كوالا لامبور – د ب ا – ارتجف صوت السيدة تشين، وهي تتذكر أنها كانت على حافة الموت، عندما ألقى إرهابيان من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قنبلة يدوية على مقهى في العاصمة الماليزية كوالا لامبور الشهر الماضي، مما أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص.
وقالت تشين – التي طلبت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي – ” لقد كنت أنا وثلاثة من أصدقائي من بين رواد المطعم، ولم يتعرض أحد منا للإصابة لحسن الحظ، غير أن صوت الانفجار كان يتردد في أذهاننا وحرمنا من النوم ليلاً “.
وكان هذا هو أول هجوم إرهابي ناجح تشنه الدولة في ماليزيا.
وبعد مرور بضعة أيام فجر انتحاري تابع لتنظيم الدولة نفسه داخل مركز للشرطة في إندونيسيا المجاورة.
ومن ناحية أخرى قام المتمردون في جماعة أبوسياف الإسلامية المتمردة في الفلبين، – والتي بايعت التنظيم- بقطع رأس رهينتين من كندا خلال الشهرين الماضيين، وهددت بقطع رأس شخص ثالث.
وشن المسلحون الفلبينيون هجمات ناجحة على خمس سفن على الأقل في منطقة أرخبيل سولو ببحر سيليبس، واحتجزت مجموعة من البحارة طلباً للفدية في جزيرة جولو الجنوبية.
ويحذر المحللون في شؤون الأمن، من أنه من المرجح أن تعاني منطقة جنوب شرقي آسيا من مزيد من الهجمات الإرهابية، بعد أن تعرض تنظيم الدولة لنكسات في العراق وسوريا، حيث يشن مقاتلوه حرباً مقدسة طويلة المدى لإقامة خلافة إسلامية.
ويقول بيلفير سينج وهو بروفسور في العلوم السياسية بمعهد نانيانج للتكنولوجيا بسنغافورة، ” كلما تعرض التنظيم لمزيد من الحصار في منطقة الشرق الأوسط، كما زادت دوافعها لضرب أهداف خارج هذه المنطقة “.
ويضيف إن ” هذا التطور يمكن أن يؤدي في منطقة جنوب شرقي آسيا إلى شن هجمات من جانب المقاتلين بتنظيم الدولة العائدين إلى دولهم، وكذلك من جانب مؤيديهم، بما فيهم الجهاديون من خارج جنوب شرقي آسيا مثل العرب وقومية الإيغور “.
وعانت إندونيسيا التي يوجد بها أكبر نسبة من السكان المسلمين في العالم، من وطأة إرهاب الدولة في المنطقة، بما في ذلك عملية التفجير التي نفذت في 14 كانون ثان/يناير الماضي في الحي التجاري بجاكارتا.
ومن بين الدول العشر الأعضاء في رابطة جنوب شرقي آسيا سجلت إندونيسيا أكبر عدد من المتطرفين، الذين انضموا إلى التنظيم، وذلك وفقاً لرئيس الشرطة الوطنية بدر الدين هايتي.
وذكرت وزارة الخارجية أنه تم إعادة 217 إندونيسيا كانوا مشاركين في أعمال التنظيم الإرهابية من السعودية وتركيا وماليزيا.
وتعد دولة ماليزيا المجاورة لإندونيسيا ذات أغلبية سكانية من المسلمين أيضاً، حيث يشكل المسلمون نحو 60% من تعداد السكان الذي يبلغ أكثر من 30 مليون نسمة، ويوجد قرابة 100 مسلح ماليزي يقاتلون في سوريا والعراق.
ويقول رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في ماليزيا أيوب خان مدين بيتشاي إنه تم احتجاز 213 مواطناً وأجنبياً من المؤيدين للتنظيم، في إطار حملة الإجراءات الصارمة ضد المتطرفين منذ عام 2013.
وفي الفلبين من المعتقد أن عدداً غير محدد من مؤيدي تنظيم الدولة قد توجهوا بالفعل إلى سوريا والعراق، بل إن جزيرة سنغافورة التي تسكنها غالبية من ذوي الأصل الصيني ألقت القبض على مواطنين اثنين على الأقل لتورطهما في أنشطة التنظيم.
ويقول فيرجوس هانسون الباحث بمعهد بروكنجز للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن، ” على الرغم من أنه لا يوجد إلا بضع مئات من المواطنين في دول جنوب شرقي آسيا وأستراليا يقاتلون في صفوف التنظيم، فإن التجربة الجارية في إندونيسيا بينت أنه يمكن لمجموعة صغيرة العدد من المسلحين السابقين المدربين ولديهم الدافع أن ينفذوا عمليات إرهابيه تخلف دماراً واسعاً “.
ويضيف ” قد يكون من الصعب مواجهة شبكة إرهابية محلية، غير أن التنظيم الإرهابي على المستوى الإقليمي يمثل تحديات أكبر “.
بينما قال راكيان أديبراتا وهو محلل إندونيسي في شؤون الإرهاب، إن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي يساعد على نشر الدعاية الإرهابية بين أوسع جمهور متلقي ممكن.
وأضاف “قد يجادل مؤيدو الدولة بأن التنظيم بقيادة البغدادي قد لا يمثل أفضل شكل للخلافة الآن، ولكنه سيكون حجر الزاوية في تأسيس خلافة أكثر اتساعاً وقوة “.
بينما قال أندرين راج المدير الإقليمي للرابطة الدولية لمكافحة الإرهاب ورجال الأمن المحترفين إن وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تمثل منصة للتجنيد، غير أن تأثيرها بين الأشخاص يكون أكثر عمقاً.
وأضاف إن ” التلقين وجهاً لوجه هو ما يحول المجندين إلى انتحاريين “.
وأشار راج إلى أن إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالجهاديين، لن يوقف نشر الأيدولوجية الإسلامية المتطرفة.
ودعا الحكومات إلى منح مزيد من الاهتمام بالمدارس الدينية، التي تكون معرضة للاختراق من جانب المتطرفين، لأنها لا تخضع للإشراف الجيد.
وفي نفس الوقت يتعين على الناس أن يتعلموا التعايش مع التهديد المستمر الذي أصبح واقعاً جديداً.
وقالت السيدة تشين التي تعرضت لكدمات من جراء انفجار ماليزيا إن الشعور بالأمان لم يعد ممكناً.
وأضافت ” إنني وأصدقائي نتزاور في بيوتنا ونتجنب الأماكن العامة “.
وتابعت ” إن المتطرفين يتسمون بالوحشية، ويمكنهم توجيه ضرباتهم في أي مكان، ولا أعتقد أنه بمقدور الشرطة أن تلقي القبض عليهم جميعاً “.