لم يعد مفيدا جدا الان التوقف كثيرا عند الطريقة التي تم بها اختيار مهدي جمعة رئيسا جديدا لحكومة كفاءات تونسية غير حزبية توصل البلاد إلى الانتخابات. لم يعد مفيدا ذلك لأن الإغراق في حيثيات ما جرى لم يعد يجدي ولا هو بقادر على توليد حقائق جديدة.
لا يعيب الرجل أنه لم يكن معروفا ولا تجربة سياسية له، بعد كل ما رآه الناس في الأشهر الماضية من ‘المحنكين’ و’المناضلين’. المهم أنه ليس لديه ما يشوب مسيرته ومبدئيا ليست له وصفات إيديولوجية يعتقد أنها الأفضل للبلاد والعباد. وطالما أنه كذلك، فالناس لم تمسك نفسها على توسم الخير فيه مبدئيا، وإن كان بقدرمعين محسوب وبجملة تخوفات مشروعة. ليس مطلوبا من جمعة أكثر من تنفيس الاحتقان في البلاد وتهيئة الأجواء المناسبة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في النصف الأول من العام المقبل حتى تدخل تونس شرعية جديدة واضحة المعالم أمامها خمس سنوات تعمل فيها بتفويض شعبي لم يتآكل أو يتجاوز مداه الزمني كما حصل مع الذين جاءت به انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
تونس كانت بحاجة كبيرة لتنفس الصعداء والتخلص من الحكومة الحالية ورئيسها والأحزاب المشكلة لها. كانت كذلك بحاجة أن ترى وجوها جديدة تعطيها جرعة أمل في المستقبل. هذه الجرعة قد يكون مهدي جمعة قادرا عليها إذا ما توفرت له مناخات مواتية للقيام بجملة خطوات لم تعد قابلة لمزيد من التأجيل أو التسويف. وحتى يتمكن من استعادة ثقة التونسيين في أن دولتهم لم تنهر ولم تعد مستباحة للطامعين وعديمي الكفاءة، وفي أنها لم تعد مطية لخدمة أجندات لم يستشر فيها التونسيون، سيكون عليه البدء باتخاذ خطوات ‘صادمة’ من أبرزها في هذه المرحلة:
– تشكيل حكومة كفاءات حقيقية يكون فيها كل الوزراء فوق الشبهات، ليس فقط في مؤهلاتهم وإنما أيضا في علاقاتهم وميولاتهم ونظافة أيديهم . وإذا ما كانوا كذلك، وهم فوق ذلك غير مسموح لهم أصلا بالترشح للانتخابات المقبلة، فسينطلقون لخدمة البلد ولا شيء غير ذلك.
– استعادة الأمن وهيبة الدولة عبر فرض القانون ووضع حد لكل الذين تجاسروا على الناس عبر تنظيمات وجمعيات دينية متطرفة تمتعت في السنوات الثلاث الماضية إما بالرعاية أو غض النظر وأشاعت أجواء من التعصب وضيق الأفق ما ينذر بإدخال البلاد في أكثر مما عرفته إلى حد الآن من اغتيالات سياسية وإرهاب ضد الجيش والشرطة.
– وضع حد لانتشار الخوف في المجتمع نتيجة قطع الطرق والسرقات والاعتداء على سلامة المواطنين، بالمعنى الإجرامي وليس السياسي، مع إعادة الاحترام للنظام العام والمرافق العامة ونظافة الشوارع التي لم تصل في تاريخ تونس المستقلة إلى هذه المستويات المتدنية من الإهمال وتكدس الأوساخ مما يسيء لسمعة بلد بأكمله.
– التنسيق مع كل من اتحادي نقابات العمال وأرباب العمل، وهما من بين راعيي الحوار الوطني ولم يسبق لهما أن دخلا في عمل مشترك بمثل هذه الأهمية، بهدف الوصول إلى نوع من الهدنة الاجتماعية التي تجعل الحكومة الجديدة تنصرف إلى معالجة الملفات الكبرى عوض إدارة أزمات إضرابات واعتصامات هنا وهناك، بغض النظر عن شرعية المطـــــــالبات.
واقعيا، ليس في وسع حكومة مهدي جمعة المقبلة معالجة آفة البطالة التي تفاقمت ولا غلاء المعيشة الذي لم يعد يطاق ولا تراجع الخدمات الصحية والتعليمية ولا الخلل التنموي بين جهات البلاد، ولا ثغرات الميزانية، فهذه ملفات كبرى تحتاج إلى جهد أكبر من طاقتها. المطلوب منها فقط الحد من التدهور الحاصل في كل المجالات وإعادة ثقة المواطن في الدولة والتغيير الديمقراطي السلمي ومحاربة الفساد وكذلك ثقة الأطراف الدولية التي كانت تتابع ما يجري في تونس باستياء وحيرة. وإذا ما تحرك المجلس التأسيسي بفعالية لإنهاء الدستور والقانون الانتخابي وإنشاء هيئة عليا مستقلة للانتخابات فستكتمل دائرة الأمل لدى التونسيين بعد أن أوشكوا تقريبا مع الذكرى الثالثة لثورتهم على لعنها وكل هؤلاء الذين جاءت بهم!!
لقد قرأت المقال متمعنا في كل كلمة كتبتها واستنتجت أنك ملم بكل ما يجري ببلدك غير أن الجملة الأخيرة من مقالك كان بالامكان الاستغناء عنها.سامحك الله.
الثورات التي جاءت بعد سقوط جدار برلين وبعد تزايدظاهرة العولمة ليس لها من خيارات سوى التفتح على عالم يتغير بسرعة لم تعد الإيدلوجية هي المحرك الأساسي له,,,والثورات العربية المفاجئة و السريعة جاءت بمشهد سياسي جديد من بين خصائصه:1ـ نهاية الزعامات المؤبدة 2ـ غياب المشروع السياسي 3ـ هشاشة الأوضاع العامة هذا داخليا اما خارجيا فتأثير القوى الكبرى لم يعد خفيا ,,,هذه الخصائص تفسر لماذا تم اختيار السيد مهدي جمعة لقيادة حكومة جديدة ,,,و الملاحظة الهامة أن جميع الاحزاب بما فيها” الإسلامية و الثورية ” لم يعد لها مجال كبير للمناورة أو احتكار السلطة و كل مناورة خاطئة قد تؤدي” إلى سقوط البيت على ساكنه”و السؤال المطروح: هل تقبل الشعوب العربية بتحقيق جزء من أهدافها مقابل الإنصهارفي علم متعولم…
الثورات التي جاءت بعد سقوط جدار برلين وبعد تزايدظاهرة العولمة ليس لها من خيارات سوى التفتح على عالم يتغير بسرعة لم تعد الإيديولوجية هي المحرك الأساسي له,,,والثورات العربية المفاجئة و السريعة جاءت بمشهد سياسي جديد من بين خصائصه:1ـ نهاية الزعامات المؤبدة 2ـ غياب المشروع السياسي 3ـ هشاشة الأوضاع العامة هذا داخليا اما خارجيا فتأثير القوى الكبرى لم يعد خفيا ,,,هذه الخصائص تفسر لماذا تم اختيار السيد مهدي جمعة لقيادة حكومة جديدة ,,,و الملاحظة الهامة أن جميع الاحزاب بما فيها” الإسلامية و الثورية ” لم يعد لها مجال كبير للمناورة أو احتكار السلطة و كل مناورة خاطئة قد تؤدي” إلى سقوط البيت على ساكنه”و السؤال المطروح: هل تقبل الشعوب العربية بتحقيق جزء من أهدافها مقابل الإنصهارفي علم متعولم…هذا يعني أن كل شئ يراد له عدم الخروج عن السيطرة…و فعلا يمكن قبول عنوان جمعة مباركة في هذا الإتجاه,,,ثورة انطلقت يوم “الجمعة” و من حسن الصدف أننها تستنجد ب “جمعة” و الجمعة عند التونسيين تعني “سبعة أيام”,,,