تونس– “القدس العربي”: أزالت قوات الأمن التونسية خيام اعتصام نصبها نقابيون أمنيون احتجاجا على اتجاه السلطات التونسية لتوحيد النقابات الأمنية، في وقت حذر فيه سياسيون من نشوب “صراع” داخل وزارة الداخلية، في ظل لجوء النقابات الأمنية لمحاولة “الاستقواء” على الدولة.
وشرعت السلطات الأمنية منذ مساء الخميس بإزالة خيام تمّ نصبها أمام مقرّات أمنية في عدّة ولايات من قبل منتمون للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي.
وتداول نشطاء فيديوهات حول إزالة خيام معتصمين من نقابة قوات الأمن الداخلي في عدد من المدن التونسية، تخللها تشابك بالأيدي بين أمنيين على خلفية محاولة فض اعتصام للنقابة في مطار تونس قرطاج، ترافق مع حملة تراشق بين قيادات أمنية على مواقع التواصل الاجتماعي.
https://www.facebook.com/watch/?v=462377975772975
وكانت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي دعت كافة الأمنيين المنتسبين لها للالتحاق بخيام اعتصام نصبتها النقابة في أغلب الولايات التونسية، احتجاجا على إيقاف عدد من الأمنيين بعد قيام بتجاوزات، فضلا عن توجه لدى السلطات لتوحيد النقابات الأمنية ضمن مؤسسة واحدة، بناء على قرار للرئيس قيس سعيد.
https://www.facebook.com/snfsi.officiel.tunisie/videos/1297669340970024
وعقب إزالة الخيام، قررت النقابة تعليق الاعتصامات “تغليبا للمصلحة العامة وتقديرا لروح الزمالة ولتجنب كل التصادمات التي من الممكن أن تؤدي الى انزلاقات وخروقات وخيمة يسعى لها الطرف المقابل بكل جهد لغايات أصبحت مكشوفة”، وفق بيان أصدرته الجمعة.
وقال الناطق باسم النقابة شكري حمادة في تصريحات إعلامية إن النقابة ترفض ما سماه “قبر العمل النقابي وفقا للإجراءات التي اتخذها وزير الداخلية ومن بينها تجفيف منابع تمويل النقابات الأمنية، مشيرا إلى وجود “مغالطات” حول عمل النقابات سيتم الكشف خلال اجتماع ستعقده النقابة في وقت لاحق.
https://www.facebook.com/snfsi.officiel.tunisie/videos/807022893657609
وكان وزير الداخلية توفيق شرف الدين أصدر أخيرا قرارا يقضي بوقف الاقتطاع من أجور الأمنيين لصالح النقابات الأمنية.
وأكد في ندوة صحافية يوم الخميس أن القرار “جاء نتيجة لانعدام أي سند قانوني لهذا الإجراء”، مضيفا “المسألة خطيرة جداً، حيث اقتطعت النقابات الأمنية 34 مليون دينار من أجور الأعوان منذ مطلع هذه السنة إلى اليوم في مخالفة صريحة للقانون. ولا يمكنني الصمت أو أنني سأصبح مشاركاً في هذا، وتم إصدار بطاقة إيداع في حق نقابيَيْن على خلفية المخالفات المذكورة”.
وحذّر سياسيون من صراع داخل وزارة الداخلية، حيث كتب عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد “حذارٍ، فتحت الرماد اللهيب. حذارِ من انقسام أجهزة الدولة الصلبة في فتنة حروب الخلافة الصغرى والكبرى”.
وتحدث الهاني عما سماه “بداية التراشق والانقسام داخل الأجهزة الأمنية نفسها، واستعمال الغاز المسيل للدموع والقنابل الخارقة وعنف الدولة الأمني لفظ اعتصامات جزء من النقابات الأمنية في مطار تونس قرطاج الدولي وفي صفاقس العاصمة الاقتصادية للبلاد”.
وأضاف، في تدوينة على موقع فيسبوك “استفاق الرأي العام صبيحة الجمعة على مشاهد مروعة لانقسام أجهزة الدولة الصلبة من قوات الأمن الداخلي الحاملة للسلاح ولصور فض الاعتصامات بالقوة وخرق الخيام والجرحى والكسور وكالات الاختناق وأنباء عن اختطاف أمنيبن من قبل أمنيبن آخرين من زملائهم، وإشاعات عن إمكانية تدخل الجيش للضبط الأمني وفض النزاعات بين الأمنيين”.
وكتب المؤرخ والناشط السياسي محمد ضيف الله “الاحتجاجات البوليسية ليلا، ومشاهد النار وصور القنابل المسيلة للدموع، وارتفاع الحناجر بالشعارات المضادة، ولا عاش في تونس من خانها، وتشبيه للوضع بالفلوجة. شيء محزن ومقلق ومخيف، لم يسبق أن قام البوليسية بمثل هذا في بلادنا. وهم ليسوا كأي سلك أو قطاع آخر، حيث فرضتهم الوضعية الجيوستراتيجية لبلادنا كركيزة أساسية للدولة، نعم هم الركيزة الأساسية على الأقل منذ الاستقلال. وأن نراهم في مراول خلعة في الشارع ليلا، فهذا مؤشر ليس بالهيّن. هو تطور طبيعي لسياسة تفكيك الدولة منذ 25 جويلية”.
https://www.facebook.com/mohamed.dhifallah.39/posts/10225329945989048
وتساءل في تدوينة أخرى “إيقاف الاقتطاع على النقابات الأمنية، كما قرر ذلك شرف الدين، هل سيقف عند تلك النقابات، أم أنه سيشمل اتحاد الشغل أيضا؟ سؤال أكيد أنه طرح في أروقة الاتحاد. لكن إذا كانت النقابات الأمنية وهي من هي في التهيئة للانقلاب بالاستقواء على الدولة طيلة عشر سنوات، ثم في دعم الانقلاب، ووصل الأمر إلى تجفيف مصدر تمويلها بمنع الاقتطاع عنها، فهل الأمر بعيد على أن يقع مثله للاتحاد؟ وهل أن التوافق بينه وبين سلطة الانقلاب، يمكن أن يجنبه مسألة منع الاقتطاع؟”.
https://www.facebook.com/mohamed.dhifallah.39/posts/10225328658716867
وكان الرئيس قيس سعيد دعا في وقت سابق توحيد النقابات الأمنية في مؤسسة واحدة، وهو ما دفع نقابات أمنية لتوجيه انتقادات كبيرة لسعيد، مؤكدة رفضها تدخل السياسيين في العمل النقابي والأمني، قبل أن تتخذ وزارة الداخلية إجراءات عقابية ضد بعض النقابات.