تواصل اجتماعات سدّ النهضة… تباين بوجهات النظر وانعدام التوافق
6 - يوليو - 2020
تامر هنداوي
حجم الخط
0
القاهرة – «القدس العربي»: تواصلت، أمس الإثنين، الاجتماعات الخاصة بمفاوضات سد النهضة، بمشاركة ممثلين عن مصر والسودان وإثيوبيا، وبحضور مراقبين من الاتحادين الإفريقي والأوروبي، وكذلك الولايات المتحدة، في وقت كشفت فيه وزارة الري المصرية عن تقدمها بمقترح في إطار المفاوضات يحقق الهدف الإثيوبي من توليد الكهرباء، ويمنع حدوث ضرر جسيم للمصالح المصرية والسودانية.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الخرطوم، بعد ثاني أيام جولة جديدة من المفاوضات، أن الخلافات محدودة، قالت القاهرة إن لا توافق حتى الآن.
وعُقدت أمس الأول الأحد، لقاءات ثنائية بين المراقبين والدول الثلاث، كل على حدة، في سعي لحل النقاط الخلافية.
وتعقد الاجتماعات، التي لم تسفر عن تقدم حقيقي وملموس بعد، برعاية جنوب أفريقيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي وبحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا وممثلي مكتب الاتحاد الأفريقي ومفوضية الاتحاد، إضافة إلى خبراء قانونيين من مكتب منظمة الاتحاد الأفريقي.
وأمام الاتحاد الأفريقي أسبوعان للمساعدة في التوصل لاتفاق ووضع حدّ للخلاف المستمر منذ عشر سنوات بشأن موارد المياه.
وزارة الري المصرية قالت إن “فريق المفاوضات المصري بقيادة وزير الري محمد عبد العاطي ناقش مع المراقبين التفاصيل المتعلقة بالوضع المائي لمصر والجوانب الفنية والقانونية لملء السد، إضافة إلى تقديم مقترحات تتسق مع المعايير المتعارف عليها دولياً”، وتحقق الهدف الإثيوبي في توليد الكهرباء، مع تجنب حدوث ضرر جسيم للمصالح المصرية والسودانية” .
ولفت إلى أن “المفاوضات كشفت عن تباين في وجهات النظر مع إثيوبيا، وأن مصر لا تقف أمام مشاريع إثيوبيا التنموية، لكن موضوع السد بالنسبة للقاهرة مسألة وجودية” .
كما تمت الإشارة إلى المساعي المصرية للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح الدول الثلاث، وبما يعزز من التعاون الإقليمي، من خلال التقدم بمقترحات تتسق مع المعايير المتعارف عليها دوليا والمرتبطة بمثل هذه القضايا.
وتم عرض أهم ملامح المقترح المصري الذي يحقق الهدف الإثيوبي في توليد الكهرباء وفي الوقت نفسه يجنب حدوث ضرر جسيم للمصالح المصرية والسودانية في إطار تنفيذ إعلان المبادئ الموقع عام 2015 بين البلدين، وكذلك أسلوب التعامل مع أية مشروعات مستقبلية على النيل الأزرق وبما يضمن اتساقها مع مبادئ القانون الدولي ذات الصلة باستخدام الأنهار المشتركة. وتقدم عدد من المراقبين بعدة استفسارات واستيضاحات تم الرد عليها من جانب الفريق المصري.
ورغم أن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي، صرح أن أكثر من 90 ٪ من القضايا في مفاوضات سدّ النهضة الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا قد حلت، إلاّ أنّ التباين وعدم توافق الأطراف يشي بغير ذلك، حيث تستمر الخلافات على المستويين الفني والقانوني وآلية فض المنازعات، بعدما استعرضت كل دولة رؤيتها بخصوص ملء السد وتشغيله.
المتحدث باسم وزارة الري المصرية محمد السباعي تحدث في تصريحات صحافية عن “تعنت إثيوبي” وعن “نقاط لم يتم التوافق حولها”، خاصة في ظل تمسك أديس أبابا في المضي قدماً في خطوة ملء خزان السد هذا الشهر حتى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان.
وأكدت إثيوبيا خلال الاجتماعات أنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر ولا السودان، وإن الهدف الأساسي للسد هو توليد الكهرباء لدعم عملية التنمية. ويقع السد على مجرى النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وكانت إثيوبيا ومصر والسودان قد اتفقت خلال قمّة أفريقية مصغّرة عقدت عبر الفيديو قبل أسبوع على تأجيل البدء بملء خزّان سدّ النهضة الكهرمائي الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق.
الوفد السوداني قدّم شرحاً لأثر السد على السودان والدول الأخرى وفق الدراسات السودانية في هذا المجال، وعرض النقاط الفنية المحدودة المختلف عليها والتي يرى أنه يمكن تجاوزها عبر التفاوض، إضافة للقضايا القانونية المعلقة.
وقدم الوفد مقترحات، تراها الخرطوم “منصفة ومتوازنة” لحل كافة القضايا الفنية والقانونية العالقة.
وأكد وزير الري السوداني، ياسر عباس، أن البلاد قد تتوسع في الزراعة المروية بالاستفادة من باقي حصة الخرطوم في مياه النيل بعد تشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وأوضح عباس، في تصريحات متلفزة، أن الخرطوم معنية للغاية بسلامة السدود السودانية بعد تشغيل سد النهضة الإثيوبي. وقال: درجة أمان سد النهضة من الانهيار عالية وأكثر أمانا من سدود السودان، مشيرا إلى أن ملف سد النهضة في الخرطوم ملف فني بحت وليس سياسيا. وأضاف وزير الري السوداني أن الموقف السياسي حاليا في السودان داعم لرؤية الخرطوم بشأن سد النهضة.
إلى ذلك، بحثت مصر وإريتريا، الإثنين، تطورات ملف سد “النهضة” الإثيوبي، وأمن البحر الأحمر والقرن الإفريقي.
جاء ذلك خلال لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإريتري أسياس أفورقي، خلال زيارة رسمية لمدة 3 أيام يجريها الأخير للقاهرة، وفق بيان للرئاسة المصرية.
وقال البيان: “اللقاء تطرق إلى التباحث حول آخر التطورات الإقليمية، فيما يتعلق بملفات القرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر، وكذلك قضية سد النهضة الإثيوبي” .
وبدوره أعرب الرئيس الإريتري عن تطلع بلاده لتعزيز العلاقات مع مصر، خاصةً في الوقت الراهن الذي تشهد فيه منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر تحديات متلاحقة وتدخلات خارجية متزايدة.
وحسب البيان ذاته، بحث الجانبان “تعزيز أطر التعاون المشترك في المجالين العسكري والأمني بين البلدين” .
وسدّ النهضة، الذي بدأت أديس أبابا ببنائه في عام 2011 سيصبح عند إنجازه أكبر سدّ كهرمائي في أفريقيا، لكنّ هذا المشروع، الذي تعتبره إثيوبيا حيوياً، أثار أزمة حادّة مع كلّ من السودان ومصر اللتين تتقاسمان كذلك مياه النيل.
وتتخوف القاهرة من تراجع حصتها السنوية البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل بسبب السدّ، وعلى هذا الأساس، فهي تطالب باتفاق حول بعض النقاط كأمان السد وتحديد قواعد ملئه أثناء فترات الجفاف.