جماليات الصورة وأسرارها

احسان الجيزاني
حجم الخط
5

أكثر ما يجذبني كمصور هو لحظة دهشتي قبل إلتقاط الصورة، اللحظة التي تسلبني لثوان معدودة كياني وبعدي الزمني أمام وجه إنسان يسحرني. لحظة لا أصبر على اكتمالها، فألتقطها سريعا صورة، أكون بها في سعادة لا أجتزلها، فهي اكتشافي الكوني. الصورة أخذتني لعوالم عريضة أكتشفت معها الضوء والظل انهما فلسفة الين واليانغ، الضد الذي يلد ضده، انهما رؤية فنية أحادية الأسود والأبيض، ضمن تقسيمات هندسية تتلاعب بشكل بسيط للغاية ومعقد.

تصوير البورتريه

وهو من أكثر الأنواع أهمية وجاذبية. وهناك نوعان من التصوير الفوتوغرافي للبورتريه:
الأول: التصوير الخارجي يعتمد على الإضاءة الطبيعية أي مصدرها الشمس ويجب ان لا يكون الشخص المراد تصويره تحت الشمس مباشرتة لانها تترك ضلالا تحت العين والأنف والظل غير مرغوب به في عالم التصوير. أن أحسن الظروف الضوئية لهذا النوع من التصوير هو في الصباح أو في المساء لان الحرارة اللونية تكون ناعمة وغير حادة.
النوع الثاني: التصوير الداخلي يعتمد على الإضاءة الاصطناعية. وكانت لي تجارب في هذا النوع، ممتعة ومفيدة، أضافت لي كمصور الكثير من المهارات في كيفية التعامل مع الكادر، الذي تكون انت مصممه ومصوره في رؤية خاصة بمفاهيمك وأفكارك. الضوء داخل الاستوديو ومستويات حرارته يثير الفضول في اكتشاف جمالياته على الكادر ومن ثم في الصورة، الضوء وقتها يكون تحت سيطرتك وأنت تكون تحت تأثيره.

عوامل إنجاح البورتريه

-العيون، على المصور اختيار الأشخاص الذين يمتلكون عيونا مميزة بنظرتها، أو حجمها أو لونها الجاذب ومساحة بياض العين وحلقة عدسته الجاذبان للعدسة.
العين من أهم ما يميز البروتريه ويجذب الانتباه. هذا لا يعني تجاهل تفاصيل وتقسيمات في الوجه ككل تثير الجمالية في البورتريه مثلا التجاعيد، أنف كبير أو بالعكس وجه ضعيف وفم كبير واللحي والشارب وأحيانا رسوم التاتوه أو الحلى وألوان البشره أو المساحيق، كل هذه الأشياء تضيف طابعا جماليا مميزا للبورتريه.
-زاوية التصوير، وهو جانب مهم فالزاوية الصحيحة للوجه أو للبورتريه بمفهومه الفني هي سبب أساسي لنجاح الصورة. وهذا يعتمد كليا على رؤية المصور الفنية. مثلا من مفضلي المنظور أو الزاوية المباشرة. الزاوية التي تقسم الوجه إلى نصفين متساويين والأنف يكون مواجها لعدسة الكاميرا مباشرة. وهناك وجوه بصراحة تفرض عليك زاوية محددة بقوة مزاياها.
-خلفية الصورة وعمقها، يجب الانتباه إلى خلفيه الصورة بحيث تكون خالية من الزوائد تشتت أو تجذب بعيدا عن الكادر، لانها تؤثر على حركة عين المشاهد وتأخذ جزءا من موضوع الكادر المراد تصويره وتفقده خصوصية البورتريه. فحاول تلاشيه من خلال نقل الشخص أو الكادر المراد تصوير إلى مكان تكون خلفيته صافية أو تضيف جماليات ساكنة وعمق للصورة. وان صعب الأمر يمكن توجيه الكادر بزاوية تكون شوائب خلفيته تسهل على المصور فيما بعد إزالتها عن طريق الفوتوشوب أو أي برنامج آخر. تصوير الوجه يجب أن يكون بوضوح عال وخلفيته يجب أن تتلاشى كالحلم الذي يصعب ذكره، وتكون غير واضحة لتعطي عمقا وبعدا ثلاثيا للكادر.
-العدسة المثالية، هي (85ملم) وكل العدسات تستطيع ان تصور بها البورتريه حتى بعدسة الزاوية العريضة، وعلى المصور المحترف ان لا يلتزم بهذه القواعد لانها نسبية، يمكنك التلاعب بيها واكتشاف الجديد من القوانين والقواعد بإبداعك الخاص. ان قواعد البورتريه اليوم مختلفة عن قبل خمسين عاما، كان البورتريه يظهر الرأس باكملة وترك فراغ واسع حوله، أما اليوم فهو مختلف تماما. تستطيع مثلا قطع جزء من الرأس في الصورة، وهذا يدل ان جميع القوانين نسبية ولك الحق في التغير.
-اعدادات الكاميرا، تتغير حسب المكان والمناخ. هنا أحببت ان أعطي ملاحظة بسيطة للذين يستخدمون اعدادات (A) أي ان المصور هو الذي يختار فتحة العدسة أما سرعة الغالق فتكون اوتوماتيكية ممكن ان تصور به أناسا لون بشرتهم فاتح، ولكن لا يمكن ان تصور بها البشرة ذات اللون البني الغامق، لان سوف تحصل على لون الرصاصي يضاف إلى اللون البني وهذا يصعب معالجته، وتفقد جمالية خصوصية اللون، وهذا في غاية الأهمية في تصوير البورتريه. لهذا استخدام إعدادات (M) أفضل وهي تعني أن المصور هو من يحدد ويتحكم في فتحة العدسة وسرعة الغالق، وبهذا سوف تحصل على صور بورتريه أكثر احترافية. والاعدادات تختلف من كاميرا إلى أخرى.

الأسود والأبيض

تصوير احادي اللون هو عالم متفرد بذاته، هو أحد أنواع التصوير الفوتوغرافي القديم. وهذا النوع أصبح اليوم محببا ومهما جدا لدى الكثير من المصورين وبالأخص المحترفين.
منذ اكتشاف الكاميرا كان التصوير بالأسود والأبيض يمر بممرات الغرف المظلمة بمرور الزمن حتى تم اكتشاف تقنيات اللون في الصورة. وبالرغم من أننا في عصر سريع في اكتشاف اللون الأكثر جودة وواقعية بكاميرات رقمية مدهشة، إلا أن المصورين ينجذبون لجماليات وسحر التصوير الاحادي اللون .
أن التصوير بالأسود والابيض يتميز بابراز أدق التفاصيل للموضوع أو للكادر في الصورة، ويجعل العين تركز على الموضوع الرئيسي للصورة، بينما الألوان تأخذ جزءا من الموضوع والتركيز. واحيانا تكون هي الموضوع بأكمله. أي ان الصورة الاحادية هي الأبلغ لتقديم الموضوع المراد تصويره للمتلقي بسهولة ممتنعة.
ومن ميزات هذا النوع من التصوير كلما ازدادت الحدة في الصورة أصبح تأثيرها قاسيا من ناحية المعنى وبالعكس كلما زادت النعومة كان تأثيرها ناعما ولطيفا، وهذا ينطبق على تصوير البورتريه وتلاحظ هذه الاشياء مثلا عند كبار السن وتجاعيد الوجه، التي يبرزها هذا النوع من التصوير .

ولأهمية هذا النوع من التصوير، أصبحت أغلب المسابقات العالمية للفن الفوتوغرافي تحتوي على محور التصوير الاحادي في المسابقة. وهناك طريقتان للحصول على التصوير الاحادي أما عن طريق برامج الكاميرا، أو برامج الصورة مثلا الفوتوشوب .

التصوير الاحادي

يفضل ان لا تستخدم التصوير الاحادي من خلال الكاميرا. من المستحسن ان تصور الأشياء المراد تصويرها بالألوان وبعدها تحولها إلى الأسود والأبيض من خلال برنامج الفوتوشوب. أن برامج تعديل الصورة تجعلك تتحكم بالألوان وتغيرها وإظهار التباين الذي له تأثير عند تحويل الصورة الملونة إلى الأبيض والأسود. ومن المهم ان تصور بصيغة RW لانه يعطيك جودة للصورة وامكانية أفضل لتعديل الصورة.
أن أجمل وأفضل الأوقات المناسبة لتصوير الأسود والأبيض هي في الجو المعتم أو الغائم، وكذلك الأوقات التي لا تصلح للتصوير الملون أي وقت الظهر لانه سوف يبرز التباين بين اللون الأسود والأبيض .
التصوير الاحادي، هو مجال للأبداع في التشكيل والتلاعب في التباين اللون الأحادي مع المساحات المشهد وتقسيماته والاشكال الهندسية وأحجامها وكتلها الضوئية واللونية المتبانية وهذه مفارقة، هو أمر يحتاج إلى خبرات واطلاع ودراسة واسعة في هذا المجال.
وهناك شيء مهم في التصوير الاحادي اللون، وهو التباين في درجات الأبيض والأسود وما بينهما من لون رمادي، لان هذا التباين يجذب العين .
ومن الأخطاء السائدة عند بعض المصورين عندما تكون لديه صورة ملونة رديئة أو فيها عيب يحاول ان يتخلص من هذا العيب فيحولها إلى الأسود والأبيض. وهذا امر غير مدروس، فالتصوير الاحادي اللون حساس جدا للشوائب والعيوب أو الأخطاء، لهذا نجد أن المهندسين المعماريين حينما يقومون ببناء مجسم معماري ثلاثي الأبعاد من خشب لين أو ورق مقوى يجب أن يكون لونه أبيض فقط، أي أن المجسم كله بمسطحاته الجغرافية وأبعاده بالأبيض فقط حتى يكون الظل الأسود واضحا عليه وبارزا لكي يسهل كشف العيوب والأخطاء المعمارية، ويبرز جودة وأبداع المشروع الهندسي تقنيا وفنيا، وهذا ينطبق أيضا على الصورة الفوتوغرافية أحادية اللون. مع التنويه أن ليست كل المواضيع تصلح أن تكون بالأسود والأبيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول كاظم الزيدي:

    ابدعت كأنك تصور الاشياء باللغة

    1. يقول احسان الجيزاني:

      شاكرا لك استلذ كاظم .. ومحبتي واعتزازي

  2. يقول Ait Brahim Hammou:

    شكرا على المعلومات القيمة، وأهميتها تتجلى في كونها تعتمد القوانين المعيارية وكذا التجربة الشخصية
    تحياتي

    1. يقول احسان الجيزاني:

      محبتي الكبيرة لك يالغالي

    2. يقول احسان الجيزاني:

      تحياتي واعتزازي الكبير بك يالغالي

إشترك في قائمتنا البريدية