ثروات سوريا إذ تسيل لعاب ترامب!

حجم الخط
0

مع عودة ملف النفط السوري إلى الواجهة الإعلامية، إثر إصرار الرئيس الأمريكي على الاحتفاظ بثلة من قواته ومجموعات أمنية أمريكية لحيازة النفط السوري، تثور تساؤلات عن حجم العوائد الاقتصادية ومقدار النفط الموجود حالياً حتى يغامر الرئيس الأمريكي بكشف أوراقه والإعلان عن اعتزام بلاده وضع يدها على النفط السوري، إثر انطلاق عملية نبع السلام التركية.
واقع الحال يؤكد عدم وجود دراسات علمية دقيقة عما تملكه سوريا «المنهكة» والمستنزفة من موارد طاقة، خصوصاً أنّ نظام الأسد سبق أن أخفى أسماء العديد من آبار النفط خلال السنوات التي سبقت الثورة السورية، ليكتشف السوريون أن هناك آباراً تختلف عن التي تم تدريسها لهم في الكتب المدرسية والإعلام الرسمي.

قطاع النفط

موقع «أويل برايسز» المختص في أخبار النفط والطاقة كشف أن إجمالي الاحتياطي النفطي في سوريا يقدر بنحو 2.5 مليار برميل، ما لا يقل عن 75% من هذه الاحتياطيات موجودة في الحقول المحيطة بمحافظة دير الزور شرقي سوريا.
وأوضح أن احتياطي النفط السوري، البالغ 2.5 مليار برميل، ضئيل مقارنةً باحتياطي المملكة العربية السعودية، الذي يبلغ نحو 268 مليار برميل (أكثر من 100 ضعف احتياطي سوريا).
أما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري فهي تسيطر على أغلب آبار النفط منذ عام 2017 وباعت برميل النفط الخام بـ30 دولاراً يومياً، لتؤمن نحو 10 ملايين دولار شهرياً، وهو مبلغ يمكن له أن ينعش خزينتها ويؤمن تمويلاً معقولاً لقواتها.
يقدر إنتاج النفط السوري بنحو 380 ألف برميل نفط يومياً قبل عام 2011، وقدرت ورقة عمل صدرت عن صندوق النقد الدولي عام 2016 أن الإنتاج تراجع إلى 40 ألفاً فقط منذ عام 2011. إذ لحقت بقطاع النفط بعد ذلك أضرار قدرتها وزارة النفط التابعة لنظام الأسد بأكثر من 62 مليار دولار حتى عام 2017.
في المقابل، لا يعتقد كثير من المراقبين أن اهتمام الولايات المتحدة منصب على النفط السوري بقدر اهتمامها بالغاز الطبيعي الذي تنتجه الآبار السورية المتوزعة في أكثر من منطقة، إذ بلغ إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في النصف الأول من عام 2011 بلغ 5.4 مليار متر مكعب، بزيادة مقدارها 3 ملايين متر مكعب في اليوم عن إنتاج النصف الأول من عام 2010.
وتمتاز المنطقة الشرقية بتركز أغلب النفط السوري المكتشف (والمُعلن عنه) فيها، حيث تحتوي محافظة دير الزور على أكبر الحقول النفطية، والذي يُعرف باسم «حقل العمر»، ويقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية منذ عام 2017. كما يوجد «حقل التنك» في ريف دير الزور الشرقي، بالإضافة لحقول الورد، والتيم، ومحطة (T2)، وهي على خط النفط العراقي السوري، والجفرة، وكونيكو، وهذه الحقول بعضها بيد «قسد» وبعضها بيد النظام.

ريف الحسكة

كما تضم محافظة الحسكة حقل «رميلان»، أحد أبرز الحقول في سوريا، والذي يحتوي على 1322 بئراً، بالإضافة لوجود نحو 25 بئر غاز، وتقع تلك الحقول في مناطق الشدادي والجبسة والهول، بريف الحسكة الجنوبي، بالإضافة للحقول الواقعة بالقرب من منطقة مركدة وتشرين كبيبية، بريف الحسكة الغربي، وهي ضمن سيطرة قوات «قسد». أما محافظة الرقة فتضم آباراً نفطية صغيرة وقليلة، وتقع ضمن سيطرة «قسد».
ويضم الريف الشرقي لمحافظة حمص «حقل الشاعر»، وهو من أهم الحقول السورية أيضاً، ويسيطر عليه نظام الأسد ويقدر إنتاجه من الغاز بـ3 ملايين متر مكعب يومياً. بالإضافة إلى منطقة تدمر أيضاً وحقول: الهيل، وآراك، وحيان، وجحار، والمهر، وأبو رباح، إضافة لوجود حقول نفطية يستخرج منها نحو 9 آلاف برميل يومياً، والتي تخضع لسيطرة القوات الروسية، والفيلق الخامس الذي شكلته منذ عام 2017.
عام 2017 حوّل الاحتياطي السوري من الغاز في منطقة تدمر، وقارة، وساحل طرطوس، وبانياس وحدها البلاد إلى «ثالث مصدر للغاز في العالم»، حسب وكالة سبوتنيك، ما يبرر من وجهة نظر محللين غربيين سيلان لعاب الولايات المتحدة لنهب النفط والغاز السوري.

موارد نفطية «رهينة»

ورغم الأرقام الواردة عن احتياطات النفط السورية والتي يبدو أنها ستقع في يد غريمة واشنطن «موسكو» بحكم هيمنة روسيا على الساحل السوري، الذي يتركز فيه احتياطات الغاز المكتشفة، لكن رغبة ترامب بالإبقاء على قواته والحصول على حصة من النفط والغاز في سوريا، يهدف إلى جعل أفضل الموارد النفطية «الحالية» للبلاد «رهينة» من أجل استخدامها للمقايضة؛ لإجبار نظام الأسد وداعميه الروس على قبول مطالب الولايات المتحدة، خلال تسوية سياسية للنزاع السوري، أكثر منه رغبة لتحصيل عوائد ومنافع اقتصادية، وعدم استبعاد واشنطن من عملية رسم المستقبل السياسي لسوريا في ظل هيمنة الدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران) على الملف السياسي في سوريا، فهل تكفي هذه التحركات الأمريكية الأخيرة لضمان حصة ضمن الكعكة السورية التي باتت على وشك التقاسم بين اللاعبين الإقليميين؟
وهل يمكن «احتواء» الصورة السلبية للموقف الأمريكي الذي ظهـر أمام العالم كـ «ناهب» لثروات دولة جريحة هي سوريا بذريعة الـحفاظ على أوراق لعـب سـياسية ومقايـضتها عـند الحـاجة؟

كاتب وباحث في العلاقات الدولية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية