جبهة إنقاذ الأسد

حجم الخط
4

«أخرج كل ما في جيوبك»، أمر المسلح في حاجز الطرق الذي نصب في الضواحي الريفية لمدينة ادلب. الشاب السوري فادي اليوسف، طالب في جامعة حلب، تخلى عن المبلغ الذي يساوي 8 دولارات، والذي انتقل الى الحارس في الحاجز، رجل جبهة النصرة. ولكنه لا يشكو. «عمي دفع على هذا الحاجز 80 دولار قبل بضعة ايام»، روى لصحيفة «الاخبار» اللبنانية.
لقد أصبحت الدفعات للعبور على الحواجز منذ زمن بعيد واقعا اضطر المواطنون السوريون الى الاعتياد عليه. الكل يجبي المال في الحواجز. جنود الجيش السوري، ميليشيات الجيش السوري الحر، حواجز جبهة النصرة وكذا نشطاء الدولة الاسلامية. ويقول المواطنون ان الجنود هم الاكثر راحة: «فهم بشكل عام يفحصون اوراقك فقط، يسألونك لماذا لست مجندا، ويفحصون شهادة الاعفاء من الخدمة العسكرية اذا كانت لديك كهذه. أحد المواطنين أضاف بان الجنود يجبون المبالغ الادنى.
المشكلة هي ان المواطن الذي يرغب في الوصول من دمشق الى ادلب سيضطر الى اجتياز عدة حواجز تعود لمنظمات مختلفة، ويجمل به ان يحمل ما يكفي من المال النقدي كي يصل بسلام الى مقصده.
في سوريا يحتاج المواطن الى عدة خرائط. واحدة كي يعرف من يسيطر اين في أرجاء الدولة، والثانية، مدينية أو لوائية، تريه أي ميليشيا تسيطر في أي حي أو قرية، والثالثة تبين الطرق الالتفافية واجتياز الحدود الى لبنان او الى تركيا. وتتغير الخرائط كل يوم. فمثلا في مدينة الحسكة الكردية في الشمال وصل مقاتلو الجيش السوري الحر الى اتفاق مع الميليشيات الكردية، بعد ايام طويلة من تبادل النار، على هدنة، والان يمكن الوصول الى المدينة دون أي خوف تقريبا.
في منطقة جبال القلمون المحاذية للبنان، يغير الجيش السوري مع قوات حزب الله مناطق السيطرة كل يوم. فمدينة طرطوس على شاطيء البحر لا تزال تعتبر آمنة نسبيا، وحتى توريد الكهرباء هو لساعات عديدة، مقابل منطقة دمشق حيث تورد الكهرباء على التوالي لساعتين، والعديد من المواطنين يسافرون الى الفنادق كي يتصلوا بالانترنت.
في عدة بلدات قرر المواطنون عقد تحالفات مع القوات السورية منعا للهجمات على بلدتهم، وفي اطار هذه «التحالفات» يطلبون من رجال الميليشيات مغادرة المكان. احيانا ينجح الامر واحيانا لا، وذلك لان المقاتلين يقتلون حتى رجالهم اذا تبين بانهم يشاركون في هذه التحالفات. واصبحت الاتفاقات المحلية طريقة حكم بديلة بينما يواصل الجيش السوري ببطء، قرية إثر قرية في محاولة لخلق تواصل في السيطرة.
كما تدير الميليشيات «علاقات خارجية» مع دول اخرى، وليس فقط لتجنيد المال. فجبهة النصرة والدولة الاسلامية خصمها تدير اتصالات على تحرير جنود لبنانيين اسروا في المعركة الشديدة في مدينة عرسال في لبنان قبل نحو اسبوع. وتطلب الجبهة تحرير اثنين من رجالها المحبوسين في لبنان مقابل كل جندي. اما الدولة الاسلامية فتطلب 10 مقابل كل جندي.
وتشرك هذه المفاوضات قطر وتركيا اللتين تحاولان اقناع الجبهة في الوصول الى تسوية تحرير، بينما لا توجد أي علاقة مع الدولة الاسلامية.
بعد اكثر من ثلاث سنوات من القتال ومقتل اكثر من 170 الف نسمة، بدأ الاسد يشعر بالتغيير ليس فقط في الساحة السورية، بل وايضا في الاجواء الدولية. فالرئيس اوباما الذي وصف هذا الاسبوع تصفية مخزون السلاح الكيميائي في سوريا كانجاز هام، اضاف: «نحن نضغط على نظام الاسد كي يضع حدا للفظائع التي يواصل ارتكابها ضد السوريين».
هذه صياغة مشوقة وذلك لانه يغيب عنها طلب اسقاط النظام. كما أن وزير الخارجية جون كيري، الذي كانت تصريحاته أكثر شدة أوضح قائلا: «سنواصل توفير المساعدة السياسية، المالية وغيرها لمساعدة المعارضة المعتدلة وذلك لاننا ملتزمون بمساعدة اولئك الذين يسعون الى تحقيق حق السوريين في اختيار مستقبل السلام ويعارضون المتطرفين العنيفين». وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم سلاح نوعي لميليشيات الجيش الحر، ولكن الوعود بقيت في معظمها على الورق. وبالاساس لانه لم يكتب بعد القاموس الذي يعرف من هي وما هي «المعارضة المعتدلة».
الانعطافة الاستراتيجية هي ان الولايات المتحدة والدول الاوروبية باتت قلقة اكثر من انتشار الدولة الاسلامية مما هي قلقة من استمرار حكم الاسد. والادق هو أن الاسد بات يعتبر كأساس حيوي في الحرب ضد المنظمة. وهذا التغيير في الفهم هو أيضا موضوع المباحثات التي تجرى في الاسابيع الاخيرة بين السعودية، روسيا، مصر، الولايات المتحدة واسرائيل.
في بداية حزيران زار روسيا سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي. بعد ثلاثة اسابيع من ذلك وصل سيرجيه لافروف، وزير الخارجية الروسي الى السعودية.
وولد تقرير كان عن هذه الزيارات تفسيرات مشوقة بموجبها توافق الرياض على بقاء الاسد شريطة ان يعين في لبنان الرئيس سعد الحريري، مرعيها، أو عضو من حزبه، وان كان المنصب محفوظاً حسب اتفاق الطائف في 1989 لمسيحي. وهكذا فان السعودية كفيلة بان تحقق عصفورين بحجر واحد. رئيس لبناني مؤيد لها وخروج محترم من ساحة الثورة السورية التي لا تؤدي الى اي مكان.
السعودية ليست وحيدة في هذا السيناريو. فالرئيس المصري عبدالفتاح السياسي تناول هو ايضا الموضوع السوري عندما التقى الاسبوع الماضي بوتين في مدينة سوشي الاستجمامية. وكان السيسي وصل الى روسيا بعد يومين من زيارته السعودية ولقائه الملك عبدالله. وفضلا عن الاتفاقات التجارية التي وقعت والتي بموجبها ستقوم منطقة تجارة روسية في مسار موازٍ لقناة السويس، دشنه السيسي هذا الشهر، بحث الرجلان ايضا في «التهديدات الاقليمية»: الازمة في سوريا، تقدم الدولة الاسلامية والحرب في غزة.
السيسي هو من قادة الدول العربية القلائل الذي لم ينتقد الاسد او يطلب اسقاطه. والاسد من جهته لم ينتقد السياسة المصرية تجاه حماس، بينما ايران كانت من المؤيدين الاوائل للاقتراح المصري الاول لوقف النار مع اسرائيل قبل أكثر من شهر. ومع أن ليس للسيسي سياسة واضحة بالنسبة للحل في سوريا، ولكن اذا كانت السعودية غيرت الاتجاه بالفعل، فيمكن أن نتوقع من السيسي أن ينضم الى المؤيدين لبقاء الاسد.
غير أن هذه ليست بشائر طيبة للمعارضة السورية، التي يبدو سندها الامريكي ايضا معلقا بشعرة. فهذا المحور السياسي الجديد، موجه ليس فقط لانقاذ الاسد بل وايضا لتعطيل دور قطر في الساحة السورية، حيث يوجد لها تأثير كثير على نشاط الميليشيات الاسلامية.
على هذه الخلفية قد يكون ممكنا فهم تصريحات نتنياهو اول أمس حين تحدث عن «افق سياسي جديد». يبدو أنه لم يقصد مسيرة سياسية مع الفلسطينيين، بل حلف غير رسمي مع دول عربية قلقة من الدولة الاسلامية وترى في الاسد شريكا محتملا لادارة المعركة ضد المنظمة. ان التصريحات الشديدة للزعماء العرب ضد حماس، التعاون السياسي والعسكري مع مصر، المسار الاستراتيجي الجديد الذي تعرضه السعودية، التهديد على الاردن والخوف الاسرائيلي من سيطرة الميليشيات على سوريا كفيلة، في نظر نتنياهو ان تخلق البنية للتعاون الاقليمي.

تسفي برئيل
هآرتس 22/8/2014

صحف عبرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غادة الشاويش:

    * الصغيرة الذكية قطر كيف يمكنها ان تنجو من عمالقة الاقليم ؟ يريدون راس قطر اذن لانها دعمت المظلومين كل شعوب المنطقة قطر الصغيرة الوسيمة المحاربة الصامتة والدولة الفاضلة التي غردت خارج سرب الاقوياء من اجل الضعفاء رغم انفي احبك يا قطر وانا هذه المرة سعيدة باللقب الذي لقبني اياه احد المقهورين نعم انا ام هريرة القطرية لان قطر تحدثت باسم فلسطين وباسم الضعفاء وتتعرض لضغوط وحملة كبيرة جدا من اجل مواقفها واكبر شهادة لها هو الغضب الاسرائيلي عليها وحشد القوى ضد هذه الصغيرة في حجمها العالية جدا في مواقفها قطر نحن الفلسطينيين نحبك ونتمنى نجاتك من مكرهم ونتمنى ان يرفرف علم دولتك الصغيرة الغنية المتحضرة التي لا تقمع الناس وتمد المستضعفين بدعمها العزية قطر حبيبة المستضعفين
    وزارة المستضعفين ام ذر الغفارية وام هريرة القطرية جريحة فلسطينية منشقة عن المنظمة البرميلية الطائفية / داعش الجناح الشيعي التي تطلق على نفسها زورااسم( الله )وهي توالي اعداءه وتوالي يزيد باسم الحسين

    1. يقول علوان - ليبيا:

      يا أختاه كنت قبل فترة في مطار الدوحة و حصل خلاف بيني و بين أحد رجال الأمن على حاجز التفتيش الشخصي لتصرفاته العنجهية التي ذكرتني بمخابرات سورية…فانهلت عليه موبخا و قائلا أفي بلاد الامير حمد تفعل هذا..؟؟ فارتعدت فرائصه و طلب العذر…فيا لها من دولة صغيرة عظيمة…

  2. يقول MOHAMED:

    يعني اعادة ترويض الاسد والدخول في خندق واحد مع الولايات المتحدة في محاربة الدولة الاسلامية والتاكيد على هذا كلام مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان المشتركة عندما قال لا يمكن هزيمة الدولة الاسلامية من دون التعاون مع عناصر داخل سوريا

  3. يقول غادة الشاويش:

    * قطر دولة متحضرة جدا ابي العزيز سافر وعمل حول العالم عمل في مصافي البترول في تايلند والكويت وقطر والاردن وذهب ايضا الى الولايات المتحدة وزار بلدانا كثيرة في حياته يقول لي لم احب بلدا بعد فلسطين ولم ارتح في حياتي في بلد بعد فلسطين الا في قطر كان ابي يحب الشباب القطريين في الشركة التي يعمل فيها كانوا متواضعين جدا وبعضهم مهندس وطيار ومن العائلة الحاكمة ( ال ثاني ) ويتعامل بتدين وتواضع ودماثة خلق
    جميع من زار هذا البلد الصغير احبه لانه يعدل في الناس ويكرم الانسان ويعتني بمواطنيه
    زرته مرة في حياتي وكان جميلا جدا وكان اهله متواضعون على غنى وعلم وتدين ينتقدون السلطات علنا احيانا ولا يمس بهم احد انظر الى مواقف قطر قطر الصغيرة خرجت عن اللحنينالسعودي والايراني مع ان الاخيرتين عمالقة الاقليم وانحازت الى
    فلسطين واهلها وخدمتنا سياسيا واعلاميا وماديا ولا زلت اتذكر جيدا شكر الجنوبيين لحمد بن جاسم ال ثاني بعد تموز وامتنانا نحن الفلسطينيين

إشترك في قائمتنا البريدية