القاهرة ـ «القدس العربي»: لا يعكر صفو المبهورين بأداء المقاومة الفلسطينية في مختلف جبهات المعارك، سوى الانباء عن مجاعة أشد قسوة منذ بدأت الحرب تنتشر في شمال قطاع غزة، وسط صمت مخزٍ من قبل العالم، الذي يدعي التحضر وأشقاء الضحايا، الذين كفوا حتى عن ادعاء التألم عليهم وعلى المحنة التي لم يسبق لشعب آخر أن مرّ بها. وبينما يواصل الغزيون الصمود الكبير، تشعبت الطموحات الصغيرة التي تنشغل بها عواصم العرب والمسلمين وقررت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة تأجيل الدعوى المقامة ضد رئيس مجلس الوزراء ووزيري التموين والمالية، التي تطالب بإلغاء قرار وزير التموين رقم 18 لسنة 2024، في ما تضمنه من رفع سعر رغيف الخبز البلدي المدعم المنتج في المخابز البلدية زنة 90 غراما من خمسة قروش إلى 20 قرشا، لجلسة 3 أغسطس/آب المقبل، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة، لإعداد تقريرها بالرأي القانوني فيها وإيداعه في تلك الجلسة. وكانت الدعوى التي أقامها عدد من المحامين، قد طلبت وقف تنفيذ وإلغاء القرار الوزاري رقم 18 لسنة 2024 الصادر عن وزير التموين والتجارة الداخلية، فيما تضمنه من رفع سعر رغيف الخبز المدعم المنتج في المخابز البلدية إلى عشرين قرشا. وقالت الدعوى إن رغيف الخبز يمثل أهمية بالغة ورمزا موحدا لوجدان الشعب المصري منذ آلاف السنين.
على مستوى طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور سيطر سؤال في امتحانات اللغة العربية على الجميع ومفاده حول معنى كلمة “تتلظى”، وجاءت الكلمة في جملة “تتلظى الصدور لنعمتك”، ما تسبب في حيرة الطلاب حول إجابتها، التي انحصرت في 4 إجابات وهي “تتطلع – تحقد – تتأسى- تتحسر”، وقال محمد شوقي، معلم اللغة العربية. إن الإجابة الصحيحة لمعنى كلمة تتلظى هي “تحقد”. وتقدمت النائبة ريهام عفيفي عضو مجلس الشيوخ، بطلب مناقشة عامة إلى المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، موجه لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بشأن مشكلات امتحانات الثانوية العامة. وكشفت عضو مجلس الشيوخ، أن هناك عددا من الشكاوى وصلت من أولياء الأمور بسبب التأخر في تسليم البابل شيت إلى الطلاب لمدة نصف ساعة عن الموعد الرسمي لبدء الامتحان.
وحول تطوير العاصمة التاريخية قال الدكتور أحمد عامر الخبير الأثري، إن القاهرة التاريخية من أهم الأماكن الأثرية العالمية، لما تتميّز به من طراز معماري فريد. وأضاف خلال مداخلة تلفزيونية، أن القاهرة تضم الكثير من المباني التاريخية التي تم إهمالها خلال سنوات، والآن جار تنفيذ مشروعات ترميم لها وللمناطق المحيطة بها، لاستعادة رونقها الحضاري وتحويلها إلى مزارات سياحية. وأشار إلى أن من ضمن المباني التاريخية قصر السكاكيني باشا في منطقة الظاهر، الذي سيتحول إلى مركز ثقافي وفني، وقلعة قايتباي في الجمالية التي بناها الملك الأشرف أبو النصر عام 1481 ستصبح فندقا سياحيا، إضافة إلى مسجد سلطان المتحابين، الذي يمثل تحفة إسلامية كبيرة تتوسط شارع الديورة في منطقة الصيرة في الفسطاط الأثرية.
صدام فعلي
يحاول مجرم الحرب نتنياهو أن يطمئن الإسرائيليين، فينفى أن الكيان الصهيونى يواجه خطر الحرب الأهلية.. لكنه حسب جلال عارف في “الأخبار” يزيد مخاوفهم.. فلم تكن إسرائيل بهذا التمزق المجتمعي من قبل، ولم تكن الفوضى السياسية هي سيدة الموقف كما هو الحال الآن مع حكومة زعماء عصابات التطرف والإرهاب، التي تقود البلاد من هزيمة إلى أخري، ومن فشل إلى فشل أكبر. الأزمة داخل إسرائيل تصل الآن ذروتها بالصدام العلني بين الحكومة والجيش. الصدام بدأ مبكرا ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو الحالية وقبل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكنه الآن يكتسب أبعادا خطيرة، الجيش كان دائما هو المؤسسة التي تجمع كل الأطراف حولها، رغم أي اختلافات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. قبل 7 أكتوبر، وقفت المؤسسة العسكرية ضد محاولة نتنياهو وحلفائه الهيمنة على القضاء.. وأقال نتنياهو وزير دفاعه ثم اضطر للتراجع. وبعد أحداث أكتوبر/تشرين الأول، اتهم نتنياهو القيادات العسكرية والاستخباراتية بالمسؤولية عن الفشل الكبير، وردت المؤسسة العسكرية أن الفشل السياسي كان أكبر. وتراجع نتنياهو وتأجلت المواجهة، بسبب حرب الإبادة في غزة الآن.. يبدو صحيحا ما حذّرت منه المؤسسة العسكرية منذ شهور بأن الحرب الفعلية انتهت، ولا بد من حل سياسي حتى لا يتحول الأمر إلى استنزاف طويل لا تتحمله إسرائيل. ومع استمرار رفض نتنياهو لأي أفق سياسي وإصراره على حرب بلا نهاية وبلا حدود من ناحية، ومع ازدياد احتمالات اشتعال الجبهة مع حزب الله، وتحولها لحرب شاملة يريدها نتنياهو بشدة رغم كل المخاطر..
جرائمه تحاصره
يظهر الخلاف إلى العلن، في الكيان ويعلن الجيش أن القضاء التام على «حماس» هو هدف غير واقعي، في ظل الفشل السياسي الحكومي في تقديم رؤيتها لما بعد الحرب. ويرد نتنياهو وحلفاؤه، كما أوضح جلال عارف بالهجوم على قيادة الجيش، وبتعيين بن غفير في لجنة وزارية لشؤون الأمن.. وهي خطوة لها مغزاها حتى إن كانت اللجنة استشارية، لأنها تعني أن شؤون الأمن ستبحث في غياب العقل، ومع حضور التطرف المجنون بالحرب.. وبالحرب فقط الشارع الإسرائيلي يدرك حجم المخاطر، وحركة المعارضة والاحتجاج تتسع، ونتنياهو يبتز الجميع بالحديث عن «الحرب الأهلية» بينما يستعد لحرب على الجبهة اللبنانية، قد تتسع لتكون حربا إقليمية، يعرف الإسرائيليون أن خسائرهم فيها ستكون فادحة، وسؤال الخوف الحقيقي عند الإسرائيليين: كيف تستمر الحرب وتتوسع مع صدام الحكومة مع الجيش، ومع الثقة المفتقدة بين الجانبين؟ وكيف يمكن أن يكون قرار الحرب أو السلام بيد أمثال بن غفير وسموتريتش اللذين يرفضان أي حديث عن تهدئة أو تفاوض جاد لإنهاء الحرب، ويتهمان قيادة الجيش بالخيانة، ولا يخفيان الرغبة في السيطرة على المؤسسة العسكرية من جانب قوى اليمين المتطرف؟ ويبقى الأخطر في المشهد الداخلي الإسرائيلي هو خروج الخلاف بين المؤسستين السياسية والعسكرية إلى العلن، خاصة أنه يجيء بعد تسريب متعمد عن تقرير للاستخبارات العسكرية، يحذر من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول قبل ثلاثة أسابيع من وقوعه، تم تقديمه لنتنياهو الذي تجاهل كل التحذيرات، ما يعني أن تصفية الحسابات المتأخرة قد بدأت، لكن مجرم الحرب ما زال يحاول ممارسة لعبته الأثيرة «الهروب إلى الأمام».. يصر على عدم إنهاء المذابح في غزة، ويشعل الجبهة الشمالية مع لبنان، ويضغط لتوريط أمريكا في حرب قد تشعل المنطقة كلها.. بينما الجيش منهك، والثقة غائبة، والفوضى سيدة الموقف، والجنون وحده يحكم ويستكمل الكارثة.
هولاكو ورفاقه
كلنا تابعنا مذابح نتنياهو – هولاكو العصر – لأهلنا في غزة خلال أيام العيد و ما قبلها، خاصة في رفح وجباليا والنصيرات، مستخدما الأسلحة المحرمة دوليا لإبادتهم ومنها “الاحزمة النارية” التي كانت تحرقهم وهم نيام.. سفاحو جيش الاحتلال كما وصفهم عبد الرازق مكادي في “المشهد” ارتكبوا أبشع جرائمهم ومذابحهم، بينما كان حكام العرب مشغولين بذبائحهم وأضحياتهم والاستمتاع بأكل “الفتة والمكبوس”، ولأن الساحة الإقليمية خالية للنتن ياهو، وعصابته بدعم أمريكي مفضوح، فإنه مضى إلى أبعد وأبشع من ذلك، ورأينا بالأمس كيف أظهر جنوده وقادته بطولاتهم وبسالتهم في قتل أطفال ونساء وشيوخ غزة دهسا بالدبابات وهم نيام داخل خيامهم. في العراء.. هل بلغكم النبأ يا بقايا العرب؟ حظائر الخنازير أطهر من قصوركم. ونقول لكل قادر سواء “سياسيا أو ماليا”، ورغم ذلك استسلم لحالة مزرية من التقاعس، وصم آذانه وأغمض عينيه عن صرخات وصيحات استغاثات أيتام وثكالى ومشردي غزة: ماذا ستقولون لربكم عندما يسألكم عن غزة؟ لا يقول قائل أو يفتي مضَلل، أن عمليات المقاومة الفلسطينية هي السبب.. فنحن أمام شعب أرضه محتلة منذ 70 عاما، وأهله يعيشون تحت ذل الاحتلال وأغرابا في وطنهم تحت سمع وبصر أسرة دولية نصفها منحاز لإسرائيل بقيادة أمريكا، والباقي عاجز عن تنفيذ أي قرار دولي لإنصاف أصحاب الأرض وإعادة حقوقهم بفعل الفيتو الأمريكي “عورة عورات” النظام الدولي، الذي أفرزته وشكلته نتائج الحرب العالمية الثانية.. والقانون الدولي يبيح لهذا الشعب مقاومة المحتل بكل الأسلحة، لكي يتحرر ويقرر مصيره.. الحقيقة المؤلمة الصادمة تثبت لنا يوما بعد يوم، ومجزرة بعد أخرى، أن ما يتصاعد في مدن غزة ليس العدوان الإسرائيلي، ولكن الذي يتصاعد ويتمدد بقسوة هو “العار العربي”.. عارنا يتمدد كل يوم على وقع صيحات استغاثات النساء والأطفال، وعلى وقع مدافع نتنياهو تدك بيوت المدنيين الآمنين، وعلى أصوات الفارين من الموت إلى “المجهول” والتيه الجديد، وعلى وقع دهس دبابات نتنياهو للنازحين في خيامهم.. هذا العار يتمدد ويتطاول في غزة، ليثبت أننا أمة تتداعى وتعيش حالة اللا وعي، وفقدت ذاكرتها ولا تستحق البقاء.
لا مفر منها
مَن استمع لتصريحات المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هغاري، حول “حماس” سيتصور وفق ما يعتقد عمرو الشوبكي في “المصري اليوم” أنه يستمع لأحد القيادات السياسية المدنية في إسرائيل، أو باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط والتيارات الإسلامية، وليس قائدا عسكريّا. وبعيدا عن أي حسابات سياسية وراء مثل هذا التصريح في ظل السجال الدائر في الدولة العبرية بين المستويين السياسي والعسكري، إلا أن كلامه كان فيه كثير من الوضوح، حتى لو لم يصل إلى النتائج الصحيحة المترتبة على هذا الكلام. فقد ذكر هغاري أن الحديث عن تدمير حماس ذَرٌّ للرماد، ما دامت لم تجد الحكومة بديلا لـ”حماس”، فالحركة ستبقى، وكرر ما سبق أن قاله جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، من أن “حماس” فكرة وحزب، بل أضاف أنها مغروسة في قلوب الناس، ومَن يعتقد أن بإمكاننا إخفاءها فهو مخطئ، وأشار إلى أنه لا يمكن إعادة جميع المحتجزين لدى حماس بالوسائل العسكرية.هذا التحليل الصحيح الذي سبق أن تحدث فيه كثير من الخبراء والسياسيين على مستوى العالم بخصوص حركة “حماس” لم يدفع إسرائيل إلى الوصول لنتائج صحيحة، والاعتراف بأن الحل في تحويل مسار حاضنتها الشعبية في اتجاه دعم مشروعات التنمية السياسية والاقتصادية وليس حمل السلاح، وهو لن يتحقق إلا إذا دفعت إسرائيل استحقاقات لا ترغب في دفعها، وعلى رأسها القبول بقيام دولة فلسطينية، في حين أن المتحدث الإسرائيلي، تمسك بأن هدف الجيش هو قتل السنوار، وأنه قريب من القضاء على كتائب “حماس” في رفح. رغم أن كلام المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي فيه إقرار بأنه لا يمكن القضاء على أي فكرة، وأنه لا يمكن تسطيح مشكلة “حماس” في أنها تنظيم تصنفه إسرائيل وأمريكا بأنه إرهابي، فتنتهي مشكلتها بالقوة المسلحة، ويتم القضاء عليها، إنما يعني أن هزيمة التنظيم المسلح لحركة “حماس” لا تعني نهاية الحركة ولا نهاية فكرة المقاومة المسلحة بصرف النظر عن الفصيل الذي يمارسها. مشكلة التحليلات الإسرائيلية الجادة أو الواقعية بعيدا عن شعارات قوى التطرف والإرهاب التي يمثلها بن غفير وسموتريتش وغيرهما أنها لا تمتلك الجرأة في أن تصل إلى الحلول الصحيحة، وتكتفى أحيانا بتوصيفات صحيحة. القول إن حماس فكرة مغروسة في نفوس الناس جملة صحيحة، لكن الحل بالنسبة لإسرائيل هو القوة الباطشة، في محاولة للقضاء على تنظيمها المسلح، حتى لو كان الثمن ارتكاب جرائم إبادة جماعية واستهدافا متعمدا للمدنيين، في حين أن الحل الذي يتوقعه الكثيرين، لن يكون بأي حال عسكريّا. إنما سيكون بدعم الخيارات السياسية لكل الفصائل الفلسطينية وإنهاء الخيار المسلح، وهو لن يتحقق إلا إذا نجح المجتمع الدولي عقب توقف الحرب في تطبيق قرارات الشرعية الدولية المهدرة منذ أكثر من نصف القرن، وفرض انسحاب إسرائيلي من الأراضي التي احتلتها عقب حرب 67 وإقامة الدولة الفلسطينية.
التحايل محظور
قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، أن فريضة الحج عبادة مالية وبدنية، مشددا أنها تجب على من يملك المال الكافي لتغطية نفقات الحج. وأوضح خلال تصريحات تلفزيونية نقلها عنه محمد شعبان في “الشروق”، أن من أدى الحج هذا العام بتأشيرة زيارة بالمخالفة للقوانين السعودية، لم يوجب الله عليه الحج من الأساس؛ لعدم توافر القدرة المالية لديه. وأضاف أن لجوء بعض الأشخاص إلى التحايل للحج بتأشيرة زيارة بدعوى الاشتياق لزيارة بيت الله الحرام، لن يجعل الحج واجبا عليهم لانعدام شرط الاستطاعة، قائلا: “كونهم يوجبون الحج على أنفسهم بالحيل والتحايل والمكائد، بحجة الاشتياق إلى زيارة بيت الله عز وجل؛ فهناك قاعدة تقول درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”. وأوضح أن سفر هؤلاء الأشخاص دون تصاريح حج رسمية، ترتب عليه “مفاسد كبيرة ومفاتن عظيمة؛ نتيجة الزحام ووقوع قتلى في أعظم عبادة وبقعة من أطهر بقاع الأرض”. وأن من أدى الحج بتأشيرة زيارة آثم، وكذلك مكاتب السفر والسياحة، التي سهلت حصولهم على هذه التأشيرات شريكة في الإثم، لاسيما وأن هذه المكاتب تعلم أن سفر هؤلاء الأشخاص في هذا الوقت من العام بنية أداء الحج دون تصاريح حج رسمية، وبالمخالفة لقوانين الدولة المنظمة. هذا كله يجعلني أقول إنهم آثمون.. ومكاتب السفر والسياحة أيضا هم آثمة. إن أحدا لم يطلب من الأزهر إصدار فتوى في هذه المسألة، مشددا على أنهم يخرجون أنفسهم من أي مسؤولية تجاه ما حدث.
استدراج المتلهفين
أدى الحجاج مناسك الحج هذا العام في أجواء شديدة الحرارة، حيث تجاوزت درجات الحرارة في الظل 51 درجة مئوية، وفي مثل هذه الظروف، يجب أن تكون هناك خدمات لوجستية مهمة للحجيج، ورعاية خاصة من الإجهاد الحراري، وهو حسب أسامة سرايا في “الأهرام” مميت للغاية، إذا لم يتم تجنبه بوسائل عديدة، وإذا أدركنا أن السلطات السعودية كانت حريصة على أن تعلن في بداية الموسم هذا العام أنه لا حج من دون ترخيص، فإنه كان من الضرورى أن يكون هناك التزام بتطبيق هذه القواعد من الجميع، خاصة شركات السياحة، التي تقدم إغراءات للراغبين في السفر، والمتلهفين لأداء الفريضة. الحج فريضة إسلامية شرّعها الله للقادرين، ليس ماليا فقط، ولكن القدرة، أو الاستطاعة، مرتبطة بالصحة العامة والسن، خاصة إذا كانت أرقام ضحايا الحج هذا العام كبيرة، معظمها تم بين الحجاج غير النظاميين، وكبار السن، وإذا كانت الأرقام تقول إن السلطات السعودية ضبطت نحو 300 ألف شخص من مختلف الجنسيات يحملون تأشيرات سياحة، أو عمرة، قبل الحج بأسبوع، لأدركنا أن أرقام الوفيات بينهم كبيرة، وتستدعى وقفة وتحقيقا للمستقبل حتى لا يتكرر ذلك مرة أخرى، وحسنا فعلت الدولة بتشكيل لجنة أزمة لمعرفة الأسباب، وحتى لا تتكرر في السنوات المقبلة، وأعتقد أن التحقيق، خاصة إذا قامت به الأجهزة الرقابية، ولتكن الرقابة الإدارية، لن يقتصر على تحديد المسؤولية فقط، ولكن سيحدد نقاط القصور، والنقص في النظام، وتنازع الاختصاصات بين الهيئات المختلفة، والشركات المتنوعة، ويضع تصورا جديدا لمستقبل الحج، وشروطه، ومعاييره، التي يجب أن تكون في مقدمتها الصحة العامة، وهذا لا يعني عدم تحديد المسؤولية الجنائية عما حدث هذا العام، وتوجيه الاتهام لمن غرر بالبسطاء، وكبار السن في هذا الجو الصعب لوقف عمليات التحايل، التي تمت لتحقيق مكاسب رخيصة، وأرباح على حساب رغبة المتلهفين لأداء الفريضة بصورة غير رسمية، ومن دون أي خدمات، ما حدث هذا العام يحتاج إلى وقفة حكومية حازمة وحادة، لمعاقبة كل المتسببين، وعدم تكرار هذا الأسلوب مرة أخرى.. رحم الله الضحايا، وألهم ذويهم الصبر والسلوان.
جريمة من؟
على الحكومة وأجهزتها المختلفة أن تجري تحقيقا شاملا وعلنيا وأن تعاقب بلا رحمة وبأقصى ما يسمح به القانون الشركات المجرمة التي قامت بتسفير مصريين إلى السعودية لأداء فريضة الحج بتأشيرة زيارة، وتركتهم تحت رحمة الشمس الحارقة، من دون مأكل أو مشرب أو مبيت أو مواصلات، فمات المئات منهم. وبداية جيدة من الدولة حسب عماد الدين حسين في “الشروق” حينما أصدر الرئيس السيسي،، توجيهاته بتشكيل خلية أزمة لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفاة الحجاج المصريين وضرورة التنسيق الفوري مع السلطات السعودية؛ لتسهيل استلام جثامين المتوفين، وتقديم كل التسهيلات اللازمة في هذا الشأن.. كشاهد عيان حيث أديت فريضة الحج هذا العام وتجولت في جبل عرفات والمزدلفة ومنى والمسجد الحرام في مكة المكرمة. شاهدت بعيني آلاف المصريين والأجانب يفترشون الشوارع لأداء فريضة الحج تحت شمس حارقة، وصلت في اليوم الثالث من الحج إلى 51.8 درجة مئوية على عهدة قناة العربية. عدد حالات وفيات الحجّاج تجاوز الألف استنادا لسلطات الدول المعنية ودبلوماسيين أشار أحدهم إلى أن معظم الضحايا كانوا من دون تصاريح للحج. وأنّ عدد المصريين المتوفين قفز إلى 658، بينهم 630 لا يحملون تصاريح للحج أي أن 28 حاجا مصريا فقط هم ممن توفوا من الحجاج النظاميين. والملاحظة الأساسية هنا أن نسبة المصريين تتجاوز 65٪. السؤال كيف دخل المصريون من دون تأشيرة حج إلى السعودية ومن هو المسؤول عن ذلك؟ سألت كثيرين وفهمت أنه لا يمكن للسلطات المصرية أن تمنع أي مصرى من زيارة السعودية خلال موسم الحج، طالما أنه يحمل تأشيرة صالحة وسليمة. كما لا يمكن للسلطات السعودية أن تمنع دخول المصري، أو أي جنسية أخرى من الدخول طالما أنه يحمل تأشيرة دخول سليمة.
السعودية تستطيع
السعودية ومنذ شهور طويلة سبقت موسم الحج دشنت حملة إعلامية مكثفة عنوانها «لا حج دون ترخيص»، هذا الشعار كما أخبرنا عماد الدين حسين تجده في كل مكان تذهب إليه في سائر أرجاء المملكة. وتم بالفعل تطبيق عقوبات صارمة على كل مخالف. وهي غرامة عشرة آلاف ريال وترحيل المخالفين لبلدانهم ومنعهم من دخول المملكة.. أما من يساعد في نقل المخالفين فالحبس 6 شهور وغرامة 50 ألف ريال ومصادرة وسيلة النقل. وهناك تقديرات بأن السعودية ضبطت ورحلت أكثر من 400 ألف مخالف للحج من دون ترخيص. وشاهدت بعيني خلال تنقلي بين جدة ومكة إجراءات أمنية مشددة لفحص كل الداخلين إلى مكة طوال فترة الحج، بأحدث الأجهزة التقنية. والسؤال: كيف دخل كل هؤلاء المصريين إلى مكة وعرفات وسائر مناطق الشعائر، رغم أنهم لا يحملون ترخيصا أي تأشيرة حج معتمدة؟ الإجابة ببساطة تبدأ عند أصحاب بعض شركات السياحة المجرمة، التي قامت بتسفير هؤلاء بتأشيرة زيارة عادية. هذه الشركات استغلت ارتفاع أسعار الحج بصورة كبيرة، بسبب ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري، ما قاد لنشأة سوق سوداء للحج في العديد من المحافظات المصرية. الشركة تحصل من المصري على ما يتراوح بين 50 – 150 ألف جنيه ثمنا لتأشيرة زيارة عادية جدا للمملكة. يذهب بموجبها إلى منطقة مكة قبل بداية موسم الحج، وقبل أن تغلق السلطات السعودية منطقة المشاعر. غالبية المخالفين تتراوح أعمارهم بين الـ60 – 75 عاما، وبعضهم يعاني من أمراض كثيرة. وقد يتم حشر خمسين شخصا في غرفة واحدة، وحينما يبدأ موسم الحج يسلكون طرقا غير ممهدة خوفا من القبض عليهم ويعيشون في ظروف غير إنسانية، فمعظمهم كانوا ينامون في الشوارع ويعتمدون في المأكل والمشرب على فاعلي الخير ومساعدات هيئات سعودية وإسلامية مختلفة. وخلال ذهابي لرمي الجمرات في منى فقد رأيت حجاجا مصريين ومن جنسيات مختلفة متوفين على جوانب الطرق مطلوب من الحكومة المصرية إجراءات حاسمة ومراجعة بيانات الحجاج المصريين المتوفين، ويمكنها أن تعرف بكل سهولة كيف خرجوا.
أرواح هينة
الفراق صعب لكن الأصعب على حد رأي مجدي حلمي في “الوفد”، الذي فقد شقيقة على جبل عرفات: أن تنتظر أياما وأياما حتى يوارى جسده الطاهر التراب، خاصة عندما توفي لم يكن هناك مسعفون أو سيارات إسعاف.. وترك ساعات طويلة في العراء ولم يبالِ أحد لصراخ زوجته.. وتحركت سيارات الإسعاف في الساعات الأولى من اليوم التالي وهو يوم عيد الأضحى. وتم نقله إلى مستشفى يسمى المعيصم وهنا بدأت المعاناة ليس لأخي، ولكن لأكثر من 300 حاج وحاجة مصريين توفوا يوم عرفة.
لا تجد أحدا يقدم لك معلومة.. ممنوع عن الموظفين والأطباء والحرس التحدث.. ممنوع مقابلة أي مسؤول، أهالي المتوفين متجمعون أمام المستشفى في ظل حرارة الطقس، لا توجد معلومات عن الوضع. كل ما عرفناه أن الطب الشرعي يكشف على الجثث ويأخذ بصماتهم غير ذلك لا توجد معلومة. تعنت إدارة مستشفى المعيصم اضطر السفارة المصرية لأن ترسل مندوبا لتسهيل الإجراءات، لكن لا جديد ولا معلومات بسبب استمرار تعنت إدارة المستشفى وتمر أيام العيد، وينتهى موسم الحج. وتقوم جميع المستشفيات الأخرى التي فيها حالات وفاة بتسليم ذويهم بلاغ الوفاة الذي بمقتضاه يتم دفن المتوفى، واستخراج شهادة الوفاة إلا المعيصم. يوم الخميس الماضي سرت أنباء أنه تم دفن جميع الجثث في مقبرة جماعية ودون العودة لأهالي الحجاج أو القنصلية المصرية. ومع غموص الموقف وتجاهل إدارة مستشفى المعيصم سرت الشائعات وتحول مندوبي القنصلية إلى مندوبي نفي هذه الأنباء. سبعة أيام والجثامين في الثلاجات، رغم أن إكرام الميت دفنه.. كان يمكن إنهاء الأمر مبكرا، أو إعلام الأهالي بأن الإجراءات ستتم بعد انتهاء موسم الحج.. المصارحة والمكاشفة، وعدم التعالي هي أنسب الحلول في مثل هذه الأزمات. أتمنى أن أرى بيانا من وزارة الصحة السعودية يوضح لنا ما الذي حدث في هذا المستشفى ومن المسؤول عن تأخير إصدار بلاغات الوفاة وتصريح الدفن. رحم الله أخي الحسينى وجميع الحجاج الذين توفوا في موسم الحج وأن يكون ما حدث درسا نتعلم منه.
حلايب سودانية
تشهد المرحلة الراهنة حالة من التراشق بسبب الوجود الكبير للسوادنيين الذين هم بمثابة أشقاء في وطنهم الثاني، غير أن الارتفاع الكبير في أسعار الشقق، والمحلات واتجاه الكثيرين منهم لافتتاح مشروعات اعتبرها البعض بمثابة ضغط على حركة السوق، تؤثر على العمالة المصرية، ومن بين المهتمين بالقضية وتداعياتها والعلاقة بين الشعبين الشقيقين ياسر شورى في “الوفد” إذ يقول: مجرد واقعة لمقيم سوداني علّق فوق محل الحلاقة الذي يملكه خريطة تظهر حلايب وشلاتين سودانية.. كشف الغطاء عن «قدر» يغلي منذ أن جاء الإخوة السودانيون بهذه الأعداد الكبيرة، التي تعد بالملايين إلى وطنهم الثاني مصر. هم ضيوف مرحب بهم بالطبع، ولكن ما حدث بعد ذلك تجاوز الحدود، كيف لمقيم في بلد غير بلده أن يرفع لافتة كهذه متحديا كل القوانين والأعراف. الحادثة نكأت الجرح وكشفت عن الكثير من الأفعال التي وصلت أحيانا إلى حد الجرائم عند البعض، ويجب أن لا نعمم، فالغالبية إخوة مسالمون وفوق الرأس، طالما أنهم يحترمون القوانين المصرية. ويجب أن يعرف الجميع أن المجلس المصري للاجئين يولي الأخوة السودانيين الدعم ويتعامل معهم، بتوجيهات رئاسية مثل المصريين ويوفر لأبنائهم التعليم المجاني في المدارس الحكومية. والمفوضية الدولية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وجدت كل التيسير من الحكومة المصرية لخدمة الإخوة السودانيين، وأنهم ليسوا لاجئين وإنما ضيوف في وطنهم الثاني، لذا كان يجب أن يقابله ضبط لسلوكهم والحرص على عدم التطرق لقضايا مثل حلايب وشلاتين وعدم إزعاج أهل البيت بتلك الأعداد التي يخرجون فيها وبعضهم يحمل أسلحة بيضاء..
طعمية سوداني
الحقيقة التي انتهى عندها ياسر شورى، أن السودانيين دخلوا مصر محملين بعادات تختلف عن المصريين، واستوطنوا المدن المصرية بفرض أسلوب حياتهم، بدلا من محاولة الاندماج مع المجتمع المصري، ولذلك ظهر بعض التناحر والتشاحن غير المبرر. لك أن تعرف أن الإخوة السودانيين اتجهوا مباشرة إلى فتح محلات للطعام السوداني والعطارة السودانية، وأفران للخبز وحتى الطعمية جعلوها طعمية سوداني، ومع تلك الحالة من فرض ثقافة وافدة داخل مجتمع تعود على فرض ثقافته مثل المجتمع المصري ظهر كل ما نشاهده الآن من تنافر. نحن في مصر نقدر السودانيين ونتعاطف معهم في حقهم في العيش بأمان، بعد أن شردتهم الحرب، ولكن أبدا لن تستقيم الأمور مع فرض الضيف لأسلوب حياته على أصحاب المنزل وإزعاجهم. مصر ستبقى رغم الظروف الاقتصادية الصعبة أبوابها مفتوحة للجميع، حتى لو وصل الأمر إلى طمس هوية أحياء بكاملها في القاهرة مثل أكتوبر، الذي انتشر فيه العراقيون والسوريون، والدقي لليمنيين، وفيصل والهرم للسودانيين كل هذا لا يهم طالما أنه يتم في إطار القوانين المصرية، ويحترم السيادة المصرية على أراضيها. رفقا بمصر ولا تقارنوها بدول الخليج الغنية، فهذه الدول ليس لديها مشاكل مصر وعدد سكانها الكبير وعدم تحملها لمزيد من الأعباء. من يختار أن يعيش معنا يتحمل ظروفنا الاقتصادية، ويحترم سيادتنا وقوانينا ويتجه فورا للحصول على إقامة شرعية مؤقتة لحين عودته إلى بلده.
بلا إنسانية
اتسعت دوائر التعليم الخاص في مصر بين المدارس والمعاهد والجامعات وهو إنجاز لا ينكره أحد، فقد فتح فرصا كثيرة أمام أصحاب المجاميع الضعيفة، واهتم كثيرا باللغات الأجنبية وفتح آفاقا وفق رأي فاروق جويدة في “الأهرام”، أمام القادرين للدراسة أو العمل خارج مصر.. لكن المبالغة في المصاريف تجاوزت كل الحدود، خاصة أن بعض المدارس والجامعات تطلب سداد المصاريف بالدولار، ومع السعر الجديد أصبحت المصروفات تمثل عبئا على الأسرة المصرية، خاصة أن الشعب المصري كان يعتمد على مجانية التعليم، التي فقدت الكثير من دورها أمام تراجع مستوى التعليم في مصر، وكان يوما من مفاخر المجتمع المصري.. وأصبح من الضرورى تخفيف الأعباء عن الأسرة المصرية، خاصة أن الدروس الخصوصية أصبحت الآن ضرورة لا غنى عنها في المدارس والجامعات.. وأرجو أن تسعى الجامعات الأهلية إلى تخفيف الأعباء عن الأسرة المصرية، التي تلجأ إليها أمام ضرورات المجموع.. ما زلت أعتقد أن التعليم في مصر يحتاج إلى نظرة أمينة، فقد كان يوما مصدرا لأهم الخبرات التي قام عليها بناء مصر الحديثة، وكانت جامعات مصر نقاط ضوء في حياة المصريين، علما ووعيا وثقافة.. المبالغة في مصاريف المدارس والجامعات الخاصة تمثل أعباء صعبة على الأسرة المصرية خاصة أن البعض يصر على التعامل بالدولار، وماذا يفعل الأب إذا كان لا يملك المصري ولا الدولار.. قليل من الرحمة يجعل الحياة أجمل وأكثر إنسانية.
داء مزمن
لماذا ننفرد نحن في مصر بالغش الجماعي الممنهج في امتحانات الثانوية العامة؟ فها هو أول امتحانات الثانوية العامة هذا العام وهو امتحان اللغة العربية، يتم تسريبه وتداوله إلكترونيا مع الإجابات.. وهذا يعني من وجهة نظر عبد القادر شهيب في “فيتو”، أن هناك إصرارا على الغش الجماعي في الثانوية العامة.. إذن نحن أمام ظاهرة مجتمعية، أو فلنقل مشكلة مجتمعية. وهذه المشكلة ليست جديدة في مجتمعنا ولكنها قديمة، وعمرها عدة عقود، بل شارك فيها الإسرائيليون ذات مرة.. والآن تستخدم الأدوات التكنولوجية، وبعد أن كانت تستخدم الميكرفونات لتلقين الطلاب إجابات الامتحانات.. حلت محلها أجهزة التليفون المحمول. وتجتهد وزارة التعليم ومعها أجهزة الأمن في ملاحقة من سربوا الامتحانات، ومن صاغوا إجاباتها لنشرها واتاحتها للطلاب ومعاقبة من يثبت تورطه في هذا الغش الجماعي.. ولكن ذلك لم يوقف الغش.. بل تطور واتسع.. إذن الأمر يحتاج لعلاج مجتمعي شامل يجعل الغش مؤثرا أخلاقيا ومذموما مثل السرقة والتربص غير المشروع.. هناك خلل في منظومة القيم بالمجتمع يحتاج لإصلاح.. وقد سمعنا من قبل عن رغبة لدى إدارة الدولة في إعادة بناء الإنسان المصري، ولكننا لم نر جهودا تبذل في هذا الصدد.. ربما لكثرة التحديات التي تواجهنا، داخليا وخارجيا. وبالطبع هذا لا يلغي دور وزارة التعليم في إعداد امتحانات تكون الإجابة على الأسئلة فيها تعتمد على التفكير وليس الحفظ للمعلومات.. وهذا يقتضي جهدا في أعداد المدرسين أيضا الذين سوف يقومون بتصحيح أوراق إجابات الطلاب. علاج الغش في امتحانات الثانوية العامة يحتاج إصلاح منظومة القيم في المجتمع وتطوير التعليم في بلادنا مهما كلفنا ذلك.. وللعلم إن ذلك سوف يساعدنا كثيرا في مواجهة ما يواجهنا من تحديات داخلية وخارجية معا.