بيروت-“القدس العربي”: تتكثّف الاتصالات والمبادرات على الخط الحكومي بهدف الضغط لولادة تشكيلة تكون هدية الأعياد، لكن الآمال تبقى ضعيفة قياساً على التجارب السابقة وخصوصاً بعد الموقف الإيراني الذي عبّر عنه المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني حسين أمیر عبد اللهیان الذي اتهم أمريكا وفرنسا والسعودية “بانتهاج سياسة عدم وجود حكومة قوية والانقسام وإضعاف المقاومة”، معتبراً أنها “الوجه الثاني من تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وإضعاف لبنان”.
وأعقب هذا الموقف الإيراني إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي انقلب على المبادرة الفرنسية وحكومة الاختصاصيين، مطالباً بحكومة تكنو سياسية، في وقت كانت ” حركة أمل” تتمسّك بالمبادرة الفرنسية وحكومة الاختصاصيين، ويحرّك رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاته لإيجاد مخرج للمأزق الحكومي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الذي كان زار بري في عين التينة واستمع منه إلى طرح يقوم على تأليف حكومة من 24 وزيراً موزّعة على ثلاث أثمان 8 8 8 من دون ثلث معطّل لفريق الرئيس عون، على أن يجري احتساب وزيري حزب الله من ضمن فريق عون عند الضرورة.
وكان السفير السعودي وليد البخاري واصل جولته على عدد من القيادات، وزار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في المختارة قبل أن يردّ على موقف عبد اللهيان بقوله” لوثة القوى الظلامية تقتات على إلقاء مسؤوليّة خياراتها السياسية على جهات خارجية هروباً من الفشل”.
وشدّد بخاري من المختارة على أنّنا “نقف اليوم جميعًا أمام مسؤولية تاريخيّة لنؤكد عروبة لبنان وسنبقى عرَبًا مُسلمين ومسيحيين، ما بقيت كنِيسة المختارة، وما بقِي مسجدها إنسان”.
أما الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي لم يدل بموقف بعد استقباله البخاري، فقد غرّد عبر حسابه على “تويتر” غامزاً من قناة محور الممانعة بقوله “العالم في انتظار عدة أخبار .الملاحة البحرية والتجارة العالمية تنتظر إنقاذ قناة السويس وفتحها مجدداً ومن جهة ثانية محور إقليمي ينتظر رفع العقوبات دون قيد أو شرط لتثبيت هيمنته والسؤال المطروح أي نوع من الالغام او العقوبات فردية أم جماعية التي تحول دون تشكيل الوزارة في لبنان”.
تزامناً،واصل التيار الوطني الحر حملته على الرئيس المكلّف، وأكد في بيان أنه” إثر انتهاء الحركة الاستعراضية التي قام بها في القصر الجمهوري بحثاً عن شعبية انتخابية، لا بدّ لرئيس الحكومة المكلّف أن يعود إلى الأصول الميثاقية والدستورية التي يعرفها جيدًا والتي سبق له أن اعتمدها في تشكيل كل حكومة، لأنها السبيل الوحيد لتأليف أي حكومة من أي نوع كانت”.
وأكد “أن التيّار لن يشارك في الحكومة ولن يعطيها الثقة على الأسس التي يطرحها الرئيس المكلّف”،رافضاً ” إعطاء الرئيس المكلّف وفريقه النصف زائداً واحداً في الحكومة لأنه سيستعمله لمنع الإصلاح وتعطيل التدقيق الجنائي وفرملة كل محاولات محاربة الفساد”.
ولاحظ البعض أن تصعيد التيار العوني جاء بعد زيارة الرئيس الحريري إلى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبعد حركة السفراء الذين انتقد بعضهم حضور مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي في اللقاءات الثنائية وحديثه إلى السفراء بدلاً من رئيس الجمهورية.
وردّ المكتب السياسي لـ”تيار المستقبل” على بيان “التيار الوطني الحر”،معتبراً ” أن الوزير السابق جبران باسيل يريد أحد الشعانين يوماً للتنغيص على حياة اللبنانيين والقضاء على أي بارقة أمل في الخروج من النفق المسدود بمعايير التيار الوطني الحر”، وقال إنه” يصرّ على تطييف الأزمة الحكومية وتغليفها بشروط تتلاعب على الوتر الطائفي وحقوق المسيحيين، على صورة ما ورد في البيان الأخير للمجلس السياسي لتيار ميرنا الشالوحي”.وأضاف “يبدو أن باسيل قد نسي أو هو يتناسى المعايير التي جرى الاتفاق عليها في قصر الصنوبر، والتي تقوم حصراً على تأليف حكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين. لكن في اعتقادنا أن الوزير السابق باسيل لم ينس ولا يتناسى، بل هو يتعمّد اللعب على حافة التحريض الطائفي، ويقفز من معيار الى معيار ليضمن الوصول إلى الثلث المعطل، ويخترع للرأي العام اللبناني حجة جديدة وبعبعاً سياسياً اسمه النصف زائداً واحداً للرئيس المكلف”.
وفي أحد الشعانين الذي احتفل به البطريرك الراعي في بكركي بحضور قائد قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان الكولونيل ستيفانو ديل كول جدّد انتقاد معظم المسؤولين الذين ” تمادوا في الخطأ والفشل واللامبالاة” حتى أن بعضهم كما قال ” أعطى الأولوية لمصالح دول أجنبية ولم يسألوا عن مصير الشعب الذي انتخبهم، فسقطوا وأكدوا أنهم غير صالحين لقيادة هذا الشعب الذي ضحّى في سبيل لبنان، واستشهد أفضل شبابه وشاباته من أجل هذا الوطن”.
وقال”نحن نرفض هذا الواقع وندين كل مسؤول سياسي أوصل دولةَ لبنان وشعب لبنان إلى هذه الحالة المأسوية. لم يكن هذا الصرح البطريركي يوماً مؤيداً لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه. لم يكن هذا الصرح يوماً مؤيداً لسلطة تمتنع قصداً عن احترام الاستحقاق الدستوري وتعرقل تأليف الحكومات. لم يكن هذا الصرح يوماً مؤيداً لجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله”.
وأضاف في موقف يخالف نظرة أمين عام حزب الله” يأتي عيد الشعانين على عائلاتنا حزيناً بسبب حالة اليتم التي أوقعها فيها المسؤولون السياسيون. كانت هذه العائلات تنتظر هدية العيد، حكومة إنقاذية غير حزبية، مؤلفة من خيرة الاختصاصيين في العلوم والخبرة والإدارة، أحراراً من كل لون حزبي وسياسي ومن كل ارتهان، قادرين على القيام بالإصلاحات والنهوض بالبلاد”.وختم “نرجو ألا يحرموا عائلاتنا من هذه الهدية في عيد الفصح”.