«جيمس بوند» اللبناني!

حجم الخط
45

حكاية هرب كارلوس غصن اللبناني من الإقامة الجبرية في اليابان أدهشني أنها لم تتحول بسرعة إلى فيلم سينمائي عربي يستوحي قصة «جيمس بوند اللبناني»!
وسواء كان غصن مذنباً باختلاس أموال من شركة «نيسان» للسيارات أم بريئاً، فقد ظلموه حين تم احتجازه في اليابان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 وسجنه بدون محاكمة ثم أفرج عنه بكفالة مالية بآلاف الدولارات مع منعه من مغادرة البلاد.. وأقام الرجل في شقة محروماً حتى من لقاء زوجته (أي في سجن على حسابه مالياً!) لكن قطب صناعة السيارات اللبناني الأصل كارلوس غصن، لم يعد يطيق وضعه الغامض الذي قد يطول، وقرر الهرب من اليابان إلى لبنان حيث وطنه الأول وزوجته، والقلب يحمل جنسية واحدة. أما طريقة هروب كارلوس غصن من اليابان فتصلح حقاً لفيلم بطله «جيمس بوند» لبناني.
صحيح أنه قال في مؤتمر صحافي في لبنان عقده بعد وصوله، أنه لم يهرب من «العدالة اليابانية» بل من «اللاعدالة» بصفته الرئيس التنفيذي لتحالف «رينو.. نيسان» وسجنه في الإقامة الجبرية وحرمانه حتى من لقاء زوجته مع حراس أمام بابه!

أعصاب جيمسبوندية حديدية!

الجزء من حكاية كارلوس غصن الصالح لفيلم جيمسبوندي هو هربه من اليابان داخل صندوق كبير لحفظ الأدوات الموسيقية!! طار من مطار «أوساكا» الياباني مع ثقوب في الصندوق حيث أختبأ ليستطيع التنفس. وحين وصل إلى تركيا إلى مطار أتاتورك، استقبلته طائرة خاصة نقلته إلى مطار رفيق الحريري في بيروت/لبنان. وهناك شهر جواز سفره كمواطن لبناني ودخل لبنان بصورة شرعية، ووصل إلى بيته في حي «الأشرفية» البيروتي، وقضى ليلة رأس السنة مع زوجته بشهادة العديد من الصور لهما، التي نشرتها الصحف اللبنانية كلها تقريباً ونقلتها الصحف العالمية والتلفزيونات.

رواية الهرب والسينما العربية

حكاية «جيمس بوند» اللبناني كارلوس غصن يمكن أن تزود الأفلام العربية بدم جديد.. وصحيح أن القضاء الفرنسي جاء إلى بيروت للتحقيق مع كارلوس كمتهم وليس كشاهد، لكن الجزء من حكايته الذي يهم السينما العربية هو كيفية هربه من اليابان إلى لبنان.. إنه جيمس بوند عربي، وحكايته يمكن أن تضخ دماً جديداً حقاً في الأفلام العربية التي صار معظمها مملاً ومتشابهاً. فمن سيسبق الجميع إلى اقتناص الفرصة؟ هذا دون ذكر اسم اليابان أو اسمه طبعاً؛ (أي اسم كارلوس غصن).

ضد النقل الحرفي للحدث

لأنني لست محامية ولا قاضية، أعتقد أن الفيلم يجب ألا يكون نقلاً حرفياً لحكاية غصن مع أسباب الهرب، بل مجرد استلهام ما حدث له. أي أن بطل الفيلم لن يكون كارلوس غصن ولا شخصية مشابهة له، بل شخصية جديدة مذنبة أو بريئة (يختار ذلك مخرج الفيلم) بحيث يستطيع أن يقول بكل صدق: أي تشابه بين بطل فيلمي وأي شخص آخر أمر مرفوض ومصادفة. فالفن لا يسرق الواقع، بل يستلهمه، وبالتالي بطله جديد هو اخترعه، لكن حكايات الحياة هي المصدر الأول للفن شرط عدم نقلها حرفياً، وبالتالي عدم استغلال اسم كارلوس غصن لتسويق الفيلم.

هل سنأكل حلوى.. الحشرات؟!

أنتقل إلى موضوع آخر.. إنه عن أكل الحشرات (كالذباب والديدان مثلاً!) التي يبشروننا بها، حيث يتم تقديم طبق في بعض المطاعم الباريسية (الشبابية) تدخل فيه الحشرات كطعام. جديد (لذيذ!)! هل سنأكل في المطاعم الباريسية الشهيرة أطباق الدود الأصغر والحشرات (بالسكر) والجنادب المغطاة بالشوكولاتة ويرقات الحشرات المقلية؟.. و.. و.. وغير ذلك من (المشهيات)!.. وجدها البعض صحية؛ أي من الممكن تحويل الديدان والحشرات إلى أطعمة صحية مستساغة. أعترف أنني شعرت بالاشمئزاز لمجرد فكرة التهام الديدان والحشرات.. وبالمقابل (ناكدت) نفسي، فهل الطعام عادة؟
أنا مثلاً أحب الطبق الشامي اللبناني (الكبة النيئة) وهي عبارة عن لحم الغنم المطحون غير المطبوخ الممزوج بالبهارات والبرغل والبصل.. لكنني بالمقابل، لا أستطيع أكل (السوشي) الياباني لأنه السمك النيء غير المطبوخ وهو ما لم آلفه منذ صغري في المطبخ الشامي، وحين ذهبت في رحلة سياحية إلى هونغ كونغ (الصين) وتناولت العشاء على ظهر مركب، لم أكن أدري أنني آكل لحم الكلاب، ولو عرفت لما استسغته وتلذذت به كما حدث لي.. فهل الأكل عادة؟ وهل سيأتي يوم يأكل فيه سكان كوكبنا حلوى الحشرات وحلوى الديدان؟
لن أكون منهم بالتأكيد!

ما رأي المطبخ الفرنسي الشهير؟

لو كنت ما أزال أكتب التحقيقات الصحافية، لذهبت إلى الطباخ الشهير سيريل لينياك وإلى مثيلته هيلين دازوز وسواهما، للاستفسار منهما عن رأيهما في أكل الحشرات والديدان الصفراء، وهل سنطالعهما على قائمة طعامهما، مع العلم أن سيريل لينياك مشهور بإعداد الحلوى الفرنسية.. فهل هو على استعداد لطبخها مع (الزيز) كطعام لذيذ ما داموا في الولايات المتحدة يعدون السوشي بالزيز؟ كم أحن إلى مطبخ جدتي الشامية وطعامها العريق الصحي اللذيذ الذي يجعله الحنين أكثر شهية.

من تنقذ: القطة أم الموناليزا؟

إحدى المجلات الفرنسية الباريسية الكبيرة طرحت على العديد من الأدباء هناك هذا السؤال: إذا كنت في «متحف اللوفر» تتأمل بإعجاب لوحة ليوناردو دافنتشي (الموناليزا) الشهيرة وشب حريق، وقامت قطة لا تدري كيف تسللت إلى هناك بالمواء خوفاً من الحريق، فمن تنقذ: القطة أم الموناليزا (اللوحة الخالدة)؟
ومن طرفي، إذا لم أستطع إنقاذهما معاً، أعترف حتى ولو تم اعتباري من المجرمين بحق الفن، سأنقذ القطة؛ فهي كائن حي وستتوجع وهي تحترق، هذا إذا لم أستطع إنقاذهما معاً. جواب غير راق على الصعيد الفني، لكن ذلك ما سأفعله، فالقطة حية و»الموناليزا» لن تصرخ ألماً حين تلتهمها النار، بل سنصرخ نحن حزناً على الإبداع! لكن القطة روح حية.. ما رأي القارئ؟ هل ينقذ القطة التي ثمة الملايين منها، أم لوحة الموناليزا التي لا شـبيه لها؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فهيم ضايع:

    غروب الشمس ليس دوما جميلًا !

  2. يقول نجم الدراجي - العراق:

    الانسان العربي لايغادر تقاليده ، وأنا منحاز إلى المطبخ الشرقي ذو الرائحة الجذابة .. رائحة العنبر ونكهة والزعفران وتذوق التوابل كالكاري الملون الذي لا ينافسه أي طعام آخر حسب رأيي ، وأنا كعراقي لا أستغني عن ( السمك المسگوف ) و ( الكباب في كردستان العراق ) و ( رز العنبر الجنوبي ) الذي تعود سلالة سنابله إلى حضارة السومريين حتى دخلنا الامثال الشعبية العربية ( لاتتبغدد أو ما تتبغددش ) ..
    اما موضوع الحشرات والديدان فاننا بعيدين عنها بمقدار الف سنة ضوئية
    تحياتي
    نجم الدراجي – بغداد

    1. يقول الشاهد:

      قبل أن تتغنى بالحضارة السومرية كأصل للرز العنبري، كل هذه التوابل التي تذكرها هي من حيث الأصل قادمة من بلاد الهند أو من بلاد الصين أو من مناطق مشتركة ما بين الاثنتين !!!!؟؟

    2. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

      أخي الشاهد، صحيح وأنا أيضًا عندما كبرت اكتشفت تفاجأت أن معظم التوابل أصلها من الهند أو وسط أو شرق أسيا. لكن في الحقيقة أيضًا قسم لابأس به هو من مناطقنا العربية أو غرب أسيا! الشاي مثل ا شرق أسيوي أو صيني لكن القهوة والهال عربية أو من اليمن.

    3. يقول الملاحظة:

      المعلق أسامة الحديث هو عن التوابل بالضبط ؛ وليس عن الشاي ولا عن القهوة : رجاء عدم الخلط !!!؟

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    ” ما رأي القارئ؟ هل ينقذ القطة التي ثمة الملايين منها، أم لوحة الموناليزا التي لا شـبيه لها؟ ” إهـ
    كنت أحب القطط لغاية تخريبها مزروعاتي من الخضار بحديقة منزلي بقصد دفن برازها بين الخضراوات!
    نعم: أصبحت أكرة القطط, لكني أنقذها من الموت لأنها روح!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    لازال البعض في بلادنا العربية يأكل الحشرات البرية (الحلزون) والبحرية (الربيان) والجوية (الجراد)!
    الشرع يبيح أكل هذه الحشرات, والنفس قد تعفها, لكنها طعام حلال!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول الكروي داود النرويج:

    طرفة قديمة:
    إشترى رجل ثلاث تفاحات, وبعد أن أضاء المطبخ قطع إحدى هذه التفاحات فوجد بداخلها دود فرماها!
    قطع الثانية فتفاجأ بالدود فرماها أيضاً, ثم أطفأ الضوء وأكل الثالثة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول الكروي داود النرويج:

    ” أنتقل إلى موضوع آخر.. إنه عن أكل الحشرات (كالذباب والديدان مثلاً!) التي يبشروننا بها ” إهـ
    أعترف بأني إبتلعت ذباباً لعدة مرات بالرغم مني, حين يكون فمي مفتوح وأنا أتحدث!
    والسؤال هو: هل ينزعج الذباب من صوتي ليدخل معدتي؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  7. يقول أفانين كبة - كندا:

    سوف أتألم وأتأسف وأبكي على القطة وأطلب من الله السماح ، لكنني سأنقذ الموناليزا لأنها قطعة فنية نادرة وتحمل روح الفنان ليوناردو دافنشي و تعكس أحاسيسه ومشاعره وصراعاته . وكل الكائنات الحية سترحل في يوم ما ، لكن الأنتاج البشري الفني ليس رخيصا وسيبقى خالدا وهو ضروري للأنسانية .
    أمااللحوم بأشكالها التي يأكلها البشر يوميا ، فكان فيها روحا من قبل أن يذبحها الانسان لغرض الاستهلاك . فالحيوان ايضا يتعذب أثناء الذبح ، وأعتقد الكثير منا يحمل في الذاكرة عن الاسلوب القاسي في مجتمعنا العربي عند ذبح الخروف في المناسبات ، وكما أتذكر عندما كنت طفلة أنني كنت أتألم و أرفض أكل لحمه ، لكن الأنسان يبرر هذا ويستثنيه من أجل شهوة الطعام ، فلماذا لا يتوقف البشر عن أكل لحم الحيوان ، أليس هو إعتداء على هذا المخلوق الحي ؟

    أفانين كبة – كندا

    1. يقول الشاهد:

      تعجبني دعوتك إلى النباتية والرفق بالحيوان ، ولكن لا ألمك ولا أسفك ولا بكاؤك ولا حتى طلبك السماح من الله سوف يعيد الروح للقطة البريئة أو حتى يخفف أيا من تباريحها وهي تتلوى من عذاب احتراقها بالنار – ألم تسمعي بقصة الرسول مع تلك القطة التي نامت على أذيال عباءته حين كان يخطب في الأمة ساعات وساعات ؟؟؟

    2. يقول AR:

      الأخ الشاهد: وان اتفق مع محتوى تعليقكم، وددت من حضرتكم التريث في نسب قصص تراثية الى الرسول ص لما للمسألة من جدية. لا احد يختلف مع تعدد المصادر والاحاديث في رأفة الرسول ص مع الحيوانات من طير وكلب وهرة وكذلك النباتات وحتى المصادر الطبيعية مثل الماء، الا ان هذه القصة نسبت مرة للأمام احمد ثم لأبي هريرة..فيجب التحري

    3. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

      يبدو أن الأخ الشاهد أخطأ في فهم الأخت أفانيين. لأن السؤال يعني إذا كان الإنسان لايستطيع إنقاذ القطة واللوحة معًا فأيهما يختار لإتقاذه. السؤال يمكن أيضًا تغييره ليكون الأختيار حول كتاب ثمين أو القرآن الكريم أو مذكرات كاتب مهم بخط يده أو مجرهرات ثمينه أو قصائد شاعر أو قصة لكاتب شهير غير منشوره لهم، أو حتى نظريات مهمه غير منشوره لعالم كبير …. سبحان الله ياأخي هو وحده بعرف من منا سيدخل الجنة ولأي عمل خير قام به حتى لو كان يبدو صغير. الموناليزا مع القطة هنا تم اختيارها لأنها الثقافة الفرنسية الممزوجة مع الثقافة الإسلامية أو الأصول الأجنبية عمومًا وهي محاولة من الصحافة الفرنسية لسبر آراء الفرنسيين من أصول مختلفة ومناقشة أفكارهم تغير هذا التفكير أو الآراء …، برأيي.

    4. يقول الشاهد:

      AR ، وأنا قرأت هذه مرة منسوبة إلى الإمام المذكور ، ولكن قرأتها منسوبة إلى الرسول مرات عديدة وبالتوثيق – حتى الكاتب الإيرلندي الكبير جيمس جويس ذكرها في رائعته «عوليس» منسوبة إلى الرسول ؛
      ولكن بيت القصيد الذي تبدو غافلا عنه هنا هو : نوعية العبرة المستقاة من القصة كمثال جليل على الرأفة والرفق بالحيوان ، سواء نسبت القصة إلى الرسول أم نسبت إلى الإمام !!!!!؟؟

    5. يقول AR:

      صحيح اخ شاهد….انا غافل :) سلاما

    6. يقول الفاتح بن سلوم - سرت:

      عزيزيي معلق اسامة ليس هناك خطأ في الفهم من طرف الأخ الشاهد يبدو أنك انت من أخطأ الفهم وشطحت بمقارنات ليس لها علاقة بالموضوع ، الفرق الأخلاقي واضح بين حيوان (كائن له روح) وبين لوحة (جماد بلا روح) ، تماما إذا كنتَ في نفس الحريق وخُيرتَ بين إنقاذ جرذ مسكين وبين انقاذ صورتك هذه المبروزة على الحيط ، كل جمعيات الرفق بالحيوان ستختار الخيار الأول بلا تردد – هل فهمت يا عزيزي ؟؟!

    7. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

      أشكرك على فهمك أخي الفاتح بن سلوم-سرت

  8. يقول حيدر المحسن (حيدر عبد المحسن):

    تنقذين القطة طبعا يا سيدتي. تحياتي…

  9. يقول نزار حسين راشد ...كاتب عالمي وشاعر معروف.:

    يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات،هذا هو المعيار القرآني،وإذا افتقدت المعايير دخلنا في تيه لا ينتهي.أما بالنسبة لكارلوس غصن فهي دراما مرتبة وراءها مافيا دولية وليست كما اظهرها الإعلام.

    1. يقول الشاهد:

      وفي الآية الخامسة التي تليها من سورة المائدة: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ) ؛ ….
      هل تعلم أن هناك الكثير مما كان حلا للذين أوتوا الكتاب قد جرى تحريمه قطعيا من قبل الأنظمة الثيوقراطية الأتوقراطية المتأسلمة من أجل بقائها الأبدي في السلطة ، وذلك بمساعدة أذنابها من كل أشكال المشايخ والمفتين المداهنين والمتاجرين بالإسلام والقضايا القومية الأخرى لإدامة “رضى” هذه السلطة عنهم !!!!؟

  10. يقول Samuel Julian:

    كتابتك سيدتي واقعية جدا، لكننا نعيش في عالم خلط الحابل بالنابل، وجعل الجماع بين نفس الجنس حلالاً والزواج بين الجنسين المتخلفين حراما، فمن رأيي انه لم يبقى الا النار حلا لتطهير الأرض من النجاسة، كما حصل ايام سدوم وعمورة. تهاني لكتاباتك المنيرة?

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية