بيروت – «القدس العربي»: فيما لبنان غارق في موضوع مناقشة واقرار موازنة العام 2019 ومعرفة مصير المساعي التي يقودها مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الادنى دايفيد ساترفيلد حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فإن حادثة غريبة حصلت قبل أيام مرّت مرور الكرام من دون أن يضيء عليها الإعلام بالشكل اللازم ومن دون أن تتعاطى معها الدولة اللبنانية بشكل جدي، وهي ما تردّد عن توغّل قوات سورية إلى داخل الاراضي اللبنانية في جرود عرسال حيث اعتقل ثلاثة شبان كانوا في رحلة صيد لطيور الحجل وذهب أحدهم ضحية التعذيب.
وفي التفاصيل، أن قوة من الجيش السوري تلاسنت مع أحد الشبان وهو حسين الحجيري الذي أصرّ على أنه داخل أرضه ولم يتخطاها إلى الحدود السورية، ما أدى إلى تعرّضه للضرب على رأسه بشكلٍ حاد وحصول نزيف دماغي، أدى إلى وفاته لاحقاً، واعتقال الشابين الآخرين وسام كرنبي ونايف رايد.
وفيما شُيّع الحجيري في عرسال نهار الأحد، توجّهت «كتلة المستقبل» النيابية أمس بالتعزية إلى «أهل الشهيد حسين الحجيري الذي قتله جنود النظام السوري بعد خطفه مع رفيقيه واقتيادهم من اراضي عرسال إلى داخل الاراضي السورية»، معتبرة أن «ما حصل من اعتداء على سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها ومن قتل وخطف مواطنين آمنين خرجوا إلى حقولهم وأرزاقهم، جريمة خطيرة لا يمكن السكوت عنها»، وأهابت «بالدولة اللبنانية والجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية بذل الجهود اللازمة لمنع تكرار هذه الحوادث والتعديات على الأراضي اللبنانية وعلى المواطنين الآمنين «.كما أهابت «بالحكومة العمل على استرداد المخطوفين من خلال القنوات الأمنية المعتمدة».
بعد مقتل لبناني وخطف اثنين في جرود عرسال إثر توغّل قوة سورية
وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رأى « أن مواجهة قضية مقتل المواطن اللبناني حسين الحجيري في جرود عرسال بصمت رسمي كصمت القبور، أمر غير مقبول بتاتاً»، مطالباً «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري التواصل مع جميع الأجهزة الأمنية اللبنانية التي لديها تبادل مع أقرانها في سوريا من أجل طلب قيام الأجهزة السورية بتحقيق كامل وتقديم تقرير مفصل للأجهزة اللبنانية عما حدث في جرود عرسال وتفاصيل مقتل الحجيري واختطاف رفيقيه»، كما طالبهما بـ»التحرك فوراً للطلب من السلطات اللبنانية على المستويات كافة للبدء بإجراء التحقيقات في الحادثة».
ولفت جعجع إلى أنه «على وزير الخارجية جبران باسيل استدعاء السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي وإبلاغه بشكل رسمي عن الحادثة، وما حصل من قتل لمواطن لبناني على يد عناصر تابعة لهم، وطلب تفسير رسمي من الجهة السورية من أجل أن يبنى على الشيء مقتضاه».
ولفت إلى أن «جميع التقارير الأمنية تشير إلى أن المواطنين الثلاثة الذين قصدوا جرود عرسال بغرض صيد «الحجل»، لم يكونوا مسلحين وكانوا يمارسون هوايتهم ضمن الأراضي اللبنانية، من دون أن نغفل أن الحدود اللبنانية السورية وخصوصاً في منطقة جرود عرسال تتضمن تعرجات كبيرة جداً».
وشدد جعجع على أنه «لا يريد استباق التحقيقات، إلا أن ما حصل هو ان عدداً من عناصر الجيش السوري أو التابعين له قتلوا حسين الحجيري واختطفوا رفيقيه. والأمر الذي لم يكن طبيعياً أبداً في هذا الحادث بالنسبة لي، هو ردة فعل الدولة اللبنانية، فأسوأ شعور في هذه الدنيا هو أن يحس المواطن أنه لا يعيش في وطن ولا دولة وراءه تدافع عنه وعن حقوقه».
واستطرد: «في معركة الجرود سقط لنا عدد من الشهداء في الجيش ونحن نفتخر بهم باعتبار أنهم استشهدوا أثناء القتال، والجميع يدرك أين وكيف، ونحن جميعاً كنا وراءهم داعمين لهم، إلا أن يقتل مواطن لبناني بهذا الشكل من دون أي يجد سوى أهله في تشييعه ومن دون أي ردة فعل تذكر، وهو الذي قتل جراء عملية قتل مباشرة من قبل فريق غير لبناني وعلى أرض لبنانية حتى إثبات العكس، فمن غير المقبول أبداً ألا يقوم أي مسؤول لبناني بأي ردة فـعل تـذكر».
وانتقد العميد المتقاعد في الجيش اللبناني خليل حلو، ما جرى في عرسال وكتب على حسابه على الفايسبوك « ثلاثة مواطنين من عرسال التي أمعن الإعلام الممانع في تشويهها خلال خمسة سنوات، ثلاثة مواطنين منها خطفهم جنود سوريين توغلوا إلى داخل الأراضي اللبنانية وعاد واحد منهم جثة هامدة والإثنان الأخران ما زالا في سجون الأسد»، وأضاف «المساحة الإعلامية التي أعطيت لهذا الحدث خجولة جداً»، سائلاً «ألا يستحق هذا الحدث مساحة إعلامية مماثلة لما يعطى لأحداث عادية كالمباريات الرياضية؟ أو مسابقات ملكات الجمال؟… كيف بدكم العرسالي يشعر أنه ينتمي إلى لبنان؟».