شرارة حرب شبه حقيقية تشن على إسرائيل بدون جيش على الأرض ولا مقاتلين في المخابئ ودون سلاح متطور ولا تقليدي، لا طائرات في السماء ولا صواريخ عابرة للقارات، لا سفن ولا مدمرات، لادولة، لاجماعة، لا حزب ولا علم أعلن الحرب على ‘دولة إسرائيل’، إنها الحرب الحقيقية التي تحطم، تقتل وترد الصاع صاعين دون تجييش للإعلام العالمي ضد الفلسطينيين ودون دعوة لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أو لتدخل مجلس الأمن لحماية أمن دولة تعيش وسط الغرباء، أو لدفع الجامعة العربية للإنعقاد لتخفيف حدة المواجهة.
كثيرا ما تشدق الصهاينة بالسبق العلمي والإحتراز الأمني الشديد على جميع المستويات العسكرية والمخباراتية والمالية والتقنية. إلا أن هذه الهالة وهذه الفزاعة، مافتئت تتلاشى يوما بعد آخر، فحزب الله طردهم من الجنوب اللبناني وأسكنهم الجحور والأنفاق ومجاري المياه في المستوطنات شمال فلسطين المحتلة. والأشاوس من فصائل المقاومة الإسلامية والوطنية في قطاع غزة قضوا مضجعهم جنوب فلسطين وحتى مدينة القدس وأصبحت كل المدن والمنشآت تحت رحمة المقاومة الباسلة الفلسطينية.
إلا أن الغريب، المفضح والمريب الذي كشف فقاعة هذا الكيان المصطنع الذي يسمى غصبا ‘دولة إسرائيل’، المحمي من قبل القوى الإمبريالية والشركات العالمية وحسب وسائل إعلامه المحلية، ليلة السبت 07/04/ 2013؛ فقد تعرضت جل المواقع الإلكترونية للمؤسسات الحساسة في الدولة كالأمن والجيش والأبناك وقواعد بيانات استراتيجية ومواقع تجمع معلومات جد حساسة على الشبكة العنكبوتية للقرصنة من طرف هاكرز الأنترنيت بهدف محو اسرائيل عن شبكة الانترنت.
وقالت القناة السابعة بالتلفزيون الاسرائيلي نفس الليلة ان هاكرز من عدة دول مجاورة (تعني عربية) بدأوا بالفعل مهاجمة المواقع الالكترونية وصفحات (فيس بوك) الاسرائيلية على شبكة الانترنت. وأوضحت أنه تم حتى الان تدمير 19 ألف حساب على (فيس بوك) عبري وعشرات المواقع الالكترونية منها مواقع بنوك ومؤسسات تعليمية لافتة الى أن الهاكزر سيهاجمون مواقع حكومية غدا.
وكانت مجموعة من المتخصصين في مجال الهاكرز المتضامنين مع الشعب الفلسطيني هددوا بشن أكبر هجوم على المواقع الاسرائيلية في السابع من ابريل الجاري تضامنا مع الشعب الفلسطيني. وحذرت وسائل الاعلام الاسرائيلية من أن هؤلاء الهاكرز الذين أطلقوا على أنفسم اسم (انونيموس) سيخترقون مواقع تابعة للحكومة وأخرى سياسية كبرى وذات شأن في اسرائيل.
ونشرت المجموعة بعض الشعارات ضد الاحتلال ومنها (سنحارب من أجل الحرية من الطغيان والقمع والملاحقة والابادة) مشيرة الى أن اسرائيل تخطت الحدود بتهديدها بقطع خطوط الانترنت والخطوط الارضية عن قطاع غزة.
ولفتت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى أن عددا من المنظمات الكبيرة في اسرائيل أغلقت مواقعها الالكترونية لمنع هذه المجموعة من التسلل إليها فيما ذكرت صحيفة (معاريف) أمس أن اسرائيل تستعد لمواجهة ما سمي بالهجوم الاكبر في التاريخ لقراصنة الانترنت. و عمد هاكرز اسرائيليون الى التسلل الى اجهزة الكمبيوتر العربية بهدف الإنتقام من أفراد الهاكرز من خلال تدمير حسابات شخصية لأفراد او لمواقع أنترنيت، لمؤسسات من البلدان التي ينتموا إليها.
الفلسطينيون فقدوا الدعم الدولي للدفاع عن حقوقهم المشروعة إلا أنهم كسبوا قلوب الأفراد على مستوى المعمور ومن مختلف الأجناس، قلوبا رحيمة وعقولا ثاقبة عبر العالم، تئن لجراحهم وتتألم لآلامهم، وتشحد لوحة مفاتيح حاواسيبها وترقن برمجيات غاية في الدقة تزرع الرعب في نفوس المتغطرس، المحتل، الغاصب للآمال والقاتل للأحلام، وتنشر غسيل أسراره على الملأ وتقدمه هدية لكل من يشك في العبقرية الإنتهازية المصطنعة للصهيوني وينتقص من نباهة وحق العربي والمسلم. إنها المواجهة الحديثة بالأساليب المتطورة. ساحة الوغى انتقلت من مدينة القدس وأحراش حيفا وأطراف ووسط قطاع غزة إلى الشاشة الإلكترونية ودبدبات ‘الترنزستور’ البرمجيات الخوارزمية المعقدة، حرب بأعصاب باردة وعقول نابغة وجيوش مستترة وخسائر فادحة ومخلفات مادية ونفسية أليمة.
هل ستشكو ‘دولة إسرائيل’ الهجوم إلى الأمم المتحدة، ويجتمع مجلس الأمن.. ويصدر قرار التدخل حسب الفصل السابع لحماية الأمن والسلم الدوليين.. أم أن أمريكا ستعترض هذه المرة، وترفع حق الفيتو، لأنها إن لم تفعل ستكون هي كذالك في مرمى الجيش الإلكتروني، أم أنها ستنتقم شر انتفام وتمنع عن العرب والمسلمين ربط الأنترنيت أم ستدمر كل قواعد بياناتهم الموجودين بالجزم في مراكز التخزين فوق أراضيها؟
عـمرح الدريسي
E-mail : [email protected]