بيروت – «القدس العربي»: بعد نبرة عالية عبّرت عنها السقوف السياسية العالية، سادت التهدئة وتمّ استئناف المبادرات على خط إجراء لقاء مصارحة فمصالحة بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الامير طلال أرسلان في قصر بعبدا في اجتماع خماسي رعاه رئيس الجمهورية ميشال عون وشارك فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري بعدما هيّأ له المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم.
اللواء إبراهيم ينجح في الإفراج عن مواطن كندي محتجز لدى سوريا
ومن المرتقب أن يعقب اجتماع المصارحة جلسة لمجلس الوزراء تستبعد حسب صيغة الحل أي طرح لحادثة البساتين في الجلسة ما دامت تُتابَع قضائياً وبالتالي سقط شرط ارسلان مدعوماً من التيار الوطني الحر بإحالة الحادثة إلى المجلس العدلي كي يلتئم مجلس الوزراء. وعلّق ارسلان على ما نشر من معلومات حول اجتماع بعبدا قائلاً «ما يحكى عن لقاء في بعبدا هو لقاء مصارحة ورسم خارطة طريق وليس مصالحة حتى الساعة، ويرتكز إلى الأمن والقضاء والعدالة». وأضاف «من الممكن ان يتحوّل لقاء المصارحة إلى مصالحة اذا تم الاخذ بالمبادرات المطروحة سابقاً».
وسبق هذا الاجتماع الخماسي اجتماع مالي واقتصادي برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ووزراء المال علي حسن خليل، وشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، والاقتصاد منصور بطيش، ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير وبحث المجتمعون في الاوضاع المالية والاقتصادية في البلاد.
استغراب «قواتي»
ولفتت مصادر المجتمعين إلى أن المحادثات كانت ايجابية وهناك قرارات جديّة وإرادة واضحة بأخذ العديد من المبادرات من أجل تحسين الوضعين المالي والاقتصادي وتعزيز الثقة بالاقتصاد اللبنانية وخصوصاً لجهة موازنة عامي 2019 و2020 ، مع التركيز على اهمية تنفيذ خطة الكهرباء ولاسيما لجهة وقف العجز وزيادة الانتاج استباقاً لوكالات التصنيف الدولية.
وقد استغرب ممثل القوات اللبنانية في الحكومة نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني عدم مشاركته في اجتماع بعبدا المالي، وقال: «في الحقيقة لم أجد مبرراً لاستبعاد نائب رئيس مجلس الوزراء عن اجتماع بعبدا المخصص لدراسة الاوضاع الاقتصادية والمالية برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون خصوصاً ان لنا ولمن نمثل مقاربات واضحة بما يخدم الحكومة والمصلحة العليا للبنان». وشدّد في سلسلة تغريدات على أنّه «لا حاجة للتذكير بالدور الذي قمنا ونقوم به في هذا المجال، من وضعنا لطروحات للخروج من الأزمة إلى السعي مع دول صديقة لتعزيز الودائع في مصرف لبنان والتي قد تتبلور قريباً».
وقال: «أما اذا كان البعض يريد تهميش هذا الموقع الأرثوذكسي الاول في السلطة التنفيذية، وهو حالياً يمثل مكوناً سياسياً اساسياً في البلاد، فيكون بهذا التهميش يضرب المنطق المؤسساتي الذي يجب السعي لتكريسه، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب تعاوناً وجمعاً لكل القدرات المتاحة».
إفراج
بعد اتصالات أجراها المدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم ، أفرجت السلطات السورية عن المواطن الكندي كريستيان لي باكستر (44 عاماً) المتحدر من مقاطعة كولومبيا البريطانية على ساحل المحيط الهادئ بعدما فُقد أثره منذ مطلع كانون الأول/ديسمبر 2018، بعد وصوله إلى قرية سورية يتحدّر منها شقيق زوجته ومحاذية للحدود اللبنانية. وظهر باكستر في مؤتمر صحافي إلى جانب اللواء ابراهيم والسفيرة الكندية في لبنان إيمانويل لامورو وقد ارتدى قميصاً قطنياً رمادي اللون وغلبته دموعه لدى قوله «اعتقدت أنني سأبقى هناك إلى الأبد»، وأضاف بتأثر شديد « بصراحة لم أكن أعرف ما إذا كان أي شخص يعلم أنني على قيد الحياة»، متوجهاً بالشكر لسفارة بلاده وللجهود اللبنانية من أجل إطلاق سراحه.
وأعلن اللواء عباس ابراهيم نجاح الجهود الرامية إلى تحرير المواطن الكندي «باكستر» الذي كان معتقلاً في سوريا منذ أكثر من عام بسبب مخالفة وصفت بـ»الجسيمة» للقوانين السورية. وقال «نتيجة جهودنا، توصلنا إلى استعادة مواطن كندي من سوريا السيد باكستر الموجود بيننا اليوم، شاكراً «الدولة السورية لتجاوبها معنا في ملفين، على الأقل في الأسبوعين الأخيرين، في إطلاق سراح الأميركي سام غودوين، وفي إطلاق سراح الكندي باكستر».
وأشار ابراهيم إلى أنه «بعيداً من أي حسابات، فإن هذا الموضوع يصب في مصلحة لبنان بشكل عام لأنه يعيده، على المستويين الانساني والحضاري، إلى خريطة العالم»، لافتاً إلى أنه «في هذه اللحظة، نحن في حاجة إلى هذه الصورة».
ثم تحدثت السفيرة لامورو، فأعربت عن «سعادتها بالنتيجة التي بلغها هذا المسار، وبأن «السيد باكستر معنا اليوم»، معربة عن «امتنانها وشكرها لجهود اللواء ابراهيم وفريقه لدورهم في الوصول إلى هذه النتيجة». وأكدت «أننا نتطلع إلى أن يجتمع السيد باكستر مجدداً مع عائلته في كندا»، معتبرة أن «هذه لحظة عاطفية جداً بالنسبة إلينا جميعاً «.
ولفتت إلى «أننا نعمل على هذه القضية منذ فترة، خصوصاً من جانب أجهزة القنصلية الكندية»، معتبرة أن «اليوم رائع بالنسبة إلى الكنديين ولطاقم السفارة الذي كان يعمل على هذا الملف»، وشاكرة «أصدقاءنا اللبنانيين على هذه النتيجة».
وفي حوار مع الصحافيين، أوضح ابراهيم أن «بوكستر اعتقل في سوريا العام الماضي لأسباب تتعلق بمخالفة القوانين السورية»، مشيراً إلى أن «الجهود التي بذلناها قصّرت مدة الاحتجاز». ولفت إلى أن «المخالفة المرتكبة تعد جسيمة في القوانين السورية، وقد تكون فسّرت على أن لها بعداً أمنياً؟ لكن ما يهمنا اليوم أن السيد بوكستر موجود بيننا، وقد أدينا خدمة كبيرة لدولة صديقة مثل كندا».
وإذ أعلن أن بوكستر في طريق العودة إلى كندا، جدّد شكر الدولة السورية «لتجاوبها السريع معنا في هذه القضية»، موضحاً أن «هذا العمل والجهد كان بناء لطلب وجهته السفيرة الكندية بشكل رسمي إلى الدولة اللبنانية». وكشف ابراهيم أن «في الاجتماع الذي عقد أمس في بعبدا، كنت أبلغ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالنتيجة الايجابية التي وصلنا إليها».
كساب والمطرانان
وفي ما يخص قضيتي المصور الصحافي سمير كساب والمطرانين المخطوفين في سوريا، أكد أن الملفين قيد المتابعة»، لافتاً في المقابل إلى أن «ليس في حوزتنا معلومات يمكن الافصاح عنها الآن».
وفي ما يخص الموقوف اللبناني في أمريكا رجل الاعمال قاسم تاج الدين، أوضح أن «الحكم الذي صدر عن المحكمة الأمريكية واضح لجهة اعتبار أن تاج الدين خرق القوانين الأمريكية». وفي ملف جورج عبدالله، أكد ابراهيم أنه على نار حامية ويهتم به رئيس الجمهورية شخصياً ووكّلني لأتابعه مع السلطات الفرنسية المعنية، ونأمل في أن نراه بيننا قريباً». ومن المعروف أن اللواء ابراهيم قاد عدة وساطات للافراج عن عدد من الرهائن سواء لدى جبهة النصرة أو لدى دمشق أو لدى السلطات اللبنانية وحزب الله.