جرائم المستوطنين تشهد تصعيدا غير مسبوق: مستوطن انسل من خلف الجنود وطعن شابا في صدره وعاد إلى حمايتهم

سعيد أبو معلا
حجم الخط
1

سلفيت ـ “القدس العربي”: سيوثق التاريخ الفلسطيني أن جريمة اغتيال واستشهاد الشاب علي حسن حرب (27 عاما) هي علامة فارقة في تاريخ اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في عموم مناطق الضفة الغربية. فقبل هذه الجريمة ليس كما بعدها من حيث نوعية الفعل وطريقته، وتحديدا في ظل وجود جنود الاحتلال في المكان الذي استهدف فيه الشاب حرب، ومع منع أي عملية لإسعاف الشهيد لأكثر من نصف ساعة وتهديد كل من كان يقترب منه بالقتل.
وكان الشهيد حرب (27 عاما) قد ارتقى مساء أمس، إثر تعرضه للطعن من قبل مستوطن شرق محافظة سلفيت.
وبحسب عمّ الشهيد حرب الذي كان برفقته، فإن المستوطن كان يحمل سكينا، وإنه أخبر الجيش وحراس المستوطنة بإنه يحمل سكينا من دون أن يحركوا ساكنا.
ويضيف: “فجأة تقدم المستوطن بسرعة من خلف الجنود وغرس سكينه في صدر الشاب حرب”.
وبعد ظهر اليوم الأربعاء أظهر التقرير الطبي الشرعي العدلي نتيجة تشريح الجثمان التي استمرت لأكثر من ساعتين، أن سبب الوفاة “ضربة مباشرة على عضلة القلب ما أدى إلى تهتكها”.

تفاصيل الجريمة

غير بعيد عن مفرق “زعترة” الحيوي لقرى وبلدات فلسطينية ومستوطنات إسرائيلية كثيرة تتمدد بشكل سرطاني، لا يلزم زائر مكان استشهاد حرب أكثر من 10 دقائق ليكون على الطريق المؤدي لأرض يبدو أن عليها علامات الاهتمام والعناية في بلدة اسكاكا شرق مدينة سلفيت.
وقبل أن ينخرط الزائر بطريق سريع وممهد سيكون عليه الصعود قليلا لمشاهدة أرض جميلة “متعوب عليها” حيث تظهر عليها علامات الاعتناء والاهتمام بوضوح.
هذا المكان الهادئ والجميل والذي يتمناه الجميع كان يوم أمس مكانا شاهدا على جريمة اغتيال إسرائيلية بحق الفلسطيني حرب، فلم يتوقف المستوطن على تمني الأرض، إنما قام بإضافة فعل وصفه فلسطينيون “بالإرهابي” تمخض عنه قتل صاحب الأرض عبر طعنه في القلب مباشرة.
وأعلنت وزارة الصحة استشهاد الشاب حرب خلال تصديه وعدد من الأهالي لمستوطنين نصبوا خيمة ووضعوا علامات في أرض تقع غرب القرية تسمى “الحرايق” بهدف الاستيلاء عليها.
وكان حرب قد نُقل إلى مستشفى الشهيد ياسر عرفات في سلفيت، لكن بعد أكثر من نصف ساعة نزف خلالها الكثير من دمه، فيما كان الجنود يهددون كل من يقترب منه بإطلاق الرصاص عليه.
واحتاج الشهيد الذي أصيب بالقلب لنقله من أرض عمل على رعايتها أسبوعيا لأكثر من 20 دقيقة حتى وصل إلى الشارع العام لتقله سيارة الإسعاف، حيث أعلن عن استشهاده متأثرا بإصابته.
وقال عمّ الشهيد حرب إن الأخبار وصلته من رعاة في المنطقة مفادها أن المستوطنين موجودون في أرضهم، فما كان منه إلا أن جمع شباب العائلة وكان حرب من بينهم وذهبوا للتصدي لهم.
ولا تبعد الأرض التي تقع في “جبل الحرايق” أكثر من 150 مترا عن مدخل مستوطنة ارائيل التي تضخمت خلال السنوات الخمس الأخيرة أضعافا مضاعفة.
يضيف عمّ الشهيد: “عندما اقتربنا من المستوطنين هربوا، ثم صرخت على أحدهم: شو بتعمل؟ فرد: أنا رايح (مغادر المكان)”.
ويتابع: “بعد ربع ساعة جاء مستوطن ثان وكان يحمل سلاحا ناريا ومن ثم حضر على الأقل 10 عناصر من أمن المستوطنة الذين أطلقوا الرصاص بالهواء، وبعد دقيقتين جاء الجيش وكان مستوطن يحمل سكينة يقف خلف الجنود مباشرة”.
يسرد العم الحكاية بالتفصيل، محددا الوقت بدقة ويضيف: “بعد أن طعنه المستوطن في صدره تماما، منعنا من الاقتراب من الشهيد وإسعافه، لقد نزف نصف ساعة، وضع خلالها السلاح في رؤوسنا في حال اقتربنا، كان ممددا في دمه”.

صاحب أفق

ويعتبر حرب شابا معروفا بالقرية الصغيرة “اسكاكا”، والجامعة التي كان يدرس فيها (القدس أبو ديس)، ويؤكد حسن حرب والد الشهيد: “ابني كان صاحب أفق، يفكر في فلسطين ويعشق الأرض، حيث حاول أن يعمل على مشروع تخرج متعلق بأنظمة التجسس، لكن تعذر إنجازه لصعوبة شراء الأجهزة المخصصة للمشروع، ثم طور مشروع سترة واقية تقيس الضغط تحت الماء في الأعماق”.
ويشدد الوالد الذي تحدث متظاهرا برباطة جأش: “عشقنا حب الأرض، شمة الهواء بالنسبة للعيلة كانت عبارة عن شغلنا بالأرض يومي الجمعة والسبت، وبمجرد أن سمعت العائلة أن المستوطنين بالأرض توجهوا إليها مباشرة”.
وتشير المعلومات الى أن ابن عم الشهيد كان قد سقط شهيدا قبل عام كامل عندما داهمت قوات الاحتلال القرية، وأطلقوا النار عليه من مسافة 9 أمتار وأصيب إصابة مباشرة بالقلب أيضا.
ويؤكد والد الشهيد الذي علم أبناءه حب الأرض أن المستوطنين لم تعجبهم علاقتنا بهذه الأرض، حيث وضعوها في مخططاتهم الاستيطانية.

من يقتل أكثر

بدوره اعتبر غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية، أن ما تشهده سلفيت وما يجاورها هو غزو استيطاني فاق التوقعات، فعمليات التجريف والمصادرة والاعتداءات اللحظية لا تتوقف بل تزيد.
وتابع: “القتل هو نهج المستوطنين، وبعد حل حكومة بينيت سيكون جسد وأرض الفلسطيني في الأشهر المقبلة دعاية انتخابية للأحزاب الصهيونية، فجسد الفلسطيني وأرضه هما الدعاية الاحتلالية الجديدة”.
وأكد دغلس في حديثه أن هذه جريمة مختلفة، أن يقوم مستوطن بقتل شاب بسكين وأمام الجنود بهذه الطريقة فإننا امام مشهد إرهابي بكل ما للكلمة من معنى.
وأكد أن الجريمة تؤكد أن المستوطنين لديهم ضوء أخضر، “فماذا يعني أن ينسل المستوطن من بين الجنود ليغرس سكينة في قلب الشهيد علي؟ إنها قمة الإرهاب”.
ووصف دغلس الجريمة بأنها “منظمة ومركبة وبوجود الجيش والشرطة والمستوطنين ضد مواطن أعزل وأصحاب الأرض الحقيقيين”.
وتابع: “علينا خلال الأشهر المقبلة أن نكون أكثر اتحادا حيث ستتضاعف المواجهة أكثر على الأرض الفلسطينية، فمن يقتل أكثر ويصادر أكثر سيجمع أصواتا انتخابية أكثر”.
ومع ذهاب المنطقة نحو التصعيد، شدد دغلس: “مررنا بظروف أصعب ولم ننكسر ولم يحدث أي تراخ في الطرف الفلسطيني، غير أننا بحاجة إلى تحقيق وحدة الميدان وساحات المواجهة”.

مشهد جديد

بدورها قالت ماجدة المصري، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مدينة نابلس، إن مشهد اغتيال علي حرب هو “مشهد جديد وتصعيدي في طبيعة العدوان على الشعب الفلسطيني”.
وتابعت قائلة: “المستوطنون بدأوا في ممارسة اغتيال أبناء الشعب الفلسطيني، حيث قام المستوطن، كالعادة، بالاستقواء بالجيش والشرطة، ومن ثم قام بطعن الشاب في أرضه، هذا مشهد جديد ويؤشر إلى طبيعة العدوان وخطط الضم التي تستهدف الأراضي في الضفة. والحقيقة أن خطة ترامب تنفذ على أرض الواقع، وعلى كل مقومات الحياة: الأرض والزرع والإنسان الفلسطيني”.
وأكدت المصري أن الجريمة التي استهدفت مدينة سلفيت المحاطة بالمستوطنات، تعكس مظهرا محليا يتمثل في الصراع المستمر مع الاحتلال الذي يقابله مشهد إقليمي مع زيارة بايدن للمنطقة، في محاولة تعزيز موقع إسرائيل في المنطقة.
وشددت أن الجريمة تفترض أن تترجم إلى رسائل داخلية، حيث المطلوب أمام المشهد الفلسطيني ككل واستشهاد حرب الدعوة لحوار وطني فلسطيني عاجل يشارك فيه الكل الفلسطيني للخروج من حالة التشرذم، جنبا إلى جنب مع العمل على الإسراع في تشكيل قيادات وطنية ميدانية موحدة للتصدي للاحتلال ومستوطنيه.
وتابعت: “هناك نماذج موجودة فعليا لكن يجب ان تكون ضمن تخطيط القوى الوطنية، وأن تكون مدعومة من جميع لجان المقاومة، وبإمكانيات من مؤسسات السلطة، وبناء على قرارات سياسية اتخذت سابقا ويفترض أن تطبق”.
وأشارت أن اللحظة تتطلب قيادات لحماية الأراضي أمام المشروع الاستيطاني الواسع والممتد، فهذا استحقاق ولم يعد هناك أي مبرر لعدم تنفيذه حتى اللحظة.

تشييع غاضب

وكانت جماهير غفيرة حاشدة في محافظتي سلفيت ونابلس قد شيعت اليوم الأربعاء، جثمان الشهيد حرب إلى مثواه الأخير. وانطلق موكب التشييع من أمام مستشفى النجاح في مدينة نابلس، باتجاه منزل عائلة الشهيد في قرية اسكاكا، التي ألقت نظرة الوداع الأخيرة على جثمانه.
وحمل المشيعون جثمان الشهيد حرب على الأكتاف، وجابوا به شوارع القرية، مرددين الهتافات الغاضبة، وصولا إلى مسجد القرية، حيث أدوا الصلاة على جثمانه الطاهر وسط أجواء من الحزن والغضب على جرائم الاحتلال ومستوطنيه والإعدامات الميدانية التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا، قبل أن ينقل إلى المقبرة، حيث ووري جثمانه الثرى.
واعترضت قوات الاحتلال موكب جنازة الشهيد علي حرب، ومنعت المشاركين من المرور عبر حاجز حوارة العسكري جنوب نابلس، وأجبرتهم على العودة والعبور عبر الطرق الداخلية المؤدية إلى قريته في اسكاكا.
وأدان محافظ سلفيت عبد الله كميل الجريمة التي تمت بحماية قوات الاحتلال بحق الشاب حرب، داعيا إلى “توفير حماية دولية لأبناء شعبنا في المحافظة من إرهاب الاحتلال والمستوطنين المنظم”.
وطالب الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية بالعمل على لجم العدوان، والقتل المتعمد وممارسات المستوطنين ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    شيطان قطعان المستوطنين الصهاينة الملاعنة كل يوم يزداد إجراما وتوحشا ضد الفلسطينيين الأبرياء العزل الصامدين في وجه ابرتهايد الصهيونية البغيضة التي تقتل أطفال فلسطين وتهدم منازلهم بغير وجه حق منذ 1948 والله ينصر فلسطين و يهزم إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين ????????????????????????

إشترك في قائمتنا البريدية