جوبا-رويترز: اتهم جنوب السودان المتمردين الأحد بحشد ميليشيا مرهوبة الجانب لشن هجمات جديدة رغم عرض حكومي بهدنة لإنهاء الصراع المستمر منذ أسبوعين.
وقال متحدث باسم الجيش إن قوة قوامها 25 ألف شخص من ‘الجيش الأبيض’ الذي يتألف معظمه من شبان من قبيلة النوير يغطون أجسادهم بالرماد تستعد لشن حملة على بلدة بور التي استعادتها القوات الموالية للحكومة يوم الثلاثاء الماضي.
وقال فيليب أقوير المتحدث باسم جيش جنوب السودان عبر الهاتف من جوبا عاصمة جنوب السودان على بعد 190 كيلومترا إلى الجنوب من بور ‘نحن مستعدون للاشتباك معهم’.
وأودى القتال بحياة 1000 شخص على الأقل وأدى إلى تقسيم البلاد بعد نحو عامين من حصولها على الاستقلال عن السودان. كما أثار مخاوف من اندلاع حرب أهلية شاملة بين أكبر قبيلتين وهما الدنكا والنوير الأمر الذي قد يزعزع الاستقرار الهش في المنطقة. وقال المتحدث باسم الجيش إن متمردي الجيش الأبيض الموالين لريك مشار النائب السابق للرئيس سيشتبكون على الأرجح مع قوات الرئيس سلفا كير قرب بور في غضون يوم. ولم يدل مشار بأي تعليق فوري حول قوة المتمردين أو عرض الحكومة الخاص بالهدنة يوم الجمعة.
وتحدث شهود عن مدنيين مذعورين يفرون من بور هربا من جولة جديدة من إراقة الدماء.
واستعادت القوات الحكومية بور بعد عدة أيام من القتال الشرس. وكانت بور مسرحا لأحداث مجزرة تعرض لها أفراد قبيلة الدنكا التي ينتمي إليها كير في عام 1991 على أيدي مقاتلي النوير الموالين لمشار.
ويعرف الجيش الأبيض بهذا الإسم نسبة الى الرماد الناتج عن حرق روث الابقار والذي يغطون به أجسادهم لحمايتها من الحشرات. ويتسلحون بالبنادق والمناجل والعصي.
وقال جو كونتريراس وهو متحدث باسم بعثة الامم المتحدة في السودان لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) ‘إنهم مقاتلون غير نظاميين يمكن أن يؤدي تدخلهم في المواجهة خارج بور إلى تصعيد الصراع لما هو أبعد ويعرض أيضا حياة المدنيين الأبرياء لمزيد من الخطر.’
وقال الجيش ان المتمردين يقومون أيضا بتعبئة الشباب والمدنيين المسلحين لهجوم ثان على ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل المنتجة للنفط. وطرد المتمردون من البلدة يوم الجمعة.
وقال مادينغ وهو أب لأربعة أبناء كان ينتظر في الحر القائظ زورقا لعبور النيل الابيض إلى ولاية مجاورة ‘نحن خائفون جدا.’
وبالإضافة إلى عرض الهدنة قالت حكومة الرئيس كير إنها ستطلق سراح ثمانية من بين 11 من الساسة الكبار الذين ينظر إليهم على نطاق واسع على أنهم حلفاء لمشار اعتقلوا بتهمة تدبير محاولة انقلاب مزعومة ضد كير. وقال وزير الدفاع كول مانيانغ جوك إن الساسة في جوبا تحدثوا إلى أفراد في الجيش الأبيض لإبلاغهم بأن هذا الصراع لا يقوم على أساس عرقي وإقناعهم بالتراجع عن الحملة على بور.
ووصل إلى نيروبي، مساء السبت، وفد تابع لقائد المتمردين في جنوب السودان ريك مشار؛ من أجل تأسيس مكتب خاص بهم بالعاصمة الكينية لمتابعة الأزمة الراهنة في جنوب السودان.
وقال مناوا بيتر، وزير البنية التحتية بولاية جونقلي، شرقي جنوب السودان، والذي كان ضمن الوفد، إن مجموعة مشار وافقت علي مبادرة ‘الهيئة الحكومية للتنمية في منطقة شرق أفريقيا’ (إيغاد) بالجلوس إلى التفاوض مع رئيس جنوب السودان سلفاكير.
لكن بيتر أكد أن مجموعته تضع شرطا رئيسيا للتفاوض يتمثل في إزاحة سلفاكير عن قيادة الدولة وحزب الحركة الشعبية الحاكم.
وجدد الوزير المنشق اتهام سلفاكير بخرق دستور البلاد وتكوين جيش قبلي، واستهداف أفراد قبيلة النوير – التي ينتمي إليها مشار – على أساس إثني، معتبرا ذلك سببا وجيها للمطالبة بتنحيه.
ورهن الاستجابة لوقف إطلاق النار في جنوب السودان بوقف التدخل الأوغندي في شؤون بلاده.
ومع بدء الأزمة بين سلفاكير ومجموعة مشار هذا الشهر، أرسلت أوغندا قوات إلى جنوب السودان قالت إنها بهدف تأمين إجلاء رعاياها من البلاد، لكن متمردين تابعين لمشار يقولون إنها هذه القوات تساند القوات الحكومية في هجماتها ضدهم، وهو ما تنفيه جوبا.
وتأتي خطوة تأسيس مكتب متابعة لمجموعة مشار في نيروبي عقب يوم من قمة طارئة عقدها رؤساء دول ‘إيغاد’ (تمثل الوسيط الأفريقي في الأزمة) في العاصمة الكينية، أمهلت فيها طرفي الصراع في جنوب السودان 4 أيام للبدء في مفاوضات مباشرة للوصول لحل سياسي للأزمة.
وأنهت قمة ‘إيغاد’ اجتماعها الخاص ببحث الأزمة في جنوب السودان الجمعة، بحضور رؤساء: أوغندا يوري موسيفيني، وكينيا أوهورو كينياتا، والصومال حسن شيخ محمود، وجيبوتي عمر جيله، إضافة إلى رئيس الوزراء الاثيوبي هايلي مريام ديسالين، والنائب الأول للرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن، ووزير خارجيته بارنابا ماريال بنيامين كممثل لرئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت.
وفي بيانها الختامي، قالت قمة ‘إيغاد’، بعد ساعات من النقاشات المغلقة، إنها أمهلت الجهات المتصارعة حتى 31 كانون الأول / ديسمبر الجاري لوقف العدائيات والبدء الفوري في المفاوضات المباشرة .
وفيما لم تحدد ‘إيغاد’ مكان انعقاد هذه المفاوضات، رجحت مصادر دبلوماسية قريبة منها أن تنعقد إما في نيروبي أو أديس أبابا.
كما لم تشر ‘إيجاد’ إلأى الإجراءات التي ستتبعها في حال انقضت المدة التي حددتها دون جلوس طرفي الصراع إلى طاولة المفاوضات.
وكان قتال بدأ منتصف الشهر الجاري بين وحدات مختلفة من الحرس الرئاسي في جنوب السودان، ثم امتد قتال في أنحاء الدولة، التي انفصلت عن السودان عام 2011، بعدما اتهم الرئيس سيلفاكير ميارديت، نائبه السابق ريك مشار، بالتخطيط لانقلاب عسكري لإسقاطه، وهي الأحداث التي قتل فيها ما لا يقل عن ألف شخص، بحسب تقديرات مسؤولة بالأمم المتحدة.