جهاز الامن عاجز امام ‘عمليات الجو السائد’

حجم الخط
0

إن ضابط الصف عيدن أتياس الذي قُتل في صباح يوم الاربعاء بطعنات سكين في العفولة، هو الاسرائيلي الرابع الذي قتله فلسطينيون في غضون أقل من شهرين، والاول بين الضحايا الذي قُتل في داخل الخط الاخضر. وليس هنا بخلاف بعض العمليات السابقة حالة اختلطت فيها بواعث قومية وجنائية. فقد طعن فتى فلسطيني أصغر من هذا الضابط بثلاث سنوات فأرداه قتيلا وقال لمحققي الشرطة إنه تسلل الى اسرائيل وهو يفكر بالبحث عن مصدر عيش وفي قتل يهودي اذا لم يجد عملا.
‘وتقول الشرطة إن الفتى المتهم بالقتل قال إنه أراد أن ينتقم بسبب سجن اثنين من أقربائه في اسرائيل، وغضب لأنها لم تُمكّن أبناء عائلته من زيارة السجينين في السجن. وسلوكه كالباعث الذي ذكره يشبه كثيرا سلوك المتهمين بتنفيذ عمليات سابقة (قتل الجندي تومر حزان؛ وقتل العقيد احتياط شريه عوفر في الغور ومحاولة صدم بجرافة في الرام وقتل مقاتل جفعاتي غال كوبي في الخليل. ولم يُحل لغز الحالة الاخيرة فقط ولم يُعتقل مشتبه فيهم).
‘الحديث في هذه الحالات عن مبادرة محلية دون وجود قاعدة ارهابية عملياتية من ورائها، من قبل اشخاص لم تكن لهم خلفية أمنية سابقة ولم يُتلق في ‘الشباك’ أصلا أي إنذار سابق بنشاطهم. ويبدو أن هذا الفتى مثل المتهم بقتل حزان (الذي ستُقدم فيه لائحة اتهام غدا الى المحكمة العسكرية) وسائق الجرافة في الرام، يبدو أنه عمل بوحي من أبناء عائلته كانوا مشاركين في عمليات في الماضي.
”يُسمون هذه الوقائع في الجيش الاسرائيلي في الشهرين الاخيرين ‘عمليات جو’ وهي اعمال أفراد يعملون بتشجيع من الجو الذي أخذ يزداد سوءا في الضفة الغربية دون توجيه من أعلى لكن عن رغبة منهم في تقليد نجاح منفذي عمليات سابقة. ونقول بعبارة اخرى إن حقيقة أنه قُتل ثلاثة اسرائيليين في العمليات السابقة وهذا معطى شاذ جدا قياسا بهدوء السنتين الاخيرتين تحث على محاولات اخرى كالقتل في صباح يوم الاربعاء الماضي. وتحصر وسائل الاعلام الاسرائيلية عنايتها بطبيعة الامر في عمليات ذهب فيها ضحايا اسرائيليون، لكنه سُجل في الشهرين الاخيرين نحو من عشر محاولات عمليات أكثرها كما يبدو نتاج مبادرات أفراد. ففي يوم الخميس الماضي قتل جنود فلسطينيا أطلق النار من مسدس مفرقعات على سيارة اسرائيليين عند مفترق تفوح في السامرة، وأطلق شرطيو حرس الحدود النار على فلسطيني حاول كما يقولون أن يطعنهم في مفترق بالقرب من القدس فأردوه قتيلا.
يصعب على قوات الامن أن تجد ردا فعالا على موجة الارهاب الجديدة، ولا ينجح ‘الشاباك’ في العثور على منفذي العمليات قبل أن ينفذوا خططهم. وكما نبّه ضابط رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي يخدم في المناطق، يوجد في الضفة ‘100 ألف فلسطيني تقريبا لكل واحد منهم حساب مفتوح معنا في كل لحظة’. وللقتل في العفولة في صباح الاربعاء معنى آخر، فهذه أول عملية قاتلة في داخل الخط الاخضر بعد سنتين ونصف (منذ حدث قتل أفيف مراد بعملية صدم بسيارة في تل ابيب في أيار 2011)، ووقعت في حافلة، وهذه ساحة صادمة بصورة مميزة لعمليات وقت الانتفاضة الثانية. وإن تسرب التصعيد في المناطق الى داخل الخط الاخضر قد يضعضع شعور الاسرائيليين الشخصي بالأمن ولا سيما اذا تكررت هذه الحوادث.
إن القتل الاخير يتوقع أن يثير من جديد قضيتين كانتا محط اختلاف في أيام الانتفاضة تتعلق الاولى بتوزيع سلاح على الجنود (لم يكن أتياس مسلحا وصعب عليه أن يحمي نفسه من الطاعن)، لكن يبدو أن هذا استنتاج يحسن الحذر منه. حد الجيش الاسرائيلي من خروج الجنود ذوي الوظائف في الجبهة الداخلية الى بيوتهم مع سلاح قبل خمس سنوات بعد أن زادت حوادث سُرق فيها السلاح أو استعمله جنود للانتحار بل في اعمال قتل لسبب جنائي في عدة حالات. واعتقدوا في الجيش وبحق أن خطر وجود سلاح في أيدي أكثر الجنود في الجبهة الداخلية أكبر من الفائدة المحتملة منه. وعلى كل حال كان أتياس نفسه مدة اسبوعين فقط مبتدئا في الجيش الاسرائيلي بحيث يصعب أن نؤمن بأن هذا السلاح كان سينقذه.
وتتعلق المسألة الثانية ببقاء الفلسطينيين غير القانوني في اسرائيل. في سنوات الهدوء ليّنت اسرائيل جدا السياسة في هذا المجال بالفعل برغم أنها لم تعلن عن ذلك قط رسميا. ويمكث عشرات آلاف الفلسطينيين على الدوام في داخل الخط الاخضر بل انتقل عدد منهم الى اسرائيل عن طريق الحواجز. وكان الاعتقاد أن الاقتصاد مُحتاج إليهم وأن عملهم في اسرائيل يخفف الوضع الاقتصادي في الضفة ويسهم بصورة غير مباشرة في خفض الرغبة في تنفيذ عمليات. ويمكن أن نفرض أن يعمل ‘الشباك’ الآن على فرض قيود جديدة وتشديد منع دخول الفلسطينيين الذين لهم أبناء عائلة مسجونون في اسرائيل. ومع ذلك نشك في أن تعمل الشرطة في طرد منهجي للماكثين غير القانونيين من داخل اسرائيل ما لم ينزلق الوضع الى تصعيد أوسع.

هآرتس 14/11/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية