الخرطوم- عادل عبد الرحيم: ظلت التحركات الإقليمية والدولية حاضرة في المشهد السوداني بغية التوصل إلى حل للأزمة بين المكونين العسكري والمدني بعد إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء، العام الماضي.
وبالتوازي مع عمل الآلية الثلاثية للأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، تتحرك الولايات المتحدة والسعودية لتحقيق نقاط اتفاق بين الأطراف السودانية، لاسيما المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير- المجلس المركزي (الائتلاف الحاكم سابقا).
والحراك الأمريكي السعودي، الداعم لعمل الآلية الثلاثية، عمد لعقد اجتماعات منفصلة أو مشتركة بين المكون العسكري في السلطة، وقوى الحرية والتغيير.
وفي 3 سبتمبر/ أيلول الجاري، فشل اجتماع غير رسمي بين المكون العسكري، وقوى الحرية والتغيير، والحركات الموقعة على اتفاق سلام بمنزل السفير السعودي على بن حسن جعفر، في العاصمة السودانية الخرطوم.
ونقلت وسائل إعلام محلية، بينها “سودان تربيون”، أن الاجتماع فشل بسبب انسحاب ممثلي قوى إعلان الحرية والتغيير-المجلس المركزي، عقب وصول ممثلي قوى الحرية- التوافق الوطني، لأنهم غير مدرجين ضمن قائمة المشاركين في الاجتماع.
الاجتماع الذي فشل يُعد الثاني الذي جاء بدعوة رباعية “أمريكية سعودية بريطانية إماراتية”.
إذ سبق أن نجحت مُساعِدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، “مولي فيي”، والسفير السعودي لدى السودان، في الجمع بين الطرفين.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، شهدت الخرطوم، انعقاد لقاء هو الأول من نوعه بين قوى “إعلان الحرية والتغيير” من جهة، والمكوّن العسكري من جهةٍ ثانية، منذ إجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما أعلن حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء.
وهذه اللقاءات التي تجري برعاية أمريكية – سعودية، جاءت عقب توقف حوار الآلية الثلاثية للأمم المتحدة، والاتحاد الافريقي، ومنظمة “إيغاد”.
وغابت عن حوار الآلية الثلاثية، قوى إعلان الحرية والتغيير، والحزب الشيوعي، ولجان المقاومة (ناشطون)، ثم أعلن البرهان، لاحقا عن انسحاب الجيش عن عملية الحوار، وتركه الأمر للسياسيين.
وتتهم القوى السياسية، البرهان، بتنفيذ انقلاب عسكري، في 25 أكتوبر الماضي، وينفي الأخير صحة ذلك، وقال إن إجراءاته “تهدف إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، وتعهّد بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.
ومنذ 21 أغسطس/ آب 2019، يعيش السودان مرحلة انتقالية من المقرر أن تستمرّ 53 شهراً، على أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.
وكان من المفترض أن يتقاسم السلطة خلال تلك المرحلة، كلٌّ من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة، وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.
ورغم فشل الاجتماع إلا أن السفير الأمريكي الجديد جون غودفري، واصل لقاءاته مع مختلف الأطراف، وعقد، في 7 سبتمبر، لقاءً مع حاكم اقليم دارفور “مني أركو مناوي”، القيادي بقوى الحرية والتغييرـ التوافق الوطني.
وقال السفير الأمريكي، عقب اللقاء، بحثت مع حاكم إقليم دارفور، الوضع السياسي الراهن، والحاجة إلى حوار سياسي شامل.
كما عقد غودفري، لقاءات منفصلة خلال اليومين الماضيين مع ناشطين مدنيين، وأعضاء لجان المقاومة، أكد خلاله دعم بلاده لتكوين حكومة جديدة بقيادة مدنية.
ويقول الأمين العام لقوى التوافق الوطني مبارك أردول، إن “مساعي الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات وبريطانيا) بالجمع بين الأطراف العسكرية وقوى الحرية -المجلس المركزي، تسببت في تسديد الضربة القاضية لجهود الآلية الثلاثية وخربتها”.
وأضاف أردول، في مقال نشره على صفحته في فيسبوك، “تحولت الجهود فجأة إلى رباعية تحاول أن تتوصل لحل الأزمة السياسية، كما تدعي، ولكن منهجها خاطئ”.
وتابع “كانت تقول على لسان الحسن بن جعفر، السفير السعودي بالخرطوم، إنها تقوم فقط بمساعي لتقريب وجهات النظر بين العسكريين والمجلس المركزي، بغية إلحاقهم بالحوار السياسي الذي تسهله الآلية الثلاثية”.
ويوضح أردول، أن منهج “الرباعية” خاطئ، لأنها “تعتقد أنها يمكن أن تحقق نتائج مغايرة وسلمية، واقتصرت دعوات اللقاء على المكون العسكري، وقوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام، في إقصاء لمكونات أخرى”.
وتوقفت مبادرة الآلية الثلاثية للأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، ومنظمة “إيغاد” لدول شرق إفريقيا، وهي المبادرة الأكبر من حيث الدعم الدولي.
وأعلنت الآلية الثلاثية، في 7 يوليو/ تموز الماضي، أن “الصيغة المعنية للحوار بين المكونين العسكري والمدني التي تسيرها، انتفت مع قرار الجيش السوداني عدم المشاركة في المباحثات”.
وذلك بعد إعلان قائد الجيش، في 4 يوليو، عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الوطني برعاية “الآلية الثلاثية”.
وقال البرهان، حينها، إن “انسحاب الجيش من الحوار يأتي “لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الانتقالية”.
وانطلق “الحوار المباشر”، برعاية أممية إفريقية، في 8 يونيو الماضي، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
وفي 12 من الشهر ذاته، أعلنت الآلية الثلاثية تأجيل جولة الحوار الثانية إلى موعد يُحدد لاحقا.
يرى المحلل السياسي خالد الفكي، أن “المبادرة الأمريكية والسعودية قادرة على إيجاد مخرج وحل للأزمة، وتحقيق تسوية سياسية بين العسكر وقوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي، وأطراف عملية السلام، فهذه هي الأطراف الرئيسة في الصراع السياسي”.
ويضيف الفكي، في حديثه للأناضول، أن “الجهود الأمريكية والسعودية ستعمل بقوة وضغط لإقناع الاطراف لخلق توافق، واختيار رئيس وزراء، وحكومة، لاستكمال مهام الفترة الانتقالية”.
ويلفت إلى أن “الرياض وواشنطن قادرتان على ممارسة الضغط على الأطراف السودانية؛ العسكر والمدنيين، للتوصل إلى توافق واتفاق لإكمال الفترة الانتقالية”.
ويشير الفكي، إلى أن “قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، ستذهب للتسوية، وترضى بالحلول، لأن الوقت ليس في صالحها، بالإضافة إلى التعقيدات التي يشهدها المشهد السياسي”.
إلا أن المحلل السياسي عثمان فضل الله، يستعبد أن تتمكن الرياض وواشنطن من تقريب وجهات النظر بين العسكر والمدنيين.
ويقول فضل الله، في حديثه للأناضول، “لا أعتقد أن تتمكن الولايات المتحدة والسعودية من تقريب وجهات النظر، لأنه في الأصل لا يوجد خلاف فكري أو سياسي، أو حتى في طريقة الحكم، بحسب ما هو معلن من الطرفين”.
ويحذر من أن “العسكر أعلنوا مرارا وتكرارا أنهم لا يرغبون في الاستمرار بالسلطة، وأنهم يريدون إخراج المؤسسة العسكرية من السياسية، وأنهم يرغبون في تشكيل حكومة مدنية وإقامة دولة ديمقراطية، وفي الواقع يعملون عكس ذلك تماما”.
ويردف فضل الله، أن ذلك “يدل على أن العسكر في السلطة غير راغبين في الوصول إلى تقارب مع المدنيين، وبالتالي الطريقة التي تعمل بها واشنطن والرياض تمنح العسكر الزمن الذي يحتاجونه للاعتراف بهم كسلطة أمر واقع”.
(الأناضول)
لا يستقيم الظل والعود أعوج ،. هذا حال السودان، واشنطن والرياض تحميان مصالحهما في السودان ليس إلا ??