بغداد ـ «القدس العربي»: يعقد مجلس النواب العراقي، جلسة للتصويت على مرشح رئاسة الجمهورية، غدا الخميس، وسط استمرار الخلاف الكردي ـ الكردي على تحديد المرشح للمنصب، فيما يتمسّك حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، بالتجديد لرئيس الجمهورية الحالي برهم صالح.
وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان أن «رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي يعلن عن جلسة يوم الخميس الموافق 13 تشرين الأول/ أكتوبر» وأن جدول الأعمال، سيكون «من فقرة واحدة وهي انتخاب رئيس الجمهورية».
وأجرى العراق انتخابات تشريعية مبكرة في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي خرجت رفضا لفساد الطبقة السياسية وتدهور البنية التحتية في خريف العام 2019.
لكن بعد عام على ذلك، فشلت أطراف الأزمة في التوصل لاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتسمية رئيس جديد للوزراء. وشهدت الأشهر الأخيرة تصعيداً وتظاهرات وأعمال عنف.
وفي حال لم يتوصل الحزبان الكرديان لمرشحٍ وحيد للمنصب، سيصار إلى دخولهما الجلسة بمرشحين اثنين، وهو ما يصبّ في صالح «الاتحاد» على حساب غريمه «الديمقراطي».
ورأى الباحث في معهد «سانتشوري انترناشونال» سجاد جياد أنه «من المرجح أن يتحقق النصاب في البرلمان لهذه الجلسة»، وهو 220 نائباً من أصل 329.
وتساءل «هل سينجح الإطار التنسيقي في إقناع الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بالتوافق؟ هل سيكون هناك مرشح واحد؟ هل سيكون صالح أم مرشحان، أم مرشح آخر يدعمه الحزب الديمقراطي الكردستاني؟».
أما المحلل السياسي العراقي علي البيدر، فقد توقع أن يتفق الطرفان على مرشح توافقي هو عبد اللطيف رشيد من الاتحاد الوطني الكردستاني والوزير السابق للموارد المائية.
وزاد «يبدو أن هناك تحركا عجولا من قبل قوى الإطار التنسيقي لإنهاء هذه الأزمة والتمسك بالسلطة».
ويبقى معرفة موقف الصدر تجاه هذه الخطوات. ورأى جياد أن «الصدريين لن يكونوا سعداء»، في حال نجح خصومهم بتشكيل حكومة، لكنهم سوف يسعون إلى أن «لا تؤدي هيمنة الإطار التنسيقي على البرلمان إلى تغيير قانون الانتخابات بما يضرّ مصلحتهم وإلى استبعادهم من مناصب مهمة في الحكومة».
وتوقّع أن يشجّع الصدريون تنظيم «تظاهرات وأن يبدأوا الاستعداد لانتخابات جديدة».
فيما تحدث البيدر عن سيناريوهين، الأوّل هو موافقة ضمنية من الصدريين تضمن لهم «عدداً من الوزارات بما فيها وزارتان سياديتان»، مرجحاً أن يكون هذا الخيار هو الأقرب إلى الواقع، أما الخيار الآخر فهو «التصعيد».
ويأتي التحرّك البرلماني الرامي لاستكمال إجراءات اختيار رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الوزراء، عقب زيارة وفد ائتلاف «إدارة الدولة»، يضم الحلبوسي، وزعيم تحالف «السيادة» السنّي، خميس الخنجر، ورئيس حركة «عطاء»، فالح الفياض، ومرشح «الإطار» لرئاسة الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى أربيل، ولقاء زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني.
الوصول إلى حلول
وحسب بيان لمكتب بارزاني، فإن اللقاء تضمّن مناقشة «الوضع السياسي في العراق والمسيرة التفاوضية لعقد جلسة البرلمان المقبلة واختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الاتحادية»، مؤكداً أن المجتمعين اتفقوا على «دراسة هذه القضايا الحساسة والوصول إلى حلول قبل عقد الجلسة المعنية».
ولا يزال الخلاف قائماً بين «الديمقراطي» و«الاتحاد» بشأن تحديد مرشح المنصب الرئاسي.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم الاتحاد، سوران جمال طاهر، تمسك حزبه بمنصب رئيس الجمهورية، وفيما عبر عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع الحزب الديمقراطي، أكد الاستعداد لتكرار سيناريو 2018 وحسم المنصب بالتصويت البرلماني.
«الاتحاد» يتمسك بالمنصب: مستعدون لسيناريو 2018
وقال، في تصريح أوردته مواقع إخبارية كرديّة، إن »الاتحاد الوطني كان دائما يعمل لتهيئة أرضية الحوار لحسم القضايا الوطنية القومية المتعلقة بإقليم كردستان والعراق»، مشيراً إلى أن «الأغلبية والأقلية لم تكن فيصلاً في حسم استحقاقات الكرد في العملية السياسية بالعراق».
ورأى أن «العودة إلى برلمان كردستان لحسم مرشحي المناصب التي ستؤول إلى الكرد في بغداد، لم تتبع سابقاً حتى يتم اعتمادها الآن، لذا، فإن أفضل الحلول يكمن في الاتفاق على منصب رئيس الجمهورية بين الحزبين، وأن يحتفظ الاتحاد الوطني بالمنصب للدورة المقبلة».
وأشار إلى أن لدى حزبه من المقاعد التي تضمن بقاء منصب رئيس الجمهورية بحوزته، لافتا إلى أن «بقاء المنصب لدى الاتحاد الوطني يضمن وحدة الصف والموقف الكردي، والعمل والتنسيق المشترك بين الاتحاد والديمقراطي».
سيناريو عام 2018
وأكد أن «الاتحاد الوطني يسعى بكل السبل للتوصل إلى اتفاق مع الديمقراطي، ولم يسعى لإيجاد بدائل»، منوهاً إلى إنه «في حال عدم التوصل إلى اتفاق، فإن ذلك، سيخلق حالة من عدم الرضى، وسوف نكون حينها مضطرين لإعادة سيناريو عام 2018، وأن يذهب كل حزب بمرشحه إلى مجلس النواب، ونحن مستعدون للقبول بنتائجه أيا كانت»، مستبعدا أن يتسبب حسم منصب رئيس الجمهورية »في تدهور العلاقة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي».
أما القيادي في الاتحاد، شيرزاد صمد، فأشار إلى أن وفد ائتلاف «إدارة الدولة»، أبلغ بارزاني تمسك الاتحاد بمرشحهم برهم صالح، معتبراً الزيارة أنها تمثل «نهاية فعلية للتحالف الثلاثي» الذي يضم «الديمقراطي» و«السيادة» و«التيار الصدري». وأضاف، في تصريح لمواقع إخبارية تابعة لـ«الإطار التنسيقي»: «سيتم حسم ملف رئاسة الجمهورية نهاية الأسبوع، وأن الوفد أبلغ بارزاني أنه إذا لم يتنازل عن مرشحه سيدخلون بمرشحين إثنين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية».
وأشار إلى أن «مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وفالح الفياض بزيارتهم أثبتوا خريطة التحالفات السياسية».
وبين أن «المعلومات المسربة أفادت بإبلاغ الأطراف بضرورة حضور كتلة الحزب الديمقراطي لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية إلا أنهم رفضوا الحضور، وسيكون عقد الجلسة وفقا لـ170 نائبا قدموا تواقيعهم لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية»، لافتا إلى «حضور كتلة الحلبوسي، وسيكتمل عندها النصاب ويحسم المنصب لصالح مرشح الاتحاد الكردستاني برهم صالح».
وفي العاصمة الاتحادية بغداد، بحث رئيس تحالف «الفراتين»، مرشح «الإطار التنسيقي» لرئاسة الوزراء، محمد شياع السوداني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، آخر التطورات السياسية وخطوات تشكيل الحكومة الجديدة.
وذكر بيان لمكتب طالباني أنه بحث مع السوداني «آخر التطورات السياسية وخطوات تشكيل الحكومة الجديدة وإنهاء الانسداد السياسي في العراق».
وأضاف: «شدد الجانبان على توحيد الجهود الوطنية من أجل تشكيل حكومة قوية وخدمية تكون حامية لحقوق الجميع».
وأوضح طالباني، وفقاً للبيان، «رؤية الاتحاد الوطني حول حكم وإدارة البلاد قائلا: إن مساعينا هي من أجل إنجاح العملية السياسية وإدارة أفضل»، مضيفاً: «نريد أن تخدم الحكومة القادمة المواطنين أكثر ودون تمييز وتواجه الفساد واللاعدالة»، فيما طالب بتنفيذ «الحقوق الدستورية للكرد وعدم انتهاكها، لأننا لن نساوم على حقوق مواطنينا».
السوداني، أشاد بـ«دور الاتحاد وجهود طالباني لإنهاء التوتر والخلافات»، قائلاً: «إننا فرحون أن نهج الرئيس مام جلال لايزال حيا، وهو نهج يعمق روح الوئام والتعايش ويجعل من الحوار والتفاهم أساسا لحل المشكلات»، وفق البيان.
خطط تنموية
في الأثناء، دعا المكتب السياسي لـ«كتائب حزب الله» في العراق، القوى السياسية الفاعلة إلى تجاوز الخلافات التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي، وضرورة تحمل مسؤوليتها، وتغليب مصلحة العراق على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة.
وأكد، في بيان، أن «الشعب العراقي ينتظر من الحكومة الجديدة خططا تنموية واعدة لبناء عراق مقتدر، وحلولا ناجعة تعالج الخلل والفساد في مفاصل الدولة، ونهوضا بالواقع الخدمي المزري الذي لا يتناسب وحجم الوفرة المالية التي يتمتع بها البلد، لتفويت الفرصة على أعداء العراق والمتآمرين على أمنه واستقراره»، حسب البيان،
وأشار إلى أن «الهدف من إجراء الانتخابات المبكرة هو الانتقال بالعملية السياسية إلى مرحلة جديدة تأخذ القوى السياسية على عاتقها إجراء التغييرات الجدية في أداء مفاصل الدولة، وتلبية مطالب أبناء الشعب العراقي، وتحقيق آماله وتطلعاته بحياة حرة كريمة، أسوة بشعوب العالم».
واعتبر أن «ما جرى من عمليات التفاف على الاستحقاقات الانتخابية، مع ما رافقها من شبهات تزوير أدت إلى مصادرة إرادة الجماهير وحقوقهم، وأدخل العملية السياسية مرة أخرى في حالة من الانسداد الشديد، حتى مر عام كامل دون أن نشهد ولادة حكومة تأخذ على عاتقها إدارة شؤون البلد»، واصفا أداء حكومة تصريف الأعمال بـ«الهزيل والضعيف».
وتواجه القوى السياسية العراقية ضغطاً دولياً للإسراع بتشكيل الحكومة، بعد مرور عام على إجراء الانتخابات المبكّرة وتشكيل حكومة مصطفى الكاظمي.
وفي وقت سابق، دعت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، الأطراف السياسة إلى الحوار «دون شروط» مسبقة والاتفاق بشكل جماعي على النتائج الرئيسة من خلال تقديم تنازلات تعيد التأكيد احتياجات الشعب العراقي، وذلك بمناسبة مرور عام على الانتخابات المبكرة في العراق.