تونس-“القدس العربي”: عرف البعض الانتخاب بأنه “مظهر من مظاهر تعبير المحكومين عن سيادتهم في عملية اختيارهم لحكامهم من خلال عملية عرفها البعض بأنها مجموعة القواعد القانونية والإجراءات التي تؤدي بصفة أساسية إلى اختيار الحكام من قبل المحكومين وينظمها القانون الانتخابي الذي يعرف بصفة الناخب ويبين نظام الاقتراع وينظم عملية التصويت. وظهر الحق الانتخابي مع تبلور فكرة شرعية الحكومات الديمقراطية دون سواها بما أن الحاكم يستمد في هذه الحالة نفوذه من الشعب”.
ويشترط في الانتخابات أن تكون حرة وعادلة، والانتخابات الحرة هي عملية اقتراع تحترم حقوق الإنسان والحريات، ومن شروطها حرية الكلام وحرية الاجتماع وحرية التسجيل كناخب، كحزب، أو مرشح. كما يشترط أن تكون خالية من الاكراه وتضمن فيها حرية الوصول إلى مراكز التصويت وحرية التصويت بصورة سريّة وحرية الشكوى أو التظلّم.
أما الانتخابات العادلة فهي عملية اقتراع لا تكون عرضة للتزوير والمناورة ويجب أن تتوفر فيها إدارة غير حزبية للانتخابات وحماية دستورية للقانون الانتخابي ومصادقة دولية ومراكز انتخابية سهلة الوصول وتغطية إعلامية متوازنة. كما تقتضي الحصول وبصورة عادلة على مصادر تمويل للحملات الانتخابية وإحصاء معلن وشفاف للأصوات ومعاملة عادلة وغير اكراهية للأحزاب، والمرشحين، والناخبين من قبل الحكومة والشرطة أو الجيش أو القضاء.
ووفقا لهذه المعايير فإن الانتخابات الرئاسية التونسية تشهد عديد الخروقات التي ترقى بها إلى درجة التزوير، فحرية الاجتماع غير مكفولة لجميع المترشحين، والإكراه متوفر من قبل إدارة غير محايدة خاصة وأن هناك مرشحا في السجن وآخر خارج الحدود يخشى العودة. كما أن محاولات حصلت لتغيير القانون الانتخابي على مقاس البعض قبيل فترة قصيرة من الانتخابات وهو ما يمس من الحماية الدستورية للقانون الانتخابي. وتغيب عن هذه الانتخابات أيضا التغطية الإعلامية المتوازنة، وتتعرض بعض الأحزاب إلى معاملة سيئة من قبل الإدارة ويحرم مرشحوها من تكافؤ الفرص. ولعل أهم ما يسيء للانتخابات التونسية هو خرق شرط الظهور بصورة عادلة. وبهذه الممارسات لا يمكن الحديث عن الاستثناء التونسي في خضم هذا المناخ الخانق.
ومع انطلاق الحملة الانتخابية للمرشحين، نجد كل مرشح يسعى لكسب أكبر قدر ممكن من أصوات الناخبين والمؤيدين كل على طريقته، ولجأ البعض إلى التركيز على بعض القضايا الجدلية التي تهم المواطن أو تلفت انتباهه. فمثلا خلال حواره في قناة “حنبعل” المحلية قال مرشح الرئاسية عبد الكريم الزبيدي، إن تونس مرت بمحاولة انقلاب خلال ما سمي بـ “الخميس الأسود” أي قبل وفاة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي ثم محاولة معاينة الحالة الصحية لرئيس البرلمان من أجل الإعلان عن الشغور الدائم لمنصب رئاسة الجمهورية، وأضاف انه قام حينها بتطويق المستشفى العسكري ومواقع حساسة أخرى وتنبيه رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأنه إذا تواصلت مثل هذه المحاولات فإن المؤسسة العسكرية لن تسمح له بالانقلاب على الشرعية.
وقد أثارت هذه التصريحات جدلا واسعا في أوساط التونسيين زاد من وهج المناخ الانتخابي الخانق. واعتبر البعض ان ما صرح به الزبيدي خطير يستوجب اعتذارا للشعب باعتباره كان مستعدا لأن يحرك القوات العسكرية من دون الرجوع إلى المؤسسات الشرعية المنتخبة وذلك بغض النظر عن نواياه وعن هدفه الذي كان يسعى إليه، أي حماية البلاد من انقلاب محتمل على الرئيس الذي كان يمر بوعكة صحية حادة تزامنت مع عمليتين إرهابيتين عرفتهما البلاد في ذلك اليوم العصيب.
كما ان المترشح للانتخابات الرئاسية سليم الرياحي وجه اتهامات بالجملة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بالسعي إلى الانقلاب على رئيس الجمهورية الراحل وخيانته له بعد تعيينه رئيسا للحكومة رغم رفض هذا المقترح من العديد من الأطراف المشاركة في حوار قرطاج من بينهم أعضاء الآن في حكومته.
كما اتهم الرياحي في حوار على قناة “الحوار” التونسي يوسف الشاهد بالتدخل في سير القضاء والضغط عليه لإصدار أحكام على المقاس، وفق تصريحه.
وأشار الرياحي إلى أنّ رئيس الحكومة والمحيطين به مسؤولون عن الوضع السياسي ”المتعفّن” متّهما اياهم بالتخلي عن مسؤولياتهم والتفرّغ لكيل المكائد من أجل تأبيد أنفسهم في السلطة والاستحواذ على مقدرات البلاد.
وتحدّث الرياحي عن كواليس تعيين الشاهد رئيسا للحكومة وعن استغراب جميع الأطراف التي اجتمعت برئيس الجمهورية آنذاك في ما سميّ بحوار قرطاج باقتراح الراحل قايد السبسي اسم يوسف الشاهد لرئاسة الحكومة والحال أنّ الاتفاق كان حاصلا حول تعيين الراحل سليم شاكر.
لقد تحولت الحملات الانتخابية إلى نوع من القصف المتبادل بين المرشحين للرئاسة – بغض النظر عن حقيقة الاتهامات من عدمها – من أجل هدف واحد وهو الوصول إلى كرسي قرطاج والتربع عليه. في هذا السياق أكدت الهيئة العليا للانتخابات – وهي التي تسهر على حسن سلامة الانتخابات- انها تلقت 100 مخالفة خلال الأيام الأولى للحملة وبعض الشكاوى عن اختراقات بعض المرشحين، تبين أن بعضها كان كيديا يأتي في إطار هذه المنافسة بين المرشحين والتي تعدت في أحيان كثيرة مرحلة التنافس إلى ما يمكن أن نسميه بالمعارك الانتخابية الطاحنة.
السلام عليكم ،
تحليل جيد سيدتي الفاضلة يحاكي الواقع لكن مع الأسف لم ينزل زمنيا كما يجب ، فتونس عمرها في الديمقراطية مازال حديثا لم تبلغ الفطام بعد ثم اننا نتحدث عن تجربة مكبلة في عقلية التونسي المواطن الذي هو محرك لكل القوانين والتشريعات لم يتخلص بعد من الموروث السيئ الذي دام اكثر من ستين سنة من بورقيبة الى بن علي، مفتاح كل ما تطرقت اليه هو الوعي الفردي ، وعي المواطن لان القوانين بلا قيمة على ارض الواقع اذا كان الفرد غير واعي تتلاعب به كل الأطراف ذهابا وايابا يشترى بالمال الفاسد ويباع على قارعة الطريق.
ورغم كل ذلك فالتجربة التونسية مفخرة لكل المواطنين العرب بكل مطباتها ، تجربة ستكبر وتترعرع باذن الله وتبقى منارة في الدول العربية