دمشق – «القدس العربي»: نفذ الطيران الحربي الروسي، أمس الأربعاء، موجة من الغارات الجوية المكثفة على مواقع انتشار خلايا «تنظيم الدولة» في البادية السورية، غداة سلسلة من الهجمات شنتها الأخيرة، مساء الثلاثاء، على مواقع النظام السوري، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 عنصراً من قوات النظام والميليشيات العاملة معها، بينهم ضابط برتبة ملازم، وإصابة نحو 20 آخرين بجروح متفاوتة.
وكشفت مصادر إعلامية موالية للنظام السوري، الأربعاء، عن مقتل 9 عسكريين من قوات النظام السوري وإصابة 22 آخرين، في استهداف باص مبيت في بادية تدمر بريف حمص. بينما وثق المرصد السوري مقتل 21 في 3 هجمات منفصلة لعناصر التنظيم في البادية السورية.
واستهدف الهجوم الأول حافلة مبيت بعبوة ناسفة زرعها مسلحون تابعون لتنظيم الدولة، في الطريق شرق المحطة الثالثة في بادية تدمر بريف حمص الشرقي، حيث قتل 14 عناصر ونقلت جثامين القتلى والمصابين إلى مستشفى تدمر لتلقي العلاج.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن 14 عنصراً من قوات النظام قتلوا في هجوم دموي نفذه عناصر «تنظيم الدولة» على حافلة مبيت تقل العناصر في منطقة المحطة الثالثة في بادية تدمر بريف حمص الشرقي، حيث جرى نقل الجرحى إلى المستشفى تدمر لتلقي العلاج، وسط استنفار قوات النظام.
كما قتل 5 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم ضابط برتبة ملازم وعنصر واحد على الأقل من قوات الدفاع الوطني، في هجوم لتنظيم «الدولة» في بادية أثريا بريف الرقة الغربي، بعد مواجهات عنيفة بين الطرفين، قبيل انسحاب عناصر التنظيم باتجاه عمق البادية.
كما شنت خلايا «تنظيم الدولة» هجوماً مباغتاً بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة منطلقة من عمق البادية السورية، استهدفت نقاطاً عسكرية تابعة للنظام في منطقة كباجب جنوبي مدينة دير الزور، ما أدى إلى مقتل عنصرين اثنين من قوات النظام من اللواء 137، وسط استنفار أمني مكثف وإرسال تعزيزات عسكرية من قبل قوات النظام إلى تلك المنطقة.
ووفقاً لمصادر محلية، فإن خلايا التنظيم سيطرت على مواقع عسكرية خلال الهجوم الواسع، مستخدمة أسلحة متوسطة وقذائف هاون، كما دمر التنظيم سيارة عسكرية مزودة برشاش متوسط. وكثف «تنظيم الدولة» من عملياته في مناطق عدة من البادية السورية، وذلك بعد إعلان المتحدث باسم التنظيم أبو حذيفة الأنصاري عن حملة «واقتلوهم حيث ثقفتموهم».
والخميس 4 يناير/ كانون الثاني، استهدفت خلايا تابعة لتنظيم الدولة، دورية لقوات النظام قرب سد وادي أبيض في بادية حمص الشرقية، ما أدى إلى مقتل عنصر وإصابة اثنين آخرين، وذلك بعد يومين من هجوم مباغت شنته خلايا التنظيم التي انطلقت من عمق البادية السورية على مواقع وتجمعات قوات النظام وميليشيات الدفاع الوطني في بادية بلدتي التبني ومعدان بريف دير الزور الغربي، في منطقة الشامية غرب نهر الفرات، والتي يسيطر عليها النظام والمليشيات الإيرانية، حيث هاجم ثكنة مشتركة للفرقة 17 والأمن العسكري، أسفر عن مقتل 9 من قوات النظام وإصابة أكثر من 20 آخرين.
كما استولى عناصر التنظيم خلال الهجوم على سيارة مثبّت عليها مدفع 57 مم مع ذخيرته، ودمروا 3 سيارات عسكرية رباعية الدفع.
وتنتقل خلايا التنظيم ضمن مجموعات صغيرة في جيوب ومقرات مؤقتة في بادية تدمر، وذلك بمناطق الرشولنية جنوب شرق السخنة وجبل البشري على الحدود الإدارية بين محافظتي حمص ودير الزور ومنطقة جبل العمور، وكذلك منطقة سد أبو النتيل في اتجاه ريف حمص وجنوب غرب الفاسدة في ريف حماة الشرقي. الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية حسن أبو هنية، فسّر في تصريح لـ «القدس العربي» كثافة الهجمات التي يشنها التنظيم على أنها تسير «في نسق ثابت وهي رسالة من التنظيم بأنه موجود، وتدل على قدرته على شن الهجمات واختبار قدرة النظام السوري».
وقال: «تنظيم الدولة لم يغير استراتيجيته، ولم يزل يخوض حرب استنزاف، لذا يعمل بطريقة لا مركزية ودائماً يحاول أن يثبت قدرة مثبتة على تبني هجمات وعلى الاستمرار في استنزاف النظام، وهذا ما يساعده في عمليات التجنيد وتوسيع عمليات الاستقطاب».
لذا فإن التنظيم يفرض، وفق المتحدث، «نوعاً من السيطرة المحلية على بعض المناطق في الفراغ الأمني» مشيراً إلى أن ذلك لا يعني ولا يشير إلى وجود تحول في استراتيجيته، إذ إنه «لا يزال يتمسك في مرحلة ما بعد الباغوز منذ خسارة آخر جيب له، حيث إنه لم يزل يتبنى نظرية الاستنزاف وحرب العصابات وليس السيطرة المكانية، لافتاً إلى أن التنظيم لا يملك القوة الكافية لفرض السيطرة وهو ينتظر دائماً الظروف المواتية».
ويعود تأسيس قطاع البادية في «تنظيم الدولة الإسلامية» إلى عام 2012 واستطاعت من خلال تقوية هذا القطاع إلى السيطرة على عقدة الطرق المتوسطة في سوريا «السخنة/تدمر» عدة مرات، كما استطاعت من خلال ذلك السيطرة على طرق إمداد الطاقة والنفط وضمان إيصال إمداداتها وعناصرها إلى محافظات الجنوب (درعا، والسويداء والقنيطرة) والشمال (حماة وإدلب وحلب)، وفق مصادر «القدس العربي». ومنذ عام 2016 بدأ التنظيم بإعداد مخابئ ومقرات عديدة في البادية، ومع أواخر 2017 قرر التنظيم بتجهيز ملاذات آمنة في العراق إضافة إلى مربع دير الزور-الرقة- حمص، في سوريا ليكون ملاذاً له في المرحلة المقبلة إثر تراجع التنظيم في كلا البلدين.