تهريب قيادات القاعدة من العراق الى سورية لشق الجيش الحر
20 - أغسطس - 2013
حجم الخط
0
على مدى الأشهر الأخيرة تتصدر أخبار ‘القاعدة’ والأجندة الأخرى المتحالفة معها في العراق نشرات الأخبار المحلية والدولية لمعظم الأحداث الجارية وأهميتها على الساحة العراقية المضطربة والتي خضبت بالدم وكان آخرها وأهمها الهجوم الكبير على سجني التاجي وأبو غريب وفرار أكثرمن 500 إلى 1000 سجين بينهم قيادات في القاعدة والتنظيم أعلن مسؤوليته عن العملية والتي شكلت نجاحاً عظيماً يحسب لصالح التنظيم وفشلاً ذريعاً للقوات الأمنية العراقية لصد مثل هكذا هجوم وكذلك تصدرت معها أخبار الميليشيات ومن ثم الأبرز هو نشاط القاعدة غير المسبوق والإعلان عن تنفيذ سلسلة هجمات متنوعة بشكل منظم ودقيق ذات طابع طائفي مناطقي، والملاحظ إن هذه الورقة يمكن لعب عليها كلما تعكر مزاج البيت السياسي العراقي وتخاصم ساسة العراق حيث نشهد تطورات جساما من قتل وترويع بحق العراقيين. وتظل الأنبار المحافظة التي بشرت بالقضاء على تنظيم القاعدة، فبعد حرب ضروس دارت رحاها بين جماعات مسلحة من أبناء العشائر القسم الأكبر المعتصم اليوم المنادي بالحقوق والقسم الآخر من بعض فصائل المقاومة بعد تشكل الصحوات والانخراط فيها لمقاتلة القاعدة، آنذاك تلك الصحوات التي لعبت دوراً هاماً ورئيسياً حاسما ًفي انتشال الأنبار بشكل خاص والعراق بشكل عام من افكاره الهدامة التسلطية الشيفونية العنفية وعودة الحياة من جديد لعموم العراق. ظهور تنظيم القاعدة مع الميليشيات بهذا التوقيت له ابعاده وقراءته خصوصاً وأن الظهور جاء بعد إنطلاق التظاهرات في المحافظات الست المنتفضة. القراءة الأولى: محاولة إحداث شرخ بين العراقيين أنفسهم بأن القاعدة عادت من جديد لتستهدف مناطق شيعية و خلال الأسابيع الماضية بالفعل ضربت سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة عدداً من المناطق الشيعية وتنظيم القاعدة تبنى سلسلة التفجيرات تلك في بيان والمشكلة أن هنالك جدلاً حادا ً لا بل قناعة بين العراقيين بخصوص تنظيم القاعدة والمتعارف عليه عند قسم من الشيعة وبالتحديد الحكومة العراقية، إن التنظيم يضم في صفوفه عراقيين من العرب السنة وأن القاعدة تحظى بدعم سني والأهم إعطاء صورة غير مكتملة مشوهة للرأي العام أن ساحات الاعتصام كانت مصدراً لإنطلاق القاعدة والتظاهرات ليست سلمية وهدفها تمزيق وحدة الصف الوطني العراقي وأنهم متمردون متآمرون طائفيون ويجب القضاء عليهم وقد لا يعلم الجميع ولم يعد سراً أو خافياً على أحد إن تنظيم القاعدة هو تنظيم عقائدي عالمي يُباع ويشترى لتنفيذ مآرب وأجندة خاصة خارجية والقاعدة قتلت من العرب السنة أكثر من الشيعة وهذا معروف. القاعدة لها خطان رئيسيان 1- الخط الإيراني وهذا الخط يعمل بشكل فاعل بالمناطق ذات الغالبية السنية يمتثل إلى أوامر طهران من تفجيرات واغتيالات ويعمل على خلط الأوراق والدليل إن أغلب قيادات القاعدة قبل احتلال العراق كان تدريبهم إيرانياً والأهم أن إيران هي محطة إستراحة للكثير من قيادة القاعدة وهذا الكلام ليس تجنياً على إيران بل هي حقائق معروفة لدى الجميع . 2- الخط الحكومي وقد يستغرب الكثير عن علاقة القاعدة بالدولة العراقية، فالأحداث الأخيرة تُشير الى ان سلسلة الهجمات قام التنظيم بها بنقل سيارات مفخخة إلى مناطق ذات تركيز أمني عالي وتفجيرها بالأسواق والأماكن العامة وأن هذا الخط يعمل أيضاً على إثارة النعرات الطائفية بين مكونات الشعب العراقي من خلال شن هجمات عنيفة ذات صبغة طائفية بمناطق شيعية منتخبة وهذا تم لمسه بعد ظهور التظاهرات مباشرةً لإعطاء رسالة واضحة أن السنة هم وراء العملية والعكس هو الصحيح بإستهداف مساجد وبمناطق سنية والدليل الأكبر هو إتهام مكتب القائد العام للقوات المسلحة بتهريب عدد من كبار قيادات القاعدة خارج العراق والخطر هو الإتهام الذي جاء على لسان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد العاصي الجربا متهما المالكي بأنه قد يكون وراء تهريب قيادات التنظيم من سجني التاجي وأبو غريب في بغداد قبل أسابيع والعودة بهم مجدداً إلى الأراضي السورية لشق صفوف الجيش الحر ومساندة نظام بشار الأسد، وعلى الأرض فعلاً هذا الذي يحصل الآن هو يشبه إلى حد كبير ما حصل في العراق قبل سنوات عندما فرض تنظيم القاعدة سطوته على بعض من فصائل المقاومة العراقية، لكن الخوف يسيطر بجله على قول الحقيقة من بعض المحللين والباحثين. وتر يلعب عليه الكثير من ناحية للهجوم لفك ساحات الاعتصامات وخلط الأوراق والعمل على إعادة العراق إلى أيام القتل على الهوية والفوضى والأهم حتى تصبح ساحات التعبير عن الرأي هدفاً سهلاً للقوات الأمنية لمزيد من إرتكاب المجازر على غرار ماحصل في الحويجة وهذا الذي بدأ يلوح به المالكي في آخر ظهور له مستشهداً بتجربة الجيش المصري لفض اعتصام رابعة العدوية قائلاً: إنه يستطيع أن يفعل بالاعتصامات والمعتصمين مثل ما فعله السيسي بالمعتصمين في مصر في ساعة واحدة. أما القراءة الثانية هو العودة ‘بالمناطق السنية ‘ إلى مربع القتل والخراب وتحطيم البنى التحتية وهلك الحرث والنسل وموت الوازع الإنساني والديني وجعل هذه المناطق مستقبلاً أعشاشاً للإنطلاق في مشروع هدم كبير وحرف التظاهرات عن مسارها النبيل والهدف الحقيقي لهذه الأفعال تدمير سنة العراق تحديداً كأمة تشكل محوراً مهما للعالمين العربي والإسلامي. ما تشهده الآن أغلب المناطق السنية من عمليات تفجير مروعة وآخرها كان تفجيراً مروعاً قد هز أحد ملاعب مدينة الغزالية ذات الغالبية السنية وسقوط عشرات القتلى والجرحى في ملعب لكرة القدم اغلبهم من الشباب العزل، ويبدو أن فرصة التعبير عن الهوية السنية بمظلوميتها بأن العرب السنة أمام مفترق طريق فاما هم مع الحكومة أو يواجهون الموت أو البقاء مع المشاعر الملتهبة كانت فرصةً سانحةً لظهور تلك الجماعات من جديد لكي يستعدوا لمخطط جديد قديم باشاعة أن السنة إرهابيون، وما يجري الآن من حملات اعتقال واسعة تنفذها الأجهزة الأمنية على حزام بغداد الذي يضم قبائل ذات غالبية سنة اشبه بتطهر عرقي بحجة ملاحقة الإرهاب والحجة في ذلك لدى القوات الأمنية إن أغلب التفجيرات الأخيرة منطلقها هذه المناطق فلا بد من تطهيرها من العناصر الإرهابية ما أثار غضباً عارماً وسط تلك المناطق معتبرين هذه الإجراءات تطهيرا سنيا. أما القراءة الثالثة والأهم هو شغل الإعلام العراقي والعربي عن ما يحدث من مأساة حقيقية ومجازر مروعة ترتكب يومياً بحق أغلب العراقيين والتغطية على الفشل الحكومي بقيادة المالكي وإستحداث خبر جديد للإستهلاك الإعلامي، وظهور ورقة تنظيم القاعدة أعطى فرصةً جديدةً لبعض من السياسيين العراقيين للمقامرة بها مجدداً على حساب دماء العراقيين خصوصا وأن العراق مقبل على إنتخابات. أما القراءة الرابعة لتداعيات المشهد العراقي هو ان ما يجري في العراق هذه المرة ليس ككل الأيام التي مرت على العراق فهي حرب قد سخرت لها كل الامكانيات المعنوية والمادية البشرية على ما يبدو لإعادة العراق إلى المربع الأول مربع القتل والتهجير والخراب والدمار لكنها هذه المرة بصورة جديدة.