده بعد قتل مشتاق طالب السعيدي، قائد حركة النجباء النشطة في العراق وسوريا والمدعومة من الحرس الثوري الإيراني. وتبنت وزارة الدفاع الأمريكية مقتل «أبو تقوى» واتهمت الوزارة القتيل بتورطه بشكل كبير «في تخطيط وتنفيذ هجمات ضد أفراد أمريكيين» ووصفت الاستهداف بانه «ضربة دفاعية» جاءت في إطار الدفاع عن النفس.
وقال السكرتير الصحافي في «البنتاغون» بات رايدر خلال مؤتمر صحافي الأربعاء إن أبو تقوى، إلى جانب عضو آخر في حركة النجباء، «قُتلا في غارة جوية وقعت ظهر يوم 4 كانون الثاني (يناير) في العراق«. مشيرا إلى أنه «لم يصب أي مدني بأذى، ولم يتم ضرب أي بنية تحتية أو منشآت».
وحول التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة أوضح الجنرال أنه «جزء من عملية العزم الصلب المشتركة لقوة المهام المشتركة ويتمثل دورها في تقديم المشورة والمساعدة وتمكين القوات الشريكة من هزيمة داعش داخل مناطق محددة في العراق وسوريا».
وعن شرعية تواجد القوات الأمريكية أشار رايدر إلى أن قوات بلاده «موجودة في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية» وهي تنتشر هناك لسبب واحد، وهو دعم مهمة هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية». واعتبر اللواء في القوات الجوية أن قتل قائد حركة النجباء يأتي في سياق تعرض «القوات للتهديد فقط وكما نفعل في أي مكان آخر في العالم، سنحافظ على حقنا الأصيل في الدفاع عن النفس لحماية قواتنا».
وتعمل القوات الأمريكية في العراق بالشراكة مع كل من قوات الأمن العراقية وقوات الأمن الكردية في إقليم كردستان العراق، في حين بنت واشنطن التحالف الدولي للقضاء على التنظيم في سوريا بعيدا عن النظام السوري وبالشراكة مع «وحدات حماية الشعب» الكردية بعد تأسيس الأخيرة إطارا أوسع ضم مقاتلين عربا هم جيش الصناديد وهو ذراع عسكرية لقبيلة شمر ولواء ثوار الرقة الذي كان يتبع للجيش الحر ومجلس دير الزور العسكري إضافة إلى جيش الثوار وهو تشكيل ضم بقايا الجيش الحر في محافظة إدلب.
وذكر الجنرال الأمريكي القادة العراقيين المطالبين بانسحاب قواته أنه «قبل 10 سنوات وعندما بدأنا مهمة القضاء على داعش، كان التنظيم على بعد حوالي 24 كيلومترًا خارج بغداد، بعد أن سيطروا على مساحات كبيرة من سوريا والعراق». وختم مؤتمره الصحافي قائلا: «لا أحد يريد أن يرى عودة داعش… تركيزنا سيستمر على مهمة هزيمة داعش. لكن مرة أخرى، لن نتردد في حماية قواتنا إذا تعرضت للتهديد».
في سوريا، قصفت «المقاومة الإسلامية في العراق» القاعدة الأمريكية في منطقة التنف قرب مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية. واستهدفت القاعدة العسكرية بعدة طائرات مسيرة قادمة من الأراضي العراقية من الجهة الشرقية. كما استهدفت الطائرات قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر النفطي شرق دير الزور. ولم يعلن التحالف الدولي عن أية إصابات أو يعلق على أخبار الاستهداف حتى لحظة كتابة التقرير (مساء الجمعة).
كذلك هاجمت طائرة مسيرة القاعدة الأمريكية قرب بلدة الشدادي، عصر الجمعة، وقامت الدفاعات الجوية بإسقاط الطائرة خارج القاعدة قبل وصولها إلى الهدف.
والجديد بالذكر، ان «المقاومة الإسلامية في العراق» أعلنت مسؤوليتها عن أغلب الاستهدافات ضد القواعد الأمريكية في سوريا والعراق. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان 76 هجوما على ثماني قواعد تابعة لـ «التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش» منذ بدء الهجمات على القواعد الأمريكية في 17 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي. وتوزعت الاستهدافات كالتالي: «18 هجوما على قاعدة حقل العمر النفطي و14 على قاعدة الشدادي بريف الحسكة الشرقي و16 هجوما على قاعدة حقل كونيكو للغاز و13 على قاعدة خراب الجير قرب رميلان و10 على قاعدة التنف، فيما استهدفت قاعدة تل بيدر بريف الحسكة وقاعدة روباربا بريف مدينة المالكية مرتين فقط وسُجل استهداف قاعدة قسرك بريف الحسكة مرة واحدة فقط».
في سياق منفصل، أعلن جيش سوريا الحرة العامل في منطقة النفوذ الأمريكي في البادية السورية مصادرة 90 ألف حبة كبتاغون داخل منطقة الـ 55 يوم الثلاثاء ونشر الجيش على حسابه الرسمي على منصة «اكس» (تويتر سابقا) صورا لكميات كبيرة من نوعي «ليكزس» ورأس الحصان وتعتبر حبوب «ليكزس» ثاني أغلى أنواع حبوب الكبتاغون الستة المعروفة بين المتعاطين. هذا ولم يذكر الجيش تفاصيل إضافية حول العملية أو اسم المهربين أو الشبكة التي يرتبط بها ومصدر الحبوب.
وفي إطار الحرب على المخدرات، شنت مقاتلات أردنية قصفا هو الثالث من نوعه في عمق الأراضي السورية واستهدفت موقعين يعتقد انهما يتبعان لمهربي المخدرات في بادية السويداء الجنوبية الحدودية مع الأردن.
واستهدف القصف موقعا شمال قرية تل الشعاب يتبع لمهرب المخدرات المعروف عهد الرمثان وهو قريب مرعي الرمثان الذي قتلته الأردن بأولى غاراتها الجوية التي استهدفت مهربي وتجار المخدرات في جنوب سوريا في شهر أيار (مايو) الماضي. حيث قصفت إحدى نقاط التهريب المجاورة للحدود وتعتبر تلك المزارع نقطة انطلاق مخدرات الكبتاغون والذخائر والأسلحة إلى الأراضي الأردنية حسب ما أفاد مصدر متابع لشبكات التهريب بين الجانبين. وتقع قرية تل الشعاب التي قصف للمرة الثانية في أقل من ثمانية أشهر في جنوب محافظة السويداء. وقصفت طائرات اف- 16 الأردنية قرية أم الرمان في ريف صلخد جنوب السويداء وهي إحدى القرى التي تعتبر نقاط انطلاق بضائع التهريب والكبتاغون إلى الأردن. وتركز القصف على تل الشيح جنوب القرية والأقرب للحدود مع الأردن، وأدى استهداف بئر الخريب إلى مقتل حارس البئر وألحق القصف أضرارا بالبئر ومحطة التشغيل.
وتعتبر عملية القصف هي الثانية من نوعها خلال 20 يوما والثالثة بعد قصف أيار (مايو) 2023 ما يشير إلى أن الجنوب السوري والحدود الأردنية السورية سيتحولان إلى ساحة ساخنة في مقبل الأيام خصوصا مع تنصل النظام السوري من التزاماته مع الأردن بمسألة وقف إرسال حبوب الكبتاغون وضبط الحدود وإبعاد الميليشيات الإيرانية بعيدا عن الحدود بعمق يصل إلى 30 كيلو مترا حسب الوعود الشفوية التي أطلقتها موسكو قبل اتفاق التسوية الخاص بالجنوب السوري في صيف عام 2018.