جوهر المغيربي: تدابير سعيّد الاستثنائية خرق كبير للدستور.. وتكليف رئيس حكومة جديد من اختصاص “النهضة” وليس الرئيس

حسن سلمان
حجم الخط
1

تونس- “القدس العربي”: قال جوهر المغيربي، النائب المستقيل من حزب “قلب تونس”، إن التدابير الاستثنائية للرئيس قيس سعيّد تمثل “خرقاً جسيماً للدستور”، كما أشار إلى أن تكليف رئيس حكومة جديد هو من اختصاص حركة النهضة كحزب أغلبية، على اعتبار أن الرئيس سعيد فقد المبادرة بعد إعفائه لرئيس الحكومة هشام المشيشي.

وأشار أيضاً إلى أن التونسيين عبروا عن رفضهم لتواصل إدارة راشد الغنوشي للبرلمان من خلال احتجاجات 25 تموز/يوليو، كما توقع لحزب قلب تونس مصيراً مشابهاً لحزب الاتحاد الوطني الحر، في حال تواصل سوء الإدارة والفوضى داخل الحزب.

وقال المغيربي، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “شخصياً، أعتبر الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية من قبل “خرقاً جسيماً للدستور”، نظراً لتجاوزها مبدأ الفصل بين السلط، أما بالنسبة لسببها فهو -حسب تقديري- تراكمات شاركت فيها جميع القوى السياسية بمن فيها رئيس الدولة، ولا يمكن الاحتكام لتقييمها إلا للقضاء، حيث إن الفصل 80 من الدستور نص إجرائي واضح وصريح ولا يقبل أي تأويل، ولا يعطي لأحد سلطة “تعليق” أعمال واختصاصات مجلس نواب الشعب، بل يفرض وبصريح النص -وبما لا يقبل أي تأويل- أن يبقى بحالة انعقاد دائم، كما لا يعطي لرئيس الجمهوريّة صلاحية تمديد العمل بأحكامه، ولا صلاحية رفع الحصانة عن أعضاء مجلس نواب الشعب المنتخبين (فالحصانة هي حماية دستورية لنائب الشعب من تعسّف السلطة التنفيذية التي يمارس أعماله الرقابية عليها)”.

وأضاف: “فضلاً عن أن الفصلين 68 و69 من الدستور لا يخوّلان حتى لمجلس نواب الشعب رفع الحصانة بشكل مطلق وعام، ولا يكون ذلك فقط بمناسبة تتبع جزائي في قضية بعينها وبعد تمسّك النائب بحصانته كتابياً”.

وأشار إلى أنه تقدم بشكوى قضائية للطعن بهذه الإجراءات “إيماناً مني بعلوية القانون وخاصة الدستور الذي يعتبر أعلى القوانين، ثم استناداً إلى الفصلين الصريحين من الدستور الآتي ذكرهما، كالفصل 102 الذي يؤكد أن القضاء سلطة مستقلة تضمن إقامة العدل، و”علوية الدستور، وسيادة القانون، وحماية الحقوق” والحريات. القاضي مستقل، ولا سلطان عليه في قضائه لغير القانون. والفصل 116 الذي يؤكد أن القضاء الإداري يختص بالنظر في تجاوز الإدارة سلطتها، وفي النزاعات الإدارية”.

سعيد كان يسعى لإسقاط البرلمان

واعتبر المغيربي أن الرئيس سعيد كان يسعى من خلال تكليف هشام المشيشي برئاسة الحكومة لإسقاط البرلمان، و”لكن منح الثقة جعل الرئيس يغير رأيه وأصبح يسعى لإسقاط الحكومة دون أن يستعمل حقه في عرضها على تجديد الثقة كما ينص عليه الدستور، إلى أن وجد ذريعة الاحتجاجات الشعبية ليوم 25 جويلية. أما بالنسبة لوضعية الحكومة في المدة القصيرة فقد تعقدت بعد تحويرها الذي عارضه رئيس الجمهورية، والذي كانت له قراءة دستورية دقيقة وإجراءات مهمة أشاطره الرأي فيها، حيث إن التحوير وجب استباقه بمصادقة مجلس الوزراء ولا يستوجب عرضه على البرلمان، وكنت قد أدليت برأيي في هذا الموضوع داخل الكتلة وكذلك للعموم قبل عرض التحوير على البرلمان”.

وحول اتهام الرئيس سعيد، في مناسبات عدة، أطرافاً سياسية بمحاولة “اغتياله” أو إزاحته من السلطة، قال المغيربي: “لا أستطيع التعليق على هذا الموضوع (الاغتيال)، فالرئيس وحده قادر على الإجابة بحكم معلوماته ومصادرها، أما عن إزاحته فلا يحق لأحد ذلك لأنه يمثل اختيار الشعب وإرادته، ومنتخب مثله مثل البرلمان”.

ويرى بعض المراقبين أن عودة البرلمان التونسي للعمل باتت “شبه مستحيلة” في ظل محاكمة بعض النواب بتهم تتعلق بالفساد ووضع عدد كبير منهم تحت الإقامة الجبرية ومنع آخرين من السفر، ويطالب هؤلاء -بالمقابل- بتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة.

لكن المغيربي قال إنه “لا شيء يمنع البرلمان من عودته للنشاط غير الإرادة السياسية للقوى الوطنية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، وأتمنى أن يكون القرار في إطار مقاربة شعبية دستورية”.

وأضاف: “يجب التقدم من ثلاثين نائباً إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بطلب لإنهاء حالة الاستثناء. ولا يمكن للرئيس (حسب قراءتي للدستور وخاصة للفصل 100 منه) تكليف رئيس حكومة بعد إعفاء السيد هشام المشيشي، حيث إن أولوية المبادرة تعود في هذه الحالة إلى الأغلبية، أي الحزب الأغلبي داخل البرلمان (النهضة). وإذا أراد الرئيس إجراء أي استفتاء لتغيير أو تعديل الدستور، فذلك أيضاً ممكن في إطار الدستور وعبر البرلمان، ويمكن أن تحل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين (بصلاحياتها الأصلية الموسعة) محل المحكمة الدستورية”.

الغنوشي نجح في إدارة الخلاف السياسي

وحول تقييمه لأداء رئيس البرلمان راشد الغنوشي، قال المغيربي: “تقييم رئيس البرلمان شعبياً تم وانتهى يوم 25 جويلية، أما تقييمي الشخصي له، فإني أعتبره إجمالاً نجح في إدارة الخلاف السياسي خاصة في الخماسية السابقة مع الأستاذ المرحوم الباجي قايد السبسي، ولكنه أخفق إخفاقاً ذريعاً في تركيز المحكمة الدستورية في وقتها، الأمر الذي جعل كل المسار الديمقراطي قابلاً للانتكاس والتقويض، وهو ما أثر سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عموماً”.

وفيما يتعلق باتهامه لحركة النهضة بعقد “اتفاق غير معلن” مع الرئيس سعيد حول تكليف رئيس حكومة جديد، قال المغيربي: “استندت في رأيي ببساطة لنص الدستور، حيث لم أجد تفسيراً لمطالبة حركة النهضة للرئيس بتكليف رئيس حكومة، في حين أن التكليف يعود لها بعد إعفاء السيد هشام المشيشي من طرف رئيس الجمهورية، كما أسلفت سابقاً”.

القروي غادر البلاد مع بعض نواب الحزب

وكان المغيربي أعلن أخيراً تجميد نشاطه داخل الحزب، مشيراً إلى “غياب التواصل” بين الكتلة البرلمانية للحزب ورئيسه نبيل القروي، الذي تشير مصادر إلى أنه غادر البلاد مع عدد من نواب الحزب.

وفسّر ذلك بقوله: “تعليق نشاطي داخل هياكل حزب قلب تونس بما في ذلك الكتلة النيابية يعود لأسباب شخصية، وهو ما أشرت إليه من خلال مراسلتي لرئاسة الحزب والكتلة النيابية. ومن باب المسؤولية والاحترام الذي أكنه لأفراد الكتلة النيابية، فإني قمت بما يستوجبه الأمر لإبلاغهم بقراري وبأسبابه قبل إعلانه بصفة رسمية، ولأنه أيضاً لا يعني بأي حال من الأحوال الابتعاد عن دائرة الفعل السياسي والمشاركة في الشأن العام. ولكن في الوقت نفسه، ليس لي أي نية حالياً للالتحاق بأي من الكتل النيابية في صورة عودة البرلمان لنشاطه، ولا للالتحاق بأي من الأحزاب الأخرى”.

ويتوقع مراقبون أن يشهد حزب قلب تونس موجة استقالات واسعة قد تقود إلى مصير حزب الاتحاد الوطني الحر الذي تداعى بعد انتخابات 2014.

وعلق المغيربي على ذلك بقوله: “اخترت بعد تعليق نشاطي في حزب قلب تونس عدم الخوض في تفاصيل تهم شأنه الداخلي، خاصة وأنه لا يمكنني الجزم بعدم تطور الأحداث داخله منذ مغادرتي له. لكن من المهم الإشارة إلى أن مستقبل الحزب سيكون بيد مسؤوليه، فغياب القيادة في فترة شديدة الحساسية من تاريخ البلاد يجب أن يكون موضوع تقييم داخلي، كما هو الأمر بالنسبة لعديد المواقف والقرارات السابقة”.

وأضاف: “حزب قلب تونس، هو ترجمة لفكرة ومشروع لإخراج البلاد من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي بلغتها بحلول سنة 2019، لكنه أيضاً لم يستكمل بناء مؤسساته وهياكله القاعدية، وهو ما يمكن أن يوحي بأن غياب مؤسسه الأول قد يجعله يلقى نفس مصير حزب الاتحاد الوطني الحر، وهذا سيكون رهين حسن إدارته خلال الفترة المقبلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن حميدو:

    حزب قلب تونس هو الفساد و اللصوصية و رئيسه هارب خارج البلاد له قضايا فساد … !

إشترك في قائمتنا البريدية