ولت الأيام التي كان يكتفي فيها فريق كرة القدم بوجود نجم واحد في قلب الهجوم، وولت أيام الاعتماد على هداف واحد، حيث اصبحت العادة اليوم بثلاثي هجوم ضارب، كلهم من المواهب الرائعة و«سوبر ستارز» على غرار الثلاثي الذي تفكك أخيراً في ليفربول برحيل ساديو ماني الى بايرن ميونيخ بعدما شكل ثلاثياً نارياً الى جانب المصري محمد صلاح والبرازيلي فيرمينو.
الفكرة الثورية جاءت عبر المدرب المتألق جوسيب غوارديولا عندما بدأ مسيرته التدريبية مع برشلونة في 2008 بايجاد توليفة مخيفة لدفاعات الخصوم، شكلها من ثلاثة لاعبين مهاريين في الخط الهجومي، بدل من ثنائي هجومي بالصورة التقليدية السابقة، ووصلت الفكرة ذروتها بعد رحيله عن النادي الكتالوني عندما اشتهر الثلاثي ليونيل ميسي ولويس سواريز ونيمار في اختصار عرف باسم «ام أس أن»، ومرورا بـ«بي بي سي» في الغريم ريال مدريد والمتكون من كريم بنزيمة وغاريث بيل وكريستيانو رونالدو، وصولاً الى «أم ان ام» في باريس سان جيرمان مع مبابي ونيمار وميسي، بل حتى صار الأمر مخيفاً في ليفربول بوجود خماسي مكون من محمد صلاح والقادم الجديد داروين نونييز ولويس دياز وديوغو جوتا وفيرمينو.
لكن الثلاثي الأصلي لليفربول أثار الدهشة بتنوعه وحيويته، ففي موسمه الأول معاً تأهل الفريق الى المباراة النهائية لدوري أبطال اوروبا في 2018، وسجلواً معاً 144 هدفاً في 105 مباريات في كل الدوري الممتاز، بالاضافة الى 10 أهداف لكل من صلاح وماني وفيرمينو في دوري أبطال ذلك الموسم، وكان تسجيل 30 هدفاً هو الأعلى في تاريخ المسابقة من ثلاثي فريق واحد في موسم واحد. وبعدها نجح الثلاثي بدوري أبطال 2019 والدوري الانكليزي وكأس انكلترا وكأس المحترفين وكأس العالم للاندية. ولعبوا معاً 105 مباريات في الدوري، وكانت حصة الاسد من نصيب صلاح بتسجيله 65 هدفاً وصناعته 21 هدفاً، فيما سجل ماني خلالها 44 هدفاً وصنع 17 هدفاً، وسجل فيرمينو 35 هدفاً وصنع 16.
ومن الثلاثيات المرعبة الاخرى، كانت «بي بي سي» حيث سجل ثلاثي الريال 158 هدفاً في 69 مباراة، ومعاً نجح بنزيمة وبيل ورونالدو في الفوز بدوري الابطال 4 مرات، وهم تشكلوا رداً عن ثلاثي البارسا «ام في بي» أو ميسي وفيا وبيدرو، لكن التفوق كان اوروبيا أكثر منه محلياً، ومع ذلك كانت حصة الأسد من نصيب رونالدو الذي سجل 80 هدفاً صنع 28 هدفاً، فيما سجل بنزيمة 41 هدفاً وصنع 22، فيما سجل بيل 37 هدفاً وصنع 22 أيضاً. ومن أشهر الثلاثيات، بل بداية الفكرة، جاءت عبر ثلاثي برشلونة «أم في بي»، او ميسي وديفيد فيا وبيدرو حيث سجلوا معا 68 هدفاً في 28 مباراة في الدوري. وربما كانوا جزءاً من أمتع فريق في تاريخ كرة القدم بوجود تشافي وانييستا خلفهم كصانعي لعب. وبين عامي 2010 و2012 عندما درب الفريق غوارديولا اشتهر أسلوب اللعب بـ«تيكي تاكا»، حيث قام ميسي عادة بدور المهاجم الوهمي ما سمح له بالتحكم بدفة اللعب، وكان صاحب الغلة التهديفية الأكبر حيث سجل 39 هدفاً عندما شارك الى جانب فيا وبيدرو وصنع 17 هدفاً، فيما سجل فيا 12 هدفاً ومثله سجل بيدرو. وبعدها بعامين تشكلت ثلاثية أخرى أكثر روعة ورونقاً بقدوم البرازيلي نيمار والاوروغواني سواريز لينضما الى ميسي في موسم 2014/2015 حيث حقق الفريق ثلاثية جديدة (دوري وكأس ودوري أبطال)، وسجل الثلاثي معاً 153 هدفاً في 67 مباراة في الدوري، وهو ربما أفضل ثلاثي في تاريخ اللعبة. حيث كان التفاهم عالياً جداً بينهم، بالاضافة الى القدرات الفردية الرهيبة لكل منهم. ورغم ان سواريز كان المفترض ان يكون الآلة التهديفية بين الثلاثي الا ان في المباريات الـ67 التي لعبها الثلاثي معاً سجل ميسي 67 هدفاً وصنع 25 هدفاً، فيما سجل سواريز 59 هدفاً وصنع 34، فيما كان نصيب نيمار 30 هدفاً وصنع 19.
وأيضاً من الثلاثيات الرائعة التي يجب ذكرها، ثلاثي مانشستر يونايتد في 2008، المكون من كريستيانو رونالدو ووين روني وكارلوس تيفيز، حيث لعبوا معاً 21 مباراة في الدوري الانكليزي، وسجلواً 40 هدفاً، وربما كانت أول ثلاثية في الكرة الانكليزية. والغريب في هذا الثلاثي ان ليس بينهم اي مهاجم رأس حربة تقليدي أو مهاجم طبيعي، لكنهم معاً كانوا مزيجاً من كل المواهب الهجومية التي أزعجت خصومهم، فلم يكن معروفا من هو المهاجم في الوسط ومن على الطرفين، مع التنوع والتبادل الدائم في المراكز. ومعاً فازوا بلقب الدوري مرتين وبدوري الابطال وبكأس المحترفين وبكأس العالم للأندية. وخلال المباريات الـ21 معاً سجل رونالدو 19 هدفاً فيما سجل روني وتيفيز 13 هدفاً لكل منهما.
هذه كانت ربما أبرز الثلاثيات في تاريخ كرة القدم، لكن من المؤكد سيكون هناك المزيد في عالم لعبة تتغير خططها التكتيكية بصورة سريعة وهائلة.