بغداد ـ «القدس العربي»: من المقرر أن يعقد مجلس النواب العراقي، اليوم الإثنين، جلسته لاختيار رئيس جديد للجمهورية، وفيما تعمّق الخلاف السياسي بشأن المرشحين الأبرز للمنصب هوشيار زيباري، وبرهم صالح، عقب قرار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عدم مشاركة أعضاء كتلته (أكثر من 70 نائباً) في الجلسة، قررت المحكمة الاتحادية «إيقاف» إجراءات انتخاب زيباري.
وجاء قرار المحكمة الاتحادية، أمس، على خلفية دعوى تقدم بها أربعة نواب (علي تركي جسوم، وديلان غفور صالح، وكاروان علي يارويس، وكريم شكور محمد) الخميس الماضي، أشاروا فيها إلى أن ترشيح، زيباري «يخالف أحكام الدستور».
وحسب، النواب، زيباري «لا تتوفر فيه الشروط الدستورية للترشح للمنصب نتيجة إقالته من وزارة المالية عام 2016 للاشتباه بتورطه في ملفات تتعلق بالنزاهة».
وقالت المحكمة الاتحادية، إنها «قررت إيقاف إجراءات انتخاب (هوشیار محمود محمد زيباري) لمنصب رئيس الجمهورية مؤقتاً لحين حسم الدعوی».
وقال زیباري في تدوينة على «فيسبوك» «نحترم قرار المحكمة الاتحادية بالايقاف المؤقت لترشيحنا لحين حسم الدعوى المقامة من قبل بعض المتشبثين بأيام ما قبل الإصلاح».
وأضاف، «ونثق أن يؤكد القضاء ما أكدته مؤسسات الدولة سلفا من استيفائنا لشروط الترشح، وإن ما يشاع لا يعدو أن يكون أنينا من أجل مزيد من التشبث بالسلطة».
حل دستوري
في الأثناء، اقترح النائب المستقل، باسم خشّان، إجراء انتخابات تشريعية جديدة، لتجنّب «الفراغ الدستوري». وزاد في توضيح له أمس، إن «الحل الدستوري النووي. قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (51/اتحادية/2010) الذي أجاز استمرار رئيس الجمهورية في ممارسة مهامه لحين انتخاب رئيس جديد، في ملتي واعتقادي، غير صحيح، لأن الثلث المعطل قد يعطل انتخابه لأربع سنوات، وهذا ممكن جدا الآن أو في المستقبل».
وتساءل: «هل يستمر الرئيس والحكومة لأربع سنوات أخرى؟» وتابع: «نص الدستور على أن يستمر رئيس الجمهورية في ممارسة مهامه على أن ينتخب الرئيس الجديد خلال ثلاثين يوما من تاريخ أول انعقاد للمجلس، وحيث أن هذه المدة حتمية، ولا يجوز تجاوزها، وحيث أن شرعنة تجاوز هذه المدة الحتمية دون قيد، يعني بالضرورة استمرار جواز استمرار الرئيس والحكومة المنتهية صلاحياتها إلى نهاية الدورة الانتخابية، وحيث إن ذلك يتنافى مع مبادئ الديمقراطية، فإن عدم انتخاب الرئيس خلال المدة التي حددها الدستور، يلزم بإجراء انتخابات مبكرة خلال 60 يوما من تاريخ آخر موعد لانتخاب الرئيس».
واعتبر أن هذا هو «الحل النووي الذي يجبر الكتل المتنافسة على الالتزام بهذه المدة الحتمية، وعدا ذلك سيبقى البلد أسيرا للثلث الذي له مصلحة في استمرار الرئيس والحكومة المنتهية صلاحيتها».
وزاد أن «الحل الدستوري النووي هو الانتخابات المبكرة التي ربما ستعاقب نتائجها من يعطلون انتخاب الرئيس لأسباب غير موضوعية، أو يكافئهم إذا كانت أسبابهم تتوافق مع إرادة الشعب، وإلا سيبقى العراق أسيرا لأهواء ورغبات كتل لا تفكر في غير مصالحها الحزبية».
وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد دعا نواب كتلته إلى «عدم التصويت» لمرشح حزب مسعود بارزاني لمنصب رئيس الجمهورية، إذا لم يكن مستوفياً للشروط.
الصدر، قال في «تغريدة» على «تويتر»: إنه إذا لم يكُ مرشح الحزب الديمقراطي الحليف -بل مطلقاً- لرئاسة الجمهورية مستوفياً للشروط. فأدعو نواب الإصلاح لعدم التصويت له».
وأكد: «نحن دعاة إصلاح، لا دعاة سلطة وحكم».
على إثر موقف الصدر، قررت الكتلة الصدرية، مقاطعة جلسة مجلس النواب المقرر اليوم.
المحكمة الاتحادية تقصي زيباري من سباق الترشح مؤقتاً
وقال رئيس الكتلة، حسن العذاري، خلال مؤتمر صحافي عقده داخل مبنى البرلمان، إن «بأمر من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قررت الكتلة الصدرية تجميد المفاوضات مع جميع الكتل السياسية بخصوص تشكيل الحكومة وعدم حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية».
وأضاف أن «الصدر وجّه أيضا أعضاء الكتلة الصدرية بعدم حضور جلسة مجلس النواب الخاصة باختيار رئيس الجمهورية باستثناء النائب الأول».
فتح باب الحوار
وعلق عضو حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» طارق جوهر، بشأن مقاطعة الكتلة الصدرية لجلسة اختيار رئيس الجمهورية، قائلاً: «مقاطعة التيار الصدري للجلسة وتعليق المفاوضات السياسية، فتح الباب أمام الحوار الجدي بين القوى الرئيسية سواء في البيت الكردي والإطار والتيار الصدري، لكي يكون هناك نوع من التفاهم قبل الإقدام على الجلسة، لأن المحكمة الاتحادية حسمت موضوع الجلسة بوجود ثلثي أعضاء البرلمان لتمرير رئيس الجمهورية، وهذا خلق جواً جديداً وفتح باباً جديداً للعملية السياسية».
وأضاف: «الاتحاد الوطني متمسك بمرشحه (في إشارة إلى التجديد لبرهم صالح) وهناك 24 مرشحاً آخر يتنافسون على منصب رئيس الجمهورية».
وبين، أن «تغريدة الصدر كانت واضحة في مسألة رئيس الجمهورية، واعتقد حظوظ الاتحاد ما زالت قائمة للفوز بمنصب رئيس الجمهورية سواء في الجولة الأولى أو الثانية، وعلى ما يبدو سوف لن يفوز أي المرشحين خلال الجولة الأولى من التصويت».
وأشار إلى أن «الكرة الآن خرجت من ملعب القوى الكردستانية، وأصبح جزء منها في ملعب القوى الشيعية والسنية، ودون وجود توافق بين الإطار والتيار فيما يتعلق برئيس الحكومة لا أتصور أن سيكون هناك أمل بانعقاد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية».
في حين، اعتبر النائب السابق فائق الشيخ علي، عدم حضور نواب الكتلة الصدرية إلى جلسة انتخاب الرئيس، بمثابة «اختبار للقوى السياسية».
وقال في «تدوينة» له، إن «في حال عدم حضور نواب التيار الصدري لجلسة مجلس النواب يوم الإثنين (اليوم) سيكون اختباراً حقيقياً لطرفين: الأول؛ الأكراد والسُنَّة حلفاء الصدر إن حضروا، أو لم يحضروا، والثاني؛ الإطار التنسيقي إن استطاع أن يحشِّد لحضور الجلسة الثلثين، أو أكثر وانتخاب رئيس الجمهورية من دون نواب التيار الصدري!».
وعلى الرغم من ذلك، أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، أن «التحالف الاستراتيجي» متماسك وماضٍ نحو حكومة الأغلبية الوطنية.
وقال مكتب الصدر في بيان، إن الأخير «أجرى اتصالاً هاتفيًا بمسعود بارزاني (مساء أول أمس) وجرى خلال الاتصال، التأكيد على أن التحالف الاستراتيجي متماسك وماضٍ في الإسراع بتشكيل حكومة الاغلبية الوطنية للقيام بواجباتها تجاه ابناء الشعب العراقي وتلبية تطلعاته والحفاظ على مصالحه العليا وترسيخ دعائم الاستقرار والرفاهية».
تحذير
في المقابل، حذّرت «كتائب حزب الله» في العراق، من اختزال المكوّن الشيعي بطرفٍ واحد، لم تسمّه.
وقالت «الكتائب» في بيان صحافي، إن «سوء التدبير السياسي وانعكاسه على استحقاق المكون الأكبر في مجلس النواب والحكومة ينبغي أن يُصحّح في اتجاه من يمثله حصراً».
وأضافت أن «من غير المقبول أن يمنح لأفراد من فرقة ما أو طائفة لا مؤهل لها سوى امتهان الخداع، والغش، والتزوير».
وتوعدت الكتائب قائلة: «هؤلاء يجب أن يدركوا أن الصحراء أو المضافات أو القصور لن تحميهم من بطش الشعب إذا ما أراد حسم الأمور لصالحه؛ لذا عليهم أن يسارعوا إلى إظهار الندم، ويعودوا إلى حيث يجب أن يكونوا».
وتابعت أن «من يسكت عن ظلم أبناء الوطن والأمة ليس مؤهلا أن يتصدى للمسؤولية».
حوار وطني
الاضطراب السياسي الذي يعاني منه العراق منذ إعلان نتائج انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ينذر بذهاب البلد المُثقل بالأزمات إلى «منعطفٍ خطير» يستوجب «حواراً وطنياً شاملاً» يضم الجميع، وفقاً لزعيم ائتلاف «الوطنية» إياد علاوي.
وقال، في بيان صحافي، إن «التزام التهدئة والابتعاد عن التصريحات الاعلامية التي تُربك الاوضاع وتزيدها تعقيدًا أمر ضروري» مضيفاً ان «العراق يمر بمنعطفٍ خطير للغاية يوشك أن يدخله في فراغ دستوري بعد دعوات المقاطعة والخلاف حول الأسماء والمناصب».
وجدد علاوي، الدعوة «للجلوس حول طاولة حوارٍ وطنية سريعاً جداً وبعيدًا عن منطق الرفض والفرض» مؤكداً «لربما تكون فرصة أخيرة لعبور هذه الأزمة».
ودعا زعيم ائتلاف «الوطنية» القادة إلى «تحمل مسؤولياتهم بهذا الصدد وتدارك الأمور قبل الوصول إلى مرحلة اللاعودة، حيث الجميع فيها خاسر».
كذلك، أكد النائب عن ائتلاف «دولة القانون» جواد البولاني، أن القوى السياسية تتجاهل تعديل بنود الدستور، فيما أشار إلى أن الأمر الأخطر هو غياب الاتفاق السياسي على تشكيل الحكومة المقبلة.
وقال البولاني في «تغريدة» عبر «تويتر» إن «الدستور العراقي حمال أوجه، وكثير من بنوده تحتاج الى تعديل، هذه مسؤولية تتجاهلها القوى السياسية، وهذا سبب الفراغ الدستوري الذي بات عقبة تواجه تداول السلطة».
وأضاف: «الأخطر هو غياب الاتفاق السياسي على تشكيل الحكومة المقبلة».
ممثلو حراك تشرين يضعون 13 شرطاً للتصويت
قدمت حركة «امتداد» المنبثقة عن الحراك الاحتجاجي، ثلاثة عشر مطلباً للكتل مقابل التصويت على مرشح رئيس الجمهورية، فيما تصدّرت «محاسبة قتلة المتظاهرين» قائمة الشروط.
وقالت في بيان صحافي، «أبناء بلدنا الغالي، إننا ومن منطلق المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا ولكوننا جميعاً شركاء في هذه المسؤولية، فإننا نعرض على حضراتكم الاستفتاء على عدة مطالب مهمة وتمس حياة المواطن وتناغم تطلعاته لتكون شروطنا للتصويت في الجولة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية، بعد أن نكون قد قدمنا مرشح تحالف (من أجل الشعب) في الجولة الأولى وتكون هذه المطالب موجهة إلى الكتلة أو الكتل التي تتبنى مرشح رئاسة الجمهورية في الجولة الثانية».
وتضمّنت الشروط «محاسبة مرتكبي المجازر الدموية بحق شباب تشرين (مجزرة السنك، مجزرة ساحة ثورة العشرين، مجزرة ساحة الصدرين، مجزرة ساحة الطيران وباقي المجازر الأخرى) وعلى رأسها مجزرة جسر الزيتون والمتهمين بتنفيذها (جميل الشمري، عادل الدخيلي، عمر نزار.. ألخ)».
ودعت الحركة، إلى «الكشف عن المختطفين والمغيبين ومتابعة هذا الملف بصورة جدية ومنهم: سجاد العراقي، فرج البدري، واعي الجبوري علي جاسب، جلال الشحماني، وإطلاق عفو عام وعفو خاص عن المتظاهرين المحكومين بقضايا غير جنائية، وإيجاد الحلول الحقيقية والفاعلة لملف النازحين وإنهاء معاناتهم وتوفير فرص العمل الملائمة لهم، والسعي إلى تخفيض أسعار النفط ومشتقاته للمواطنين في عموم البلد وفي إقليم كردستان العراق، خاصة بسبب الظروف الجوية الصعبة». وشددت على أهمية «تخفيض سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي وفق آلية اقتصادية مدروسة، ودعم السلع المنتجة محلياً مقابل السلع المستوردة، وتبني إنجاز مشروع الفاو (ميناء في البصرة) خلال مدة أقصاها سنتان والجدية في مراجعة مراحل العمل فيه للفترة الماضية».
وحثّ بيان الحركة على ضرورة «تفعيل قانون الإدعاء العام، وتطبيق قانون الأحزاب وعدم السماح لأي حزب يمتلك جناحا مسلحا بالاشتراك في الانتخابات وسحب إجازته».
وأكدت على «تشريع قانون حق الحصول على المعلومة، وإلغاء القوانين التي تحد من حرية التعبير عن الرأي وانتقاد رموز السلطة وغيرها والمرتبطة بالقوانين الصادرة من مجلس قيادة الثورة المنحل واستبدالها بقوانين داعمة للحرية (المقصلة التشريعية)».
ودعت أيضاً إلى «وضع برنامج واضح وبأدوات ناجحة وتخصيص مالي لإيجاد فرص عمل وتشغيل العاطلين في القطاع العام والخاص، وضمان استقلالية الهيئات المستقلة عن طريق إيجاد آلية جديدة لانتخاب شخوصها، وإبعاد أي تدخلات حزبية أو محاصصاتية في تشكيلها، مع توسيع الصلاحيات للرقابية منها كهيئة النزاهة».