جداريات مسروقة… وغياب المعايير والضوابط الجمالية… وتشويه لوحة الفريق أول رياض يثير الغضب

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : “كما جاء عاد”.. عبارة تلخص رأي الجماهير في زيارة الرئيس الامريكي بايدن للمنطقة، ولم يعول الكثير من كتاب صحف يومي السبت والأحد 16 و17 يوليو/تموز على الزائر في أن يلقي بطوق نجاة للأمة التي تعيش أقدارا عاتية، وتواجه شعوبها خاصة الفقيرة منها تهديدات وجودية.. وبقدر ما نال الرئيس الأمريكي هجوما كثيفا، احتفى كتاب بالشعب الفلسطيني الذي حظي بالمزيد من التعاطف والتقدير، لكونه لم يهرول على درب السائرين في طرق الوهم الموصلة لأعتاب العدو التاريخي للأمة، الذي أحرز على مدار الفترات الأخيرة إنجازات كبرى في مجال فك الحصار المفروض عليه، وأجبر المزيد من العواصم العربية على التطبيع معه.. وبقدر ما غابت فلسطين عن القمة ظلت حية على شفاه المواطنين، الذين لاحظوا أن القمة كررت الكلام القديم الذي دار حول أهمية التعاون بين الشعوب، ودعم مسارات التنمية بينها.
وقد احتفت الصحف في المقام الأول بالبيان الصادر عن قمة جدة بشأن ملف سد النهضة الإثيوبي، إذ جدد بايدن تأكّيده على دعم الولايات المتحدة للأمن المائي لمصر، وإبرام تسوية دبلوماسية تحقق مصالح جميع الأطراف، وتساهم في أن تصبح المنطقة أكثر سلاما وازدهارا. ورحب قادة دول مجلس التعاون الخليجي بتأكّيد بايدن التزام الولايات المتحدة الدائم بأمن شركائها، واعتراف الولايات المتحدة بالدور المركزي للمنطقة في ربط منطقة المحيطين الهندي والهادئ بأوروبا وافريقيا والأمريكتين. ورحبت الصحف بكلمة الرئيس السيسي في القمة، خاصة بشأن حديثه حول حاجة الشعوب للتنمية ومقاومة الإرهاب وحقوق الإنسان. وسادت حالة من الفرح بين سائر القوى الوطنية على إثر قرار الإفراج عن عدد من المحبوسين على ذمة قضايا الرأي، وفي مقدمتهم الكاتب عبد الناصر سلامة رئيس تحرير “الأهرام” الأسبق والدبلوماسي السابق يحيى زكريا عثمان نجم وآخرون.. ومن أبرز التقاريرالخاصة بالأزمة الاقتصادية: أكدت وزارة التموين والتجارة الداخلية، أنه لا صحة لتعرض مصر لأزمات نقص أو اختفاء سلع غذائية جراء تداعيات أزمة الغذاء العالمية، مشددة على توافر السلع بجميع أنواعها في كل الأسواق على مستوى الجمهورية، كما يتوافر احتياطي استراتيجي آمن ومستدام من السلع لمدة لا تقل عن 6 أشهر… ومن اخبار الرئاسة: يشارك الرئيس السيسي، خلال زيارته إلى مدينة برلين الألمانية، بناء على دعوة المستشار الألماني أولاف شولتز في فعاليات “حوار بيترسبرغ للمناخ” يوم 18 يوليو/تموز الجاري.. ومن أخبار الأحزاب: قدم أحمد الطنطاوي رئيس حزب الكرامة، استقالته من رئاسة الحزب.
لا جديد في حوزته

ماذا جرى في جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن وما نتائجها وتأثيراتها المحتملة في مستقبل الشرق الأوسط؟ أجاب مرسي عطا الله في “الأهرام”: الذي جرى في حقيقة الأمر ودون الغوص في بحر التفاصيل، أن عناوين الجولة التي حملت بريقا في الظاهر، تختلف تماما عن الحقائق الغائرة تحت القشرة الظاهرة، وأن رؤية الرئيس الأمريكي بايدن لأمن واستقرار وسلام الشرق الأوسط هو تسلسل طبيعي لما كان قبل ذلك على مدى 75 عاما منذ قيام الدولة العبرية، حيث كان هناك التزام ثابت من جانب الرؤساء الأمريكيين كافة بالمجاهرة بأن واشنطن هي السند القوي الدائم لإسرائيل الذي يعزز قدرتها على استمرار التوسع والاستيطان، ويمنحها من أسباب التفوق على كل دول المنطقة مجتمعة. ورغم أنه لا يخفى على الرئيس بايدن وكبار مستشاريه أنه لا يمكن الرهان على إنجاز الأهداف المعلنة للجولة بشأن الأمن الإقليمي، والسعي لدمج إسرائيل في المنطقة في غيبة من إعادة فتح نوافذ الأمل باتجاه حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، فإن كل ما صدر عن بايدن لم يحتو على أي رؤية جديدة يمكن أن تساعد على حلحلة الجمود الراهن، وإنما اكتفى فقط بعناوين مطاطة وإشارات غامضة من نوع معاودة الحديث عن حل الدولتين، دون تأكيد التزام أمريكا بحدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، بل إن التراجع بلغ حد القول بحق الفلسطينيين أن تكون لهم عاصمة «في» القدس وليس كما تنص كل مقررات الشرعية الدولية بأن القدس ـ دون كلمة «في» ـ هي عاصمة الدولة الفلسطينية. ومن هنا فلا مجال للتساؤل أو الاستغراب من عدم صدور بيان مشترك عن نتائج محادثات الرئيس الأمريكي والرئيس الفلسطيني، لأن الهوة واسعة بين الرؤيتين الأمريكية والفلسطينية حول الحد الأدنى المقبول لتسوية سياسية عادلة ومنصفة تكون بموجبها القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وظني أن الرهان على نجاعة ما طرحة بايدن من حلول اقتصادية لتخفيف المعاناة عن الفلسطينيين هو رهان خاطئ لأن القضية سياسية وليست اقتصادية..

قمة الملهاة

لدى عماد الدين حسين في “الشروق” من الأسباب ما يجعله غير سعيد بزيارة الرئيس الأمريكي لمقر السلطة الفلسطينية: جو بايدن يزور إسرائيل لمدة يومين ويوقع معها «إعلان القدس أو أورشليم» ويتعهد بشراكة أعمق معها في كل المجالات، ثم يزور الضفة الغربية المحتلة لمدة 33 دقيقة فقط وكأنها زيارة سياحية عابرة وسريعة، ويتحدث عن موضوعات غريبة، ليس من بينها إنهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين المستمر منذ يوم 5 يونيو/حزيران 1967. كنت أتمنى ألا يزور بايدن الضفة الغربية، حتى لا ينخدع البعض، ويعتبر ذلك نوعا من التغيير في الموقف الأمريكي شديد الانحياز لإسرائيل.. زار بايدن مستشفى المطلع في القدس المحتلة والتقى بالأطباء والممرضين، وتحدث عن معاناته بسبب حادث السير الذي تعرض له هو وأسرته عام 1972 وأودى بحياة زوجته وابنته، وكيف أن هذا الحادث جعله ينظر بإجلال وتقدير لمهنة التمريض. ولا نعرف ما هي العلاقة بين مهنة التمريض السامية ودولة محتلة من قوة غاشمة منذ عام 1967؟ وحينما تذكر بايدن لاحقا أن الفلسطينيين شعب يقع تحت الاحتلال حكى لهم عن أن أصل عائلته من أيرلندا التي كانت واقعة تحت الاحتلال البريطاني، وبالتالى فهو عاش تاريخا مشابها لما يعيشه الفلسطينيون الآن.
حسنا: وما هي الحكمة التي أراد بايدن أن ينقلها للفلسطينيين من وراء هذه القصة الطريفة»؟ للأسف لا شيء. الذين تابعوا الزيارة قالوا إنه أراد أن يقول للفلسطينيين: «ليس أمامكم إلا الصبر والتعايش مع واقع الاحتلال».
وباستثناء 100 مليون دولار أعلن عن تقديمها لمستشفيات الفلسطينيين، لم يقدم بايدن للفلسطينيين سوى الكلمات، وحتى الكلمات كان ضنينا بها في أكثر من موضع.

من نلوم؟

تذكر عماد الدين حسين أن بايدن وعد في حملته الانتخابية بإصلاح المسار الذي سلكه سلفه دونالد ترامب، في ما يتعلق بالفلسطينيين، لكنه لم يفعل إلا بعض الكلمات، ولم يعد حصة أمريكا الكاملة في الأونروا التي ترعى اللاجئين الفلسطينيين، أو المساعدات التي كان يقدمها للسلطة الفلسطينية، ولم يلتزم بافتتاح قنصلية لبلاده في القدس الشرقية المحتلة، خوفا من اللوبي الصهيوني، ولم يرفع منظمة التحرير من الكيانات الداعمة للإرهاب. خلال مؤتمره الصحافي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن قال بايدن، «إنه من أبرز الداعمين لحل الدولتين، ولكن نعلم أن حل الدولتين قد يكون بعيد المنال، ونستشعر الحزن الذي يشعر به الشعب الفلسطيني». كان المرء يتمنى أن يكون لهذا الكلام معنى على أرض الواقع، وليس أن المكان الذي اجتمع فيه بايدن مع عباس خاضع للاحتلال الإسرائيلي، وأن أبومازن نفسه قال أكثر من مرة إنه لا يستطيع أن يذهب إلى أي مكان من دون إذن الموافقة الإسرائيلية. من يتابع من العرب سلوك كل رئيس أمريكي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية فقد يكتشف أن ترامب كان أفضلهم، لأنه الأكثر وضوحا وسفورا في مساندة إسرائيل ومعاداة العرب والفلسطينيين، في حين أن الآخرين وبينهم بايدن يدعمون إسرائيل ويقدمون لها كل شيء من أول الحماية في مجلس الأمن، نهاية بأحدث أنواع الأسلحة، لكن يتحدثون معنا نحن العرب بلغة حريرية ناعمة. بايدن أرضى بزيارته للأراضي المحتلة جانبا من الجناح اليساري في حزبه الديمقراطي وبعض العرب، هو قضى هناك 33 دقيقة في حين تعهد بشراكة عميقة مع إسرائيل في كل المجالات، خصوصا في مواجهة ما سماه الخطر الإيراني. مرة أخرى: هل يفترض أن نلوم بايدن وإدارته، أم نلوم أنفسنا كعرب وفلسطين على ما وصلنا إليه؟

ننحاز لمصالحنا

قبل وصول بايدن للمنطقة كانت هناك تحركات غريبة فسرها البعض كما قال محمد أمين في “المصري اليوم” بأن أمريكا ترتب لمصيبة.. وسبقها كلام عن تحالف عربي إسرائيلي ضد إيران.. ولكن مصر أثبتت أن مواقفها ثابتة وتاريخها معروف؛ فرفضت الفكرة المثارة عن الناتو العربي والتحالف العربي العسكري.. وكانت المفاجأة أن إيران شكرت مصر.. ولا يعني هذا أن مصر تفرط في أمن الخليج فهو ثابت من ثوابتها.. ولا يعني هذا انحيازها لإيران. إيران تعلم أن أمن الخليج خط أحمر في السياسة المصرية، لكن النقطة الأهم عندي أن مصر لا تسير مع القطيع والسلام.. وأن قرارها مستقل لا يباع ولا يشترى. الموقف المصري من الناتو العربي أكد حالة الاطمئنان لدى رجل الشارع.. وأكد أن مصر لا تبيع قراراتها لمن يشتري ولا تخضع لأمريكا ولا غيرها.. كما أنها لم تدخل من قبل في تحالف اليمن ولا تحارب بالوكالة ولا تحارب خارج أراضيها.. وهو من الثوابت المصرية عبر العصور.. وبالمناسبة خروج الجيش في حرب الخليج كان شيئا آخر والهدف كان تحرير دولة عربية مستقلة هي الكويت من الغزو العراقي، ويدخل في باب أمن الخليج.

لن نفعل ذلك
ش
مضى محمد أمين مفندا مزاعم من اعتبرهم خصوم الدولة المصرية وحقها في إعادة بناء الوطن، مؤكدا أن مصر حين تتخذ مواقفها تعرف أنها أمام التاريخ إما أن تكتب موقفها باحترام أو لا تكتبه.. وهكذا فإن موقفها الحالي يتسق مع تاريخها، فهي لا تفعل لإرضاء أحد ولا ترفض انحيازا لأحد.. رغم إشادة إيران بهذا الرفض. الآن أقول لكم اطمئنوا ولا تقلقوا، ليست هناك مصيبة ولا أي تصرفات مريبة.. من جانب مصر على الأقل.. ومن حق كل دولة أن ترى مصلحتها كما يحلو لها.. الدول التي كانت تجري كانت ترى مصلحتها في تنفيذ الحلف العسكري، ومصر كانت تشرح أن الناتو العربي مخالف لثوابتها.. وقد تفهموا وتفهمت أمريكا أن مصر لن تفعل ذلك، وليس هناك من يملي عليها الدخول في التحالف، لم تفعل مصر ذلك في عهد عبدالناصر ولا السادات ولم تفعل في عهد مبارك.. وها نحن لم نفعل في عصر السيسي تحت أي ظرف سياسي أو اقتصادي. الغريب أن الذين ملأوا الفضائيات بكلام فارغ عن مصر، لم يذكروا كلمة واحدة عندما أكدت ثوابتها والتزامها بمواقفها التاريخية.. فهل كانوا ينتظرون منها موقفا آخر ليشبعوا بعدها لطما؟ هل أفسدت عليهم مصر المندبة؟ باختصار، مصر لن تحارب إلا حين تريد، ولن تدخل في تحالف عسكري إلا بإرادتها.. ولا علاقة لها بأي تحركات مريبة.. وكما قال الشاعر: «إذا مصر قالت نعم أيدوها وإن أعلنت لاءها فاسمعوها».. بالتأكيد عندها وجهة نظر محترمة وتاريخية.

البيت القديم

قال الكاتب الصحافي أحمد ناجي قمحة رئيس تحرير مجلس “السياسة الدولية”، أن مشهد الأمس في قمة جدة افتقدته المنطقة العربية منذ تأسيس جامعة الدول، ذلك في ما يتعلق بالتوافق العربي في الأداء والخطاب، نتيجة لمجهود كبير في الأعوام الثمانية الماضية، وجرى تكثيفه على مدار الأسبوعين اللذين سبقا القمة. ونقل شريف سليمان في “الوطن” عن قمحة قوله: إن الأسابيع الماضية شهدت تحركات مصرية وخليجية على الأصعدة الثنائية والثلاثية قامت بها الدولة المصرية من أجل تقريب وجهات النظر، وهو ما أسفر عن حلحلة الكثير من المواقف العربية تجاه الكثير من القضايا والالتفاف حول قضايا مصيرية تشكل رؤية الدول وفقا لعنوان القمة، التي تناولت الأمن والتنمية. وتابع رئيس تحرير مجلس السياسة الدولية، أن الوطن العربي تسوده الأزمات والصراعات، وتتفجر فيه النزاعات الطائفية، وبالتالي فإن هذه المناطق لا يمكنها تحقيق التنمية أو الاستقرار، مشيرا إلى أن هناك تفهما لدور القوى التي عبثت بمقدرات الدول العربية ومقدراتها منذ عام 2011 وحتى الآن. ولفت، إلى أن دوائر التفاعل الرئيسة للأمن القومي المصري ثابتة ومعروفة، إذ ابتكرت الدولة المصرية دوائر فعالة تستطيع من خلالها تفعيل الدوائر التي فيها نوع من أنواع التباطؤ في الحركة، فهناك أزمات في دول كثيرة مثل ليبيا وتونس والعراق ولبنان وسوريا واليمن، وهو ما يقلل من فاعلية التفاعل العربي في إطار جامعة الدول العربية، وبالتالي، فقد ابتكرت مصر آليات التعاون الثنائي والثلاثي والرباعي.

اسمعوا منه

اسمعوا منا لا تسمعوا عنا، لسان حال الرئيس السيسي وهو يسمع العالم رسالة مصر، على حد رأي حمدي رزق في “المصري اليوم”: رسالة بعلم الوصول، رسالة السلام، مصر بلد السلام ولا تعرف سوى السلام، ولا تنطق سوى بالسلام، وقالوا سلاما كلمة الرئيس السيسي في قمة الأمن والتنمية في «جدة» جامعة مانعة، ورسمت رؤية وطنية، ومقاربة حقيقية، لمجمل القضايا التي تؤرق شعوب العالم، نحو قضية الأمن والسلم العالميين، رسالة تجسد المفهوم الحضاري المصري العميق في تجليه إنسانيا.. رسالة للإنسانية. سمع العالم بأسره صوت مصر، واضحا عاليا نداء بالحق في الحياة في عالم يعج بالصراعات الدينية والإثنية والعرقية والجهوية والطائفية، ما كلف المنطقة العربية غاليا من الأرواح والثروات، ولولا هذه الصراعات ما بات في المنطقة جائِع أو لاجئ. الرئيس برهن في كلمته على الرؤية الوطنية في ابتكار حلول لأزمات المنطقة، محورها الحفاظ على الدولة الوطنية التي تعد حجر الزاوية الذي يقام عليه البناء عاليا، وحماية حدود الدولة الوطنية واجب على الشركاء في المنطقة ومن خارجها، ففيها النجاة من ويلات الحروب والصراعات الأهلية والطائفية التي أضعفت دولا وشردت شعوبا. كان الصوت المصري على لسان الرئيس السيسي واضحا في حتمية حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضوح الحروف، ونصاعة الطرح المتجدد، وفي حضرة الرئيس جوزيف بايدن، الذي كان لتوه في «تل أبيب»، وسمع منهم، فأراد الرئيس السيسي أن يسمعه ما لم يسمعه هناك في إسرائيل، على طريقة اسمعوا منا.. ولا تسمعوا عنا.

عجلات تدهسنا

كان السيسي كما أشار حمدي رزق شديد الوضوح في قضية مياه نهر النيل، مستندا في طرحه على القانون الدولي، والاتفاقيات التاريخية المستدامة، وعلى الحق في الحياة، وعدم التعدي بالاستئثار بالمياه عند المنابع ما يهدد الشعوب عند المصب، مؤكدا حق الشعوب في الحياة، والماء أصل الحياة، في رسالة لا تفوت لبيبا، وجو بايدن لبيب واللبيب من الإشارة يفهم، والرسالة المصرية بعلم الوصول.. ويقينا وصلت لمن يغرف من مياه النهر افتئاتا على حق الشعوب في الحياة. الرؤية الوطنية تجسدت وضوحا لا لبس فيه في قضيتين: (الحريات) وتحديدا حرية المعتقد، و(حقوق الإنسان) ومحورها الحق في الحياة، توكيدا على الرؤية الوطنية في قضيتين لطالما شغلتا الرأي العام العام عالميا، ومراكز التفكير المؤثرة في صناعة القرار الأمريكي، كان السيسي واضحا في حماية حرية المعتقد، وتحسين جودة حقوق الإنسان مطلبا وطنيا تعمل عليه الدولة المصرية بجد واجتهاد. السيسى كان صارما في مواجهة خطر الإرهاب الذي يطوق المنطقة بالمتفجرات، وجاء تحذيره لداعمي الإرهاب دولا ومنظمات وجماعات، مجسدا الدور المصري في مواجهة الإرهاب، وتحمل مصر العبء عن العالم في تفكيك شبكاته العابرة للحدود، التي تهدد الدول الوطنية داخل حدودها، والرسالة هنا لافتة ووصلت إلى داعمى الإرهاب ومموليه الذين يستمعون للقمة التي جاءت معبرة عن رفض الإرهاب في صوره وأشكاله كافة. المحاور المصرية الخمسة في خطاب مصر تشكل خريطة طريق وطنية للشركاء الدوليين في مواجهة خطر الإرهاب الأسود الذي أطاح بدول وطنية فسقطت تحت عجلات لا ترحم.. ففقدت منعتها، وسقطت من حالق في غيابات الجب.

ناتو مريب

اهتمت سناء السعيد في “الوفد” بما يتم تداوله بشأن تحالفات جديدة: تشهد الساحة العربية منذ فترة تفاهمات عميقة بين مصر والعراق والأردن، وعدد من دول الخليج العربي، ما حدا بالبعض إلى أن يتحدث عنها بوصفها قد تكون نواة لتحالف إقليمي عسكري أوسع. وجاء هذا في أعقاب ما أعلنه عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني عن تأييده لإنشاء حلف (ناتو شرق أوسطي) بمهام واضحة ومحددة، ومع وجود ميثاق، وأنه يمكن بناؤه بين الدول ذات الفكر المتشابه. كلمات الملك عبدالله الثاني طرحت فيضا من الأسئلة حول مغزى التوقيت، وطبيعة التحالف، والهدف من ورائه، لاسيما أن ما قاله جاء في أعقاب إعلان واشنطن عن اعتزام بايدن زيارة منطقة الشرق الأوسط، التى شملت إسرائيل والسعودية. وحسب موقع «ذا ناشيونال» الأمريكي فإن الغزو الروسي لأوكرانيا دفع قادة الناتو في اجتماعهم مؤخرا إلى التركيز على مواجهة نفوذ موسكو المحتمل في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بعد انسحاب الولايات المتحدة منها تدريجيا. ويرى المراقبون أن أحد أهداف فكرة (ناتو شرق أوسطي) هو أن تكون ذراعا في المنطقة لمواجهة التمدد الروسي، وليس الإيراني فقط، خاصة أن موسكو ترتبط بعلاقات شديدة التميز مع عدة دول عربية على رأسها مصر والجزائر. فضلا عن أن الولايات المتحدة ومعها الدول الأوروبية لا تريد أن ترى وجودا للقوات الروسية في العراق وأماكن أخرى في المنطقة. ولهذا فإن فكرة تشكيل (ناتو شرق أوسطي) من شأنه أن يمنع ذلك من الحدوث، بل سيضمن عدم تدخل موسكو في تلك المناطق، سواء من خلال عرض الوجود العسكري، أو المشاركة في برامج التدريب، لكون هذا سيسمح للروس عندئذ بتمديد أنشطتهم السياسية، لاسيما مع التوقعات التي ترى أن الشرق الأوسط قد يشهد تراجعا أكبر بالنسبة للوجود الأمريكي. ولهذا ربما يكون البديل الأمني لذلك متمثلا في إنشاء تحالف عسكري استراتيجي شرق أوسطي يحل محل القوات الأمريكية بشكل ما، ويسحب من روسيا أي ذرائع للتمدد في المنطقة.
منزوع القيمة

على جانب آخر والكلام ما زال لسناء السعيد، ووفقا للمعطيات الحادثة على أرض الواقع، فإن هناك رفضا مصريا تاما للمشاركة في أي تحالف عسكري يستهدف أي دولة، وأن هذا الموقف الذي تحرص مصر على أن تتبناه هو أحد الركائز الأساسية في عقيدة المؤسسة العسكرية المصرية. أيا كان فإن الخبراء الاستراتيجيين يرون أن هذا التحالف يحوم حوله الكثير من التساؤلات، بل يبدون اعتراضهم على تسميته بـ(الناتو العربي) على أساس أن هذا التحالف المزمع إنشاؤه إذا لم يشمل مصر والسعودية فلن يعول عليه كثيرا، ولن ترجى منه أي فائدة. كما أن هذا التحالف يواجه تحديات كثيرة حول إنشائه، فليس هناك اتفاق عربي أو رؤية شاملة أو موحدة حول وجوده، وحول كونه سيضم دولا عربية، إضافة إلى إسرائيل وأمريكا. كما أن من يسعى لإنشائه يستهدف من ورائه في الأساس التهديدات الإقليمية، خصوصا ما تشكله إيران، ولكن حتى الآن لا يوجد ثمة إجماع حول الأمر. وقد سبق وطرحت فكرة الناتو الإقليمي هذه عدة مرات، إلا أنها لم تمض قدما، بل إنها حتى الآن لم تتم بلورتها بشكل واضح، ولا يعتقد أن هذا سيظهر للنور في المدى القصير، نظرا لاختلاف الرؤى والمواقف بين الدول العربية، في ما يتعلق بالهدف من هذا الحوار والمساهمين فيه وصولا إلى الاتفاق في ما بينهم حول تشكيل هذا التحالف الاستراتيجى.

في القلب

أكد حسن القباني في “المشهد” أن القضية الفلسطينية ستظل أحد الثوابت الوطنية العربية الإسلامية محل الإجماع بلا منازع ومحل الاهتمام بلا منافس ومحل العناية بلا مثيل، وستبقى بإذن الله كذلك لحين تحرير الأرض والمقدسات، ومن الأهمية بمكان تربية الأجيال الصاعدة على هذا الهدى، وتوعية البيوت العربية بهذا المنهج، وتذكير القلوب العربية من المحيط إلى الخليج بهذه الثوابت. وأشار الكاتب إلى أن نجاح القضية الفلسطينية واستمرار مساندتها في العقود الماضية، بدأ من الأسرة، ومنه انطلق، ويجب أن يستمر في زمن الدمج المنبوذ للكيان الصهيوني في المنطقة العربية. هنا الرهان يجب أن يوجه لوعي الأجيال الصاعدة التي تابعت باهتمام “شال” مغنى الراب “ويجز” المناصر لفلسطين، بنسبة أكبر من متابعة فعاليات مهمة لنصرة المقدسيين للمسجد الأقصى في الأرض المحتلة، وهو ما يعني توجيه العناية بأدواتهم لاستمرار جذبهم إلى مسار دعم القضية الأم. الأسرة هي الدرع الحصين لتوارث قيم المناصرة بين الأجيال الصاعدة، خاصة في زمن التفاهة والسخافة، وهنا الدور يتركز على الأب كربان للسفينة وللأم كعماد للبيت، بأهمية الوعي بأساسيات القضية ومناسباتها، وتثقيف أبنائهم وبناتهم على نحو ملائم بحيث يبقى الوعي متجذرا، في مواجهة الرغبات الآثمة المتكررة في زرع التطبيع مع المحتل في الوعي العربي الجمعي المحمل بترانيم “لا تصالح”.

ستحيا بدعمنا

شدد حسن القباني على أن الفعاليات المستمرة للدفاع عن المقدسات والأرض والحقوق في الأراضي المحتلة هي طاقات تحفيز متجددة بحاجة إلى متابعة واستقبال جميل من وعي العائلات العربية، ليشكل حائط صد أمام محاولات دمج المحتل في الذاكرة العربية وتعزيز روح الممانعة والمقاومة في النفوس الصاعدة. وتابع الكاتب مثمنا الدور الشعبي في دعم القضية الأهم في تاريخنا الإسلامي والعربي: أن حماية العائلات العربية كذلك لثقافة المقاطعة الشاملة، سواء اقتصادية أو إعلامية أو غيرهما، هي خطوة مهمة في تعزيز وجود القضية الفلسطينية في قلب كل بيت عربي مسلم أو مسيحي. ومن المهم في هذا الإطار الوعي بالسجل الدموي للكيان الصهيوني في المنطقة، وفي هذا قال الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب: “إن استمرار الإرهاب الصهيوني في استهداف الفلسطينيين الأبرياء، وتدمير الطرق والأبنية والمنازل وبنايات الهلال الأحمر، وتشريد العائلات وتهجيرهم قسريّا، واستهداف المقار الإعلامية، نقطةٌ سوداء تُضاف للسجل الدموي لهذا الكيان، في ظل تواطؤ عالمي مخزٍ”. إن القدس في قلب كل أسرة عربية من القاهرة إلى بغداد، وإن القضية الفلسطينية ستظل تجري في شرايين كل طفل وطفلة من المحيط إلى الخليج، وفي سبيل التحرير الشامل والكامل ستحيا بيوت العرب باذن الله عز وجل.

فرصة للنجاة

ذهب الأمل بخالد ميري في “الأخبار” لأفاق بعيدة: القمة الأولى للسيسي وبايدن تؤكد على الصداقة وموقف مصر الثابت من سد النهضة، ولا تهاون في حماية الأمن القومي، ولا مكان للإرهابيين والميليشيات وفتح أبواب الأمل للشباب، بعد أسابيع من التأويلات وآلاف المقالات والتحليلات في كل وسائل الإعلام العالمية، انعقدت مؤخرا في مدينة جدة في السعودية القمة العربية الأمريكية.. بحضور زعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وقادة الإمارات والكويت وعُمان وقطر والبحرين والأردن والعراق، والرئيس الأمريكي جو بايدن. انعقدت القمة بنجاح بعد شهور من الفتور في العلاقات العربية الأمريكية، وكانت الرغبة واضحة من جميع الأطراف في النجاح، وأن تكون القمة بداية جديدة لعلاقات استراتيجية مهمة بين العرب وأمريكا، علاقة أساسها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتعاون للحفاظ على أمن واستقرار الشرق الأوسط، وبذل الجهود لحل مشاكل المنطقة الملتهبة وإعادة إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومحاصرة الإرهاب والقضاء عليه، ومواجهة الأزمات التي تحاصر كل العالم، خاصة في الطاقة والغذاء والمياه بعد أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، حيث يشهد كل العالم ارتفاعات مجنونة في الأسعار وأزمات بطالة وكساد وتضخم غير مسبوق. القمة جاءت بعد أن تأكدت الإدارة الأمريكية أنها لن تستطيع فرض إرادتها ولا رؤيتها الخاصة على العرب، وأنها تحتاج الدول العربية كما تحتاجها الدول العربية. كانت كلمة الرئيس السيسي شاملة جامعة.. حيث تناولت كل القضايا الحاضرة والمستقبلية بحثا عن فتح أبواب الأمل أمام شباب المنطقة وألا يكون بيننا نازح أو لاجئ أو ضحية لحروب وإرهاب.. حديث زعيم مصر كان واضحا عن التجربة المصرية الناجحة في فرض سلام الأقوياء، وأن فرص التعاون يجب أن تتم باحترام قوة المنطق وليس منطق القوة في إطار تكامل الحضارات وليس الصراع بينها.

فساد غادة

لما زالت عبلة الرويني غاضبة لأسباب لها علاقة بوقائع فساد صارخة كما أوضحت في “الأخبار”: لدينا «جهاز التنسيق الحضاري» أنشئ عام 2001 بهدف تحقيق القيم الجمالية، وأسس النسيج البصري في المدن المصرية.. ولدينا لجنة عليا في وزارة الثقافة تضم مجموعة من كبار الفنانين، أنشئت عام 2018 بقرار من رئيس الوزراء، بهدف وضع الرؤية المعمارية والصياغة البصرية للمدن، ومراجعة ومتابعة التماثيل والجداريات واللوحات الفنية في الشوارع والميادين، وطبعا هناك العديد من كليات الفنون الجميلة، وآلاف من الفنانين وخريجي الفنون ولدينا من قبل وبعد، إرث جمالي وحضاري نباهي به الأمم، لا تمتلكه دولة في العالم.. لكن وعلى الرغم من ذلك يتراجع حضورنا الجمالي، وينخفض تقييمنا الحضاري بين المدن نتعثر من قبح إلى قبح، والعديد من الأخطاء الفنية، والتماثيل المشوهة في الميادين، والجداريات المسروقة.. وغياب المعايير والضوابط الجمالية.. غياب الرؤى في أعمال التطوير الجمالي بالمرافق المختلفة، وفى الأغلب الاستعانة بغير المتخصصين من غير الفنانين، في صياغة وتشكيل وتنفيذ الأعمال الفنية.. لم ننته بعد من فضيحة المصممة غادة والي، التي قامت بسرقة لوحات الروسي جورجى كوراسوف في تصميم جدارية محطة مترو كلية البنات «تم الاعتذار رسميا للفنان الروسي وإزالة الجدارية الأسبوع الماضي».. لكن لم نعرف بعد إلى أين انتهت التحقيقات.. وهل تمت إعادة الملايين التي دفعت مقابل الجدارية المسروقة «120 مليونا»؟ والتى اتضح أنها مجرد صورة مطبوعة على ورق مقوى، تم لصقها على جدران المحطة.. لم ننته من لوحات كلية البنات المسروقة، لتأتى فضيحة لوحة محطة مترو أنفاق عبدالمنعم رياض في العباسية، التي يطالب الفنانون بإزالتها لرداءتها الفنية وأخطائها المهينة… اللوحة تشكيل بالحصى والزلط.. لصورة الفريق أول عبدالمنعم رياض، كتب فوق اللوحة «اللواء» عبدالمنعم رياض.. وعندما تم التنبيه للخطأ، قاموا بوضع ستيكر لاصق فوق كلمة اللواء ما يحدث يوما بعد آخر في محطات المترو، هو مسلسل فساد، لا علاقة له بالجمال، ولا تطويره.. صفقات وسماسرة ونهب وسرقة واقتسام الغنيمة.

دميمة بإرادتنا

أعربت هاجر صلاح في “الأهرام” عن سخطها لما آلت إليه أوضاع وسط العاصمة: منذ سنوات، هالني ـ مثل كثيرين غيري ــ المشهد الفوضوي المحيط بالمسرح القومي بالعتبة، فكم كان الطريق إليه غاية في الإزعاج والزحام والقذارة، بسبب انتشار الباعة الجائلين، أو بمعنى أصح الباعة المستقرين، فجعلوا رحلة الوصول إلى المسرح العريق غاية في الصعوبة، للدرجة التي تدفع بالمرء للتخلي تماما عن فكرة حضور أي عرض مسرحي فيه مستقبلا. مرت السنوات وبحت أصوات الفنانين والمثقفين لتطهير المنطقة حتى تليق باحتضان معظم مسارح الدولة، إلى أن واتتني الفرصة مؤخرا لحضور عرض على خشبة مسرح الطليعة، فإذا بالمشهد السابق يصبح أكثر توحشا، وكفيلا بإصابة من يسوقه حظه التعس للمرور فيه، بانهيار عصبي. فالمشهد سابقا كان يبدأ عقب الخروج من أبواب محطة مترو العتبة، أما هذه المرة؛ فالفوضى تبدأ بمجرد عبور بوابات التذاكر داخل المحطة ذاتها، فلم يعد هناك شبر خال في المحطة، دون تأجيره لمحلات الملابس والعباءات والإكسسورات، أي أن أوضاعهم مقننة بشكل رسمي، يعرضون المانيكانات في عرض الطريق ويرفعون أصوات الموسيقى المزعجة، ولولا أني كنت أعلم يقينا أني ما زلت داخل محطة المترو لتصورت أني ضللت طريقي إلى سوق شعبية. بالكاد تلمست خطواتي لأصل إلى المخرج الأقرب لمسرح الطليعة، لتقابلني ممرات ضيقة تتخلل استاندات الباعة، ينادون على بضاعتهم في صياح هستيري، وقد احتلوا المنطقة عن آخرها. بصعوبة شققت طريقي إلى داخل المسرح، بينما لا تزال جلبتهم تزعجنا في فنائه الخارجي. لا أجد تفسيرا لهذا التوغل اللاحضار الذي تم تحت بصر كل الجهات المعنية، سوى أنه يحظى بموافقتها. وأتساءل: متى تظهر بشائر التصريحات الصحافية عن تطوير منطقة الأزبكية والعتبة، تلك المنطقة التي كانت يوما ما من أرقى مناطق القاهرة الخديوية؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية