ثورة السوشيال ميديا تجتذب ثروة إيلون ماسك!

حجم الخط
0

حققت وسائل التواصل الاجتماعي ثورة في مجال العلاقات الإنسانية، وقربت المسافات المكانية والزمنية، وقدمت بدائل افتراضية لفضاءات اللقاء بين الناس، فأبدلت المقاهي بغرف الدردشة والجلسات الحوارية بالتعليقات حول منشور. أصبح بإمكاننا الاجتماع لمناقشة قضايا الساعة المطروحة فورا بمجرد «بوست» او «تغريدة» من دون الحاجة لعقد جلسات تتطلب الكثير من الجهد والترتيبات وتنسيق المواعيد بين الحاضرين، وبات من الممكن أن نلتقي مجددا بأصدقاء الطفولة والمعلمين الذين درسونا، على صفحات الفيسبوك.
كما ان وسائل التواصل وتطبيقاتها ساوت بين المؤسسات والأفراد، وبين الحكومات والمواطنين، في فرصة التواصل مع الجمهور وعرض رسالتها، فالكاتب لم يعد يحتاج بالضرورة لدار نشر أو جريدة لنشر مواده، فيمكن لصفحة ناجحة جذب آلاف المشاهدات والقراءات لمادة مكتوبة، ومن دون تكلفة الطباعة والنشر، ولهذا باتت وسائل الإعلام والمؤسسات الإخبارية تستعين بتطبيقات التواصل الاجتماعي لنشر موادها، ورفع نسبة مشاهداتها وليس العكس، بل إن الكثير من الصحف التي تحظى بميزانيات مليونية تخصص جزءا من ميزانيتها الشهرية لنشر مواضيعها في صفحات فيسبوك، أو تويتر، تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة، تتجاوز متابعي مواقع الصحف الإلكترونية.

وسائل التواصل وتطبيقاتها ساوت بين المؤسسات والأفراد، وبين الحكومات والمواطنين، في فرصة التواصل مع الجمهور وعرض رسالتها

لقد تبدلت أنماط التلقي لدى جمهور الناس من المنافذ الإعلامية المرتبطة بالمؤسسات الحكومية، أو المملوكة لرجال أعمال، إلى صفحات ينشئها أشخاص قد لا يملك بعضهم سوى ثمن الموبايل الذي ينشرون من خلاله أفكارهم وكتاباتهم، صالحها وطالحها، ولم يعد الصحافي التلفزيوني بحاجة لكاميرا باهظة الثمن واستديوهات وأجهزة مونتاج مكلفة لإنتاح مادة فيديو أو فيلم قصير، ثم بذل جهود و»واسطات» لعرضه في إحدى القنوات المحتكرة من قبل السلطة أو رجال الإعلام، بل اليوم ما يحتاجه أي صحافي تلفزيوني هو موبايل وصفحة على وسائل التواصل الاجتماعي. والكل سواسية أمام قانون الفيسبوك أو تويتر «كما يفترض نظريا على الأقل» ترامب الرئيس الأمريكي السابق، يغلق حسابه مثله مثل أي مخالف لسياسات التطبيق الاجتماعي، وطبعا تتحدث هنا من جانب النظر للمبدأ العام وليس الممارسات والسياسات المنفذة التي يحدث فيها في كثير من الأحيان انحيازات في تطبيق الرقابة على المنشورات، كما هي الحال في النزاع العربي الفلسطيني الإسرائيلي، كما أننا لم نتطرق هنا بشكل موسع للظواهر السلبية التي طفت على السطح بسبب حرية النشر المطلقة، التي أدت لشيوع ثقافة «الجمهور عايز كده» وما تبعها من سطحية وتحويل للإشاعات على أنها حقائق، هذه كلها ظواهر مرتبطة بصناع المحتوى ودرجة وعي الجمهور المتلقي للمحتوى، وليست متعلقة بتطبيقات وسائل التواصل نفسها وحقيقة أنها قدمت إمكانية لتحقيق تكافؤ الفرص بين الأفراد والمؤسسات، بين المواطنين وأجهزة السلطة، فهل نجحت وسائل التواصل الاجتماعي بذلك، رغم الإخفاقات الأخرى المتعلقة بالشعبوية وشيوع المعلومات المضللة؟ في رأيي أنها حققت ثورة كبيرة في هذا الشأن يكفينا ان ننظر لرعب الحكومات المتسلطة والقامعة لحرية التعبير من حسابات معارضيها! دعونا نتذكر كيف استنفرت إحدى الحكومات الخليجية إمكانياتها لرصد الحسابات المغردة المعارضة لها وتعقب حساباتهم ومعرفاتها واختراقها لتحديد هوياتهم واعتقالهم، بل أنفقت مبالغ طائلة لتقديم رشاوى لموظفين في تويتر، خصوصا من هم من أصول عربية، لاستدراجهم للعمل لصالح الكشف عن معلومات أمنية تكشف أصحاب الحسابات المعارضة، كما كشفت الصحف الأمريكية في تحقيقات مطولة عن الاختراق الذي حصل في موقع تويتر.
ولعل هذه الثورة الكبيرة التي حققتها وسائل التواصل هي التي دفعت بأحد أنجح المبتكرين في العصر الحديث إيلون ماسك، للتقدم بعرض شراء تويتر بضعف قيمتها التجارية، من الواضح أن ماسك يطمح لمزيد من النفوذ، ويريد أن يضيف لقائمة نجاحاته تطبيقا مثل تويتر.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية