جعجع يقرّر كسر الصمت.. وستريدا تتوجّه إلى بري بخطاب حول الشيعة والأسد وإيران.. لقاء للمعارضة في معراب يطالب برئيس يطبّق القرارات

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت- “القدس العربي”: بعد صمت طويل منذ تفجير البيجر بعناصر من “حزب الله”، في 17 أيلول/ سبتمبر، يستعد رئيس حزب “القوات اللبنانية”، الذي يُعتبر رأس حربة قوى المعارضة، للخروج عن صمته، في إطلالة إعلامية، مساء غد الإثنين، حيث من المقرر أن يطرح رؤيته السياسية لكيفية وضع حدّ نهائي للحرب، التي تتكرر كل 10 أو 15 سنة، وفي طليعتها القرار 1559، الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات، وحصر السلاح بيد الجيش والقوى الشرعية.

وكان جعجع ترأس في معراب لقاءً لممثلين عن قوى المعارضة، طُرحت خلاله خارطة طريق إنقاذية تحت عنوان “دفاعاً عن لبنان”، بعدما بلغت الحرب التي زُجّ فيها لبنان حداً كارثياً، كما ورد في نص الدعوة.

وافتتح اللقاء بكلمة وجدانية مقتضبة لرئيس “القوات”، طلب فيها الوقوف دقيقة صمت وصلاة على أرواح الضحايا الذين قضوا في الحرب الدائرة في لبنان، من أجل شفاء الجرحى والمصابين، وبلسمة عذابات النازحين والمنكوبين، ومن أجل الذين فقدوا أحباء، وأجبروا تحت وابل القصف على الانسلاخ عن بيوتهم وقراهم، ومن أجل طفولة أبناء لبنان وبناته، وحقهم في العيش في وطن يضمن حقوقهم، ومن أجل انتهاء الحرب ونزيف الدم وإحلال السلام، وقيام دولة، ومن أجل إنقاذ لبنان.

وعلى الرغم من غياب بعض الكتل النيابية التي تصنّف نفسها في خانة الوسط، أو التغيير، خوفاً مما قد يصدر عن “لقاء معراب” من مواقف عالية السقف قد تسبّب لها إحراجاً، إلا أن البيان الذي صدر، وشارك في صياغته ممثلون من مختلف التوجهات لم يخرج عن الخطوط العريضة لسياسة المعارضة، ولو أنه سمّى بشكل خاص ضرورة تطبيق القرار 1559، وتعهد رئيس الجمهورية المقبل بتطبيقه.

توقّفَ جعجع عند “غياب أي تحركات مساندة للبنان في أوروبا، خلافاً لما كان عليه الوضع في غزة”، ملاحظاً أنه “حتى بشار الأسد لم يقل كلمة”

وجاء البيان معبّراً عن الثوابت التي تجمع معراب بمعظم من تغيّبوا، وقد شارك في صياغة البيان نائب رئيس حزب “القوات” النائب جورج عدوان، عضو كتلة “تجدّد” النائب أشرف ريفي، مستشار رئيس “حزب الكتائب” الوزير السابق إيلي ماروني، العميد المتقاعد خالد حماده، والصحافي أحمد عياش.

عتب على الغياب

وبحسب معلومات “القدس العربي”، استهل جعجع المناقشات بكلمة لم تخلُ من العتب على غياب بعض الكتل النيابية بسبب “بعض الحساسيات”. وقال: “في الوقت الذي نفكّر فيه في كيفية الخروج من جهنم نتأسف أن البعض يتعاطى على طريقة فيلمون وهبة، الذي قال في إحدى المسرحيات: “مين طلع على الدرجة، مين نزل عن الدرجة” وليش هيدي هيك وهيدي هيك؟”.

وعرَضَ جعجع لما ورد في بعض الصحف حول اعتذار كتلٍ عن الحضور بسبب انعقاد اللقاء في معراب، فقال: “ليش معراب؟ لأنو صاقبت هيك لسبب بسيط، وكل طرف موقعه منه وفيه، فالرئيس ميشال عون عمل رئيس 6 سنوات، فما هو حجمه وموقعه اليوم؟ كل شخص منا قيمته منه وفيه”.

وتوجّه إلى الموجودين في القاعة من مختلف الأحزاب بالقول: “يمكنكم أن تناموا وضميركم مرتاح، لأنه لم يمرّ يوم إلا ما كنّا نحذّر مما نعيشه حالياً، وكان واضحاً لدينا أن الأمور ستصل إلى هذه المرحلة، فيما هناك فئة مازالت إلى الآن تهلل وتشجّع “المقاومة”، وفئة أخرى تفتّش عن مكاسب صغيرة، أما نحن الذين نجتمع في هذه الصالة لم نبحث عن مكاسب، ولم نعمل حسابات سياسية”.

واستهجن جعجع حديث “الممانعة” عن أن اجتماع معراب يُعقَد للمطالبة بالقرار 1559 لأن الأمريكيين والسعوديين قالوا لهم ذلك، وقال: “ما هو طرحنا السياسي منذ 15 سنة؟ ألم يكن هذا طرحنا أصلاً حول بناء دولة؟ ربما لأنهم معتادون، منذ أيام الوصاية السورية، ألا يفعلوا شيئاً إلا بطلب من سوريا، ويعتقدون أن كل الناس مثلهم”.

 وقال: “الآن وصلنا إلى هنا، طبعاً خلافاً لما يعتقد البعض لن نتشفّى من أحد، بل نتألم مع المتألمين. لن أسأل عن يللي “مصورخين وماشيين”، هؤلاء لا حول ولا قوة إلا بالله، وقد سمعت بالأمس محمد عفيف عن أن “حزب الله” أمة، والأمة لا تنتهي. يمكنه قول ما يشاء، إنما هناك وقائع على الأرض تثبت العكس”.

وتوقّفَ رئيس “القوات” عند “غياب أي تحركات مساندة للبنان في أوروبا، خلافاً لما كان عليه الوضع في غزة”، ملاحظاً أنه “حتى بشار الأسد، الذي هم أنقذوه، لم يقل كلمة،

وهذا يعني أن الخارج يدرك الوضعية الشاذة في لبنان”. ولم يوفّر جعجع المنظومة الحاكمة التي “لم تعد لها أي مصداقية”، ساخراً “من المزايدات والشعارات حول المقاومة”، وقال: “نحن في ظروف استثنائية تتطلب حلولاً استثنائية، ولا يمكن علاجها بحبة بندول، وللأسف ميزان القوى طبش، والإسرائيليون مكملون وتقع الخسائر علينا”.

سبب حلّ “القوات”

ورأى جعجع “أن السبب الرئيسي لحل “القوات” سنة 1994 هو مطالبتنا بعد اتفاق الطائف بحلّ كل الميليشيات، وأول ميليشيات تم حلّها هي “القوات” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، ولكنهم توقّفوا عند “حزب الله”، ولم يكن يومها بهذه الوضعية، وقد اشتغلت ثلاث دول، على مدى عشرات السنين، حتى أصبح الحزب هكذا، هي سوريا وإيران، ومن صادروا قرار الدولة في لبنان، وعندما رأينا هذا الوضع بدأنا بالاعتراض، وأتذكّر أن الرئيس رفيق الحريري قال لي مرة: “شو بدك بحزب الله يا سمير؟ ما تجيب سيرتو لأنه خط أحمر عند السوريين”، ولكني قلت له: “إما أن نقوم بشيء مثل الخلق أو لا”، فأجابني الشيخ رفيق: “لنركّز الآن على الإنماء والإعمار، وعندما تصبح الظروف ملائمة منشوف شو منعمل”، ولكني قلت: “إذا السياسة ما ضبطت لا تعتقد أن الإنماء سيضبط”.

وشدّد جعجع على تطبيق القرار 1559 لأن البعض يأخذ القرار 1701 على أنه كناية فقط عن انسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني. واذا تم ذلك نكون أجّلنا الوضعية الحالية لانفجار ما بعد بضع سنوات، وتكون الدولة اللبنانية على الدنيا السلام.

بعد جعجع، تحدث اللواء أشرف ريفي معوّلاً على رحابة صدر رئيس “القوات” تجاه من غابوا عن اللقاء وضرورة استيعابهم. ودافع رئيس “حركة التغيير” عن لقاء المعارضة في معراب، الذي يحمل شعار الدفاع عن لبنان، وانتقد من انكفأوا عن المشاركة.

 ونوّه الصحافي أحمد عياش “بالدعوة إلى لقاء معراب التي لها محلها من الإعراب”، وكانت مداخلة نارية للدكتور علي خليفة ضد الثنائي الشيعي.

وقال زاهر عيدو، نجل النائب وليد عيدو، الذي اغتيل في بيروت، إنه “في معراب يعتبر نفسه في بيته، ودعا إلى خارطة طريق واضحة للحل”.

 ودان المحامي مجد حرب التعرّض للحريات العامة والإعلامية من خلال مجموعة من القضاة.

شدّد جعجع على تطبيق القرار 1559 لأن البعض يأخذ القرار 1701 على أنه كناية فقط عن انسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني. واذا تم ذلك نكون أجّلنا الوضعية الحالية لانفجار بعد بضع سنوات

وطالب آخرون ببيان عالي السقف، حيث لا يجرؤ الآخرون.

البيان الختامي

أما البيان الختامي، الذي تلاه جعجع، فخلا من أي ذِكر لـ “حزب الله” بالمباشر، ومما جاء فيه: “لبنان اليوم كسفينة تغرق، لا ربّان لها، ولا دفّة. وفي ظلِّ هذا الوضع المأساوي، يثابر البعض على طروحاته وكأن شيئاً لم يكن، ما يتطلب مقاربة تقدم الحلول المستدامة والجذرية، فتَراكم أنصاف الحلول لم يؤدِّ سوى إلى الانهيارات والحروب”.

 مشدداً على أنه “لا بد من استعادة هذه الدولة، بعد تفكّك الكيان، وانهيار الهيكل على رؤوس الجميع، واستمرار حروب مدمرة بسبب الهيمنة والسلاح والفساد، وسيطرة قوى خارجية على قرار الحرب في لبنان، وتدخلها المباشر، المرفوض، عبر إدارة مباشرة للأعمال العسكرية استخدمت جزءاً من الشعب اللبناني في حروبها إما كأدوات قتالية أو كدروع بشرية”.

وقال: “أمام كل ما يعيشه الشعب اللبناني من قلق وخوف على المصير، في وطن منكوب ودولة غير موجودة، كان لا بدّ من “لقاء وموقف ومبادرة”، نحدّد من خلالها خارطة طريق، استكمالاً لمواقف سابقة لجميع قوى المعارضة، وذلك لوقف النزيف والمعاناة على المستويات كافة. فالحاجة الملحة تستدعي أولاً، وبصورة رئيسة، وقبل أي شيء آخر، التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، الأمر الذي يضع حدًا أولياً للكارثة التي يعيشها شعبنا”.

وبعدما لفت “إلى السياسة العدوانية الإسرائيلية، وإلى فقدان ثقة المجتمع الدولي والعربي بالمنظومة الحاكمة اليوم، التي تتربص بالسلطة، من دون أن تحرّك ساكناً لإنقاذ لبنان من محنته”، أكد أنه “بغياب مبادرات دولية جدية، لم يبق لنا، للتوصل إلى وقف إطلاق النار إلا الذهاب لانتخاب رئيس للجمهورية: رئيس يطبق الدستور، ويحترم القوانين المرعية الإجراء، رئيس ذي صدقية، يتعهد مسبقاً بشكل واضح وجلّي بتطبيق القرارات الدولية، خصوصاً القرارات 1559، 1680 و1701 وفقاً لجميع مندرجاتها، وبنود اتفاق الطائف ذات الصلة، رئيس يتعهد بشكل واضح وصريح بأن القرار الإستراتيجي لن يكون إلا للدولة، وللدولة وحدها فقط، رئيس يتعهد بإعطاء الجيش اللبناني الصلاحيات اللازمة كلّها لعدم ترك أي سلاح أو تنظيمات أمنية خارج الدولة، رئيس خارج الممارسات السياسية الفاشلة كلها التي عرفناها، ومشهود له بنظافة الكف، والاستقامة، والأخلاق العالية والوطنية، على أن يتبع انتخاب الرئيس فوراً استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس للحكومة، وتشكيل حكومة على الأسس السيادية عينها المنوّه بها أعلاه، وهذا كلّه لا يعني أن فريقاً سيكون غالباً وآخر مغلوباً، لا بل سيكون لبنان هو المنتصر لمصلحة شعبه كله وأمنه واستقراره وازدهاره”.

ستريدا جعجع

 وقبيل إطلالة زوجها، مساء الإثنين، وجّهت النائبة ستريدا جعجع كتاباً إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري “ليتخّذ موقفاً تاريخياً على خطى كبارٍ من الطائفة الشيعية الكريمة، أمثال الإمام المغيب السيد موسى الصدر، والرئيس السابق للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله، موقفاً استثنائياً إنقاذياً جريئاً، ينتشل أهلنا من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة من قلب النكبة، ومن عمق المعاناة العصيبة التي يمرون فيها”.

وقالت: “نحن لبعضنا البعض، تعالوا نلتقي على قاعدة لبنان الميثاقية والذهبية الحقة، قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، قاعدة أساسها الدولة الضامنة للجميع، والحامية للجميع أيضاً.

فقد ثبت أن من قاتل في سبيله “حزب الله”، ودفع بالمئات من شبابه إلى الموت، بغية بقاء نظامه، تركه عند أول الطريق، ومن دون أي مساندة، لا بل حتى لم يكلّف نفسه عناء موقف أو بيان أو حتى كلمة واحدة، وأقصد بشار الأسد.

والأمور لم تقف عند هذا الحد أبداً، وإنما وصل الأمر بأخيه ماهر الأسد إلى اتخاذ قرار بعدم إيواء أي عنصر من عناصر “حزب الله” خوفاً من الاستهداف. إنني آتي على ذكر هذا الأمر، لأنه إن دلّ على شيء، فعلى أن الأسد استعمل شباب شيعة لبنان وقوداً لحماية نظامه، وعندما دقّ نفير الحرب، وأصبحوا في حاجة لمساندته، بادل الشهادة والتضحية بالالتفات إلى مصالحه، وتخلّى عنهم غير آبه بأتون النار الذي يتخبطون فيه”.

ستريدا جعجع: وصل الأمر بماهر الأسد إلى اتخاذ قرار بعدم إيواء أي عنصر من عناصر “حزب الله” خوفاً من الاستهداف

وأضافت: “أما إيران، يا دولة الرئيس، فأنتم تعرفون خير المعرفة، أن جلّ ما تقوم به هو متابعة أحداث وتطورات المحرقة المستعرة في لبنان، ملتزمة بُعد المسافة الضروري للحفاظ على مصالحها، على الرغم من أن القاصي والداني يدركان أنها تقف وراء ما يحصل، ليس بالتوجيه والتمني، وإنما بالتكليف، وإن حركت ساكناً بين الحين والآخر، فلحفظ ماء الوجه، ولا يتعدى الاستنكار اللفظي، أو عند الحرج الكبير، فيأتي ردّ شكلي مسبق التبليغ والتنسيق، ولا تخجل أو تتورع أبداً عن الاستمرار بالتحريض العلني، والتكليف الضمني، إلى استمرار القتال، حتى آخر شاب شيعي لبناني، وكأن خيرة شبابنا لا يُعتبرون عندها إلا كونهم وقوداً لمعاركها، فيما شبابها ومواطنوها ينعمون بالأمن والاستقرار”.

وختمت ستريدا جعجع: “يا دولة الرئيس، تستحضرني مواقف للإمام محمد مهدي شمس الدين، والتي تشكّل عصارة فكره وتجربته علّها تكون المنارة للمستقبل الذي تتمناه الطائفة الشيعية الكريمة وجميع اللبنانيين، حيث قال: “أوصي أبنائي وإخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم. وألا يميّزوا أنفسهم بأي تمييز خاص، وألا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً يميزهم عن غيرهم. وأوصيهم بألا ينجرّوا، وألا يندفعوا وراء كل دعوة تريد أن تميّزهم تحت أي ستار من العناوين، من قبيل إنصافهم ورفع الظلامة عنهم، ومن قبيل كونهم أقلية من الأقليات لها حقوق غير تلك الحقوق التي تتمتع بها سائر الأقليات. إن مثل هذه الدعوات كانت، ولا تزال، شراً مطلقاً، لم تعد عليهم إلا بالضرر، ولن تعود على المجتمع بأي نفع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية