تهديد الجزائريين والسودانيين بـ«الأسديّة» لن يوقف الاحتجاجات

حجم الخط
19

تستخدم بعض الأنظمة العربيّة مثال النظام السوري في تعامله الهمجيّ مع شعبه خلال السنوات الثماني الآفلة، والمآل الفظيع الذي آلت إليه أمور البلاد والعباد هناك، كفزاعة لا تني ترفعها لترويع الشعوب وردعها عن المطالبة بحقوقها الأساسية البسيطة، بدءاً من الخبز والماء النظيف والكرامة المحفوظة ووصولاً إلى حقها في اختيار من يمثلونها أو يحكمونها.
ولعلّه من عجائب الأمور، في نظر النخب الحاكمة، أن يثور السودانيون على رئيس احتل كرسيّ الحكم بانقلاب عسكريّ وجلس عليه ثلاثين عاما فحوّل بلاده، التي كانت «سلة غذاء العالم العربي»، إلى أرض مجاعة، ومع ذلك فهو مصرّ على تعديل الدستور لترشيح نفسه مجددا، وهي صورة لا تختلف كثيراً عن حال الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي الذي قام بإقصاء خصومه السياسيين من الساحة، واخترع برلمانا على هواه يقوم حاليّا بـ«تطريز» دستور جديد يسمح له، هو أيضاً، بالبقاء على سدة الحكم حتى عام 2034.
الأكيد أيضا أن من يحكمون الجزائر مستغربون بدورهم من احتجاج الشعب المتصاعد على ترشيح رئيس لا دليل مؤكداً على أنه عارف بما يجري باسمه، وتدور الاحتجاجات في بلاده وهو غائب عنها في مشفى فرنسيّ، والجميع يعلم أنه غير قادر حتى على تلاوة بيان الترشح أو قسم استلام المنصب، ثم يخرج رئيس الوزراء أحمد أويحيى ليهدد النواب بما صار يسمى «سيناريو سوريا» الذي «بدأ بالورود وانتهى بالدم»، فيما يلمّح عبد المالك سلال، مدير الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى هذا «السيناريو الأسديّ» بطريقة أخرى حين يتحدث عن إطلاق حراسه النار إذا أحسّ بالخطر، ويحذر رئيس أركان الجيش الجزائري قايد صالح المتظاهرين «المغرر بهم».
باستعادتها الترهيبية للسيناريو المذكور تتجنب الطغم السياسية العربية تقديم حلول للإشكاليات السياسية المستعصية وتعلن، عملياً، أنها راغبة في التمسك بالسلطات ولو أدّى ذلك إلى الفتك بالشعوب بكل الطرق الإجرامية الممكنة، وتهديم المدن فوق رؤوس ساكنيها، وتهجير الجزء الأكبر من مواطنيها، ورهن سيادتها لدى دول أجنبيّة تمدّها – حين تعجز جيوشها وأجهزة أمنها عن كسر الشعوب – بجيوش رديفة، كما كان حال النظام السوري مع روسيا وإيران.
تستغبي الطغم العربية شعوبها حقّاً بمحاولة ترويع الناس برفع مثال نظام بشار الأسد فهو مثال لا يعتدّ به بأي حال، وكما يمكن قراءته باعتباره المثال الأقصى على الاستكلاب على السلطة وتدفيع الشعوب ثمن الثورة على طاغية، فإن قراءته أيضاً ممكنة بالمقلوب، وهي أن الاستعصاء السياسيّ ودفع الأمور إلى نهاياتها القصوى هو انتحار للجميع، وهو بمحاولته «تأديب» الشعوب، يقوم بهدم كيان المجتمع والدولة نفسها ويحوّلهما إلى رهينة التجاذبات العالمية والإقليمية.
ما يوقف الاحتجاجات بكل بساطة هو الاستماع إلى صوت العقل واحترام البشر وليس إهانتهم واستفزازهم واحتقارهم وفرض الرؤساء الطغاة عليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .Dinars:

    بعد أن قال الشعب الجزائري كلمته من خلال استفتاء تلقائي تُؤكد رفضه لمنظومة الحكم وبعد وقوف المؤسسة العسكرية الشعبية إلى جانب الشعب الجزائري آن الأوان لأن تقوم الهيئة الدستورية بما يستوجب من إيقاف للمنظومة الحالية والدخول في مرحلة تأسيسية جديدة تكون وفق تطلعات الشعب الجزائري.

  2. يقول سامى عبد القادر:

    ما كل هؤلاء الطغاة العرب, إلا دُمى (عرائس) تحركها الصهيونية من وراء ستار … إلا مصر طبعاً, فقد تعدت مرحلة وراء الستار, وجاء الصهيونى العتيد السيسى ليلعب أمام الستار وعلى المكشوف وبلا حياء
    .
    ولأن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم, فلا أمل لنا فى حياة حرة كريمة إلا بثورات عاتية تقتلع شأفة هؤلاء الطغاة السفاحين الخونة … وليتعلم أخوتنا الكرام فى السودان والجزائر من كارثة الثورة المصرية, حيث عادت الأمور إلى أسوأ مليون مرة مما كانت عليه أيام الكنز الصهيونى مبارك
    .
    وإياكم وشعار “الجيش والشعب إيد واحدة”!!! … فقد اتضح أن جيوش الجمبرى وإسرائيل إيد واحدة!! .. أما نحن فألد الأعداء!! … وقبل أن يتفيهق علينا ذباب وعبيد الطغاة, أسألهم: كم قتلت أنظمتنا العربية الخائنة من شعوبها, وكم قتلت من الصهاينة?!!! … ألا شاهت وجوه الطغاة السفاحين الخونة وعبيدهم الأذلاء

  3. يقول Rachid Elkhayma:

    ينسحب هذا على المغرب كذلك
    ففي الحالة المغربية، و بدل ان يطور النظام نفسه ديموقراطيا بالانتقال للملكية البرلمانية، فانه يلجأ الى قوى الامن لمواجهة مطالب المواطنين و ارائهم.

    1. يقول هيثم:

      ولماذا حشر المغرب في هذا التعليق؟ لا مقارنة مع وجود الفارق وبالتالي التعليق / المقارنة / التشبيه محض تعسف ولو أن المغرب ليس في أحسن حال. لكن الفارق كبير بحكم ترشيح النظام لرجل في وضعية صحية حرجة لا قدرة له على الحركة والكلام مما جعل الشعب ينتفض للدفاع عن كرامته.

  4. يقول محمد جبرؤوتي:

    بسم الله الرحمن الرحيم.. لو وضع تحت تصرفي في كفه كافة الأسلحة النووية وكافة جيوش العالم وفي الكفه الثانية وضع ليتر من ماء للوضوء وسجادة صلاة لأخترت الكفه التي فيها سجادة الصلاة وماء الوضوء. لما قال المجرم بشار أنه سيعيد حركة الدومينو إلى الوراء صليت ركعتين صلاة حاجة أن يا الله أعد عليه الكره وها قد استجاب الله الدعاء المجرم بشار يمكن اليوم تصنيفه على أنه أغبى وأجبن (رجل ) في العالم.

  5. يقول سوري:

    من العجيب الغريب ان هؤلاء الذين يهددون الشعب الجزائري ويحذرونه من الأسدية هم أنفسهم من يدعمون نظام المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي بائع سورية وهم أيضا من كانوا يدعمون القذافي ولم يعلموا أن الربيع العربي يزحف رويدا رويدا ليصل إلى عقر دارهم فالشعب الجزائري البطل صانع ثورة المليون شهيد لن تخيفه مثل هذه التهديدات ويهتف الشعب يريد اسقاط النظام كما في السودان أيضا فالبشير حليف بشار سيسقط كما سقط باقي الطغاة

  6. يقول خالد مصطفى الجزائر:

    سلمية سلمية ومازال أمام الجزائريين أوراق الاعتصام الاضراب العصيان المدني حتى سقوط النظام.

  7. يقول الكروي داود النرويج:

    الأسد أو نحرق البلد! كان هذا الشعار بأول الثورة, أما الآن: الأسد ونحرق البلد!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول الكروي داود النرويج:

    إضرب الضعيف يهابك القوي! واضرب الصغير يهابك الكبير!! بشار كان بالفعل ضعيفاً وصغيرا, ولكن: هل الطغاة الآخرون كذلك؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  9. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه(تهديد الجزائريين والسودانيين بـ«الأسديّة» لن يوقف الاحتجاجات)
    أصبح الأسد بعبعبا وفزاعة يخوف بنموجذه حكام السودان والجزائر شعبيهما ،ان لم يوقفا المظاهرات .
    والمنطق والعقل السليم يقول إن ثلاثين سنة للبشير في الحكم اكثر من كافية. وأن بوتفليقة المقعد حركيا وربما عقليا والقابع في أحد المستشفيات الفرنسية ولا يعي من أمره شيئا وتريد حاشية قططه السمان ،تعديل الدستور لترشحه لولاية خامسة وهو بكل بساطة غائب عن الوعي.
    وعلى البشير وعلى حاشية بوتفليقة أن يستجيبوا لنبض الشارع في بلديهما ،وهو أن يكفا عن محاولة تطويع الدستور للسماح بالترشح لولاية جديدة، وبذلك يكونا نموذجا لرؤية رئيس سابق في بلديهما تطمح إليه الشعوب العربية الاخرى،وليس رئيسا من القصر الى القبر.
    المنطق يقول إن رئيسا مؤبدا يعشش حوله الفساد والرشوة والسلبية.وفي السودان والجزائر يريد الشعب التمتع بحقوقه الأساسية البسيطة (بدءاً من الخبز والماء النظيف والكرامة المحفوظة ،ووصولاً إلى حقها في اختيار من يمثلونها أو يحكمونها.)
    ولا أظن أن نموذج الأسد الإجرامي الدموي يخيف شعبي السودان والجزائر.وان عزوف البشير وحاشية بوتفليقة عن الترشح هو الحل.

  10. يقول خالد الزناتي:

    فرنسا كدولة استعمارية سابقة تتحاشى التدخل المباشر في بلدان المغرب العربي لكنها تستعمل وسيلة التحكم عن بعد في تدبير أزمات المنطقة، في حالة الجزائر اليوم غالب الظن أنها ستشير على النظام الحاكم أن يستبعد الرئيس بوتفليقة عن السعي للفوز بالعهدة الخامسة برسم سيناريو مقبول نسبيا على سبيل المثال:( بعد الفحص الطبي الأخير بأحد مستشفيات سويسرا منذ بضع أيام أوضح للأطباء المشرفين على علاجه أن الرئيس بوتفليقة تدهورت حالته الصحية بشكل لا يسمح له بالتنافس على كرسي الرئاسة، وبذلك تقرر تأخير الإنتخابات الرئاسية لأشهر من أجل تنظيمها في جو تسوده “*الشفافية والنزاهة*”….) بمعنى الحيز الكافي من الزمن حتى يرتب أركام النظام أوراقهم المبعثرة ويتفقوا على البديل. أظن هذا السيناريو هو الأقرب في ظل الأوضاع الراهنة.

    1. يقول ابو سدر:

      ليس هناك “دول استعمارية سابقة” الاستعمار لا زال موجوداً،ربما تغير الاشخاص ومسماهم وعددهم فبدلاً من المندوب السامي البريطاني هناك بدلاً منه ملوك ورؤساء ولكن عرب ويقومون بنفس وظيفته ولكن بشكل اقذر

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية