بعد إعلان قادة جيوش المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “إيكواس” في 18 أغسطس/ آب الجاري، الاتفاق على خطة التدخل العسكري وموعده لاستعادة النظام الدستوري في النيجر وإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، أصبح استخدام “إكواس” للقوة هناك أقرب من أي وقت مضى.
وردت كل من مالي بنشر طائرات حربية في النيجر، وفق التلفزيون الرسمي للأخيرة، الذي تحدث عن اجتماع ضباط من قادة أركان بوركينا فاسو والنيجر ومالي في العاصمة نيامي، ضمن جهود للتصدي لأي هجوم محتمل.
ورغم تضامن المجلس العسكري في غينيا مع الانقلابيين في النيجر، فإنه لم يعلن بعد دخول الحرب معهم إذا تعرضت نيامي لهجوم.
بينما انتزع انقلابيو النيجر وعدا من المجلس العسكري في تشاد، حليف فرنسا، بعدم دعم أي عملية عسكرية ضدهم، ما يعني غلق الأجواء التشادية أمام أي غارات فرنسية على نيامي انطلاقا من نجامينا.
فـ”إيكواس” تمثل تكتلا لنحو 11 بلدا، بعد تجميد مقاعد كل من غينيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر في المجموعة، وتهدد البلدان الأربعة الأخيرة بالانسحاب منها إذا ما نفذت “إكواس” هجوما على نيامي، بينما لا تعد تشاد جزءا من المجموعة.
ومن بين الدول الـ11 في “إكواس”، تبدي كل من نيجيريا وكوت ديفوار والسنغال بالإضافة إلى بنين، استعدادها للمشاركة في القوة الاحتياطية التي ستنفذ العملية العسكرية، ومن الممكن أن تنضم إليها غانا، التي احتضنت اجتماع قادة جيوش “إكواس”، الأخير.
لكن مفوّض الشؤون السياسية والسلم والأمن في “إيكواس” عبد الفتاح موسى، أكد أن “جميع الدول الأعضاء في المجموعة قدموا الموارد الضرورية لتنفيذ العملية”، دون تحديد طبيعة مساهمة كل دولة سواء بالجنود أو العتاد العسكري أو التمويل أو الموارد اللوجستية (مؤونة وذخيرة ووقود واستعلامات ووسائل نقل).
وتختلف قدرات جيوش إيكواس من بلد لآخر، لكن أقواها جيش نيجيريا، وأضعفها جيش بنين، وهما البلدان الوحيدان الجاران للنيجر في المجموعة، إذا استثنينا مالي وبوركينا فاسو، اللذين لديهما قدرات عسكرية متواضعة.
غير أن الحليف الدولي قد يلعب دورا حاسما لمصلحة أي من الطرفين، فـ”إيكواس” من الممكن أن تتلقى دعما من فرنسا والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بينما تعول النيجر على دعم روسيا وذراعها العسكرية شركة فاغنر، فيما يُستبعد أن تشارك الجزائر في دعم أي من الطرفين، في ظل إدانتها للانقلاب ورفضها استخدام القوة ضده.
جيوش “إكواس” الرئيسية
نيجيريا
تمتلك أكبر جيش في مجموعة إكواس، والرابع إفريقيا، وفي المرتبة 36 عالميا، وتقارب ميزانية دفاعها 3.5 مليارات دولار، وفق موقع “global fire power” الأمريكي المتخصص.
حيث يمتلك جيش نيجيريا 135 ألف عسكري في الخدمة، بالإضافة إلى 80 ألفا من القوات شبه العسكرية، مزودين بـ 177 دبابة، و15 ألفا و748 عربة مدرعة.
أما قواته الجوية فتتكون من 144 طائرة حربية، منها 14 مقاتلة و24 هجومية، و52 طائرة مروحية و15 مروحية هجومية.
ميزة نيجيريا أن لديها حدودا طويلة مع النيجر تبلغ نحو 1600 كيلومتر، ونقطة ضعفها أنها تعاني انتشار الجماعات الإرهابية وخاصة “بوكو حرام” و”داعش غرب إفريقيا”، بالإضافة إلى عصابات إجرامية وجماعة إرهابية مقربة من تنظيم القاعدة في الشمال الشرقي.
ورغم قوة جيش نيجيريا لم يتمكن من القضاء على الجماعات الإرهابية والإجرامية النشطة في شمال البلاد ووسطها، واضطر في فترات معينة إلى الاستعانة بجيش تشاد لمحاربة التنظيمات المسلحة في الشمال الشرقي.
كما أن مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) عارض إرسال قوات إلى النيجر، تحت ضغط شيوخ قبائل وزعماء دينيين مسلمين في الشمال.
كوت ديفوار
وتعد أكثر الدول حماسة لدخول الحرب في النيجر، إذ أعلن رئيسها الحسن وتارا، مشاركة بلاده في القوة العسكرية “الاحتياطية” لإكواس بكتيبة مكونة من 850 إلى 1100 جندي.
ويعد جيش كوت ديفوار ثاني أكبر قوة عسكرية في “إكواس”، لكنه يحتل المرتبة 19 إفريقيا من بين 38 بلدا شملها إحصاء الموقع الأمريكي سالف الذكر، أما عالميا فيحتل المرتبة 105 من إجمالي 145 دولة.
ولا يتجاوز عدد القوات العاملة 25 ألف عسكري، ولديهم ميزانية لا تتعدى 510 ملايين دولار، ولا يملكون أي طائرة مقاتلة أو هجومية، باستثناء 4 طائرات نقل ومروحية نقل وأخرى هجومية، بمجموع 6 طائرات فقط.
ولا تربط كوت ديفوار أي حدود مع النيجر، لكن لديها حدود مع مالي وبوركينا فاسو، ويمكن أن تضغط عليهما عسكريا في حال دخولهما الحرب ضد قوة “إكواس”.
السنغال
أعلنت السنغال أنها ستشارك إذا قررت المجموعة التدخل عسكريا في النيجر، لكنها لم تحدد حجم القوة التي ستشارك بها.
ويحتل جيش السنغال المرتبة 125 عالميا في مؤشر “غلوبل فاير باور”، بنحو 17 ألف جندي، ولهم ميزانية لا تتجاوز 345 مليون دولار، مزودين بـ27 طائرة حربية، ليس بينها أي طائرة اعتراضية أو هجومية، فأغلبها طائرات ومروحيات نقل وتدريب، باستثناء 5 مروحيات هجومية.
كما لا تمتلك السنغال أي دبابة، ولكنها تعتمد على ناقلات الجند المدرعة والتي تبلغ 1104.
وليس للسنغال حدود مع النيجر، ولكن لديها حدود مع مالي، وتتمتع بجيش منضبط عسكريا، لم يسبق له أن قاد انقلابا على حكومة منتخبة منذ استقلال البلاد عن فرنسا في 1960، ولعب أدوارا خارجية في الدفاع عن الديمقراطية غرب إفريقيا خصوصا في غامبيا.
بنين
رغم أنها تملك أصغر قوة عسكرية في “إكواس”، لكنها تملك ميزة خاصة، حيث تعد حدودها الأقرب إلى عاصمة النيجر نيامي، ما يجعلها مرشحة لتكون قاعدة انطلاق العملية العسكرية المحتملة للمجموعة في النيجر.
ويحتل جيش بنين المرتبة الأخيرة إفريقيا، وما قبل الأخيرة بين جيوش العالم (144)، إذ لا يتجاوز تعداده 5 آلاف عنصر، لديهم ميزانية تبلغ 75 مليون دولار، ولا يملك سوى طائرتي نقل، واحدة فقط في حالة جاهزية، بالإضافة إلى 150 عربة مدرعة.
غانا
لم تعلن رسميا مشاركتها بأي قوة عسكرية في عملية “إكواس” المحتملة بالنيجر، ولكنها تمثل القوة العسكرية الثالثة في المجموعة، واحتضنت اجتماعا لقادة جيوشها تم فيه إعلان الاتفاق على خطة التدخل العسكري وموعده، وهو مؤشر على أنه ستكون لها مساهمة في هذه القوة، رغم أنه لا تربطها أي حدود مع النيجر، لكنها لديها حدود مع بوركينا فاسو.
ويحتل جيش غانا المرتبة العشرين إفريقيا و109 عالميا، ولا تتجاوز ميزانيته 289 مليون دولار، ويبلغ تعداد عناصره 14 ألفا، مدعمين بـ20 طائرة معظمها للنقل، في غياب أي طائرات مقاتلة أو هجومية.
لكن قوة جيش غانا في سلاح المدرعات الذي يملك منه 1656 عربة، بالإضافة إلى عدد محدود جدا من المدافع (6)، وراجمات الصواريخ (15)، بينما لا يمتلك أي دبابة.
جيوش المجالس العسكرية
النيجر
يقدر تعداد جيش النيجر بنحو 10 آلاف عنصر في الخدمة، بالإضافة إلى 3 آلاف عنصر من القوات شبه العسكرية، وفق مؤشر “غلوبل فاير باور”.
لكن رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، كان أعلن قبل الإطاحة به رفع تعداد الجيش من 11 ألفا إلى 50 ألف عسكري، رغم أن هناك من المحللين من شكك في صحة الرقم الأخير.
ويحتل جيش النيجر المرتبة 25 إفريقيا و119 عالميا، ومع ذلك فهو القوة الخامسة في مجموعة “إكواس” بعد كل من نيجيريا وكوت ديفوار وغانا ومالي، وقبل بوركينا فاسو والسنغال.
وتبلغ ميزانية دفاع جيش النيجر 287 مليون دولار، ويملك 16 طائرة منها اثنتان هجوميتان، ومروحية هجومية واحدة، والبقية طائرات ومروحيات نقل، بينما يفتقد أي مقاتلة اعتراضية يمكن أن تتصدى لأي هجوم جوي معاد.
أما القوات البرية فلا تمتلك سوى 728 مدرعة، مع افتقاده للدبابات أو سلاح المدفعية والصواريخ.
ونقطة قوة جيش النيجر أنه يقاتل على أرضه، لكن تهديد “إكواس” بالتدخل العسكري دفعه لاستدعاء وحدات من ولايات ديفا (شرق)، ودوسو (جنوب)، وتيلابيري (غرب) الملتهبة أمنيا، إلى العاصمة نيامي، وفق إعلام فرنسي.
أي أن جيش النيجر لا يرغب في قتال قوة “إكواس” على الحدود وإنما داخل العاصمة، لذلك يقوم بحشد قواته من الأطراف وتركيزها في نيامي.
لكن سحب قواته من مناطق ساخنة، وافتقاده للغطاء الجوي الفرنسي، جعل قواته عرضة لضربات التنظيمات الإرهابية في تيلابيري، بمنطقة الحدود الثلاثة، التي قُتل فيها 28 مدنيا على الأقل في 16 أغسطس الجاري، كما قتل نحو 20 جنديا في عمليتين إرهابيتين بالمنطقة نفسها.
فجيش النيجر لا يمكنه الصمود طويلا أمام عملية عسكرية لـ”إيكواس”، لأن ذلك قد يؤدي إلى سقوط منطقة تيلابيري، القريبة من نيامي بيد التنظيمات الإرهابية.
مالي
يعد جيش مالي أقوى قليلا من جيش النيجر، بفضل الأسلحة التي تلقاها من روسيا خاصة الطائرات الحربية، وأعلن المجلس العسكري في باماكو أنه سيخوض الحرب إلى جانب نيامي إذا تعرضت لهجوم.
ويحتل جيش مالي المرتبة 110 عالميا و21 إفريقيا، والرابعة بين جيوش “إيكواس”، ويملك 18 ألف جندي في الخدمة، وألفي عنصر من القوات شبه العسكرية، وتبلغ ميزانية الدفاع 591 مليون دولار، أي ضعف نظيرتها في النيجر.
ويمتلك 39 طائرة حربية بينها 9 اعتراضية و6 هجومية، و12 مروحية، و9 مروحيات هجومية، و7 طائرات نقل، و4 طائرات تدريب يمكن استخدامها في القتال، بالإضافة إلى طائرة للمهام الخاصة (الحرب الإلكترونية).وإذا استثنينا سلاح جو نيجيريا، فإن القوات الجوية المالية أقوى من بقية نظيراتها في “إكواس” مجتمعة، بفضل الدعم الروسي.
ويمكن أن يسبب سلاح الجو المالي متاعب لعملية “إكواس” المحتملة، إذا لم ترم نيجيريا بثقلها في هذه المعركة، أو لم تتدخل فرنسا والولايات المتحدة لتحييد طائرات مالي التي نشرتها في النيجر.
وفي هذه الحالة يمكن لروسيا أن تتدخل عبر “فاغنر” أو بتزويد حلفائها بمزيد من الأسلحة الثقيلة، ومن شأن ذلك أن يطيل أمد الحرب.
بوركينا فاسو
المجلس العسكري في بوركينا فاسو، أعلن هو الآخر دخوله الحرب إذا هاجمت جيوش “إكواس” النيجر، لكنه على غرار مالي والنيجر يواجه تهديدات عنيفة للجماعات الإرهابية المنتشرة في منطقة الحدود الثلاثة المشتركة بينهم.
ويحتل الجيش البوركينابي المرتبة 121 عالميا، و26 إفريقيا، والسادس بين جيوش “إكواس”.
وعدد قواته لا يتجاوز 12 ألف عنصر، بالإضافة إلى 4.5 آلاف من جنود الاحتياط، وميزانية دفاعه تبلغ 434 مليون دولار.
ويملك 20 طائرة حربية، بينها 3 هجومية، ومروحيتين هجوميتين، فضلا عن طائرتي نقل، و4 للتدريب، و10 مروحيات، وطائرة للمهام الخاصة.
ومن خلال هذا العرض يتبين أن نجاح عملية “إكواس” قائم على مدى استطاعتها حشد قوات مدربة، ومسلحة بشكل جيد، وتتمتع بغطاء جوي، وبخطوط إمداد قصيرة، وباستعلامات دقيقة عن مكان احتجاز الرئيس بازوم، والأهداف المعادية التي يتطلب تحييدها على غرار سلاح الطيران، والتي من الممكن أن توفرها فرنسا والولايات المتحدة.
بينما يمثل خيار المجالس العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو في الاحتشاد داخل نيامي، واستخدام سلاح الجو لتشتيت أي قوة معادية، خاصة إذا لم تتمكن “إكواس” من حشد قوة كبيرة تراوح بين 5 آلاف و25 ألف عنصر.
(الأناضول)