بغداد ـ «القدس العربي»: صعّدت تنظيمات سياسية تابعة لحزب «العمال الكردستاني» في قضاء سنجار، شمالي شرق نينوى، من حدّه لهجتها تجاه الاتفاق الأخير بين بغداد وأربيل، القاضي بتطبيع الأوضع في المدينة التي تعدّ معقلاً للإيزيديين في العراق، رافضين أي اتفاقات تُبرمها الحكومتين المركزية والإقليم تتعلق في المدينة، من دون إشراكهم فيها رسمياً.
ووجه «مجلس الإدارة الذاتية الديمقراطية في سنجار» رسالة إلى الرأي العام، ودعا الإيزيديين إلى عدم الصمت على «الاتفاق» بشأن القضاء.
وقال، في رسالته إن «الجميع يعلم أن تم استهداف المجتمع الإيزيدي في العديد من المرات تحت ذرائع سياسات مختلفة بالقوة بهدف إنهاء الوجود الإيزيدي، آخرها في الـ3 من أب /أغسطس/آب 2014 بهدف إبادتهم بعد تسليم قضاء سنجار من قبل حزب الديمقراطي الكردستاني وإهماله من قبل الحكومة العراقية، ارتكب تنظيم داعش جرائم إبادة جماعية بحق أهالينا وكان هدف العدو، القضاء علينا، ولكنه لم ينجح».
وأضاف: «على عكس ذلك حارب المجتمع الإيزيدي داعش بإرادته وضحى وغلق الطريق أمام الأعداء، عام 2014 كانت الأحزاب السياسية تفرض سياساتها على الإيزيدية، ولكن تلك الأيام مضت، والآن المجتمع ليس بالمجتمع السابق الذي كان يتقبل ذلك والوقت أيضا ليس كالسابق».
مراقبة الأوضاع
وزاد: «نحن كإدارة ذاتية في شنكال (سنجار باللغة الكردية) نراقب الأوضاع عن كثب، لاسيما التطورات الأخيرة بين أربيل وبغداد حول مناطق النزاع أو مناطق المادة 140 حيث تجري المباحثات وأعلنوا عن اتفاق في 9 تشرين الأول / أكتوبر دون الرجوع إلى الإيزيديين والمكونات الأخرى».
ولفت إلى أن «دون أخذ الوجود الإيزيدي بعين الاعتبار، لن تنجح سياسة الفرض ولذلك نحن أيضاً نترقب الوضع عن قرب ونتحاور فيما بيننا ونحاول الوصول إلى قناعة» متسائلا: «إين ستكون مصالح المجتمع الإيزيدي؟ وما هي أطراف النزاع في هذه المناطق؟ فنحن لنحافظ ونضمن مصالح المجتمع نحاول الوصول إلى رؤية مشتركة تكون فيها إرادة ووجود المجتمع حراً. ستة أعوام نخدم شنكال ولم يكن هناك أي مشاكل. خدمنا أهلنا ومستمرين في ذلك».
وأكد أن «بخلاف ذلك، لن يكون من الممكن لنا كإيزيديين، أن نقبل بقرارات خارج إرادة هذا المجتمع وأن نبقى غير فعالين وغير عمليين».
وتابع: «نقول وباختصار، لن نقبل أي تغييرات أو مناقشات لسنا طرفا فيها، لأننا نناقشها أيضًا ونقاشنا مرتبط بمصالح هذا المجتمع، ولتكون المباحثات ناجحة، يجب أن نكون طرفا من الأطراف الأساسية يتم الاعتراف بحقوقنا، وبخلاف ذلك (لن نقبل) أي مناقشة أو تفاوض» موضحا: «أننا مع المباحثات والسلام وإيجاد الحلول بشرط أن تكون هذه المباحثات والاتفاقيات متزامنة مع حقيقة شنكال ومكوناته، وندعو جميع مكونات سنجار إلى عدم الصمت وعدم المبالاة بالقرار الذي تم اتخاذه بحق مصيرهم». ومجلس «الإدارة الذاتية الديمقراطية» في سنجار، هو مجلس شُكِّلَ لإدارة قضاء سنجار، وتوجهاته قريبة من حزب» العمال الكردستاني» كما يشارك فيه عدد من الأحزاب والجهات السياسية الإيزيدية ويتولى المجلس حالياً إدارة القضاء.
ونص اتفاق حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية، على أن تدير الأخيرة المحور الأمني في القضاء وعلى إنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» وكل الجهات المرتبطة به في قضاء سنجار.
«غير مقبول»
كذلك، أصدر «اتحاد مجتمعات كردستان» بياناً حول اتفاق حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية لإعادة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في سنجار، والذي ينظم إدارة قضاء سنجار، وأشار الاتحاد إلى أن الاتفاق «كان يجب أن يتم بمشاركة الإدارة الذاتية لسنجار وإلا فإنه لن يكون محل قبول».
نائب ينتقد تعامل الكاظمي مع الإقليم كدولة مستقلة ويحذر من استهداف «الحشد الشعبي»
و«اتحاد مجتمعات كردستان» منظمة سياسية ملتزمة بتنفيذ أيديولوجيا زعيم حزب «العمال الكردستاني» المسجون في تركيا، عبد الله أوجلان، ويعمل كمجموعة شاملة لمجموعة أحزاب من بينها حزب العمال وحزب «الاتحاد الديمقراطي» وحزب «الحياة الحرة الكردستانية» (بجاك) وحزب «الحل الديمقراطي الكردستاني» (باديك). كما أن مجلس «الإدارة الذاتية الديمقراطية» في سنجار واحد من فروع هذه التنظيمات.
وأشار بيان الاتحاد إلى أنه يؤيد ما جاء في بيان مجلس الإدارة الذاتية الديمقراطية في سنجار الذي أعلن أنه «لا علم له بالاتفاق وأن القرارات اتخذت بمعزل عن إرادته ولا مكان له في الاتفاق».
وأضاف: «الاتفاق والاجتماعات التي لا تمنح لمجلس الإدارة الذاتية الديمقراطية في سنجار وشعب سنجار فرصة للمشاركة فيها، تعني إهمال إرادة المجتمع الكردي الإيزيدي السنجاري».
ووصف الاتفاق بأنه اتفاق «سري» وقال إن «مقاتلي قوات حماية الشعب بعدما أنقذوا المجتمع الإيزيدي من حملة الإبادة، سلموا حماية أمن سنجار إلى وحدات حماية سنجار المؤلفة من السكان الإيزيديين للمنطقة».
وقال إن من «المعيب أن تم التوصل إلى الاتفاق برعاية الأمم المتحدة» بينما لم يكونوا هم طرفاً في الاتفاق، وأوضح إن الاتفاق والاجتماعات التي عقدت خلف الأبواب المغلقة وبدبلوماسية سرية وبطريقة فعلتها «كان ما كان» يعني أن «حملات الإبادة ضد الإيزيديين ستستمر مستقبلاً».
موجة الرفض للاتفاق الذي وصفته الحكومة الاتحادية بـ«التاريخي» في سنجار، شملت جهات أخرى لها تمثيل في «الحشد الشعبي» الذي من المقرر أن يغادر المدينة-،حسب الاتفاق.
النائب عن محافظة نينوى حنين قدو، عدّ اتفاقية سنجار «مؤامرة كبيرة ضد قوات الحشد الشعبي» متهماً في الوقت ذاته رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وسلطات اقليم كردستان برعاية أمريكية بالعمل على استهداف «الحشد».
وقال قدو، وهو نائب عن تحالف «الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري، إن «اتفاقية سنجار تقع ضمن تقديم خدمات إلى القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة، كما إن الهدف الأساس منها نشر قوات البيشمركه مع الجيش في المنطقة من خلال تشكيل لجان تنسيقية ومن ثم زج البيشمركه بحماية تلك اللجان التنسيقية والقيادات الكردية على حد سواء» وفقاً لموقع «المربد» البصري.
كما كشف قدو عن «وجود توجه في نينوى للخروج بتظاهرات لرفض الاتفاقية حول امن قضاء سنجار» التي قال بأنه «يراد منها الإضرار بالأقليات والمكونات العراقية» مشيراً إلى أن «العراق يعيش بحالة فوضى» منتقداً ما اعتبره «تعامل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع إقليم كردستان كدولة مستقلة».
في المقابل، وصف قائممقام قضاء سنجار، المقرّب من الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل، الاتفاق الذي حصل حول أمن هذا القضاء بـ«الاستراتيجي والمهم والحيوي» لإعادة الأمن والاستقرار والنازحين في القضاء.
وقال إن» المتضررين فقط من الاتفاق والذين كانوا يستغلون القضاء انتخابيا، يشككون بالنوايا التي اتخذتها الحكومة وأهمية الاتفاق وبنوده الذي تتضمن ملفات أمنية وخدمية وسياسية وتطبيع الأوضاع بما يلبي مطالب أهل سنجار».
وأضاف أن «هناك 360 ألف نازح من سنجار من مجموع سكان القضاء البالغ 484 ألف نسمة».
وتابع: «تمت المطالبة بمسك قوات الشرطة الاتحادية والمحلية الأمن داخل القضاء، فيما تتمركز قوات الجيش والحشد على حدوده ببعد خمسة كيلو متر عن المركز».