يُعدل ممثلو الجامعة العربية ‘المبادرة السعودية’ لتصبح اتفاق ‘سلام’ مع اسرائيل، ووجد في هذه البلاد اشخاص هامشيون سارعوا الى مباركة الفكرة، بل زعموا أنها أهم مبادرة لاسرائيل، أحقا؟ إن هذه الجامعة غير موجودة في واقع الامر. وقد كانت بالفعل مبادرة من وزارة الخارجية المصرية، لنشر التأثير المصري في العالم العربي، وليس فيها شيء عربي عام. ولهذا اذا كانت امارة قطر، التي تدفع قدما بمبادرات مع اسرائيل، فان مصر ستفعل كل شيء لتصد ذلك. وقد قال شخص دبلوماسي مصري لنائب وزير الخارجية في القدس: تستطيعون نسيان مبادرة الجامعة العربية، فمن نصدق اذا؟ ولما كان التدخل المصري غير مرغوب فيه في الشرق الاوسط، فهذا يعني فشل تلك الجامعة في جميع أنشطتها. هكذا كانت الحال دائما وهذا ما يحدث الآن ايضا. فقد فشلت مبادراتها للتدخل في الحرب الأهلية في سورية، وخرج شمال افريقيا عن السيطرة عامة، وكذلك الوضع في لبنان والعراق. أما المكان الوحيد الذي تستطيع فيه تلك الجامعة ان تُظهر نشاطا في ظاهر الامر، فهو اجراءات مقابل اسرائيل، وكل هذه المحاولات هي لمناكفة اسرائيل وجعلها تتورط مع الولايات المتحدة، من اجل كيان وهمي آخر هم الفلسطينيون. وهكذا يدفع كيان وهمي، هو الجامعة العربية، قدما بكيان وهمي آخر، وتُعاون على ذلك وزارة الخارجية الامريكية. كانت الجامعة العربية السبب بعدم حصول اللاجئين العرب من ارض اسرائيل على الجنسية في الدول العربية؛ وهي التي استقر رأيها على قطيعة اقتصادية مع اسرائيل ما تزال نافذة الفعل الى اليوم؛ وهي التي دعت الى التحريض على اسرائيل، الى اليوم. ولا يوجد بين اعضائها من يدعو الى أية مصالحة او أية ارادة خيّرة. وما الذي تمثله الجامعة؟ لا تمثل سوى نظم حكم الدول السنية أو ما بقي منها. أما الدول الشيعية فلم تعد تتعاون مع هذه الجامعة والقصد، العراق وسورية واليمن ولبنان. فهل تصنع اسرائيل السلام مع السنيين اذا؟ وماذا عن الآخرين؟ علينا ان نتذكر ايضا ان كل ارض يخليها الجيش الاسرائيلي سيستولي عليها فورا سلفيون مسلحون من جميع أنحاء العالم العربي، كما في سيناء أو سورية. فمن يهب لمساعدة اسرائيل اذا حينما تُهاجَم؟ هل مقاتلو الجامعة العربية المحبة لـ’السلام’؟ والى ذلك فانه بحسب دستور تلك الجامعة، يقتضي كل تغيير في المبادرة العربية تصويت رؤساء الدول العربية أو وزراء الخارجية على الأقل، ولم يتم هذا ولن يتم ايضا لأنه لن يرفع أي رئيس دولة عربي يده من اجلها. كانت هذه المبادرة دائما نزوة دبلوماسية ولن يقبلها الشارع العربي أبدا. ولم تتناول وسائل الاعلام العربية تقريبا في الحقيقة هذا ‘التعديل’ للمبادرة لأنه افتراضي. وهذا برهان آخر على أنه لا نرى أمامنا سوى وهم ومحاولة فظة لحشر اسرائيل في زاوية جديدة ما، ومحاولة عربية اخرى في مئة سنة حرب نهايتها الفشل كبدايتها.