جائزة لمروجي الشقاق

حجم الخط
0

للادارة الامريكية نوايا طيبة. اوباما وكيري على حد سواء يتطلعان الى السلام. فهما يؤيدان حق اسرائيل في الوجود كدولة يهودية وديمقراطية. وقد ساعدت الادارة الحالية اسرائيل اكثر من اي ادارة اخرى قبله. وهذه ليست فقط مصالح مشتركة. بل يدور الحديث ايضا عن قيم مشتركة. غير أن مسيرة الاخطاء تتواصل بلا انقطاع. وهذا الاسبوع نشرت مقابلة للرئيس الامريكي في ‘نيو يوركر’. اوباما يتحدث هناك عن بؤر المشاكل الكبرى ايران، سوريا والنزاع الاسرائيلي الفلسطيني، بل ويدعي بانه ‘توجد صلة بين المشاكل’. ادعاء اوباما هو صيغة حديثة للادعاء المعروف في ان للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني صلة بكل نزاع في ارجاء العالم الاسلامي. اوباما محق. توجد صلة، ولكن من الاتجاه المعاكس. فليست اسرائيل هي التي توجت بشار الاسد او العلويين؛ ليست اسرائيل هي التي رفعت علم التمرد لمعارضي النظام السوري؛ ليست اسرائيل هي التي طلبت من حزب الله قمع الثورة؛ ليست اسرائيل هي التي دفعت بالاف الجهاديين من أرجاء العالم لتحويل سوريا الى افغانستان وليست اسرائيل هي التي تذبح او تجوع أيا من الطرفين. ثمة الكثير من الدول التي تنبش وتتدخل، مثل السعودية وتركيا، ولكن على رأسها تقف ايران. إذن لماذا، بحق الجحيم، يصر اوباما على ادخال اسرائيل الى الصورة؟ فهل اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين سيغير في شيء الشيعة او الجهاديين؟
يمكن الافتراض بان اوباما قصد القول ان حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني سيؤثر على البؤر الاخرى. هذا ايضا وهم. فالنظام في طهران يريد هيمنة ايرانية، ولا سيما في الدول التي توجد فيها تجمعات شيعية كبرى. والهيمنة الايرانية معناها إثارة الشقاق والنزاع وتعزيز حماس. وتعزيز حماس معناه احتمال اقل للتسوية. وماذا فعلت الولايات المتحدة؟ منحت المزيد فالمزيد من التعزيزات في ايران. اولا، في اتفاق المصالحة الذي سيسمح بوقف العقوبات، دون تصفية قدرة التقدم الايرانية نحو القنبلة الذرية، وثانيا بالموافقة على اشراك ايران في المؤتمر بشأن سوريا. هكذا بحيث أنه توجد صلة. الصلة هي في السياسة الامريكية. لقد فهمت ايران قواعد اللعب. وهي يتعين عليها أن تزود حماس بالمزيد من السلاح الذي يهدد مزيد فمزيد من المواطنين. وحسب المنطق الجديد، فانها ستدعى ايضا الى المؤتمر في موضوع النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. بمعنى ان ايران تحصل على جائزة على تدخلها في اشعال إوار سفك الدماء.
تجد الادارة الامريكية صعوبة في الفهم بان الاسلام المتطرف، الشيعي والسني على حد سواء، يتسبب بسفك الدماء في الصومال، في العراق، في افغانستان، في نيجيريا، في اليمين دون اي صلة باسرائيل. وانه ينمو في سوريا دون صلة باسرائيل. لا جدال في انه مع الغاء قسم من العقوبات، ستصبح ايران اقوى بكثير. نفوذها، كدولة حافة نووية، عديمة العقوبات، ستعيد اليها المحافل المتطرفة. حماس تدق بابها منذ الان. وفي الاسابيع الاخيرة توجد تقارير عن استئناف الاتصالات. وفي أعقابها ستستأنف تدفقات الاموال حقنة التشجيع للرفض الفلسطيني.
وبشكل عام، يجدر بنا أن نذكر اوباما بان الهدف المشترك للمقاتلين السنة والشيعة هو ‘عالم بلا امريكا او اسرائيل’. وعند النزول الى التفاصيل، فانهم يوضحون بان النية هي العالم الحر كله، وهذا يتضمن ‘روما ولندن والامريكيتين’. الكل بالكل. اسرائيل ليست اكثر من محطة انتقالية لغرض تجنيد جموع الاغبياء الاستعماليين. التسلل من الداخل، لغرض خلق رأي عام عاطف، بقيادة ‘القوى التقدمية’ لغرض اخفاء الجوهر المظلم هذا بالضبط هو نهج حماس. وهو ينجح.
لاوباما توجد نوايا رائعة. فهو يريد السلام والمصالحة. ولكن سياسته الشرق اوسطية لا تعزز الجهات المعتدلة. وهي توضح لمثيري الشقاق بانه كلما كانوا أكثر اجراما، هكذا سيحظون باعتراف اكبر. هذا ليس خطأ واحدا للادارة. هذه سياسة. ثمة صلة بين نزعة المصالحة ونزعة الرفض. ثمة صلة بين الاتفاق المرحلي وبين عودة حماس الى اذرع ايران. ثمة صلة بين اضعاف السلطة الفلسطينية وبين تعزيز ايران. الصلة هي السياسة الامريكية. ليس السياسة الامريكية.

معاريف 21/1/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية