خاشقجي ومعتقلو السعودية وانتخابات مصر أبرز ملفات الإعلام العربي في عام 2018

حجم الخط
0

لندن-”القدس العربي”: انشغلت وسائل الإعلام العربية وشبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي بأكمله بعدد من الملفات الساخنة خلال عام 2018، لكن الملف الأسخن على الاطلاق كان اغتيال الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول يوم الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو الملف الذي يودع العرب العام وهو لا يزال ساخنا في وسائل إعلامهم وعلى حساباتهم في شبكات التواصل الاجتماعي.

كما شهد عام 2018 العديد من الملفات الإعلامية الساخنة التي هيمنت على تداولات شبكات التواصل الاجتماعي، ومن بين هذه الملفات: الاعتقالات في السعودية التي ظلت تتصاعد بين الحين والآخر كلما تم اعتقال شخص إضافي، والانتخابات في مصر التي بدأ بها المصريون عامهم وانتهت بالتجديد للرئيس عبد الفتاح السيسي، وجرائم السطو المتكررة في الأردن.

اغتيال خاشقجي

تصدَّر اغتيال خاشقجي دون أي منافس قائمة الملفات الساخنة على شبكات التواصل الاجتماعي خلال عام 2018، وظلت الحملات والوسوم المستخدمة حول اغتياله الأكثر تداولاً مقارنة بغيرها طوال العام.

وأشعلت قضية خاشقجي موجة سخرية من الإعلام السعودي الذي تخبط في الأيام الأولى للجريمة قبل أن تعترف السعودية ذاتها بها، حيث انزلقت قناة “العربية” ووسائل إعلام سعودية نحو الاتهامات التقليدية بضلوع كل من قطر وجماعة الإخوان المسلمين باغتيال خاشقجي.

ورغم الانشغال الواسع بتفاصيل اختفاء خاشقجي والمعلومات التي تظهر يومياً عن القضية، إلا أن شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي غرقت بموجة سخرية من الإعلام السعودي بسبب طريقة تعاطيه مع الحادث، والتي بدأت بالاعتراف أن “مواطناً سعودياً اختفى في اسطنبول” دون أي إشارة إلى أهميته وحجمه وكونه صحافيا وكاتبا مهما. كما تصاعدت وتيرة السخرية لاحقاً بعد تداول صورة مفبركة لخروج خاشقجي من القنصلية، وهي الصورة التي فبركها أحد الساخرين ونشرها من باب السخرية أساساً، لكن كثيراً من السعوديين والإماراتيين تداولوها على اعتبار أنها صحيحة دون أن ينتبهوا إلى مضمونها الساخر ولا إلى مصدرها الأصلي.

وانتبه الكثير من المراقبين والمتابعين إلى غياب شبه كامل لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير في الأيام الأولى للاغتيال، وعدم إدلائه بأي أحاديث تتعلق باختفاء خاشقجي، كما أن الحسابات التابعة لوزارة الخارجية السعودية وللجبير نفسه لم تعلق مطلقاً على القضية، على الرغم من إدعاء السعودية أنها تتعاون مع تركيا دبلوماسياً وأمنياً في القضية من أجل تحديد مصير الخاشقجي.

وتساءل كثيرون: “أين عادل الجبير؟”، حيث طرح العديد من المغردين على مواقع التواصل سؤالاً حول لماذا اختفت تصريحاته في هذا الظرف الحساس الذي تواجه فيه المملكة ضغوطا غير مسبوقة، في ظل الاتهامات التركية بارتكاب جريمة قتل داخل مقر قنصليتها في إسطنبول بحق إعلامي.

وعاد القائد العام السابق لشرطة دبي ضاحي خلفان الذي يعتبر أحد أنشط رموز التحالف الإماراتي السعودي على الانترنت، عاد ليخطف الأضواء مجدداً بموجة سخرية منه على شبكات التواصل الاجتماعي بعد أن نشر صورة مفبركة لدخول وخروج خاشقجي من القنصلية، وهي الصورة التي فبركها ناقدون للسعودية وطريقة تعاطيها مع الحدث من باب السخرية، لكن الجنرال خلفان أخذها على محمل الجد دون أن يدقق فيها ولا أن يعرف مصدرها واعتبرها دليلا على براءة السعودية من دم خاشقجي.

أما مصدر الصورة وسبب ورطة خلفان فهو الإعلامي المصري المعروف والساخر يوسف حسين مقدم برنامج “جو شو” الشهير الذي تبثه قناة “العربي”، حيث فبرك الصورة ووضع عليها توقيع “جو شو” مصوراً لمتابعيه كيفية تعاطي الإعلام السعودي مع القضية، لكن السخرية تحولت إلى جد عند خلفان الذي وصلته الصورة.

واشتعلت حالة من الغضب في أوساط السعوديين المؤيدين للنظام وللأمير محمد بن سلمان من قناة “العربية” السعودية التي تبث من دبي بسبب ما اعتبروه فشلاً في الدفاع عن الرياض.

واتهم مغردون سعوديون “العربية” بـ”التخاذل” وعدم الدفاع بالشكل المطلوب عن الحكومة تجاه الاتهامات الموجهة لها بالتورط في قتل خاشقجي.

وبعد الصمت الملحوظ للقناة عن قضية خاشقجي والذي دام ستة أيام أطل مديرها العام تركي الدخيل ليعلن عن الموضوع الرئيسي في نشرة أخبار القناة وهو اتهام قطر بالجريمة.

وبعد المعلومات التي كشفتها تركيا، انحرف الاتجاه على شبكات التواصل الاجتماعي للحديث عن “كتيبة الموت” أو “كتيبة الـ15″ التي يسود الاعتقاد بأنها قامت باغتيال خاشقجي، وهي كتيبة تضم عدداً من كبار ضباط جهاز الاستخبارات في السعودية، وعدداً من المقربين شخصياً من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وتحوَّلت كتيبة الـ15 التي أطلق عليها بعض النشطاء على الانترنت اسم “كتيبة الموت” إلى مادة للجدل الواسع وتبادل الاتهامات على شبكات التواصل ومواقع الانترنت في العالم العربي، خاصة في السعودية التي ينفي إعلامها وجودها، كما تنفي التقارير الإعلامية داخل المملكة أن تكون الصور المتداولة للأشخاص الذين وردت أسماؤهم، بمن في ذلك مدير الطب الشرعي في الأمن العام السعودي صلاح الطبيقي الذي يسود الاعتقاد بأنه نفذ عملية القتل والتقطيع داخل القنصلية.

ونشر الموقع الالكتروني لقناة “العربية” السعودية تقريراً يزعم أن السعوديين الـ15 الذين يتم تداول أسمائهم وصورهم ليسوا سوى سياح سعوديين سافروا إلى تركيا في أوقات سابقة وغادروها وفوجئوا بأنه تم التعامل معهم على أنهم “خلية الموت” التي نفذت مهمة اغتيال خاشقجي.

ورغم أن التقرير قال إنهم مجرد “سياح” إلا أنه لم يكشف هوية أي منهم، كما لم تتمكن القناة من استضافة أي من هؤلاء الذين تقول إنهم سياح، ولم تكشف كيف عرفت بأنهم سياح وليسوا من كتيبة الـ15، في الوقت الذي نشرت فيه وسائل الإعلام التركية الكثير من المعلومات عن هؤلاء الأشخاص الـ15 وأبرزهم الطبيقي الذي تم نشر معلومات كاملة عنه، فضلاً عن أنهم حجزوا في أحد فنادق اسطنبول بأسمائهم الحقيقية.

وحقق تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز″ انتشاراً واسعاً بعد أن أكد أن خمسة من بين قائمة الـ15 هم مرافقون مقربون من بن سلمان، ومن بينهم الضابط ماهر المطرب الذي يشغل منصباً مهماً في جهاز الاستخبارات السعودية.

وحسب الصحيفة فان ثلاثة مشتبه بهم هم: عبد العزيز محمد الحساوي وثائر غالب الحربي ومحمد سعد الزهراني مرتبطون بأجهزة أمن ولي العهد السعودي بشكل مباشر، إضافة إلى المطرب الذي كان قد رافق بن سلمان في زيارات عدة خارج المملكة.

أزمة السعودية وكندا

واندلعت أزمة سياسية بين السعودية وكندا في آب/أغسطس الماضي، وهي الأزمة التي سرعان ما تحولت إلى أبرز الملفات التي هيمنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأثارت الأزمة وجملة القرارات التي اتخذتها الرياض في إطارها، موجة من السخرية والغضب في آن واحد على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث انشغل الكثير من النشطاء في التعليق حول ما يجري بين البلدين، بما في ذلك القرار السعودي الأول من نوعه بانهاء ابتعاثات الطلبة السعوديين في الجامعات الكندية.

والتفت الكثير من المغردين على “تويتر” والمعلقين على “فيسبوك” إلى أن هذا القرار يضر الطلبة السعوديين دون غيرهم، حيث يهدد مستقبل الآلاف من السعوديين الدارسين في كندا، كما يؤدي إلى ضياع مجهودهم، وهو ما يعني في النهاية حسب بعض المعلقين إلى أن يكون إجراء ضد السعوديين وليس الكنديين.

وحسب إحصاءات عام 2016 الصادرة عن المكتب الكندي للتعليم الدولي (CBIE) فان السعودية تحتل المركز الثامن في قائمة أعلى 20 دولة لها طلاب في كندا.

وأعلنت ‏وزارة التعليم السعودية إيقاف برامج الابتعاث والتدريب والزمالة إلى كندا وإعداد خطة عاجلة لنقل جميع الطلبة السعوديين الملتحقين بهذه البرامج إلى دول أخرى. ووفق بيان للوزارة فلن يبقى أي من المبتعثين السعوديين في كندا، خلال صيف عام 2018.

وكتب طالب دكتوراه سعودي تغريدة على “تويتر” تعليقاً على دعوة الملحقية السعودية في كندا للطلبة بالعودة خلال شهر، كتب معلقاً: “كيف نرجع للسعودية؟ مناقشة رسالة الدكتوراه بعد شهرين!!”، وذلك في اشارة إلى أنه أحد المتضررين من القرار وأن الانقطاع يعني ضياع فرصة الحصول على الشهادة العليا.

انتخابات مصر

هيمنت الانتخابات الرئاسية التي جرت في مصر بداية العام على اهتمامات النشطاء المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة في أعقاب إنسحاب أحمد شفيق من السباق الانتخابي وإعلان الفريق سامي عنان الترشح، حيث اعتبر الكثيرُ من المصريين أن ترشح عنان لانتخابات الرئاسة يشكل مفاجأة كبيرة، بينما تحداه آخرون بأن يستمر على قراره بمنافسة السيسي، وهو ما تبين لاحقاً بعد انسحابه.

وأطلق النشطاء المصريون العديد من الحملات والوسوم على “تويتر” لتبادل وجهات النظر حول الانتخابات الرئاسية المصرية، فيما أطلقوا حملات تدعو لعدم التجديد للسيسي ودعم أي مرشح آخر، فيما أبدى آخرون عدم تفاؤلهم من الانتخابات المقبلة.

أما مؤيدو السيسي فقد أطلقوا الوسم “#مع_السيسي_مصر_أقوى” لحث المصريين على التصويت للسيسي في الانتخابات والترويج له من أجل تحسين مركزه الانتخابي.

وسرعان ما صعد الهاشتاغ إلى قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على “تويتر” في مصر والعالم العربي بعد أن شارك مؤيدو ومعارضو السيسي في استخدامه من أجل استعراض انجازات الرجل عبر هذا الوسم، واستعراض أخطائه من قبل المعارضين له.

مصر: إعدام طفل

وفي أيار/مايو الماضي تسبب مقطع فيديو مسرب ظهرت فيه عملية إعدام ميدانية لطفل في سيناء، تسبب في موجة غضب واسعة في مصر على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، فيما ذهب بعض النشطاء إلى القول إن الطفل فلسطيني تسلل من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية، بينما ذهب آخرون إلى التأكيد بأنه مصري وابن عائلة مصرية.

ويظهر في مقطع الفيديو طفل يتم استدراجه من قبل عناصر في الجيش المصري، أو أشخاص يرتدون زي الجيش، ويبدأون بطمأنته بأنهم لن يقتلوه من أجل استكمال عملية استدراجه، لكنهم يقومون بعد ذلك بإعدامه بدم بارد رغم بكائه وتوسلاته.

ويظهر في التسجيل صوت أحدهم وهو يوجه أحد الأفراد والذي يرتدي زياً عسكرياً قائلا: “غطيه غطيه”، ثم يقوم الطفل بنزع الغمامة من على عينه لينظر خلفه باتجاههم، ليتجه إليه أحد الأفراد ليضع الغمامة على عينيه مرة أخرى ويقول له: “متشيلش الغمامة ده، متشيلش الغمامة”، كما يسمع صوت الطفل وهو يستغيث مسترحما بالقول: “يا أمي يا أمي”، ليرد عليه أحد الأفراد: “مفيش أمي”.

ويطلق الأفراد الرصاص على الطفل، لتصيب الرصاصة جوار رأس الطفل، ويلتفت برأسه إليهم دون أن يتكلم، فيواصل الأفراد إطلاق الرصاص على الطفل، لتصيب طلقة رأسه، ثم تصيب عدة طلقات ذراعه الأيمن وكتفيه وظهره.

ثم يأمر الصوت الجنود بالتوقف في جزء ثان للمقطع تداوله أيضا النشطاء لذات الطفل وهو في “النزع الأخير” حسب وصف الحقوقي هيثم غنيم الذي قال إنه “كان يحرك رجليه أثناء خروج الروح” ليقوم أحد الجنود ويدعى “مجدي” بإطلاق الرصاص عليه مرة أخرى حتى أمره الصوت قائلا:” بس يا مجدي”.

وتسبب مقطع الفيديو بموجة غضب في أوساط المصريين على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، فيما طالب كثيرون بالقبض على مرتكبي الجريمة وإحالتهم إلى المحاكمة.

ونشر الحقوقي هيثم أبو خليل المقطع عبر برنامجه على قناة “الشرق” وأجرى استفتاء عبر “تويتر” قائلا: “بعد فضيحة تسريب العار للجيش المصري وقتله طفلاً يستغيث بأمه، وخداعه قبل قتله أن والده سيحضر له.. من وجهة نظرك ما هو الحل تجاه إجرام الجيش مع الشعب المصري خاصة أهالي سيناء؟”.

ورآى ٥٦ في المئة من المشاركين في الاستطلاع الذي نشره أبو خليل أن على الشعب المصري أن يثور ويستعيد بلده، بينما قال 23 في المئة منهم إنه يتوجب “تطهير الجيش وعودته لثكناته”، وقال 13 في المئة إنه يتوجب “الدعوة لمحاكمة القتلة”، واكتفى 8 في المئة فقط بالقول إنه يجب “مقاطعة الجيش بشكل كامل”.

سخرية في الأردن

وفي الأردن هيمنت موجة من السخرية على شبكات التواصل الاجتماعي في بداية عام 2018، وذلك بعد موجة عمليات سطو تعرضت لها بنوك في الأردن خلال فترة قصيرة.

وجاءت عمليات السطو بعد قرارات حكومية برفع أسعار الخبز وبعض السلع الأساسية إضافة إلى فرض ضرائب جديدة تسببت في ارتفاع كافة السلع والخدمات في البلاد تقريباً.

وكان اللافت في موجة السخرية التي اجتاحت الأردن بداية العام أنها تضمنت تعاطفاً غير مسبوق مع اللصوص الذين نفذوا عمليات السطو، وهو ما دفع السلطات الأمنية إلى تحذير الأردنيين من هذا التعاطف والإعلان عبر وسائل الإعلام بأن التعاطف مع الجريمة يمثل جريمة قد تعرض صاحبها للمساءلة القانونية، وذلك في محاولة لوقف فيضان التعليقات على شبكات التواصل حول عمليات السطو التي استهدفت البنوك.

واعتبر الكثير من المراقبين والمحللين والمعلقين أن موجة التعاطف والسخرية مع عمليات السطو التي تعرضت لها البنوك إنما تأتي في سياق الاحتجاج الشعبي ضد قرارات الحكومة الأردنية برفع الأسعار وفرض مزيدٍ من الضرائب.

وبثت وكالة الأنباء الأردنية المحلية “بترا” تصريحاً على لسان الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام في الأردن عامر السرطاوي، دعا فيه الأردنيين إلى “عدم نشر أخبار غير دقيقة أو الترويج لها”، مستهجنا “التعاطف الذي أظهره البعض مع الجريمة، وهو الأمر الذي لا يمكن القبول به تحت أي ظرف كان، فالجريمة تبقى جريمة ويتم التعامل معها وفقا للقانون”.

وقال السرطاوي، إن “هذه الجرائم مثل السطو والسلب هي من الجرائم الخطيرة خاصة استخدام مرتكبيها الأسلحة النارية ما قد يؤدي لوقوع اصابات، لذلك فإن أي تعاطف معها غير مقبول”.

وأضاف إن “بعض الاشخاص يقومون بنشر رسائل تحريضية لارتكاب الجريمة حيث أن مثل تلك المنشورات يحاسب عليها القانون ولا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها”.

ويقول أغلب المعلقين إن “موجة التعاطف والسخرية” التي شهدها الأردن واجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي في أعقاب جريمتي السطو المسلح على البنوك غير مسبوقة وتحمل دلالات مهمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية