تونس بعد التشريعيات.. استقرار أم استمرار للأزمة؟

حجم الخط
0

تونس- عادل الثابتي:
أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أسماء 131 فائزا في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية من إجمالي 161 مقعدا، فيما تمكن 23 مترشحا من تحقيق الفوز في الدور الأول في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وأعلنت قيادات في “حركة الشعب” و”حراك 25 جويلية” ومبادرة “لينتصر الشعب”، التي تعد مؤيدة للرئيس قيس سعيد، فوزها بمقاعد معتبرة في الدور الثاني للانتخابات التي جرت الأحد، ما يعطيها الأغلبية في البرلمان خاصة في ضوء مقاطعة المعارضة للعملية الانتخابية.

أبرز القوى السياسية للبرلمان الجديد

أسامة عويدات، عضو المكتب السياسي لحركة الشعب المكلف بالإعلام، أوضح أنه “بالنسبة للرقم الدقيق للفائزين من حركتنا، فهو غير متوفر للآن لأننا بصدد تجميع النتائج وكان لنا في حدود 47 مرشحا خلال الدور الثاني للانتخابات”.
وأضاف عويدات: “ستكون لنا كتلة محترمة بين 20 و25 نائبا”.
القيادي في مبادرة “لينتصر الشعب”، القريبة من الرئيس التونسي قيس سعيّد، صلاح الدين الداودي، من جانبه، قال: “نحن لنا كتلة خاصة بنا وعلى الأرجح تكون الكتلة الأكبر”.
وأضاف الداودي: “ثمة تفاهمات على مجموعة من الأولويات التشريعية والأولويات الاقتصادية والاجتماعية” في البرلمان المقبل.
من جانبه، قال القيادي في حركة الشعب: “سنعقد قريبا مجلسا وطنيا للحديث عن العمل البرلماني والخطة القادمة للحركة في التعاطي مع المشهد السياسي القادم”.
من ناحيته، قال عبد الرزاق الخلولي، رئيس المكتب السياسي لحركة شباب تونس الوطني، (حراك 25 جويلية): “خلال الدول الأول نجحنا في 10 دوائر وبنتائج الدور الثاني، لنا الآن ما يقارب 86 نائبا في البرلمان”.
وأضاف الخلولي: “عملنا كل ما يلزم لخوض المحطة الانتخابية ولنا أغلبية مريحة” في البرلمان.
وأكد الخلولي: “كتلتنا ستقدم بالعمل البرلماني والتشريعي وبهذه الكتلة سيكون لنا القرار في مسألة رئيس البرلمان واللجان”.

انتهاء الفترة الاستثنائية

وحول تأثير الانتهاء من إنجاز الانتخابات المبكرة على المشهد السياسي، قال القيادي في حركة العشب أسامة عويدات: “الفترة الاستثنائية مسقفة بالانتخابات التشريعية، والآن بالانتهاء منها يتم الانتهاء من المرحلة الاستثنائية لتركيز مؤسسات الدولة والخروج من العمل بالمراسيم (الرئاسية)”.
وأضاف عويدات أن “العمل العادي سيكون مبنيا على التشريعات وهذا المعمول به في كل دول العالم”.
ويذهب في ذات الاتجاه القيادي في مبادرة “لينتصر الشعب” صلاح الدين الداودي بالقول: “نحن انتهينا من المرحلة الاستثنائية يبقى المجلس الثاني (انتخابات مجلس الأقاليم والجهات) الذي سيأتي وقته”.
وأوضح الداودي: “الوظيفة التشريعية والرقابية نحن انتهينا منها، وبعد صدور النتائج النهائية البرلمان يكون موجودا”.
وبدا الداودي واثقا “نحن نتجه إلى أكثر من الاستقرار وهو الاتجاه إلى تفعيل بقية المؤسسات مثل المحكمة الدستورية وإصلاح المؤسسات العمومية والاتجاه نحو البناء والاستعداد للاستحقاقات المقبلة داخل المؤسسات”.

الأزمة أم الأمل؟

وحول تأثير نسبة الاقتراع الضعيفة التي قدرتها الهيئة العليا المستقلة 11.4 في المئة من مجموع الناخبين على استمرار الأزمة السياسية في تونس، قال القيادي في حركة الشعب أسامة عويدات: “تونس لا تتجه للأزمة والسقوط.. نحن تحدث عن حلقة مفتوحة على العمل والأمل في المستقبل، لأن في المستقبل لا يمكن أن نرى السواد بل نجد الحلول”، على حد قوله.
وأضاف عويدات بخصوص الحديث عن نسبة العزوف الكبيرة (من قبل المعارضة): “أبشرهم بأن نسبة العزوف لا تدل على أن الشعب استمع لهم، بل تدل على غضب الشعب على وضع اقتصادي صعب”.

من ناحيته، رفض القيادي في مبادرة “لينتصر الشعب”، صلاح الدين الداودي، فرضية اتجاه تونس إلى تعمق أزمتها كنتيجة لنسب المشاركة الضعيفة في الدور الثاني من الانتخابات، واعتبر أن ” الشرعية هي شرعية التغيير والقطع مع المنظومة السابقة وشرعية بناء المؤسسات”.
وأضاف الداودي: “الحديث عن الاتجاه الى الأزمة هو وجهة نظر تنتمي إلى عالم المنظومة القديمة (التي حكمت قبل 25 يوليو 2021 تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيّد اجراءاته الاستثنائية).
وتابع الداودي: “نحن لنا وجهة نظر أخرى تقوم على الاتجاه لتركيز عمل المؤسسات”.

المعارضة “تشوش” على المسار

رئيس المكتب السياسي لحراك 25 جويلية عبد الرزاق الخلولي قال: “المعارضة لها الحق في قول ما تشاء، وغير منتظر أن يكون موقف المعارضة إيجابيا من المسار، بل هي ستُرَكّب كل شيء للتشويش على المسار وشيطنته”.
وأضاف: “الأزمات موجودة في كل دول العالم وسيأتي يوم تحل فيه الأزمة”.
وتابع الخلولي: “اليوم لنا شعب يضحي ويتعامل مع الأزمة بكل أريحية، صحيح أنه غاضب ويعاني لكنه يعرف أن المسار طريقه صعب”.

ونبّه الخلولي أن “الأزمة لم يأت بها الرئيس قيس سعيّد في حقيبته، بل هي نتيجة لعشرية سوداء (القوى الحاكمة قبل 25 يوليو 2021 وأساسا حركة النهضة وحلفاؤها) زادت عليها كورونا والحرب الأوكرانية”.
وبدا الخلولي واثقا: “نحن ذاهبون في الانفراج هناك من يريد تعميق الأزمة وقياديو المسار والرئيس ذاهبون إلى البناء”.

الانتخابات والحريات

إلا أن الأمين العام لحزب العمل والإنجاز، وعضو جبهة الخلاص الوطني ( أكبر ائتلاف معارض في تونس) عبد اللطيف المكي، قال: “نرى أن الانتخابات على بعد سنة ونصف من قيام قيس سعيد بالانقلاب لن تفضي لحل مشكل تونس بقدر ما ستفضي لإرساء منظومة قيس سعيد”.
واعتبر المكي أن “الشعب صدّق ما ذهبنا اليه من تحليل من خلال ارتفاع نسبة العزوف وجدد المقاطعة، وبالتالي هذه المؤسسة ( البرلمان القادم) ولدت ميتة وستزيد من أزمة البلاد أكثر مما ستحل أزمة البلاد”.
وتعليقا على تفاؤل أنصار الرئيس قيس سعيد بأن الانتخابات ستنهي الأزمة، قال المكي: “هم يوهمون أنفسهم أنهم سيمرون لمؤسسات مستقرة، ولكن قيس سعيّد وممارسته السياسية لن تترك الأمور تستقر وربما يدخل معهم في خصومة مع هذه المجموعة التي قيل إنها انتُخبت”.

دعوات لاستقالة الرئيس

واعتبر مكي أن” أفق حل الأزمة يبدأ بهذا (استقالة سعيّد) ولكن قيس سعيد سيرفض، وهناك المشكل الاقتصادي القاتل الذي تسبب فيه هو، والبلاد الآن على حافة الإفلاس”.
ورأى المكي أن “قيس سعيد لن يذهب بصورة طوعية، بل ستذهب به غضبة شعبية كبيرة أو وحدة سياسية بين الأحزاب والمنظمات وفتاوى قانونية دستورية إلى غير ذلك”.

المعارضة موحدة؟

ونفى المكي انقسام المعارضة حول الموقف من منظومة الرئيس قيس سعيد بالقول: “الوحدة ضد الانقلاب موجودة والوحدة في الرؤى الاقتصادية وغيرها غير موجودة، وتحسم بالرجوع إلى الصندوق، لذلك الترويج أن المعارضة غير موحدة ضد قيس سعيد، أقول بالعكس، ليس فقط المعارضة موحدة، بل إن حلفاء قيس سعيد أخذوا مسافة منه”.
وشدّد قائلا: “البديل لو كنا في نظام ديمقراطي يكون عبر الانتخابات، لكن نحن الآن في نظام استبدادي متمسك بالسلطة ويغلق كل الطرق الدستورية للتغيير فيكون العمل السياسي والنضال الاجتماعي هو الذي سيسقط قيس سعيد ويجبره على الاستسلام”.
وتعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى اضطراب سياسي تعيشه منذ بدأ الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021.
وشملت أبرز هذه الإجراءات حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في يوليو 2022 وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية بتونس هذه الإجراءات وتعتبرها “انقلابا على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس بن علي.
أما سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته “ضرورية وقانونية” لإنقاذ الدولة من “انهيار شامل”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية